د. قاسم بن محمد الصالحي

مع صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السُلطة للمرة الثانية، تغيَّرت قواعد اللعبة في التجارة العالمية، رافعًا شعار "أمريكا أولًا"، والذي ترجمه إلى رسوم جمركية مُفاجئة، شملت دولًا صديقة قبل أن تشمل الخصوم، متجاهلًا تمنيات أنصار إجماع واشنطن القديم باستمرار نهج التحلي بالكرم الأمريكي، الذي استمر منذ حقبة الحرب الباردة، حيث دأبت فيها الولايات المتحدة على تقديم تنازلات تخضع مصالحها التجارية والاقتصادية لأهدافها الجيوسياسية وأمنها القومي.

. لقد مثلت أجندة ترامب "أمريكا أولًا" تحولًا نحو مبدأ جديد، مما دفع ويدفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاقتصادية والدبلوماسية، وسلطنة عُمان لم تكن استثناءً.

وفرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10% على واردات الألمنيوم، و25% على الصلب، ضمن خطواته لحماية الصناعات الأمريكية، المفاجئ أن هذه الإجراءات طالت شركاء تجاريين تقليديين للولايات المتحدة، مثل كندا وألمانيا، وحتى دول الخليج، هنا، تجد سلطنة عُمان نفسها أمام تحدٍ حقيقي لحماية مصالحها الاقتصادية في السوق الأمريكي.

لكن كيف يمكن أن تتعامل سلطنة عُمان مع هذه السياسات الحمائية؟ الجواب يكمن في الدبلوماسية الاقتصادية؛ حيث إنها هي الأداة التي أتقنتها بهدوء وذكاء سياسي.. نعم هي تحركات هادئة، لكن فاعلة، ترتبط مع الولايات المتحدة باتفاقية التجارة الحرة منذ 2006، وبها تمتلك ورقة تفاوضية مهمة، فهذه الاتفاقية تمنح المنتجات العُمانية امتيازات جمركية خاصة، وتفتح الباب لفرص استثمارية وصناعية.. مع تصاعد الإجراءات الحمائية، لابد من تصاعد حركت الدبلوماسية العمانية عبر القنوات المتعددة، من خلال الاتصالات الثنائية مع المسؤولين الأمريكيين، إلى جانب العمل عبر المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، بهدف الدفاع عن مصالح القطاعات المتأثرة، أبرزها صناعة الألمنيوم والبتروكيماويات.

إلّا أنه، رغم التحديات، فإن هذه الأزمة بمثابة فرصة لإعادة تقديم سلطنة عُمان كمركز لوجستي واستثماري محوري في المنطقة، من خلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي، واستقرارها السياسي، وبنيتها التحتية الحديثة في الموانئ (مثل صلالة والدقم)، يجعلها خيارًا مغريًا للشركات الباحثة عن بيئة آمنة للتصنيع والتوزيع، كما يمكن العمل على جذب استثمارات أمريكية عبر المناطق الحرة، من خلال تقديم تسهيلات وحوافز ضمن بيئة أعمال تنافسية، في وقت تهتز فيه سلاسل التوريد العالمية، يمكن لسلطنة عُمان ان تقدّم نموذجًا للدولة التي لا تكتفي بالتأثر بالقرارات الدولية، بل تتفاعل معها بحنكة وتحوّلها إلى فرص استراتيجية، وقد أثبتت الدبلوماسية الاقتصادية العُمانية أنها ليست فقط أداة للتفاوض، بل وسيلة لتعزيز المكانة الاقتصادية للبلاد وسط عالم سريع التغيّر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مظاهرات في مدن أوروبية ضد سياسات ترامب

تظاهر مئات المحتجين في مدن أوروبية -اليوم السبت- ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره إيلون ماسك، بعد أسبوع عصيب على الأسواق المالية عقب قرار ترامب فرض رسوم جمركية عالمية شاملة.

وخرجت مظاهرات اليوم تحت شعار "ارفعوا أيديكم"، وفي مدينة فرانكفورت الألمانية خرجت مظاهرة تحت هذا الشعار بترتيب من منظمة "الديمقراطيون في الخارج"، وهي المنظمة الرسمية للحزب الديمقراطي للأميركيين المقيمين في الخارج.

وطالب المشاركون باستقالة ترامب، ورفعوا لافتات تحمل شعارات "أعيدوا الديمقراطية"، و"ارفعوا أيديكم عن بياناتنا الشخصية"، و"سئم العالم من هرائك يا دونالد، ارحل!".

وفي برلين، تجمع المتظاهرون أمام معرض لسيارات شركة تسلا المملوكة لماسك، ورفعوا لافتات تدعو الأميركيين المقيمين في ألمانيا إلى الاحتجاج من أجل "إنهاء الفوضى" في بلدهم.

جانب من المظاهرة التي خرجت في برلين ضد سياسات ترامب (الأناضول)

وهتف المشاركون بشعارات ضد ماسك تقول "اسكت يا إيلون، لم يصوت لك أحد"، وارتدى كلب لافتة كتب عليها "الكلاب ضد إدارة الكفاءة الحكومية"، في إشارة إلى الإدارة التي يتولى ماسك مسؤوليتها، وهي مبادرة من إدارة ترامب الحالية تهدف للحد من الهدر والاحتيال على المستوى الفدرالي.

إعلان

وفي العاصمة الفرنسية باريس، تجمع نحو 200 شخص، معظمهم أميركيون، في ساحة الجمهورية في احتجاج مناهض لترامب. وألقى بعضهم خطابات تندد بالرئيس ولوح متظاهرون بلافتات كُتبت عليها شعارات مثل "قاوموا الطاغية" و"سيادة القانون" و"نسويات من أجل الحرية، لا الفاشية" و"أنقذوا الديمقراطية".

وشهدت مدن أوروبية أخرى، مثل لندن ولشبونة، احتجاجات ضد ترامب وماسك.

وفي العاصمة البريطانية، تجمع بضع مئات من الأشخاص في ميدان ترافالغار، وهتف المشاركون "ارفعوا أيديكم عن كندا" و"ارفعوا أيديكم عن غرينلاند" و"ارفعوا أيديكم عن أوكرانيا"، بينما استمعوا إلى خطابات تنتقد ترامب.

مقالات مشابهة

  • تركيا أمام فرصة استراتيجية: كيف يمكن تحويل تعريفات ترامب الجمركية إلى مكسب اقتصادي؟
  • كيف تقود سياسات ترامب الي الانفجار؟
  • احتجاجات واسعة ضد سياسات ترامب في الولايات المتحدة ومدن أوروبية
  • احتجاجات واسعة في مدن أمريكية وأوروبية ضد سياسات ترامب
  • الفرصة الذهبية: كيف يمكن لبرشلونة حسم الليغا قبل الكلاسيكو؟
  • إينار تنجين: سياسات ترامب التجارية تضر بالاقتصاد الأمريكي وتزيد التضخم
  • مظاهرات في مدن أوروبية ضد سياسات ترامب
  • أكسيوس: نتنياهو يناقش مع ترامب ضرب المنشآت النووية الإيرانية حال فشل الدبلوماسية
  • ايكونوميست: كيف ستؤثر سياسات ترامب الطائشة في الاقتصاد الأمريكي؟