تصريف مياه فوكوشيما في المحيط.. هل يشكل خطرا صحيا؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
بدأت اليابان اليوم الخميس تصريف أكثر من مليون ليتر من المياه المعالجة من منشأة فوكوشيما النووية في المحيط الهادي.
وفي حين تؤكد طوكيو وخبراء عالميون أنه لا خطورة لهذه العملية لأن المياه تمّت معالجتها مسبقا والتصريف سيتم بشكل تدريجي، تثير العملية قلق بعض الدول المجاورة وخصوصا الصين، وكذلك الصيادين في اليابان.
وأصيبت المحطة بأضرار جسيمة بعد زلزال عنيف تلاه تسونامي سبّبا حادثا نوويا في 11 مارس/آذار 2011، ما أدى إلى توقف مفاعلات المحطة عن العمل.
ما المخاوف الصحية؟
تستخدم المياه لتبريد قلب المفاعل، وخلال هذه العملية تتلوث بمواد مشعة؛ لذلك يجب معالجتها قبل التخلص منها حتى لا تشكل تهديدا على الصحة.
وتعالج المياه عبر عملية ترشيح تسمّى "نظام معالجة السوائل المتطور"؛ ما يؤدّي إلى إزالة معظم المواد المشعة باستثناء التريتيوم الذي لم تتمكن التقنيات الحالية من إزالته.
والتريتيوم هو من النويدات المشعة الموجودة في مياه البحر وله تأثير إشعاعي منخفض. ووفقا لموقع اللجنة الكندية للسلامة النووية فإن الريتيوم أضعف من أن يخترق الجلد. ومع ذلك، فإنه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان إذا تم التعرض له بكميات كبيرة للغاية. ويمكن أن يدخل التريتيوم إلى الجسم عن طريق الاستنشاق أو البلع أو الامتصاص عبر الجلد.
لماذا التصريف في المحيط؟تنتج محطّة فوكوشيما أكثر من 100 ألف لتر من المياه الملوّثة كمعدّل يومي، بعد استخدامها في تبريد قلب مفاعلاتها التي دخلت في حالة انصهار نووي بعد الحادث.
هذه المياه تُجمّع وتعالج وتخزّن في الموقع، إلا أنّ هذا الموقع بلغ حدّه الاستيعابي الأقصى، فقد خزّن 1.34 مليون طن من المياه، في أكثر من ألف خزّان عملاق.
وبعد سنوات من التفكير اختارت اليابان عام 2021 حلّ المشكلة عبر تصريف المياه في البحر على بُعد كيلومتر واحد من الساحل، عبر قناة بنيت في الماء لهذا الغرض.
ومن المفترض أن تستمر عملية التصريف حتى بداية عام 2050 تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمعدّل 500 ألف لتر كحد أقصى للتصريف في اليوم، وفق ما أشارت إليه شركة تيبكو المشغلة لمحطة فوكوشيما.
هل الخطة بدون مخاطر؟
وعملت شركة تيبكو على تقليل مستوى النشاط الإشعاعي لهذه المياه إلى أقل من 1500 بيكريل لكل لتر، أي بنسبة أقل بكثير ممّا تنصّ عليه المعايير الوطنية (60 ألف بيكريل لكل لتر من هذه الفئة).
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن التحليلات التي أجرتها على عينة من المياه من التفريغ الأول كانت نتيجتها "أقل بكثير" من 1500 بيكريل/لتر.
وقال المتخصص في الإشعاع في جامعة أديلايد في أستراليا طوني هوكر لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء العالم ظلّت لعقود من الزمن تصرّف التريتيوم في مياه البحر، وأضاف "لم نجد له أي أثر يُذكر على الصحة أو على البيئة".
من يقلق ولماذا؟
وانتقدت منظمات بيئية خطّة اليابان، ومنها منظمة "غرينبيس" التي اتهمت الحكومة اليابانية بتقليل المخاطر الفعلية للإشعاع النووي.
وتثير هذه الخطة أيضا قلق الصيادين اليابانيين من أن تتأثر منتجاتهم في السوق المحلي والعالمي.
ومن ناحية الدول المجاورة، انتقدت الصين الخطة اليابانية التي اعتبرتها "في غاية الأنانية واللامسؤولية". وقرّرت بكين وقف استيراد كل منتجات البحر اليابانية باسم "سلامة الغذاء"، علما أنها حظرت منذ يوليو/تمّوز استيراد المواد الغذائية من 10 مقاطعات يابانية بما في ذلك محافظة فوكوشيما. وفرضت هونغ كونغ وماكاو إجراءات مماثلة.
ولم تعترض سيول التي تحسنت علاقاتها مع طوكيو في الأشهر الأخيرة. إلا أنّ سكان كوريا الجنوبية يشعرون بالقلق، فقد قامت مظاهرات في البلاد وخزّن بعض السكان ملح البحر خوفا من تلوثه. وأُوقف نحو 10 متظاهرين اليوم الخميس في سول بعد أن حاولوا دخول سفارة اليابان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من المیاه
إقرأ أيضاً:
“المدينة المفقودة” تحت المحيط.. اكتشاف عالم غريب
المناطق_متابعات
في أعماق المحيط، بعيدًا عن الأنظار البشرية وعلى عمق 700 متر تحت سطح البحر، كشف العلماء عن أحد أكثر الاكتشافات إثارة وغموضًا في تاريخ علوم البحار: “المدينة المفقودة”.
هذا الموقع الفريد، الذي يقع بالقرب من قمة جبل تحت الماء غرب الحافة المنتصف الأطلسية، يكشف عن منظر مذهل لآلاف الأبراج ذات الجدران الكربوناتية التي تشبه الأطياف الزرقاء.
تعتبر “المدينة المفقودة” موقعًا بيئيًا مدهشًا، فبعد اكتشافها في عام 2000، أصبح معروفًا بأنها أكثر البيئات الحرارية استمرارية في المحيط، ولم يتم العثور على مثيل لها في أي مكان آخر وفقا لـ “سكاي نيوز عربية”.
فهي تمثل أرضًا نادرة، حيث تتفاعل الصخور العميقة مع مياه البحر منذ أكثر من 120,000 سنة لتطلق مزيجًا من الغازات مثل الهيدروجين والميثان في أعماق المحيط.
لكن ما يثير الدهشة حقًا هو أن الحياة تزدهر هنا على الرغم من الظروف المتطرفة: حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية، وأعمدة من الكبريت والمعدن، وفي غياب الأوكسجين.
هذه البيئة الغريبة هي موطن لمجتمعات ميكروبية نادرة، فضلاً عن القشريات والحلزونات التي تعيش في جوف المدخنات، وهي فتحات بركانية تحت الماء تصدر الغازات الحارة.
ويعكس هذا النظام البيئي التحديات التي تواجه الحياة في بيئات متطرفة، وقد أشار العلماء إلى أنه قد يكون نموذجًا محتملاً لنشوء الحياة على كواكب أخرى مثل “إنسيلادوس” و”يوروبا” التابعين لكوكب زحل والمشتري، بل وربما المريخ في الماضي.
وبالرغم من أهمية هذا الموقع البيئي الفريد، يواجه “المدينة المفقودة” تهديدًا حقيقيًا. فقد تم منح بولندا حقوق التعدين في المياه العميقة حول المدينة، مما قد يتسبب في تدمير هذا الموطن الثمين.
وفي ظل هذه المخاوف، يدعو العلماء إلى إدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي للحفاظ عليه قبل أن يُدمر للأبد.
لقد صمدت “المدينة المفقودة” لآلاف السنين كتذكار على قدرة الحياة على الازدهار في أصعب الظروف. ومع ذلك، قد نكون نحن، البشر، أول من يقضي عليها.