نغمة ضعف الأحزاب التى تتردد الآن لا تهدف إلا إلى المزيد من النيل من الأحزاب السياسية، امتداداً لما ابتدعه نظام 23 يوليو 1952 بأن الحياة السياسية التى سبقت 23 يوليو كانت تعانى من فساد الأحزاب. وهذا فى حد ذاته قول مردود عليه بالكثير من الأدلة والبراهين. هذه النغمة التى تزداد الآن فى ظل دستور مصرى خصص مادته الخامسة لتفعيل الحياة السياسية المصرية، وحدد أن تداول السلطة لا يأتى إلا من خلال تفعيل الحياة السياسية والحزبية، والذين يرددون هذه النغمة الآن يطلقون بوعى أو بدون وعى الرصاص على تفعيل هذه المادة من الدستور، وتلك كارثة خطيرة.

وكأن هؤلاء يريدون منا أن نعود إلى الوراء أكثر من 70 عاماً، وهذا يعنى تأكيد التمسك  بالكوارث التى تعرضت لها البلاد طيلة هذه المده الزمنية الطويلة. السؤال الآن: لماذا تتردد نغمة ضعف الأحزاب فى هذا التوقيت؟ وهل يجوز الآن إطلاق هذه النغمة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية قائمة بالدرجة الأولى على تفعيل المادة الخامسة من الدستور؟ هؤلاء يريدون العودة بالبلاد إلى عقود مضت إلى غير رجعة ضاعت فيها التعددية الحزبية والسياسية.

وبعد هذه العقود الطويلة التى مضت، تبين أن أكبر خطأ وقعت فيه ثورة 23 يوليو 1952، بل جريمة فى حق الحياة السياسية، هو حل الأحزاب مما تسبب فى إصابة البلاد بكوارث، جعلت أى إنجاز فعلته ثورة يوليو محل ريبة وشك.. وأكبر ضرر أيضاً هو اتباع سياسة الحزب الواحد والفكر الواحد، مما تسبب فى فصل الناس عن واقع الحكم.

وعلى حد علمى بما علمته وسمعته من الزعيم خالد الذكر فؤاد باشا سراج الدين، أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى آخر فترة حكمه كان يعتزم عودة الأحزاب، لكن المنية لم تسعفه خاصة بعد فشل الاتحاد الاشتراكى فى أداء الدور المنوط به.

وكان «عبدالناصر» لديه يقين تام أن حزب الرئيس المنفرد وحده بالسلطة لا يكفى لتحقيق الحياة السياسية التى تتمناها الجماهير.. والمعروف أن نظام الحزب الواحد دفع إلى معاناة شديدة للشعب سياسية واجتماعية واقتصادية.

وغير مقبولة التبريرات التى يطلقها أنصار عبدالناصر وأشياعهم بشأن حل الأحزاب السياسية بعد ثورة يوليو. وأهم هذه التبريرات التى يتم ترديدها هى الصراعات بين الأحزاب خلال فترة قبل الثورة، مدعين أيضاً أنها كانت سبباً فى الفساد السياسى وغير قادرة على الحياة السياسية فى مرحلة الثورة، فهذا كلام فارغ لا يرقى أبدًا إلى مرحلة التعقل، لكن الحقيقة أن النظام فى هذه الفترة ارتأى تدمير الأحزاب، والعمل على نظام الفكر الواحد والحزب الواحد، وكانت النتيجة ما جناه الشعب المصرى بعد ذلك.

إلغاء الأحزاب السياسية كان بالفعل أكبر خطيئة ارتكبها نظام يوليو، مما هدد كل إنجازات الثورة ووضعها فى محل ريبة وشك بسبب ضعف الحياة السياسية المترتبة على حل الأحزاب، وإذا كان هناك ضعف فى الحياة السياسية الآن، فالسبب الرئيسى فى ذلك هو بداية حل الأحزاب منذ ثورة 23 يوليو، واتباع سياسة الحزب الواحد والاعتماد على الفرد فى كل شىء، مما حرم البلاد من الحياة الديمقراطية السليمة التى باتت حلمًا للجماهير.

ويوم قرر الرئيس الراحل أنور السادات بعد نصر أكتوبر 1973 تبنى فكرة المنابر ثم الأحزاب الثلاثة المعروفة بالوسط واليمين واليسار، كان يسعى إلى إقامة حياة ديمقراطية تقوم على التعددية، لكن كان أسوأ ما فى ذلك هو رئاسة الرئيس أو تبنيه حزباً بعينه، وكان ذلك هو حزب الوسط الذى تغير بعد ذلك إلى الحزب الوطنى المنحل.

ولدىّ قناعة أن المرحلة الحالية، تشهد تطورات مختلفة بشأن تفعيل الحياة الحزبية، فى ظل وجود المادة الخامسة من الدستور التى تقضى بتداول السلطة، وهذا يتم من خلال وجود أحزاب قوية فاعلة فى الحياة السياسية، وهذه هى الديمقراطية الحقيقية التى يحلم بها الناس، ولدىّ قناعة أيضاً أن حزب الوفد، سيكون لاعبًا أساسيًا وقاطرة للأحزاب خلال الفترة المقبلة، بما لديه من رصيد واسع فى هذا الشأن لدى الناس.

وهذا ما دفع جموع الوفديين إلى تأييد ترشيح الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، إيماناً من الحزب بأهمية تفعيل الحياة السياسية من خلال المادة الخامسة من الدستور. ولهذا كان واجباً على حزب الوفد خوض السباق الرئاسى وبالطبع كان خير من يمثله هو رئيس الحزب فى هذا الاستحقاق السياسى الأهم فى الممارسة السياسية والحزبية. ولم يأت ترشيح الدكتور عبدالسند يمامة من فراغ وإنما من كل مؤسسات الحزب ابتداء من الهيئة العليا أكبر سلطة سياسية داخل الحزب وانتهاء بالهيئة الوفدية، الجمعية العمومية، ومروراً بالمكتب التنفيذى للحزب واتحادات المرأة والشباب وخلافه.

هذا هو ما دفع حزب الوفد للدخول فى السباق الرئاسى، وكان خير من يمثله هو رئيس الحزب فى هذا الاستحقاق السياسى الأهم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاحزاب السياسية ثورة 23 يوليو 1952 الشعب المصرى الحزب الوطنى حزب الوفد الحیاة السیاسیة من الدستور حل الأحزاب حزب الوفد فى هذا

إقرأ أيضاً:

تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين لقيادتنا السياسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ثمن تحالف الأحزاب المصرية، الذي ينضوي تحت لوائه نحو 42 حزبًا سياسيًا، رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي أطلقها في معرض حديثه خلال زيارته لأكاديمية الشرطة، أمس، السبت، مؤكدًا أن هذه الرسائل لا بد أن تُحدث صدى لدى كافة المهتمين بالعمل الحزبي والسياسي والعمل العام داخل الدولة المصرية، وأن تتحول إلى فعاليات مستمرة لزيادة الوعي لدى المصريين.

وقال الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، النائب تيسير مطر، رئيس حزب غرادة جيل، ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، إن الرئيس كان شديد الحرص على إخبار المواطنين وإعلامهم بالمخاطر والتحديات التي تحاك بوطنهم مصر، ولاسيما في ضوء زيادة حدة الشائعات التي تستهدف النيل من الدولة المصرية،  والتي تحدث عنها بقوله: "علينا الحذر جدا جدا جدا.. عملية الشر والاستهداف فى مصر لن ينتهي.. أي أمة فى الدنيا درعها ناسها.. مش الجيش والشرطة بس.. الجيش والشرطة جزء من الشعب.. درع الدولة شعبها".

وبحسب النائب تيسير مطر، فإننا حذرنا مرارًا من خطورة الشائعات، ولاسيما إبان الفترة الأخيرة، التي شهدت ارتفاعًا غير مسبوق من الأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي استهدفت مصر على كافة الاتجاهات، وآخرها محاولات العبث من قِبل أهل الشر والمغرضين، بتصدير مصر خالية من الأمن والأمان، على غير الحقيقة، وحث المصريين على عدم تصديق ما يُثار من شائعات فنحن في بلد قوي ولدينا قيادة حكيمة واعية وجيش وشرطة يقظين ويعملان ليل نهار للحفاظ على أمن هذا الوطن.

وأضاف أمين عام تحالف الأحزاب المصرية، أن المصريين هم درع هذا الوطن وأنهم قادرون على دحض تلك الادعاءات المغرضة وهم حائط الصد الحقيقي تجاه ما يُثار من ادعاءات وأكاذيب، في الوقت التي أضحت مصر محط أنظار العالم بسبب ما تشهده من مُنجزات حقيقية، وما تشهد به مؤسسات الائتمان العالمية،  لافتًا إلى مصر تعرضت لمحاولات تشويه على الدوام لكنها تبوء بالفشل، ومصير من يحاول اغتيال الصحوة المصرية والإنجازات المصرية الكبيرة سيكون مصيره الفشل.

وجدد رئيس حزب إرادة جيل، تأكيده دعم حزبه وتحالف الأحزاب المصرية، للقيادة السياسية ولكافة الجهود التي يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي والقرارات التي يتخذها سبيلًا لتحقيق التنمية المنشودة والحفاظ على الأمن القومي المصري، كما جدد تأكيده بدعم مؤسسات الدولة وقواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة.

مقالات مشابهة

  • الأحزاب والدور المفقود!
  • «الشعب الجمهوري»: هدفنا تأهيل وتدريب الكوادر الشبابية لانتخابات المحليات
  • فورين أفيرز: لهذه الأسباب لا تخاف بكين من ترامب
  • تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين لقيادتنا السياسية
  • شاهد..هل يترشح جمال سليمان لانتخابات الرئاسة السورية؟
  • «شعبة السيارات»: ارتفاع الأسعار وارد لهذه الأسباب
  • عمائم إيران ترد على بوتين: لهذه الأسباب لم نقاتل مع بشار الأسد ؟
  • لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ “فلسطين2”
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ الحوثيين
  • رشوان توفيق: كان هناك جزء ثالث من «المال والبنون».. ولم يكتمل لهذه الأسباب