يمر العالم الآن باضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هذا الرئيس الذي كان قد طمأن العالم خلال حملته الانتخابية بقدرته على نشر السلام في العالم، ومنها وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وحل النزاع في الشرق الأوسط بالطرق السلمية، ووقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وسوريا، وغيرها من أزمات العالم كالملف النووي الإيراني، وغيرها من النزاعات الدولية، إلا أن كل تلك الشعارات، ومنذ تولي ترامب الحكم ظلت حتى الآن أقوالا بلا أفعال، فلم نر سلاما يتحقق، ولم تتوقف عجلة الحرب الروسية- الأوكرانية، وزادت إسرائيل من عدوانها وهجماتها على الأراضي المحتلة وغيرها من الدول العربية، كما لم يتمكن ترامب من فعل شيء بخصوص الملف النووي الإيراني، غير التهديد والوعيد، وشن هجماته على الحوثيين باليمن، وإمداد إسرائيل بكل أنواع الأسلحة، واعطاء بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لقتل ما تبقى من أبناء غزة، وموافقته على حصار القوات الإسرائيلية لهم، ومنع كافة المساعدات الإنسانية للوصول إلى قطاع غزة المدمر والمحروم من أبسط مقومات الحياة، وتقطيع غزة إلى أوصال بهدف تهجير أبناء القطاع، ما يوضح أن الذي يقف وراء التهجير هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان وما يزال يصدم العالم بقراراته الظالمة تجاه أبناء غزة، ورغبته في تحويل القطاع إلى ريڤيرا البحر المتوسط، ولم تتوقف قرارات ترامب الجائرة والصادمة للعالم عند هذا الحد، بل أعلن عن نيته في ضم قناة بنما، وجرينلاند إلى أمريكا، ورغبته في ضم دولة كندا شاسعة المساحة، وجعلها الولاية رقم 51 في أمريكا، وبتحويله اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، أما القرارات التي كانت أكثر خطورة، وأدت إلى انزعاج العالم هو قراره مؤخراً بزيادة التعريفة الجمركية على واردات أمريكا إلى بلدان العالم، ما أدى إلى إشعال حروب تجارية قد تؤدي إلى التضخم والركود العالمي بسبب ارتفاع التعريفة الجمركية على الدول الصديقة لأمريكا بنسب كبيرة قد تلحق الأذى بالاتحاد الأوروبي، وغالبية دول العالم، ودافع ترامب في ذلك هو تحقيق الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على كل دول العالم، وبخاصة الصين، والاتحاد الأوروبي، والهند، وكندا، وغيرها من دول العالم وفقاً للنسب الجمركية التي حددها بنفسه على بلدان العالم، هذا وقد اعتبر ترامب أن قراره هذا يعد بمثابة يوم التحرير الأمريكي، باعتبار ترامب هو المنقذ الاقتصادي لأمريكا، الذي تمكن من تحرير اقتصادها الذي كانت تستغله دول العالم عبر عقود.
وبخصوص هذا الصدد، يتوقع الخبراء والمحللون الاقتصاديون بالعالم حدوث انعكاسات وآثار سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمي خلال شهر يوليو القادم، ويرون أيضاً أن قرار ترامب المتعلق بالتعريفة الجمركية قد يؤذي الاقتصاد الأمريكي باعتباره قرارا غير مدروس، ويرون أيضاً أن غالبية دول العالم سوف تجد بدائل أخرى لحركة التصدير والاستيراد، وبخاصة مع الدول التي لا ترتبط معها باتفاقات جمركية، وذلك لتحقيق التوازن الاقتصادي المطلوب، أما الصين فإنهم يرون أن قرار التعريفة الجمركية لن يؤدي إلى ضعف صادراتها، لأن اقتصادها مستقر، ولهذا يرون أنها ستبحث عن أسواق ناشئة لتعزز استثماراتها في غالبية دول العالم وفق خطط صينية مدروسة على المدى الطويل، الأمر الذي سيمكنها من انتزاع الصدارة الاقتصادية من أمريكا، أما تأثير القرار علي الاتحاد الأوروبي فكان تعجيزيا إلى حد كبير بسبب رفع ترامب للتعريفة الجمركية، ما جعل من دول الاتحاد الأوروبي هذا السوق الكبير أن يجتمع يوم التاسع من أبريل الجاري لاتخاذ ما يراه مناسباً للرد على قرار ترامب، وبإمكانية فرض الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية مماثلة على الواردات الأمريكية.
إن ترامب بقراره هذا أدى إلى عدم الاستقرار للعلاقات الاقتصادية الدولية، وإلى اضطراب البورصات الدولية والاقتصاد العالمي، لتظل شعارات وقرارات ترامب العنجهية قرارات محمومة وظالمة لم تقدم أي حلول لمشاكل هذا العالم، بل وقفت شعاراته الانتخابية بين الأقوال التي لم ينفذ منها غير ما يؤذي بلدان العالم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دول العالم وغیرها من
إقرأ أيضاً:
على عكس ما خطط له..رسوم ترامب الجمركية قد تكون فرصة للصين
تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تشكيل أسس العالم بما يخدم مصالح العمال الأمريكيين، بالرسوم الجمركية التي أعلنها، ولكن الصين، التي يعتبرها الخصم الرئيسي لبلاده، قد تكون أبرز المستفيدين من ذلك.
وسارعت الصين، أكبر اقتصاد في آسيا، إلى فرض رسوم جمركية مماثلة على الولايات المتحدة، وأعلنت عزمها فرض ضوابط على تصدير العناصر الأرضية النادرة الضرورية في تكنولوجيا الاستهلاك والطب. الصين تفرض رسوماً انتقامية على الواردات الأمريكية - موقع 24أعلنت سلطات الجمارك الصينية، اليوم الجمعة، فرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34% على الواردات الأمريكية، اعتباراً من 10 أبريل (نيسان) الجاري.
لكن على عكس ولايته الأولى، لا يستهدف ترامب هذه المرة الصين فحسب بل العالم أجمع، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة الذين انضموا بشكل متزايد إلى موقف واشنطن الحازم ضد بكين.
وقبل أيام قليلة من إعلان ترامب الرسوم في ما سماه "يوم التحرير"، تحركت الصين لإحياء محادثات التجارة الحرة المتعثرة مع اليابان، وكوريا الجنوبية، الحليفتان للولايات المتحدة الملتزمتان بمعاهدات معها، واللتان تشككان بشدة في بكين.
وقالت الباحثة في الاقتصاد الصيني في مركز تحليل الصين يمعهد سياسات جمعية آسيا ليزي لي: "إذا استمرت سياسة ترامب الأحادية، أتوقع أن تتودد بكين إلى هذه العواصم بقوة أكبر، لتصور نفسها مرتكزاً اقتصادياً أكثر استقراراً في المنطقة".
تهدد أمريكا قبل دول العالم الأخرى..الرسوم الجمركية سلاح خطير غير مجدٍ - موقع 24الرسوم الجمركية التي أقرها دونالد ترامب على دول العالم لا تشكل سابقة، إذ عمدت الولايات المتحدة بانتظام عبر تاريخها إلى فرض رسوم مشددة، حققت نتائج غير مقنعة في غالب الأحيان، وكارثية أحياناً
وأضافت "دعونا لا ننسى الصورة العامة. تُصوّر الصين رسوم ترامب الجمركية دليلاً على تراجع الولايات المتحدة من خلال اللجوء إلى الحمائية والاستقواء على الحلفاء والتراجع عن المعايير العالمية".
وقالت يون صن الزميلة البارزة في مركز ستيمسون، إنها توقعت أن تكون الصين "أكثر هدوءاً" في ردها على رسوم ترامب الجمركية، لكنها أضافت أن بكين لا تبدو قلقة كما في ولايته الأولى. وتابعت "أعتقد أن الصينيين يرون في هذا فرصة ويعتقدون أن الولايات المتحدة تُقوّض نفسها".
وأضافت "هناك عدد من الأطراف المتضررة التي كانت حليفة قوية، ومخلصة للولايات المتحدة. أما الآن فإن ثقتها في النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة حول العالم، أصبحت أقله في موضع شك، ولا أقول تبددت".
التخلي عن الانفتاح الأمريكي على الصينمن المؤكد أن الصين ستعاني على الأرجح من ضرر حقيقي بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية. فقد شحنت بضائع بأكثر من 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة في العام الماضي، وكان الميزان التجاري لصالحها بفارق كبير.
وأشاد منتقدو الصين بما اعتبروه ناقوس خطر ينذر بنهاية شبه إجماع سابق في واشنطن على أهمية دمج هذه القوة الآسيوية في الاقتصاد العالمي.
وقال النائب الجمهوري كريس سميث، الذي انتقد لعقود قرار بيل كلينتون في 1994 فصل الامتيازات التجارية للصين عن حقوق الإنسان: "فكرة أن تكون الصين الشيوعية عضواً مسؤولاً في نظام تجاري دولي، منظمة التجارة العالمية، يقوم على أساس التجارة المتساوية والعادلة، مهزلة".
ورأى سميث أن "على عكس الرؤساء السابقين، يدرك الرئيس ترامب تماماً طبيعة المشكلة ونطاقها والتهديد الوجودي الذي تشكله الصين وما يجب فعله".
وأشار الزميل البارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد جيكوب ستوكس، إلى أنه لا تزال لدى الصين عدة مشاكل مع دول أخرى، بدءاً بنزاعات إقليمية مع اليابان، والهند، وجنوب شرق آسيا، وصولاً إلى مخاوف أوروبية من احتضان الصين لروسيا في حرب أوكرانيا.
وقال ستوكس، إن "الصين برعت في تقويض مواقفها خاصةً مع جيرانها، من خلال الحزم وحتى العدوان".
تحول الاهتمام عن الصينلكن ستوكس رأى أن الرئيس السابق جو بايدن كان فعالًا في تشكيل تحالفات مع دول أخرى للضغط على الصين، في قضايا تراوح بين الوصول إلى شبكات الإنترنت من الجيل الخامس، والأمن.
وقال ستوكس: "إلى الحد الذي شعرت فيه بكين ببعض العزلة في نهاية إدارة بايدن، أعتقد أن الكثير من هذا الضغط قد زال، إذ أصبحت واشنطن الآن بوضوح مصدر الاضطراب".
ورغم أن أصحاب القرار في إدارة ترامب وبايدن، اعتبروا الصين منافساً رئيسياً للولايات المتحدة، قال لي من معهد سياسات جمعية آسيا، إن ترامب كان لا يرى الرئيس شي جين بينغ في جوهره "شريراً، بل نظيراً، ورجلاً قوياً آخر".
وأضاف لي "عند ترامب، الحرب الاقتصادية لا تهم الاقتصاد أو حتى أسواق الأسهم، بل مظهر الهيمنة والقوة". وتابع "هذا يترك مجالاً كافياً لتغيير المسار، إذا قدّم شي نوع الانتصار الذي يمكن لترامب أن يروج له".