أهم أهداف الحداثة هو رفاهية شعوبها بتيسير كل سبل الحياة المخملية، وجعلها متاحة ومتوفرة بأسعار رخيصة. وهو ما تحقق خلال الثلاثة عقود الماضية بعدما فرضت واشنطن سطوتها على البلاد والعباد بعد نهاية الحرب الباردة، وأصبحنا نرزح تحت عالم أحادى القطبية، اتخذ العولمة أداة لسيطرة الشركات عابرة القارات على كل مناحى الحياة، ومحت بجرة قلم كل العوائق والحدود المصطنعة أمام التجارة الدولية وصارت تتحكم فى كل مفاصلها، وكتبت بمداد من دم الفقراء «شريعة اليانكيز» الذى استولى على ثرواتهم من المواد الخام بثمن بخس، ونقل ونشر مصانعه فى أماكن حيوية مختارة بعناية للاستفادة من الأيدى العاملة الماهرة والرخيصة، يكدحون بالسخرة كعبيد مناكيد لدى مجتمعات تحتقرهم وتلفظهم إذا قرروا الفرار إليها من جحيم شظف العيش فى دولهم التعيسة.
لكن دوام الحال من المحال، فقد هبت رياح التغيير بما لا تشتهى سفن العم سام وشركاه، فقد انتهى عصر رفاهية الوفرة الذى نعاه إلى مثواه الأخير مسيو ماكرون بعدما صارح شعبه بالحقيقة المرة، وأن على الفرنسيين التأقلم مع الظروف الصعبة ولابد من تقديم تضحيات كبيرة.
وأعتقد عاجلًا او آجلا أنه سيحذو حذوه باقى السياسيين الغربيين لأن لا أحد يمكنه حجب شعاع الشمس، لاسيما وأن الواقع الاقتصادى شهد تغيرًا جزئيا بعد تفشى وباء كوفيد-19 الذى أجبر الكوكب على إغلاق طويل الأمد استتبعه خلل كبير فى سلاسل الإمداد والتوريد، بعدما تضاعفت مخاطر الشحن والتأمين، ثم زاد الطين بلة جملة من الصراعات الجيوسياسية العبثية فى لحظة فارقة يئن من وطأتها الأغنياء قبل الفقراء بعد الارتفاع الجنونى فى أسعار الطاقة والحبوب… الخ، فكانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، فسياسة العقوبات الاقتصادية الفاشلة بغية تركيع الدب الروسى انعكس تأثيرها الفظيع على نسب التضخم العالمى وسقط المؤشر الأمريكى إلى عمق 6.6%، وهذه أسرع وتيرة للتضخم منذ عام 1982. ويراقب الفيدرالى الموقف الحرج عن كثب، واللافت للنظر تصريح رئيسه جيروم باول الشهر الماضى، عندما سئل عن ضبابية الوضع الحالى، فقال «سيكون بالتأكيد عالمًا مختلفا، قد يكون فيه تضخم أعلى، وربما إنتاجية أقل، وسلاسل توريد أكثر مرونة وقوة».
يتوقع بعض المحللين استمرار الزيادات السريعة فى الأسعار، وبات سؤال الساعة هو ما إذا كانت هذه الزيادات ستستمر؟ وترتبط الإجابة بما إذا كان التحول عن العولمة سيترسخ أم لا. وهو ما أشار إليه مقال مهم نشرته نيويورك تايمز للكاتبتين جينا سمياليك وآنا سوانسون تحذران فيه من مغبة الوضع الحالى الذى يزداد تعقيدًا، لاسيما مع غضب العمال الأمريكيين من هروب الوظائف عبر المحيط ليلتقط ترامب طرف الخيط ويستغل بحسه الانتهازى هذا التململ فى وضع سياسات شعبوية شعارها جذاب «أمريكا أولا»، ليشن حربا تجارية شعواء بفرض رسوم جمركية باهظة عجلت بعودة وحدات الإنتاج إلى ديترويت وهيوستن، وبالطبع لقى ذلك استحسانا واسعًا مما سيسرع من وتيرة انهيار نظام العولمة المستقر منذ عقود.
للأسف كرة الثلج تكبر كل يوم، فالعالم ينتقل إلى عصر اقتصادى جديد يقاسى ارتفاع تضخم رهيب يصاحبه تغييرات مفاجئة فى التكامل الاقتصادى العالمى مع تزايد مخزون القلق بشأن تغير المناخ؛ لذا من الصعب التنبؤ بأى شيء فى الوقت الحالى. وعلى الله قصد السبيل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأيدي العاملة الاقتصادي العالمي
إقرأ أيضاً:
محافظ الفيوم يوجه بتسريع وتيرة العمل لنهو جميع ملفات تقنين أراضي أملاك الدولة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، على ضرورة تضافر كافة الجهود، والجدية في العمل وتسريع وتيرة الآداء، للانتهاء من كافة ملفات تقنين أراضي أملاك الدولة في أقرب وقت، حفاظًا على المال العام، وحقوق المواطنين.
وجاء ذلك خلال الاجتماع الذي عُقد بحضور الدكتور محمد التوني نائب المحافظ، وكامل علي غطاس سكرتير عام المحافظة، والمهندس محمد عبدالوهاب وكيل وزارة الإسكان، والدكتور أسامة دياب وكيل وزارة الزراعة، والمهندس عبد المنعم سفينة وكيل وزارة الري، والمهندسة ولاء حمدي مدير عام أملاك الدولة، وهاني الحسيني مدير الدعم الفني ومتابعة المراكز التكنولوجية بالمحافظة، والمهندسة أمل حسين رئيس وحدة البنية المعلوماتية المكانية، ورؤساء مجالس المدن، وممثلي الجهات ذات الصلة.
وخلال الاجتماع، تابع محافظ الفيوم، معدلات ومؤشرات الأداء بملف تقنين أراضي أملاك الدولة، من حيث عدد الطلبات المقدمة، والطلبات المستوفاة للضوابط، وعدد العقود المحررة، والعقود الجاري تحريرها، وعدد طلبات الأراضي الجاري إنهاء فحصها، والأراضي المرفوض قبول طلب تقنينها، وعدد قطع الأراضي المستردة لعدم الاستيفاء، مؤكداً على ضرورة التركيز ومضاعفة الجهد في هذا الملف الهام، والانتهاء من فحص كافة الطلبات المقدمة في أسرع وقت، وشدد المحافظ، على رؤساء مجالس المدن، ومدير مديرية الزراعة، بتكثيف حملات إزالة التعديات على أراضي أملاك الدولة، ومخاطبة جهات الولاية بالتعديات التي يتم رصدها لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية بشأنها.
كما أكد الأنصاري، ضرورة السرعة، والدقة، واتخاذ إجراءات فعلية حيال المتغيرات التي يتم رصدها، مع تدقيق وتوحيد البيانات بين مجالس المدن وجهات الولاية ووحدة المتغيرات المكانية.
كما وجه محافظ الفيوم، رؤساء المدن، بالمتابعة الدقيقة وتسريع الإجراءات، لزيادة معدلات إنجاز الطلبات المقدمة بملف التصالح، وإحكام السيطرة على التعديات والتعامل معها بشكل فوري، لإزالة المخالفات في المهد، والحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة من الرقعة الزراعية، كما وجه المحافظ، رؤساء المدن، بالمتابعة المستمرة لدورة العمل بالمراكز التكنولوجية، لتقديم الخدمة للمواطنين بالشكل اللائق، فضلاً عن متابعة حالة النظافة العامة للحفاظ على الشكل الجمالي والحضاري.