تحكى الأساطير أن العالم كله كان عبارة عن كتلة واحدة تسمى «بانجايا»، انقسمت الى جزأين بينهما بحر ثم توالت الانقسامات عبر العصور السحيقة.

تلك الظواهر لن تجدها سوى فى مصر أم الدنيا التى كما تسبح على تراث فرعونى عظيم فلديها تاريخ من الكنز الطبيعى يحكى قصة تطور الكوكب كله.

ولعل الكشف الجديد الذى أعلن عنه الأسبوع الماضى يحكى الكثير عن تطور التراث الطبيعى والمحيطات فى صحراء وادى الحيتان التى كانت قبل 40 مليون سنة هى و أكثر من نصف مصر الشمالي تحت المياه، و لم يكن البحر الأبيض المتوسط سوي جزء صغير من بحر عظيم "بحر التيثس"، أو أبو المحيطات وكانت أغلب دول الشمال الإفريقي حتى جنوب ما يُعرف اليوم بدلتا مصر بعد محافظتي بني سويف والفيوم، تشكل قاع ذلك البحر.

الفيوم كنز التراث الطبيعى مازال كبيراً العلماء المصريون يضعون خريطة استكشاف وطنية

من قاع الصحراء التى كانت بحراً ومحيطاً خرج الملك الفرعون الحوت (توتسيتس) الذى يبلغ طوله 2.5 متر ووزنه 187 كيلو.

وهو أصغر وأقدم أسلاف الحيتان وكان ملكا للبحار القديمة وقتها والذى تمت تسميته تيمنا بالملك المصرى توت عنخ آمون لأنه مات في عمر صغير مثل الملك الصغير. وقد تصدرت أخبار توتسيتس محركات البحث طوال الأيام الماضية وبلغ عدد متابعي أخباره 3 ملايين على تويتر فقط

الكشف الجديد قال عنه الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة يحكى كيف كانت حياة أسلاف الحيتان مائية المعيشة التي جابت المياه المصرية قبل نحو 41 مليون سنة

وقد بدأت رحلة الاستكشاف في عام 2017 مع فريق سلام لاب ومركز الحفريات بجامعة المنصورة و أكاديمية البحث العلمي والجامعة الأمريكية.

د.هشام سلام رئيس الفريق البحثي ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وأستاذ الحفريات بجامعة المنصورة والجامعة الأمريكية بالقاهرة، بأن الحوت الجديد توتسيتوس رياننسيس& Tutcetus rayanensis. من عائلة الباسيلوصورات Basilosauridae، وهي من الحيتان المنقرضة التي عاشت في جميع القارات بما في ذلك أنتاركتيكا

وتمثل أول مراحل المعيشة الكاملة للحيتان في الماء، بعد انتقال أسلافها من اليابسة إلي الماء. والتى تطورت لخصائص تشبه الأسماك، مثل تحول الطرف الأمامي إلى زعانف وإستطالة الفقرات ونمو زعنفة الذيل، إلا أنهم كانوا يمتلكون أطرافًا خلفية يمكن رؤيتها بما يكفي لتسميتها &أرجل&، والتي لم تكن تستخدم في المشي إطلاقًا لضآلة حجمها

ويضيف سلام أن الجزء الثاني من الإسم نسبة إلى متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، الذى اكتشف فيه الحوت الذى يمتلك نمطاً فريداً من الأسنان مكنه من استكشاف بيئات بحرية مختلفة، وهو ما يعد بداية لدراسات علمية جديدة

الدكتور محمد سامح المؤلف الرئيس للدراسة وخبير إدارة التراث الطبيعي باليونسك وصف كيفية العثور على حفريات الحوت الجديد من جمجمة وفكين وأسنان والفقرة العنقية الأولى وأجزاء من العظم الواقع عند قاعدة اللسان في صخور عصر الإيوسين من متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، مما يساعد في استكمال صورة تطور الحيتان الأولى في إفريقيا في هذا العمر.

الحوت بحسب سامح كان قادرًا على السباحة بكفاءة وربما الغوص لأعماق متفاوتة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، مما يقدم لنا فهمًا غير مسبوق لتاريخ الحياة والتطور والجغرافيا القديمة للحيتان الأولى.

وبتفصيل يوضح عبد الله جوهر، عضو الفريق العلمي &سلام لاب& ومؤلف أساسي في كتابة الورقة البحثية، إلى أنه تم تسمية النوع &رياننسيس&، على شرف متكون وادي الريان الصخري بمنخفض الفيوم، التي اُكتشفت حفرياته منها، ليكون الاسم كاملًا (توتسيتس رياننسيس).“Tutcetus rayanensis&

وأضاف جوهر أن الحوت الملك عاش وقتما كان قطاع كبير من الأراضي المصرية مغطى ببحر شاسع يعرف بـ &بحر تيثيس&، حيث عاشت حيوانات بحرية قديمة من بينها أسلاف الحيتان التي تعيش اليوم، وتبين من الدراسة التشريحية المفصلة لحفريات توتسيتس رياننسيس أنه يختلف تمامًا عن كل أقرانه من الحيتان المعروفة من قبل، إذ أنه يمتلك نمطًا فريدًا من الأسنان، مكّنه من اكتشاف موائل مختلفة.

رحلة علم ممتدة

هى رحلة علم ممتدة لكشف كنوز التراث الطبيعى فى منطقة لا يوجد مثلها فى العالم فى صحراء الفيوم حيث كان المحيط والبحر متجاوران كما يقول علماء التراث الطبيعى وحكاية التنقيب عن الحيتان بدأت فى مصر منذ عام 1902 على يد العالم بيدنل الذى أكتشف حفريات وادى الحيتان وما بين عامي 1983 و 2007 قام العديد من علماء الحفريات المصريين والآمريكيين بتسع رحلات استكشافية، حدد خلالها فريق العمل ما يزيد عن 400 موقع حفري

فى محمية وادى الحيتان والتى تعد مسرحاً علمياً عظيماً لتطور هذه الكائنات ما بين هياكل حيتان الباسيلوسورس و وحوت الدوريودون اثروكس وهو أقل حجما. ولكن أقدامه الصغيرة تظهر لنا التحول من الحياة على اليابس إلي البحار وهو تحول ناجح.وكذلك عرائس البحر وقد صنفت كأنواع جديدة للحيتان فى متحف التاريخ الطبيعى بلندن.

وفى عام 1989 اكتشف فريق العمل المكون من علماء حفريات مصريين وأمريكيين أول عينات مائية لهيكل حوت الباسيلوسورس الذى تم اكتشاف شبيه له في لويزيانا جنوب الولايات المتحدة وأعتقد أنها حفرية لزاحف لذلك أطلق عليها باسيلوصور(ملك السحالي). ولكن بعد ذلك وجد أنها حفرية لثدي بحري. من فصيلة الحيتان وحوت &الباسيلو سورس أيزيس& يصل طوله إلى 18 متراً وهو أضخم حوت متحجرموجود حالياً فى متحف وادى الحيتان و تعود أهميته إلى إعطاء الدليل القاطع على تطور الحيتان وانتقالها من كائنات أرضية تعيش على اليابسة إلى كائنات بحرية تعيش فى مياه البحار والمحيطات.

وفى عام 1996 تم اكتشاف أحفورة حوت آخر قديم يبلغ طوله 5 أمتار هو حوت (اتشيرنوس سيمونس). وفى عام 2006 تم إكتشاف أول حفرية من الثدييات البحرية وهى من أجداد الفيل وتعرف باسم (بيراثيوم) وفى عام 2007 تم تسمية الحوت الذى يبلغ طوله 10 أمتار باسم &ماسوا سيتسى ماركجريف&.

فريق مصرى

المدهش فى ذلك التطور أنه أصبح لدينا فريق مصرى علمى متكامل يستطيع الإستكشاف والتجميع والإعلان عن هذه التكوينات التى تشرح حقبة هامة من التغيرات التى حدثت فى الكوكب

وإكتشاف الحوت الملك (توتسيتس ) هى الدراسة الثانية من نوعها التي يقود فيها فريق مصري قام بوصف وتسمية جنس ونوع جديد من الحيتان، بعد أن ظل هذا العلم قاصرًا على علماء الدول المتقدمة لفترة طويلة من الزمن، رغم ثراء التراث الطبيعي المصري بحفريات مهمة لأسلاف الحيتان.وهى المدرسة التى تكونت منذ خمس سنوات تحت مسمى مركز المنصورة للحفريات الفقارية، وبعد ما كان هذا العلم حكر على الأمريكان والأوروبيين

فريق البحث نفسه له حدوته جميلة يقودها عاشق الحفريات الدكتور هشام سلام مديرالمركز المنصورة وهو معمل بسيط بالدور الثاني بكلية العلوم بالمنصورة الا أنه يشع طاقة عمل وأمل ونور. وبحث علمى فى مجال الحفريات حيث تكتظ جنباته بكميات كبيرة من عظام &الأحافير الحيوانية&، التي مر عليها ملايين السنين، ولوحة كبيرة للشكل التخيلي للديناصور &منصوراصورس& والحوت الملك (توتسيتس) والأكتشافات الأخرى لفريق يسعى إلى خلق تواصل بين المركز والمجتمع المحيط برحلات مدرسية وبحث علمى مستمر وإكتشاف لطلاب وطالبات فى مجال البحث العلمى.

قائمة شرف

قائمة شرف علينا أن نفخر بكل إسم فيها فهؤلاء سيكونوا هم رواد الكشف للتراث الطبيعى وكنوزه وهم

هشام محمد سلام مؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية

د/ محمد سامح عنتر المؤلف الرئيسى للبحث عضو مجلس إدارة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وخبير إدارة التراث الطبيعي باليونسكو

الباحث / عبد الله جوهر عضو الفريق البحثى

الباحثة / سناء السيد الباحث المشارك فى الكشف الجديد وأبحاث أخرى منها الديناصور منصوراسورس والتى اعتبرها أحدث كتاب علمى أمريكى بأنها واحدة من أهم عالمات الحفريات فى العالم

الباحثة شروق الاشقر

الباحث بلال سالم

الباحث محمد احمد

الباحث حسام السقا

الباحثة / سارة صابر المدرس المساعد بكلية العلوم قسم الجيولوجيا جامعة أسيوط،

أحمد مرسي عبد الستارالمصمم العلمي بالمركز.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: توتسيتس جامعة المنصورة وفى عام

إقرأ أيضاً:

محافظ أسوان والأزهر يبحثان سبل مكافحة تفشي الطلاق وحلوله

إلتقى اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، بالدكتور محمد الجندى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لبحث سبل تكثيف العمل الدعوى، وإستعراض الدور التوعوى الذى يقوم به وعاظ وواعظات الأزهر الشريف بمختلف مدن ومراكز المحافظة لتوعية المواطنين بالقضايا المجتمعية الهادفة المختلفة.

وخلال اللقاء الذى حضره الدكتور كامل جاهين عميد كلية الدراسات الإسلامية، والدكتور سيد حسن رئيس منطقة أسوان الأزهرية، والوفد المرافق له.

أشاد الدكتور إسماعيل كمال بالجهود المتميزة التى يقوم بها الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لأداء رسالته السامية، والمتمثلة فى نشر الوسطية والفكر الصحيح المعتدل الذى يرتكز على سمو الأخلاق وذلك فى إطار المنهج القرآنى، تواكباً مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى لدعواته المستمرة لتجديد الخطاب الدينى لخلق أجيال قادرة على تحمل المسئولية والنهوض بوطنهم، ولتظل بذلك أرض الكنانة وأزهرها الشريف دائماً قلعة الإسلام على مستوى العالم.

مؤكداً على التعاون المثمر بين محافظة أسوان والأزهر الشريف، والذى يتجسد فى تنظيم القوافل التوعوية المتنوعة، وإنشاء المعاهد الأزهرية فى القرى والنجوع ضمن المبادرة الرئاسية " حياة كريمة "، وهو الذى يتكامل مع البصمات والعلامات المضيئة التى حققها ويحققها مجمع البحوث الإسلامية لخدمة المجتمع.

فيما قدم الدكتور محمد الجندى شكره لمحافظ أسوان على حفاوة الإستقبال والترحيب، مؤكداً على أنه سيتم تنظيم ندوة عن " تفشى الطلاق " لعرض الحلول الإيجابية التى تساهم فى الحفاظ على الأسرة من التفكك.

وسيتم الآخذ بمقترح محافظ أسوان بأن يتم تناول ذلك على منابر خطبة الجمعة لهذا الأسبوع بالتنسيق مع الأوقاف، تكاملاً مع المبادرات الاجتماعية والأخلاقية العديدة التى يطلقها الأزهر الشريف لتنمية القيم والإرتقاء بها والحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع.

مقالات مشابهة

  • رفعت عينى للسما
  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى
  • مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
  • «درة»: «وين صرنا» فيلم يحكي قصة حقيقية لأسرة فلسطينية عاشت ظروف الحرب ونقلتها بصدق
  • "مشروع البعثة المكسيكية".. انتهاء أعمال ترميم مقبرة TT 39 بمنطقة الخوخة بالأقصر
  • انتهاء أعمال ترميم مقبرة TT 39 بمنطقة الخوخة بالبر الغربي بالأقصر
  • محافظ أسوان والأزهر يبحثان سبل مكافحة تفشي الطلاق وحلوله
  • محافظ أسوان يلتقى بالأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.. شاهد
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين