تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت  لوز ماريا دي لا مورا، مديرة قسم التجارة الدولية في وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، إن التعريفات الجمركية ليست بالضرورة مشكلة في حد ذاتها، ولكن المشكلة تكمن في عدم اليقين الذي تخلقه عندما يتم استخدامها بشكل غير متسق مع قواعد التجارة الدولية.

وأشارت إلى أن التعريفات الجمركية يمكن أن تكون أداة مفيدة لحماية الصناعات المحلية في الدول النامية، ولكن يجب استخدامها بحذر لتجنب الإضرار بالمستهلكين والاقتصاد ككل.

وأضافت أن الدول النامية هي الأكثر عرضة للتضرر من تباطؤ التجارة العالمية، حيث تعتمد 95 دولة نامية على صادراتها.

وأوضحت دي لا مورا أن التعريفات الجمركية، التي تعرفها الأمم المتحدة بأنها "رسوم جمركية على واردات البضائع، تُفرض إما كنسبة مئوية من القيمة أو على أساس محدد"، يمكن استخدامها لتحقيق أهداف مختلفة، مثل حماية الصناعات المحلية وزيادة الإيرادات الحكومية.

البلدان المتقدمة غالبا ما تستخدم التعريفات الجمركية كجزء من سياسات اقتصادية أوسع تهدف إلى حماية صناعات معينة أو الاستجابة لديناميات التجارة الدولية.

في المقابل، قد تستخدم البلدان النامية التعريفات الجمركية على نطاق أوسع لحماية الصناعات الناشئة ودعم التنمية الاقتصادية. وعن ذلك تقول  دي لا مورا: "تميل البلدان النامية عادة إلى وجود مستويات حماية أعلى، وهناك عدة أسباب. أحدها هو أنك قد ترغب في تطوير صناعة معينة في قطاع السيارات أو الكيماويات. إحدى طرق مساعدة الصناعة على التطور والنمو هي حمايتها، من خلال التعريفات الجمركية، من المنافسة الأجنبية. الجانب السلبي هو أن إنتاج تلك السلع للسوق المحلية أكثر تكلفة، وقد تثبط المنافسة أيضا".

واستشهدت دي لا مورا باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) - بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك - كمثال على التأثير المختلط للتعريفات الجمركية. 

وقالت إن نافتا، التي كانت أول اتفاقية تجارة حرة بين البلدان النامية والمتقدمة، أدت إلى إلغاء جميع التعريفات الجمركية تقريبا بين الدول الثلاث، مما ساهم في تحول الاقتصاد المكسيكي وخلق فرص عمل جديدة.

وتتابع دي لا مورا قائلة: "في المكسيك، على سبيل المثال، كان هناك الكثير من برامج الدعم في القطاع الزراعي، لمساعدة المنتجين على مواجهة المنافسة من الولايات المتحدة ومن كندا. كما بدأوا في إنتاج المزيد في قطاع الفاكهة والخضروات، الذي لم يكن موجودا بشكل أساسي في المكسيك من قبل، واليوم أصبحت البلاد المصدر الأول للطماطم والأفوكادو والتوت وبعض المنتجات الطازجة الأخرى إلى الولايات المتحدة. وقد ساعد ذلك المستهلك الأمريكي على اتباع نظام غذائي أكثر توازنا وصحة. وفي المقابل، تستفيد المكسيك من سهولة الوصول إلى الحبوب والقمح والذرة والذرة الرفيعة وأيضا بعض أنواع لحوم البقر والخنزير والدواجن".

ومع ذلك، أشارت دي لا مورا إلى أن نافتا أدت أيضا إلى خسارة بعض الوظائف في قطاعات معينة، وأكدت على أهمية وجود سياسات تجارية تسير جنبا إلى جنب مع سياسات تضمن تدريب العمال الذين يخسرون وظائفهم.

ودعت دي لا مورا الدول إلى الالتزام بقواعد التجارة الدولية، والتعاون من خلال منظمة التجارة العالمية لحل النزاعات التجارية. وحذرت من أن استمرار استخدام التعريفات الجمركية كأداة للضغط السياسي ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي.

وأكدت على أهمية التعددية في النظام التجاري الدولي، وقالت إن الدول النامية تحتاج إلى نظام تجاري دولي فعال، يوفر اليقين، ذي لوائح واضحة وحيث لا يتم تغيير القواعد دون إشعار، دون مفاوضات، دون أي تحذير مسبق لما هو قادم.

التعريفات الجمركية باختصار:

تعرف الأمم المتحدة التعريفات الجمركية بأنها "رسوم جمركية على واردات البضائع، تُفرض إما كنسبة مئوية من القيمة أو على أساس محدد (مثل 7 دولارات لكل 100 كيلوجرام)".

يمكن استخدام التعريفات الجمركية لخلق ميزة سعرية للسلع المماثلة المنتجة محليا ولزيادة الإيرادات الحكومية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأمم المتحدة للتجارة التعريفات الجمركية الاقتصاد العالمي التعریفات الجمرکیة التجارة الدولیة

إقرأ أيضاً:

هل ستكون رئاسة ترامب الثانية ودية تجاه كوريا الشمالية؟

يتطور المشهد الأمني العالمي في عام 2025 وما بعده بشكل سريع، وهو ما يشكل تحديا لدبلوماسية التحالفات التقليدية في شمال شرق آسيا. ومع تعديل القوى العظمى لاستراتيجياتها في عالم متعدد الأقطاب، يضعف التماسك الأيديولوجي داخل التحالفات، الأمر الذي يفسح المجال لشراكات قائمة على المصالح ستشكل النظام الدولي بشكل متزايد.

وقال الدكتور سانج سو لي الزميل المشارك في المركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية في جامعة فيينا ومؤسس شركة الاستشارات “ستراتيجيك لينكيدج” ومقرها ستوكهولم والمتخصصة في الشأن الكوري، في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إن هذا التحول ستكون له تأثيرات عميقة على أي محادثات أمريكية كورية شمالية محتملة، وهو ما يثير أسئلة مهمة بشأن ما إذا كانت الدبلوماسية ستعطي الأولوية للسلام ونزع السلاح النووي أم ستطغى عليها المصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى في شمال شرق آسيا.

وكان يتم النظر إلى البنية الأمنية لشمال شرق آسيا بشكل رئيسي من خلال نموذج “الحرب الباردة الجديدة”. وكان هذا الإطار يعتمد على تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، الذي سعى إلى تعزيز الردع الجماعي ضد الخصوم المشتركين من خلال التأكيد على التفوق القائم على القيم، ومن بينها الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان وسيادة القانون.

وردا على ذلك، رأت الصين وروسيا وكوريا الشمالية هذا التحالف بشكل متزايد على أنه تحد أمني، وبدأت في التنسيق بشكل أوثق لموازنة هذا الضغط. وقال الدكتور لي إنه في أعقاب انهيار المحادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في عام 2019، أعادت كوريا الشمالية ضبط سياستها الخارجية من خلال تعميق وتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا، والسعي للحصول على دعم اقتصادي وأمني لمقاومة الضغوط الخارجية.

وبشكل خاص، مع اندلاع حرب أوكرانيا في عام 2022، يعكس التعاون العسكري المتزايد بين بيونج يانج وموسكو توافقا استراتيجيا في الحرب الباردة الجديدة، يهدف إلى تحقيق التوازن في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.

وفي يونيور2024، أضفت بيونج يانج وموسكو الطابع الرسمي على علاقاتهما الأمنية من خلال توقيع اتفاقية دفاع مشترك، وتعهدتا بتقديم المساعدات العسكرية إذا هاجم طرف ثالث أيا من البلدين. وبعد ذلك، قدمت كوريا الشمالية أسلحة وقوات لدعم المجهود الحربي الروسي، بينما ردت موسكو بتقديم مساعدات اقتصادية وربما تكنولوجيا عسكرية متقدمة. وقد عزز هذا التعاون الموقف الاستراتيجي لكوريا الشمالية بينما قامت كوريا الجنوبية بتعميق تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة واليابان، مما زاد من احتياج بيونج يانج إلى تأمين داعمبن بدلاء للأمن والاقتصاد.

وأشار الدكتور سانج سو لي الذي تركز أعماله على قضايا الأمن والصراع في شمال شرق آسيا، وتحديدا الأزمة النووية الكورية الشمالية والعلاقات بين الكوريتين، ويحمل شهادة الدكتوراة في دراسات شمال شرق آسيا من جامعة بكين، إلى أن أهداف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية ترتكز على رؤيته “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، والتي تعطي الأولوية للمصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأمريكية قبل التزامات التحالفات التقليدية. وقد أعاد هذا النهج تشكيل النظام الدولي تدريجيا، وأدى إلى تسريع التحول نحو عالم متعدد الأقطاب، حيث تؤكد القوى الكبرى الأخرى المزيد من النفوذ وتسعى لتحقيق طموحاتها الاستراتيجية.

ولإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا، صرح ترامب بأنه سيناقش “تقسيم بعض الأصول”، بما في ذلك الأراضي ومحطات الطاقة، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصالهما الهاتفي في مارس الماضي. ومثلما تحكمت ديناميكيات القوة بين الولايات المتحدة وروسيا إلى حد كبير في مفاوضات السلام في أوكرانيا، وغالبا ما همشت أوكرانيا نفسها، فإن هذا الاتجاه يشير إلى أن المصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى في عالم متعدد الأقطاب هي التي ستشكل العمليات الدبلوماسية العالمية المستقبلية وليس الجهود الحقيقية لحل النزاعات.

وخلال مفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا، أكد بوتين وترامب على أهمية تحسين العلاقات الأمريكية الروسية وناقشا قضايا الأمن العالمي الأوسع، بما في ذلك إدارة الصراعات ومنع الانتشار النووي. وبالنسبة لترامب، فإن إعادة التفاوض على معاهدات مثل معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى يمكن أن تعيد تأكيد ريادة الولايات المتحدة في إبرام الاتفاقيات، بينما بالنسبة لبوتين، تعزز المحادثات المباشرة مع واشنطن مكانة روسيا العالمية من خلال تهميش أوروبا في مناقشات الأمن العالمي.

ويرى الدكتور لي أنه إذا ظهرت معالم مفاوضات أمريكية روسية بشأن الحد من الأسلحة، فقد تصبح القضية النووية الكورية الشمالية محل اهتمام مشترك. وبالنسبة لموسكو، سيؤدي استغلالها لنفوذها على بيونج يانج إلى تعزيز دورها في أمن شمال شرق آسيا، بينما سترى واشنطن أن التعاون مع روسيا وكوريا الشمالية سيمثل استراتيجية لموازنة النفوذ الإقليمي المتزايد للصين.

ولتعظيم استقلالها الاستراتيجي، ستعمل كوريا الشمالية على استغلال تنافس القوى العظمى في ظل ديناميكية القوة المتطورة. وستضمن أن تظل شراكتها مع كل من روسيا والصين مفيدة بالنسبة لها دون أن تصبح معتمدة بشكل مفرط على أي من القوتين.

ويرى الدكتور لي أنه في حين أن جدوى المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في ظل حكم ترامب لا تزال غير مؤكدة، فإنه قد يسعى إلى “انتصار” دبلوماسي مماثل لقمته التي عقدها مع كيم جونج أون في سنغافورة عام 2018 وبالنسبة لواشنطن، قد يؤدي التقارب الأمريكي الروسي إلى تعزيز نفوذها على كوريا الشمالية أو تقويضه، وذلك اعتمادا على ما إذا كان ترامب سيستوعب دور روسيا في الدبلوماسية أم سيصر على التواصل الثنائي المباشر مع بيونج يانج.

ويقول الدكتور لي إن التحدي الرئيسي لسياسة الولايات المتحدة هو ضمان ألا تؤدي المشاركة الروسية في تهميش أولويات واشنطن الاستراتيجية في شبه الجزيرة الكورية. وبالإضافة إلى ذلك، إذا نظر ترامب إلى التواصل الدبلوماسي مع بيونج يانج باعتباره وسيلة لتحقيق التوازن مع نفوذ بكين الإقليمي، فقد يكون هذا حافزا إضافيا لاستئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

وبالنسبة لكوريا الشمالية، يظل التواصل مع الولايات المتحدة بمثابة مناورة استراتيجية وليس تحولا في أهداف السياسة. وربما تستكشف بيونج يانج إمكانية التواصل الدبلوماسي مع واشنطن بهدف موازنة اعتمادها على بكين وموسكو وتعظيم مرونتها الاستراتيجية في نظام عالمي متطور.

ومع ذلك، وفي ظل استمرار انعدام الثقة، من المرجح أن تبقي بيونج يانج على التنسيق الوثيق مع بكين وموسكو طوال المفاوضات المحتملة. وستستغل دعمهما لتعزيز موقفها في مواجهة واشنطن، مع ضمان أن يظل ردعها النووي هو الضمان الأمني النهائي للنظام.

وفي نهاية المطاف، يرى الدكتور لي أن توازن القوى المتطور في شمال شرق آسيا هو الذي سيشكل العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أكثر من الدبلوماسية التقليدية. وفي حين أن التواصل الدبلوماسي قد يستمر، إلا أنه سيكون بمثابة إعادة ضبط استراتيجية في ظل التنافس بين القوى العظمى، أكثر من مجرد مسار حقيقي لحل التحديات الأمنية طويلة الأمد في شبه الجزيرة الكورية.

واختتم الدكتور لي تحليله بالقول إنه في حين أن نزع السلاح النووي الكامل لا يزال غير واقعي، ينبغي على واشنطن اتباع نهج دبلوماسي تدريجي، بتقديم حوافز اقتصادية وأمنية محددة الأهداف مقابل التزامات قابلة للتحقق. وستثني هذه الاستراتيجية بيونج يانج عن زيادة اعتمادها على موسكو وبكين.

جريدة عمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • دول بريكس تبحث رداً مشتركاً على سياسات ترامب التجارية
  • أميركا: لا أولوية للصين والهند ستكون الأولى بالاتفاق حول الرسوم
  • وزير الإعلام الباكستاني: لن نسمح بأن تتحول المياه إلى أداة للضغط السياسي أو الانتقام
  • مصر تتسلم رئاسة مجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)
  • وزير المالية: توفير التمويلات الإنمائية يعزز قدرة الدول النامية والأفريقية
  • الفرص المتاحة: كيف يمكن للحرب التجارية بين أمريكا والصين أن تكون نعمة للدول النامية؟
  • الصين تنفي مجددًا إجراء محادثات مع أمريكا بشأن التعريفات الجمركية
  • البنك الدولي يدعو الدول النامية التوصل "سريعا" لاتفاق مع واشنطن بشأن الرسوم
  • البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة ديون الأسواق الناشئة ويدعو إلى خفض التعريفات الجمركية
  • هل ستكون رئاسة ترامب الثانية ودية تجاه كوريا الشمالية؟