في منتصف حي بطن الهوى ببلدة سلوان الملاصقة جنوب المسجد الأقصى يقع منزل المقدسي جمال غيث الذي استولى المستوطنون على سطحه، وأحدثوا تغييرات حوّلت حياة العائلة إلى جحيم منذ نجاحهم في إخلاء عقار سالم غيث المجاور له في 10 ديسمبر/كانون الأول 2024.

ومن أجل دفع العائلات التي تجاور المستوطنين قسرا للهجرة طوعيا من منازلها ينتهج المستوطنون سلسلة أساليب للتضييق عليها، ويعاني جمال وأسرته من تركيب أنابيب لتصريف المياه من السطح، وجهها المستوطنون بشكل متعمد على نوافذ منزله، كما ركّبوا بوابة إلكترونية ومنعوه من استخدامها رغم أنها تؤدي إلى السطح المسلوب، وأحدثوا ثغرة في الجدار من جهة المنزل المستولى عليه للوصول إلى السطح.

وأحدث المستوطنون تغييرات إضافية كالإقدام على تبليط المساحة التي استولوا عليها، ووضع سياج يمنع وصول جمال إلى سطح منزله وغرفة الغسيل المقامة عليه منذ سنوات طويلة.

المحامي مدحت ديبة الذي يتولى الدفاع عن عقار جمال غيث قال في مستهل حديثه للجزيرة نت إنه كانت لديه تخوفات من إمكانية التعدي على عقار موكله عند الاستيلاء على العقار المجاور لأن الصورة التي عرضها المستوطنون لعقار سالم -الذي صدر بحقه قرار نهائي بالإخلاء- تضمنت منزل جمال المجاور.

إعلان

ولخشيته من وضع اليد على العقار قدّم ديبة اعتراضا لـ"دائرة الإجراء والتنفيذ" الإسرائيلية قبيل تنفيذ قرار إخلاء سالم، وتقرر حينها "تجميد تنفيذ الإخلاء لمدة أسبوع لحين التوجه إلى المحكمة والبت في القضية".

المحامي ديبة: الوضع خطير قانونيا لأن المستوطنين يفرضون أمرا واقعا جديدا بالقوة بدعم من الشرطة الإسرائيلية (الجزيرة) تحايل تحرسه القوة

تحايل المستوطنون في المحكمة وقالوا إنهم يعلمون أن العقارين منفصلان ولن يستولوا سوى على منزل سالم المكون من طابقين، لكنهم في الوقت ذاته أبرزوا أمر إخلاء كان قد صدر بحق عقار جمال غيث عام 2016 لكن صاحب المنزل لم يُبلّغ به.

وعند الاستيلاء على منزل سالم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، استولى المستوطنون بدعم من الشرطة على سطح منزل جمال وفتحوا بوابة عليه من العقار المجاور وفرضوا أمرا واقعا جديدا.

تحرك ديبة قانونيا وقدّم دعوى لإخلاء المستوطنين المتعدين على سطح موكّله، وحصل قبل نحو أسبوع على أمر بإخلائهم منه وإزالة كل ما أضافوه وإعادة الوضع لما كان عليه، بالإضافة لتسليم مفاتيح للباب الإلكتروني لجمال ليتمكن من الصعود واستخدام السطح.

لكن المستوطنين لم يستسلموا ولم ينفذوا قرار محكمة الصلح، وتوجهوا وفقا لديبة للمحكمة المركزية وقدموا أمامها استئنافين، الأول لإلغاء قرار التخلية الصادر غيابيا بحق عائلة جمال غيث، والثاني استئناف على القرار الذي يقضي بمنعهم احترازيا من استخدام السطح وأملاك جمال غيث.

وفي تعقيبه على المسار القانوني أكد ديبة أن "الوضع خطير من ناحية قانونية لأن المستوطنين يفرضون أمرا واقعا جديدا بالقوة بدعم من الشرطة الإسرائيلية، لكننا لهم بالمرصاد وتوجهنا للقضاء وحصلنا على القرارات اللازمة ونأمل تنفيذها في القريب العاجل".

عشرات المنازل ومئات السكان

رئيس لجنة حي بطن الهوى زهير الرجبي قال إن عائلة غيث اشترت العقار من المقدسي إبراهيم الرجبي في سبعينيات القرن الماضي، وإن العقار يقع في منطقة مكتظة سكانيا وسط حي بطن الهوى الذي يهدد التهجير القسري 700 فرد من سكانه، بعد تسليم 87 منزلا أوامر إخلاء لصالح المستوطنين.

إعلان

وأضاف الرجبي أن "سطح منزل جمال ملاصق لمنزل سالم المستولى عليه والمكون من طابقين، واستغل المستوطنون ذلك فاتخذوه مساحة للتوسع والاستراحة على حساب صاحب المنزل الأصلي".

ويبلغ طول السطح المستولى عليه وفقا للرجبي 6 أمتار وعرضه 2.5 متر، وأقام عليه جمال غرفة للغسيل، ويعيش هذا المقدسي كابوسا بسبب مضايقات المستوطنين اليومية كان آخرها صباح اليوم عندما اقتحمت شرطة الاحتلال برفقة المخابرات منزله لمصادرة تسجيلات كاميرات المراقبة بادعاء أن أطفال الحي نزعوا عن مدخل منزل سالم غيث المستولى عليه الـ "مزوزا" (ورق مستطيل الشكل يثبت على مدخل المنزل ويضم نصوصا دينية يهودية).

جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية تتولى مهمة إخلاء سكان حي بطن الهوى بادعاء أن يهود اليمن هم ملاك أراضي الحي (الجزيرة) حي منكوب بالاستيطان

وتطرق الرجبي إلى أحدث أوامر الإخلاء التي تم تنفيذها في الحي المنكوب بالاستيطان قائلا إنه في شهر يونيو/حزيران الماضي تم الاستيلاء على مبنى عائلة شحادة المكون من 4 شقق سكنية، بالإضافة لمنزل جواد أبو ناب في الشهر الذي يليه.

وفي أواخر العام الماضي، استولى المستوطنون بقوة الاحتلال على شقتين لسالم غيث، وأشار الرجبي إلى أن الخطر يحدق الآن بمنازل كل من عائلة عودة وشويكي وبنايتين لكل من كايد وناصر الرجبي، وتضم كل منهما 4 شقق سكنية، لأن جميع هذه المنازل صدرت أوامر إخلاء بحقها من المحكمة الإسرائيلية العليا لكن تم تجميدها حتى يأتي رد المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية على هذه الملفات.

وتتولى جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية مهمة إخلاء سكان هذا الحي بادعاء أن اليهود اليمنيين كانوا يملكون الأرض التي بنيت عليها منازل المقدسيين قبل عام 1948، وأن اليهود سجلّوا هذه الأرض كوقف لهم عام 1892.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المستولى علیه منزل سالم سطح منزل

إقرأ أيضاً:

خبراء مصريون يرفضون التهجير ويطالبون بتفعيل مبادرة السلام العربية

عقدت مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين مؤتمراً لمناقشة التداعيات الوطنية والإقليمية لخطط التهجير الإسرائيلية، ولبحث آليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وذلك بمشاركة عدد من المسؤولين السابقين ورؤساء مراكز الدراسات والفكر الاستراتيجي، من أبرزهم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

وأكد موسى خلال مداخلته أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية غير مؤهلة لأي مباحثات سلام، مشدداً على أن التغيير الداخلي في "إسرائيل" يُعد شرطاً أساسياً لإنجاح أي مفاوضات مستقبلية مع الدول العربية. 

وأضاف أن ما تقوم به الاحتلال الإسرائيلي يمثل تهديداً صريحاً للنظام العالمي، وأن قبول المجتمع الدولي بهذه السياسات يعني عملياً إقراراً بانهيار منظومة القانون الدولي.

وتضم مجموعة العمل الوطنية، التي انطلقت في شباط/ فبراير الماضي، كلاً من المركز الوطني للدراسات، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إضافة إلى خبراء من مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة. 

وفي افتتاح المؤتمر، شدد رئيس المجموعة ومدير مركز الأهرام، أيمن عبد الوهاب، على أهمية التنسيق بين مراكز الفكر لمواجهة التهديدات الكبرى، وفي مقدمتها قضية تهجير الفلسطينيين، التي تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري وللمنطقة ككل.


وقدّم مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام للمجموعة، اللواء أحمد فاروق، ورقة تحليلية تناولت تفاصيل المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، وأهدافها التي تتراوح بين الأبعاد الأيديولوجية والدينية والمصالح الاقتصادية. 

فيما حذّر مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، اللواء وائل ربيع، من أن التهجير يمثل جزءاً من مشروع طويل الأمد للتمدد الإسرائيلي، مؤكداً أن مواجهته تستدعي إدراك هذا البُعد الزمني.

وتطابق هذا الطرح مع ما ذهب إليه مساعد وزير الدفاع الأسبق، اللواء محمد الكشكي، الذي شدد على أن أي مبادرة لا تضمن حقوق الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل.

وفي السياق ذاته، اقترح وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي إعادة تفعيل المبادرة العربية للسلام التي طُرحت عام 2002 في قمة بيروت، والتي نصّت على إنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعودة اللاجئين، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان، مقابل تطبيع العلاقات مع الدول العربية.

من جانبه، رأى عضو مجلس الشيوخ، اللواء أيمن عبد المحسن، أن توحيد الموقف العربي لم يعد خياراً بل ضرورة، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"الطموحات الإسرائيلية التوسعية" التي تطال أراضي دول مثل سوريا ولبنان. 

وفي مداخلة أخرى، شددت المديرة التنفيذية للأكاديمية الوطنية للتدريب، رشا راغب، على أهمية توحيد السردية العربية حول القضية الفلسطينية، خاصة بين الشباب، وتوظيف أدوات القوة الناعمة والقنوات غير الرسمية في هذا الاتجاه.

أما مستقبل المقاومة الفلسطينية، فقد تناولته ورقة بحثية قدّمها مستشار مركز الأهرام، عمرو الشوبكي، حيث رجّح أن تتجه المرحلة المقبلة نحو المقاومة السلمية في ظل تراجع قدرات الفصائل المسلحة، ومنها "حماس"، منذ أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، داعياً إلى دعم مصر للدور السياسي للمقاومة وتعزيز موقع السلطة الفلسطينية.


وفي تعقيبه، أكد مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، أن حركة حماس ستظل رقماً حاضراً في المشهد الفلسطيني، لافتاً إلى سعيها لتحقيق أهداف استراتيجية قد تتجاوز الوساطات العربية، رغم استمرار مصر في لعب الدور الأبرز على ساحة غزة.

وفي ختام المؤتمر، أصدر المجتمعون بياناً شددوا فيه على أن تهجير سكان قطاع غزة لا يمثل فقط تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، بل يطال استقرار الشرق الأوسط والمجتمع الدولي ككل، كما يضع مستقبل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل على المحك. ودعا البيان إلى تعزيز التعاون العربي وبناء موقف موحد لدعم الجهود المصرية في إعادة الإعمار، وتفويض لجنة عربية مصغرة للتفاوض مع الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، لعرض تداعيات التهجير على الأمن الإقليمي والدولي.

كما أوصى البيان بإحياء المبادرة العربية لعام 2002 باعتبارها مدخلاً لتحقيق حل الدولتين، وبالتكامل بين مراكز الفكر والخبراء الاستراتيجيين لإنتاج معرفة تساهم في تفعيل قرارات الأمم المتحدة وإنهاء الاحتلال، بما يعزز الأمن القومي المصري والسلام الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • اندلاع حريق ضخم بين أريحا والقدس و محاصرة عشرات المستوطنين
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي.. قطعان المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى بحماية قوات الاحتلال
  • عاجل.. مصادر للجزيرة: مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحراسة من قوات الاحتلال
  • المستوطنون يقيمون 85 بؤرة استيطانية في الضفة.. استغلوا الإبادة بغزة
  • موظفون في "غوغل" ببريطانيا يرفضون صفقات مع إسرائيل
  • خبراء مصريون يرفضون التهجير ويطالبون بتفعيل مبادرة السلام العربية
  • غالبيّة الأميركيين يرفضون تعريفات ترامب الجمركية وسط مخاوف من التضخّم
  • ماذا فعل اليمن بالقوة العظمى في العالم