جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-30@03:36:11 GMT

فلكي من جبال ظفار

تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT

فلكي من جبال ظفار

 

 

 

علي بن سهيل المعشني أبو زايد

asa228222@gmail.com

 

في قلب جبال ظفار الخلابة، حيث الضباب يغطي قمم الجبال، وتختلط روائح اللبان بنسمات الكوس الجنوبية القادمة من بحر العرب والمحيط الهندي، عاش رجلٌ كسر كل القواعد المعروفة عن الذكاء البشري. إنه الفلكي الشيخ عيسى بن مسعود بن علي جعبوب، الملقب بـ"أوحور"- رحمه الله، الذي أصبح أيقونةً للعبقرية الفطرية في جبال محافظة ظفار.

رغم أنه لم يتلقَ تعليمًا نظاميًا وكان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، إلا أن موهبته في الحساب والفلك جعلت الجميع يحترمونه ويعتمدون على حساباته لما يُقرب من 70 عامًا.

النشأة: طفل الجبال الذي اكتشف موهبته مبكرًا

وُلد (أوحور) حوالي عام 1904م شمال منطقة السان بالجبل الأوسط بولاية صلالة. نشأ في بيئة ريفية تُنمّي الذكاء والفطرة السليمة، ومنذ صغره لفت الأنظار بقدرته على إجراء عمليات حسابية معقدة في ذهنه دون استخدام أي أدوات. إذ كان يستطيع حساب عدد أيام السنة ودقائقها وثوانيها، وكذلك دخول المواسم والفصول وخروجها، مثل الخريف والصرب والشتاء والغيض.

كما كان يعرف النجوم لكل فصل (سبعة نجوم)، أي ما يقارب اثنين وخمسين نجمًا في العام، منها أربعة نجوم مناصفة بين الفصول، حيث يدوم كل نجم ثلاثة عشر يومًا. أما النجم الأول والأخير من كل فصل فيُسمى "المناصف"، خاصة مع دخول الخريف الذي يبدأ بستة أيام ونصف من نجم "الشول" وينتهي بستة أيام ونصف من نجم "آليت"، وكذلك الحال في باقي فصول العام الأربعة.

العبقرية الحسابية ومعجزة الذاكرة الرقمية.

تمتع (أوحور) بموهبة نادرة جعلته أشبه بآلة حاسبة بشرية:

- كان يحفظ عدد دقائق وثواني السنة دون أي خطأ.

- كانت لديه القدرة على تقدير أعداد كبيرة من الناس بنظرة واحدة، حتى لو تجاوز عددهم الآلاف.

 

فمثلا في المناسبات الاجتماعية كالأعراس وغيرها، حيث كان الناس يتجمعون، وجرت العادة قديمًا تقسيم الحضور إلى مجموعات متساوية (مثلاً خمسة أشخاص لكل مجموعة، يوضع لهم قسم من اللحم والتمر)، كان الشيخ عيسى (أوحور) بمجرد أن يلقي نظرة سريعة على الحضور، يعرف عددهم ويشير إلى عمال الوليمة أن عدد الأقسام كذا وكذا، وكذلك يطلب من الحضور أن يتحلقوا كل خمسة معًا (عَرفَت).

ومن القصص التي تُروى عنه -رحمه الله- أنه في أحد الأيام نزل من الجبل إلى مدينة صلالة، والتقى هناك بفلكي مشهور كان يمتلك مكتبةً ضخمةً من الكتب عن النجوم والحسابات الفلكية. وعند الحديث عن حساب النجوم بينهما، اختلف الرجلان في تحديد موعد ظهور نجم مُعين (أو موسم)، وكان الفارق بينهما يومًا واحدًا فقط.

بينما استند الفلكي إلى كتبه القديمة، اعتمد (أوحور) على حسابه الذهني فقط. وعندما اشتد الجدال بينهما، قال (أوحور) بثقة: "اذهب وراجع كتبك، ثم نلتقي غدًا". وفي اليوم التالي، بعد مُراجعة دقيقة، اكتشف الفلكي المتعلم أنَّ حسابات (أوحور) كانت صحيحة، مما أثار دهشة الجميع.

أسرار عبقريته: بين الفطرة والملاحظة الدقيقة

رغم أن (أوحور) كان أميًا، إلا أن حياته في جبال ظفار منحته مهارات فريدة:

-الاعتماد على الطبيعة، كان يربط بين حركة النجوم وتغير الفصول، مما ساعده في الحسابات الفلكية.

-الذاكرة السمعية، حيث كان يحفظ التواريخ والأرقام من خلال الاستماع والحفظ منذ عمر مبكر.

-الملاحظة الدقيقة، فقد طور عينًا مدربة لتقدير الكميات والأعداد بسرعة.

حياته الشخصية وإرثه الثقافي

عاش (أوحور) -رحمه الله- حياةً بسيطةً على قمم جبال ظفار، ولم يسعَ للشهرة أو الثروة، وكان شهمًا كريمًا متواضعًا. كما كان مستشارًا حكيمًا، في تحديد مواسم الزراعة ودخول الفصول وخروجها، وكذلك الأشهر والنجوم.

وتُوفي رحمه الله- عام 1994م عن عمر يناهز 90 عامًا، لكن عبقرية هذا الفلكي ستظل تُحكى في المجالس الظفارية ما بقي الدهر.

دروس من حياة الفلكي العبقري الأُمِّيّ

ترك (أوحور) إرثًا ثقافيًا وعلميًا مهمًا في ظفار، يُذكرنا بأن:

1. العلم ليس حكرًا على المتعلمين، فالذكاء الفطري والفراسة قد تنتج عبقريات نادرة.

2. التراث الشفهي قد يحفظ علومًا دقيقة، تتفوق أحيانًا على السجلات المكتوبة.

3. الطبيعة أعظم معلم لمن يتعلم قراءة أسرارها.

اليوم، يُعد (أوحور) جزءًا من الهوية الثقافية لظفار، وشاهدًا على قدرة العقل البشري الذي لا يعرف حدودًا. ربما لو تعلّم (أوحور) في الجامعات، لكان عالم رياضيات أو فلكيًا مرموقًا، لكنه كان فلكي الجبال، الذي تحدى المنطق بأدواته الفريدة: عين ثاقبة، وبصيرة نافذة، وذهن متقد، وقلب متعلق بجبال ظفار.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإفتاء تستطلع هلال ذو القعدة 1446 وتعلن موعد بدايته فلكيًا

تستعد دار الإفتاء المصرية لاستطلاع هلال شهر ذو القعدة لعام 1446 هجريًا، وذلك يوم الاثنين الموافق 28 أبريل 2025، الذي يصادف 29 من شهر شوال لعام 1446 هجريًا، عقب صلاة المغرب مباشرة، من خلال اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية.

ووفقًا لما أعلنته الحسابات الفلكية، من المنتظر أن يولد هلال شهر ذو القعدة مباشرة عقب حدوث الاقتران، وذلك في تمام الساعة التاسعة والدقيقة الثانية والثلاثين مساءً بتوقيت القاهرة المحلي، يوم الاثنين 27 أبريل 2025، الموافق 29 شوال 1446 هجريًا، وهو اليوم المحدد شرعًا للرؤية.

الإفتاء توضح حكم التعويض المالي الناتج عن القتل الخطأ في حوادث السيارات الإفتاء: السخرية من الآخرين عبر "السوشيال ميديا" أذى عظيم واغتيال معنوي.. والساخرون آثمون

وأوضحت الحسابات أن القمر سيغرب قبل غروب شمس يوم الرؤية في مكة المكرمة بفارق 15 دقيقة، بينما يغرب القمر في القاهرة قبل غروب الشمس بفارق 11 دقيقة.

أما في باقي محافظات جمهورية مصر العربية، فإن مدة غروب القمر قبل غروب الشمس تتراوح بين 9 و14 دقيقة.

وفي السياق ذاته، أشارت البيانات إلى أن القمر يغرب قبل غروب شمس يوم الرؤية في العواصم والمدن العربية والإسلامية بفترات زمنية متفاوتة تتراوح بين دقيقتين و31 دقيقة، مما يشير إلى صعوبة رؤية الهلال بالعين المجردة في هذا اليوم.

وبناءً على هذه الحسابات الفلكية الدقيقة، فمن المتوقع أن تكون غرة شهر ذو القعدة لعام 1446 هجريًا فلكيًا يوم الثلاثاء الموافق 29 أبريل 2025.

ومن المقرر أن تعلن دار الإفتاء المصرية الرأي الرسمي بشأن بداية شهر ذو القعدة مساء يوم الرؤية، عقب انتهاء أعمال لجانها المنتشرة بالمحافظات، وذلك التزامًا بالرؤية الشرعية المعتمدة.

مقالات مشابهة

  • حكم ترك البسملة في الفاتحة أثناء الصلاة
  • ابن خلدون تكلم في أن الحرب تفسد أخلاق الناس
  • أمير مكة: الدعم السخي الذي يلقاه القطاع غير الربحي من القيادة يؤكد حرصها على تلمّس حاجات المواطن وتوفير متطلباته
  • غرة شهر ذو القعدة 1446هـ.. متى يبدأ شهر ذو القعدة فلكيًا؟
  • حكم ترك البسملة في الفاتحة أثناء الصلاة.. الإفتاء تكشف
  • دعاء الذي يقال عند بلوغ سن الاربعين
  • فلكي يمني: أمطار مرتقبة على المرتفعات الغربية مطلع مايو
  • فلكي يتوقع امطار على اليمن من الاسبوع القادم
  • حريق ضخم في جبال المليح جنوب غرب المملكة.. فيديو
  • الإفتاء تستطلع هلال ذو القعدة 1446 وتعلن موعد بدايته فلكيًا