لم أكن يوما ممن تستهويهم متعة مشاهدة عروض فقرات "الحيوانات المفترسة" فى السيرك، ولا أى عروض من هذا النوع، ولكن استهواني شغفي المهني فى بدايات رحلتى فى عالم الصحافة، لمعرفة كواليس عالم السيرك، فقررت الدخول من الأبواب الخلفية لهذا المبني المقام على كورنيش النيل بمنطقة العجوزة، والذى نشاهده جميعا فى الذهاب والإياب لمنطقة وسط البلد.
بدأت فى البحث عن رقم للتواصل مع مدربة الأسود الأشهر "محاسن الحلو" وقتها لم نكن نعرف الهاتف الجوال "الموبايل" وكنا كصحفيين نلهث وراء المصدر نطلبه فى المكتب فلا نجده، ثم نطلبه فى المنزل فلا يكون متواجدا أيضا، أو يكون الوقت غير مناسب، وهكذا نستمر فى رحلة التواصل تليفونيا مع المصدر لتحديد موعد للمقابلة، وفى ذلك الموضوع لى قصة شهيرة مع الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي والعالم الكبير سأرويها فى مقام آخر.
من خلال الاتصال بدليل التليفونات كنا نحصل على أرقام المؤسسات، وكان هناك كتيب كبير فى معظم البيوت يضم أرقام كل من يملك خط تليفون فى منزله، طلبت رقم السيرك القومي بالعجوزة، ثم طلبت التحدث إلى السيدة محاسن الحلو وبعد محاولات عدة ومن خلال تحويل المكالمة من شخص لآخر، تمكنت من محادثة السيدة التى تجلس دائما بين أقفاص الأسود التى تتولى تدريبها، واتفقت معها على زيارتها لعمل موضوع صحفى عن كواليس عالم السيرك.
فى الموعد المحدد وكان صباحا اتفقت مع زميلى المصور وتوجهنا إلى هناك، وعندما وصلنا اصطحبنا أحد العمال إلى غرفة في الفناء الخلفي للسيرك كانت تجلس فيها المدربة على حافة سرير وتطعم أسدا صغيرا وضعته على رجلها، فلما لاحظت قلقنا من الدخول، قالت "تعالوا متخافوش دا أسد لسه صغير وأنا اللى مربياه" تحدثت معها قليلا ثم اصطحبتني لجولة بين أقفاص الحيوانات المفترسة، شرحت فيها طرق الترويض ومعاملة الحيوان وحتى علاجه وطريقة إطعامه والتى تتم تحت إشراف أطباء بيطريين.
ما زلت أتذكر بعض الروائح المنبعثة من مخلفات هذه الحيوانات المفترسة، وتساءلت وقتها عن المتعة التى يستشعرها المدرب وهو يتعامل فى وضع بهذه الخطورة، وما هو الترفيه الذى ينشده الجمهور فى مشاهدة هذه العروض؟ تذكرت كل ذلك وأنا أتابع الحادث الذى وقع منذ أيام من هجوم نمر والتهامه ذراع أحد مساعدي المدرب أثناء عرض للسيرك بمدينة طنطا، وهو الحادث الذى أحدث ردود فعل واسعة على المستويين الرسمي والشعبي، حيث أعلن محافظ الغربية خلال زيارته للمصاب، عن منحه دعما ماليا فوريا ووظيفة جديدة وتوفير أفضل رعاية طبية بالتنسيق مع جامعة طنطا.
وطالب أعضاء بمجلس النواب بضرورة حظر استخدام الحيوانات المفترسة فى فقرات السيرك، وتفعيل قانون حيازة الحيوانات الخطرة الذى وافق عليه مجلس النواب قبل عامين تقريبا.
الحيوانات ملك شخصي للمدربين، والسيرك الذي أقيم في طنطا لشركة خاصة حصلت على تصريح بعد استيفاء الاشتراطات اللازمة، هذا ما أكده مدير السيرك القومي فى تصريحات صحفية، أن اشتراطات الأمان الموجودة فى السيرك القومي لم تتوافر فى هذا السيرك الذى تم نصبه بينما أسياخ القفص واسعة وسمحت بالتهام النمر لذراع العامل، الذى يتقاضى مكافأة يومية لا تزيد على مائتي جنيه، كما أفتقد المكان لمعظم وسائل الأمان، وترك الأمر للاجتهاد الشخصي ولنا فيما حدث خير شاهد.
ليتنا نمنع فقرات عروض الحيوانات المفترسة حتى لا نصدم كل فترة بحادث مفجع جديد.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحیوانات المفترسة
إقرأ أيضاً:
هل النمر كان جائعا؟ أسرار جديدة في حادث سيرك طنطا | تفاصيل
شهدت الفترة الأخيرة عددا من الحوادث المؤسفة التي أثارت حالة من الصدمة والدهشة، بعدما هاجم كل من الأسد والنمر مدربيهما أو العاملين معهم، مما أسفر عن إصابات بالغة ووفاة البعض.
هجوم النمر على عامل سيرك طنطاوكان آخر هذه الحوادث بمدينة طنطا ، حيث هاجم نمر أحد العمال في سيرك مقام هناك، مما أثار حالة من الذعر بين الحضور وترك إصابات خطيرة على يد العامل.
وفي حادث آخر بمحافظة الفيوم، حيث نهش أسد بحديقة حيوان الفيوم رأس العامل المسئول عن الحراسة، مما أسفر عن وفاته بعد فشل محاولات إنقاذه.
وتساءل عدد كبير من الناس عن الأسباب الكامنة وراء هجوم هذه الحيوانات المفترسة على مدربيها أو المساعدين، خاصةً في وقت يكونون فيه على مسافة قريبة جدًا من الحيوانات في العروض.
هل يعود ذلك إلى تصرفات غير مدروسة من المدربين أم أن هناك عوامل أخرى وراء هذه الهجمات المروعة؟
الأسباب وراء هجوم الحيوانات المفترسةمن جانبه، كشف الدكتور محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحديقة حيوان الجيزة، خلال لقائه في برنامج "صباح البلد" المذاع على قناة صدى البلد، عن عدة عوامل قد تؤدي إلى هجوم الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور على مدربيها.
وأكد رجائي أن الحادث الأخير الذي وقع في سيرك طنطا كان نتيجة لعوامل متعددة تتعلق بالحالة النفسية والجسدية للحيوان.
وأوضح رجائي أن من أبرز الأسباب التي قد تدفع حيواناً مفترساً للهجوم هي غياب التغذية السليمة أو وجود خلل في المتابعة الصحية والنفسية للحيوان.
وعندما يكون الحيوان في حالة توتر شديد أو معاناة من مشاكل صحية، فإن استجابته العدوانية تكون أكبر، مما قد يؤدي إلى مثل هذه الهجمات المفاجئة.
العلاقة بين المدرب والحيوانوأشار الدكتور رجائي إلى أن العلاقة بين المدرب والحيوان يجب أن تكون مبنية على ثقة قوية وتفاهم عميق لسلوكيات الحيوان، مع مراقبة دقيقة لحالته على مدار اليوم.
وأضاف أن بعض الحركات المفاجئة التي قد يقوم بها المدرب، مثل التراجع المفاجئ أو التوقف أثناء العرض أو إعطاء ظهره للحيوان، يمكن أن تفسرها الحيوانات كإشارة ضعف أو تهديد.
وهذا يعد من أكثر الأمور استفزازًا للأسود والنمور، حيث تشعر الحيوانات بذلك كتهديد أو ضعف، مما قد يدفعها للهجوم على الفور.
وأكد رجائي أن الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور قادرة على استشعار التوتر والارتباك لدى المدرب أو العامل، فإذا شعرت بأن المدرب فاقد للثقة أو خائف، فإنها قد تهاجم على الفور.
الحذر والتدريب المتخصصوأكد الدكتور محمد رجائي على أن العروض التي تتضمن حيوانات مفترسة تحتاج إلى استعدادات دقيقة وفهم عميق لسلوكيات هذه الحيوانات. كما حذر من الإهمال في التعامل مع الحيوانات المفترسة، حيث إن أي خطأ في التعامل مع هذه الكائنات قد يؤدي إلى نتائج مأساوية.