فقه الموازنات من أدق أبواب الفقه وأعظمها أثرًا وأكثرها نفعًا، فقه الموازنات صنعة الفقيه، وضرورة السياسى، ولازمة كل من تولى عملاً تنفيذيًا أو قياديًا على أى مستوى من المستويات، بل هو فقه لا غنى لأى شخص عن إدراكه فيما يتصل بشئون حياته العامة والخاصة، وهو ليس أمرًا شرعيًا بحتًا ولا أمرًا شرعيًا فحسب، بل هو ضرورة حياتية سواء فى الحكم الشرعى على الأمور أم فى اختياراتنا التى لا تنفك عن سائر حياتنا.
فقه الموازنات لا يقوم فقط على مجرد أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة على إطلاق القاعدة، بل إنه يعمل فى استثناءاتها وما يلحق بها، فقد تحتمل المفسدة اليسيرة لتحقيق مصلحة عظيمة، وقد يحتمل الضرر اليسير لتحقيق النفع العظيم، وقد تحتمل المفسدة الخاصة لتحقيق المصلحة العامة، يقول العز بن عبدالسلام «رحمه الله»: لا يخفى على عاقل أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمود حسن، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها محمود حسن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن، واتفق الحكماء على ذلك أيضاً، وكذلك الشرائع على تحريم الدماء، والأعراض والأموال، وعلى تحصيل الأفضل فالأفضل من الأقوال والأعمال.
فقه الموازنات يقوم على ترجيح مصلحة على مصلحة أخرى أو تحمل مفسدة أخف لدرء مفسدة أشد، أو تحمل مفسدة أخف لتحقيق مصلحة أكبر أو أعم، أو ترك مصلحة لتجنب مفسدة أشد، والضرر لا يُزال بضرر مثله أو ضرر أشد منه.
وعظمة هذا الفقه لا تظهر فى التنظير، إنما الفيصل والمحك فى التطبيق، على أن ذلك يحتاج إلى أهل الخبرة والدربة والدراية وطول الممارسة، يقول الآمدى (رحمه الله): ألا ترى أنه قد يكون فرسان سليمين من كل عيب، فيهما سائر علامات العتق والجودة والنجابة، ويكون أحدهما أفضل من الآخر بفرق لا يعلمه إلا أهل الخبرة والدربة الطويلة، قد يدرك ولا يوصف، إنما يعرفه ويدركه أهل الخبرة بالخيول وأصالتها وعتقها ونجابتها، وهكذا الأمر فى التمور والعطور وسائر الموجودات والحرف والصناعات.
وزير الأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الحكم الشرعي محمود حسن
إقرأ أيضاً:
العدالة والتنمية: تنازع المصالح عند رئيس الحكومة خطأ فادح يجب أن يدفع ثمنه
سجل عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن التفاعلات التي خلفتها الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة ليوم الاثنين 16 دجنبر 2024، بمجلس النواب، كثيرة ومتعددة، وستبقى مستمرة بالنظر لخطورة ما راج فيها.
وقال بووانو في كلمة افتتح بها أشغال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة ليوم الاثنين 23 دجنبر 2024 إن رئيس الحكومة ارتكب بالجلسة الشهرية خطأ فادحا، ويجب أن يدفع ثمنه، والمتعلق بتنازع المصالح وبطريقة استحواذه على مشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء.
وأكد بووانو أن كل جلسة شهرية لرئيس الحكومة، تكشف عن اشكالات كبيرة سياسية وقانونية وتدبيرية، يكون هو بطَلها، مبرزا أنه لم تمر جلسة شهرية منذ بداية الولاية التشريعية، دون أي خطأ من لدنه، منتقدا في هذا الصدد سلوكه السلبي والمشين تجاه عضوات من المجموعة النيابية، وآخرها ما تعرضت له النائبة نعيمة الفتحاوي خلال الجلسة الشهرية الأخيرة.