المفتاح السري لصحة القلب والذاكرة؟
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
وجد باحثون أن تناول الفراولة قد يحسن صحة القلب والأوعية الدموية والوظائف الإدراكية لدى كبار السن.
وتعد الأمراض القلبية الأيضية، مثل ارتفاع ضغط الدم واختلال تنظيم الجلوكوز وزيادة الدهون في الدم، من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما ترتبط هذه العوامل أيضا بتراجع الوظائف الإدراكية.
وتحتوي الفراولة على مجموعة من المركبات المفيدة مثل الفيتامينات، والألياف الغذائية، ومضادات الأكسدة، والبوليفينول (بما في ذلك الأنثوسيانين والفلافونويد)، والتي قد تساهم في تعزيز الصحة العامة.
وأشارت دراسات سابقة إلى أن مكملات الفراولة قد تحسن المهام التي يتحكم فيها الحصين في الدماغ، مثل التعلم المكاني والتعرف على الكلمات والذاكرة لدى كبار السن. كما ارتبط تناول الفراولة بتحسين صحة الأوعية الدموية. ومع ذلك، لم تقيس الدراسة الحالية مستويات الأنثوسيانين أو مدى توافره الحيوي في الجسم، مما يترك دورها الدقيق في التأثيرات الملحوظة غير واضح.
وشملت الدراسة 35 مشاركا تزيد أعمارهم عن 65 عاما، مع مؤشر كتلة جسم (BMI) يتراوح بين 25 و40 كغ/م². وتم استبعاد الأشخاص الذين يتناولون مكملات غذائية أو أدوية نفسية أو يعانون من اضطرابات أيضية أو يدخنون أو يستهلكون كميات كبيرة من القهوة. وتم تقسيم المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعتين: الأولى تناولت مشروبا يحتوي على مسحوق الفراولة المجفف (ما يعادل حصتين من الفراولة الطازجة)، بينما تناولت المجموعة الثانية مشروبا وهميا خاليا من البوليفينول.
وأظهرت النتائج تحسنا طفيفا في سرعة المعالجة الإدراكية لدى المشاركين الذين تناولوا الفراولة، بالإضافة إلى انخفاض طفيف في ضغط الدم الانقباضي. كما لوحظ تحسن في القدرة المضادة للأكسدة لدى هذه المجموعة.
ومع ذلك، لم تظهر فروق كبيرة في الذاكرة العرضية أو صحة الأوعية الدموية بين المجموعتين. ومن المثير للاهتمام أن الذاكرة العرضية تحسنت بشكل غير متوقع في المجموعة التي تناولت المشروب الوهمي.
وخلص الباحثون إلى أن تناول الفراولة قد يؤدي إلى تحسينات طفيفة في الإدراك وانخفاض ضغط الدم، بالإضافة إلى تعزيز الحالة المضادة للأكسدة. ومع ذلك، فإن قصر مدة الدراسة (8 أسابيع لكل مرحلة) واختيار المشاركين الأصحاء نسبيا يحد من إمكانية تعميم النتائج على الأشخاص الذين يعانون بالفعل من أمراض قلبية أو إدراكية.
وأشار الباحثون إلى أن البوليفينول الموجود في الفراولة، مثل الأنثوسيانين والإيلاجيتانين، قد يكون مسؤولا عن هذه التأثيرات، لكنهم أكدوا على الحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم الآليات الكامنة بشكل أفضل.
وتسلط الدراسة الضوء على الفوائد المحتملة للفراولة في تعزيز الصحة العامة، خاصة لدى كبار السن. ومع ذلك، يوصى بإجراء أبحاث إضافية لفهم تأثيرات الفراولة على نطاق أوسع، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة.
نشرت الدراسة في مجلة Nutrition, Metabolism, and Cardiovascular Diseases.
المصدر: نيوز ميديكال
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
تدمير الأراضي في غزة.. ضربة قاسية في خاصرة المزارعين
لم يسبق أن تعرض المزارع عامر مسلم ذو الستة والأربعين عامًا، لصدمة نفسية وخسارة مادية أعمق وأشد من تلك التي تسببت بها الحرب على قطاع غزة، وأدت إلى تجريف مزرعة الفراولة التي تبلغ مساحتها عشرات الدونمات وبلغت تكلفتها أكثر من 100 ألاف دولار أمريكي، لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بتدمير المزرعة والمنازل والسيارات والجرافات الزراعية التي يمتلكها مسلم بل قام الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على الأرض الزراعية بالكامل شمال بيت لاهيا.
منذ عشرات السنين ومزارعو منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزه يزرعون الفراولة التي يتم تصديرها إلى معظم دول العالم، من منطقة قريبة من أرضه، وبشكل حذر أخذ ينظر مسلم إلى دبابات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة في مكان المزرعة وبقلب مليء بالحسرة عبَّر عن حزنه قائلًا: "لم أر في حياتي أقسى من هذا المشهد الذي رأيت فيه أرضي ومزرعتي وشقاء عمري بتحول إلى خراب، تعرضت الأرض للتجريف في السنوات السابقة لكنني رغم ذلك كنت أقوم بزراعتها وترميمها بشكل سريع، لكن هذه الحرب قضت على الأخضر واليابس ولم تبق لنا شيئا، للعام الثاني على التوالي مُنعنا من الوصول إلى أراضينا وزراعتها ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي عازم على البقاء فيها، أشعر أن قطعة من قلبي قد سُلبت مني، لقد تحولت حياتي إلى جحيم ".
توقف الكلام وأصبح العجز سيد الموقف، لقد تحولت حياة هذا المزارع إلى جحيم بعد أن فقد مزرعته التي كانت كما قال تدر دخلاً على أسرته المكونة من 12 فردًا، إلى جانب عشرات العمال الآخرين الذين كانوا يفتحون بيوتًا وينفقون عليها من رواتبهم الشهرية مقابل عملهم في المزرعة.
صمت الرجل لوهلة، ثم تنهد بحزن قبل أن يضيف: "خسرت آلاف الدولارات، وحجم خسائري بلغ أكثر من 100 ألف دولار، لقد أُثقل كاهلي بديون تبلغ 40 ألف دولار لتجار الأسمدة والأدوية الزراعية، بالتأكيد سأواجه أكبر مأساة في حياتي، فالأزمة المالية التي أتعرض لها ستمتد إلى سنوات، في ظل غياب أي أفق لتقديم تعويضات عاجلة لي وللمزارعين من جراء الدمار الذي حل بنا، قمنا بمناشدة وزارعة الزراعة من أجل مساعدتنا وتعويضنا عن الضرر الذي لحق بنا ولكن للأسف حتى اللحظة لم نتلق أي دعم مادي أو معنوي لمساعدتنا".
يشعر مسلم بمرارة مضاعفة، ليس فقط بسبب فقدانه مصدر رزقه، بل أيضاً لتجاهل الجهات المختصة لمحنته ومحنة آلاف المزارعين الآخرين، الذين وجدوا أنفسهم في صفوف البطالة، بلا أي دعم أو تعويض.
ومِثل مسلم، هناك قرابة 40 ألف مزارع فقدوا مصدر رزقهم في بيت لاهيا شمال قطاع غزة حسب الإحصائيات.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، كانت غزة تشتهر بزراعة الفراولة في أراضيها الخصبة تحديدًا في مدينة بيت لاهيا ذات التربة الخصبة والمياه العذبة، التي كانت تصدر للمناطق المختلفة، وبفضل مناخ المنطقة ومواردها المائية، ازدهرت الزراعة حتى بلغت المساحات المزروعة 3500 دونم تُنتج 11 طنًّا؛ لكن الحرب الأخيرة أحدَثت دمارًا شاملًا.
في ذات السياق أكّد الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة في قطاع غزة محمد أبو عودة، أنَّ مزارع الفراولة تعرَضت لتدميرٍ شامل بنسبة 100بالمائة بفعل الحرب الإسرائيلية، وقال أبو عودة: "هذا الدمار الهائل وغير المسبوق هدم إحدى ركائز القطاع الزراعي والاقتصادي بشكل متعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فالتوت الأرضي "الفراولة" أحد المحاصيل الزراعية التي تُدر دخلاً، وتسهم في دعم الاقتصاد الوطني".
وأشار أبو عودة إلى أنّ حجم الصادرات لمحصول الفراولة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية ودول عربية وأوروبية بلغ 5.500 طن، فيما بلغت القيمة المالية لتصدير الفراولة 11 مليون دولار. كما تساهم الفراولة في قيمة صادرات الإنتاج الزراعية بقيمة 13.5%، وهو ما يُشير إلى أن كمية إنتاج الفراولة من كمية صادرات الإنتاج الزراعي شكَّلت 11%.
وفي ختام حديثه قال أبو عودة: "إنّ فقدان نسب ومبالغ كهذه أدى إلى كارثة بالمقاييس كلها على القطاع الزراعي والاقتصادي".
لم يكن حال سماح أبو طير ذات (38) عامًا، أفضل وهي أرملة وأمّ لخمسة أطفال، كانت تعمل في مزارع البطاطا، شرق خانيونس، يعتبر هذا العمل مصدر رزقها الوحيد؛ لكنها وبفعل الحرب نزحت إلى منطقة مواصي خانيونس غربًا بعدما شهدت المنطقة التي تقطن فيها دمارًا كبيرًا امتد إلى الأراضي الزراعية شرق المدينة.
خلال شهور النزوح كانت تأمل بالعودة والعمل من جديد لكن الحرب الإسرائيلية دمرت كل شيء، ومع اجتياح جرافات الاحتلال للأراضي الزراعية، تحولت المزارع إلى أرض جرداء، فخسرت المرأة أملها في تحسين ظروف حياتها واستعادة مصدر دخلها الأساسي.
أصبحت أبو طير تقطن الخيام مُجبرة في جنوب قطاع غزة بعد هدم منزلها وتجريف أرضها، عاجزة عن تأمين قوت يومها. هذه السيدة كغيرها من سيدات قطاع غزة كانت تعلق آمالا واسعة على استئناف عملها، لكن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يمنع المواطنين من العودة إلى المناطق الشرقية للقطاع ومن يصل هناك يتم استهدافه من قبل الآليات الإسرائيلية الموجودة في المنطقة.
لطالما شكّل قطاع الزراعة في قطاع غزة دعامة أساسية للاقتصاد في القطاع، حيث وفر فرص عمل واسعة وأسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات والفواكه، ما حدّ من الحاجة إلى الاستيراد بل كان هناك تصدير للكثير من الأصناف إلى الأسواق العربية والدولية.
لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي استمرت لعام ونصف العام، وجهت ضربة قاصمة لقطاع الزراعة، تاركة المزارعين في مواجهة كارثة اقتصادية غير مسبوقة، طال الإفلاس العديد منهم، وتوقفت عجلة الإنتاج، مما أدى إلى نقص حاد في الخضروات والفاكهة، وإن توفرت، باتت أسعارها باهظة تفوق قدرة الفئات الأكثر هشاشة على شراءها.
كما أظهر تقييم أجرته منظمة الأغذية والزراعة أن نحو 30% من مساحة البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية) في قطاع غزة لحقت بها الأضرار حتى يوم 23 أبريل، فيما شهدت مناطق مدينة غزة وشمال غزة أشد الأضرار (نحو 80% من مساحات البيوت البلاستيكية فيها دُمرت). وتضررت مئات المباني الزراعية ولحقت الأضرار بها، بما فيها 537 حظيرة منزلية و484 مزرعة دجاج لاحم و397 حظيرة أغنام و256 مستودعًا زراعيًا، فضلًا عن نحو 46 في المائة من الآبار الزراعية في غزة (1,049 من أصل 2,261 بئرًا).
وبحسب مختصين في مجال البيئة فإنّ ما تستخدمه "إسرائيل" من متفجرات ممنوعة دوليًا، يؤثر على الأراضي الزراعية حيث إن المواد الكيميائية المنبعثة من الصواريخ المتفجرة مثل النحاس والرصاص وغيرها تترسب في التربة؛ مما يؤدي إلى تلوثها على المدى القريب والبعيد، ويجعل التربة غير صالحة للزراعة، وهذا سيؤدي مستقبلًا إلى تقليل الإنتاجية الزراعية، ولذلك يجب ترميم ومداواة الأرض بطرق آمنة ليتمكن المزارع من زرع البذور.
ويؤكد المركز الأورومتوسطي أن الغالبية العظمى من هذه الأراضي التي باتت ضمن نطاق المنطقة العازلة التي يحظر على السكان والمزارعين الوصول إليها كانت تمثل الجزء الأكبر من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، وعمل الجيش الإسرائيلي على تجريف وتدمير جميع المباني والمنشآت فيها بشكل شبه كامل، مبينًا أنها كانت تضم مئات المزارع المقامة على مئات الدونمات المزروعة بالخضروات والفواكه إلى جانب مئات مزارع الطيور والمواشي.
ولم يقتصر التدمير على هذه الأراضي، بل هناك أراض خارج هذه المنطقة العازلة تعرضت أيضًا للتدمير خلال التوغلات الإسرائيلية أو جراء القصف الجوي والمدفعي، والذي طال ما لا يقل عن 34 كيلو مترًا مربعًا من الأراضي الزراعية والشوارع التي تخدمها، وبذلك يكون إجمالي الأراضي المدمرة هو 36.9%، وهذه المساحة تمثل أكثر من 75% من المساحة المخصصة للزراعة في قطاع غزة، وفق المركز "الأورومتوسطي".
وأبرز الأورومتوسطي أن فرقه الميدانية وثقت تعمد الجيش الإسرائيلي قتل العديد من المزارعين خلال عملهم أو محاولتهم الوصول إلى أراضيهم ومزارعهم، فضلًا عن تدمير آلاف المزارع والدفيئات الزراعية وآبار المياه وخزاناتها ومخازن المعدات الزراعية، إلى جانب قتل عدد من الصيادين وتدمير مرافئ الصيد وغالبية قوارب الصيد منذ بداية الهجوم؛ ما يدلل على أنها عملت عن عمد لتدمير مقومات الحياة والبقاء دون أي ضرورة، وهو ما سيكون له أثر على توفير الغذاء الصحي المناسب لأكثر من 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، محذرًا بأن الآثار ستبقى لعدة سنوات قادمة حتى بعد وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي.