كيف يمكن حماية قطارات السكك الحديدية من الاعتداءات المفاجئة التي يقوم بها مراهقون يلقون الحجارة أو الزجاجات أثناء مرورها؟ وهل باتت الوسائل التقليدية غير كافية لردع مثل هذه الأفعال في زمن تتسارع فيه وتيرة الابتكار؟ هل يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن توفر حلولاً عملية واستباقية لضمان سلامة الركاب والمرافق العامة؟

تلك التساؤلات تفرض نفسها بقوة في ظل تكرار مثل هذه الحوادث وتفرض علينا البحث عن حلول ذكية تسهم في بناء منظومة حماية متكاملة، قادرة على التنبؤ بالخطر والتعامل معه قبل وقوعه.

مع تقدم التكنولوجيا، أصبحت هناك وسائل وتقنيات متعددة يمكن استخدامها بشكل فعال لمنع الاعتداءات وضمان سلامة الركاب والبنية التحتية للنقل. تشمل هذه الحلول تقنيات المراقبة الذكية، والطائرات بدون طيار (الدرون)، والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الأنظمة المتطورة للتنبؤ بالحوادث.

كاميرات المراقبة هي واحدة من الأدوات الأساسية والفعَّالة في منع الاعتداءات على القطارات. من خلال تركيب الكاميرات على جانبي الجرار وعدد من العربات لمراقبة كافة الأنشطة على مسار القطارات وفي محيطها. فالكاميرات الأمامية يتم تركيبها على مقدمة الجرار لرصد أي أجسام تُلقى على السكة أو العربة من الأمام. أما الكاميرات الجانبية فهي لرصد أي اعتداءات قد تحدث بالقرب من النوافذ أو الجوانب.

ويجب أن تتميز هذه الكاميرات بجودة عالية، مثل الـ 4K أو Full HD، بالإضافة إلى قدرتها على العمل في ظروف الإضاءة الضعيفة باستخدام الرؤية الليلية Infrared))، مما يجعلها مثالية لمراقبة الحوادث في ساعات الليل. مع مراعاة أن يكون العديد منها مزودًا بأنظمة التحكم عن بُعد، مما يسمح بتعديل زاوية الرؤية لتغطية أكبر مساحة ممكنة.

ومن الحلول المبتكرة التي يمكن توظيفها لمراقبة القطارات بشكل أكثر فعالية هي الطائرات بدون طيار (الدرون)، التي تساعد في الكشف المبكر عن الاعتداءات. يمكن استخدام الدرونات في حملات مراقبة جوية للمواقع التي تتكرر فيها الاعتداءات، ويتم تزويد الطائرات بكاميرات حرارية وأجهزة استشعار حركة، التي تساعد على اكتشاف أي تهديدات أو محاولات تخريب.

وتستطيع الدرونات تغطية مناطق واسعة وتحديد الأنشطة المشبوهة حتى في الظلام، خاصة تلك التي يصعب الوصول إليها باستخدام الوسائل التقليدية. وإذا تم رصد نشاط مريب، تقوم الدرونات بإرسال إشعار فوري إلى مركز المراقبة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

إحدى النقاط الأساسية في حماية القطارات من الاعتداءات هي إنشاء تطبيق ذكي للإبلاغ عن الحوادث عبر الهاتف فور وقوعها. يتيح هذا التطبيق للعاملين في القطارات والمسافرين الإبلاغ عن أي نشاط مريب في الوقت الفعلي، حيث يمكن تحديد الموقع الجغرافي للمشكلة بدقة باستخدام تقنية GPS، مما يساعد الفرق الأمنية والطبية على الوصول بسرعة إلى مكان الحادث لإنقاذ المصابين وسرعة الوصول إلى المعتدين. وكلما تم الإبلاغ عن الحادث في وقت مبكر، ويتم تزويد التطبيق بما يسمح بإرسال الصور أو الفيديوهات التي قد تساعد على توثيق الحادث، مما يوفر أدلة حاسمة لملاحقة الجناة.

ويعد الذكاء الاصطناعي من الأدوات المتقدمة التي تسهم في تعزيز سلامة القطارات. من خلال تحليل البيانات المستخلصة من دوائر المراقبة والحوادث السابقة والأنماط السلوكية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحسن من الإجراءات الأمنية بطرق متعددة. بحيث يمكن التنبؤ بالحوادث من خلال تحليل البيانات التاريخية حول الحوادث (الموقع، الوقت، الأسلوب المتبع)، ويمكن للنظام التنبؤ بالمناطق والأوقات الأكثر عرضة للاعتداءات. بناءً على ذلك، يتم توجيه الفرق الأمنية أو الدرونات إلى الأماكن الأكثر عرضة للحوادث.

يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الأنماط السلوكية ومراقبة سلوك الركاب على متن القطارات، ما يساعد على اكتشاف أي تصرفات غير طبيعية أو مريبة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن دمج هذه الأنظمة مع الكاميرات لمراقبة الأماكن الحساسة في الوقت الفعلي.

إلى جانب الحلول التقنية، من الضروري العمل على الجانب التوعوي، وذلك من خلال برامج تربوية موجهة في المدارس والمراكز الشبابية. إذ إن تعزيز الوعي بخطورة الاعتداءات على القطارات ودورها في تهديد الأرواح والبنية التحتية يُعد أحد المفاتيح الأساسية للحد من هذه الظاهرة واقتلاعها من جذورها.

لفهم الظاهرة، من المفيد دراسة الدوافع النفسية والاجتماعية وراء قيام بعض المراهقين بمثل هذه التصرفات التخريبية. إذ تشير بعض الدراسات إلى أن الفراغ، والرغبة في جذب الانتباه، أو التحدي الجماعي قد تكون من العوامل المحفزة، ما يستدعي تدخلًا نفسيًا وتربويًا موجهًا.

وفي الختام، لم تعد حوادث الاعتداءات الصبيانية على القطارات مجرد ظواهر عابرة يمكن التعامل معها بحلول تقليدية، بل أصبحت تهديدًا مباشرًا للسلامة العامة وتعطيلًا لمرفق حيوي يعتمد عليه ملايين المواطنين. ومع توافر حلول تقنية متقدمة قادرة على التنبؤ بالخطر ومنعه في مراحله المبكرة، أصبح التصدي لهذا التهديد بمنظومة متطورة ليس خيارًا بل ضرورة عاجلة لضمان سلامة الأرواح وحماية الممتلكات العامة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

الخميس.. انطلاق "هاكاثون التصوير بالدرون" في "تقنية عبري"

عبري- ناصر العبري

تنطلق، الخميس، فعاليات هاكاثون التصوير بالدرون الثالث الذي تنظمه جامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع عبري؛ إذ تستمر الفعاليات حتى 16 أبريل الجاري، تحت شعار "حلّق في الآفاق.. لم تعد السماء حدًّا"؛ وذلك بمشاركة مختلف فروع الجامعة في عبري ونزوى ومسندم ومسقط والمصنعة والرستاق وصحار وشناص وإبراء وصور وصلالة.

ويهدف هذا الحدث إلى تطوير وصقل قدرات طلبة الجامعة في استخدام التقنيات الحديثة في التصوير الجوي والابتكار في صناعة المحتوى الإبداعي، وسيتضمن برنامج الهاكاثون لهذا العام والذي حمل عنوان "آفاق وهوية" عددا من الورش التدريبية في مجالات صناعة المحتوى الإبداعي للمشاركين في أول 3 أيام، ثم مسابقة الهاكاثون لمدة 48 ساعة؛ حيث سيقوم الطلبة المشاركون بالتصوير في أماكن سياحية متنوعة على مستوى محافظة الظاهرة في ولاياتها الثلاث (عبري- ينقل- ضنك).

ولأول مرة، جرى إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في إخراج المحتوى الإبداعي لدى المتسابقين؛ حيث من المتوقع أن يُقدِّم تجربة فريدة في مخرجات هذه المسابقة من خلال إلمام المشاركين بقواعد السلامة الجوية واللوائح والضوابط المعمول بها في سلطنة عُمان وطُرق إصدار التراخيص، إضافة إلى اكتساب مهارات العمل والتحكم واستخدام الطائرة بدون طيار، واكتساب مهارات إجراءات الصيانة الأساسية لها، ومهارات إعدادات الكاميرا للتصوير الجوي، هذا إلى جانب الالمام باستخدام أدوات المونتاج باستخدام البرامج المتخصصة في ذلك.

مقالات مشابهة

  • الجيل: زيارة ماكرون لمصر فرصة لتكثيف الدعم الدولي للقضية الفلسطينية
  • الخميس.. انطلاق "هاكاثون التصوير بالدرون" في "تقنية عبري"
  • السفير غملوش: مواقف بعض الوزراء اللبنانيين تتعارض مع سياسة الحكومة حول اعتداءات اسرائيل
  • "حزب المصريين": التصعيد الإسرائيلي ضد أهالي غزة تهديد مباشر لحقهم في الحياة
  • «غاز الضحك» متوفّر للبيع.. ما خطره على المراهقين؟
  • العيون بدل الأصابع.. تقنية ثورية للتحكم بالهواتف
  • العراق يطالب البرلمان الآسيوي بإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على غزة
  • تقنية جديدة تحوّل إشارات الدماغ إلى كلام طبيعي في أقل من ثانية
  • قطارات عُمان .. الحلم الذي آن أوانه