◄ الشرقي: المحكمة تسهم في رفع كفاءة الفصل في النزاعات التجارية

◄ تحديات إدارية مرتبطة بتراكم القضايا المحالة من المحاكم الأخرى في مرحلة التأسيس

◄ المحكمة منصة موثوقة ومحايدة وسريعة لحل النزاعات في قطاعات التجارة والاستثمار

◄ ريادة الأعمال المحلية ستستفيد من تقليل مخاطر التقاضي الطويل

◄ الجهوري: المحكمة رافد مهم في تطوير المنظومة الاقتصادية والقانونية

◄ مركزية المحكمة في مسقط قد تُشكِّل عبئًا على النظام القضائي

◄ الشامسية: تأثير فاعل للمحكمة في جذب رؤوس الأموال الأجنبية خلال المرحلة المقبلة

 

الرؤية- ريم الحامدية

أجمع مختصون وخبراء قانون على أن محكمة الاستثمار والتجارة التي صدر بإنشائها مرسوم سلطاني سامٍ، تمثل نقلة نوعية في جهود تعزيز جاذبية بيئة الأعمال والاستثمار في عُمان، مؤكدين أن المحكمة الجديدة توفِّر إطارًا قانونيًا متخصصًا للفصل في النزاعات التجارية والاستثمارية بكفاءة وسرعة.

وقالوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- إن هذه المحكمة ستساعد على رفع مستوى الشفافية والعدالة، مما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد الوطني؛ إذ تهدف- حسب المرسوم السلطاني- إلى تحقيق الاستقرار القانوني وحماية الحقوق الاقتصادية للتُجَّار والمُستثمرين، الأمر الذي من شأنه أن يدعم جهود جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز تنمية القطاعات غير النفطية؛ بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للسلطنة وعلى رأسها رؤية "عُمان 2040".


 

خطوة استراتيجية

وقال سعادة أحمد بن سعيد الشرقي رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى، إن إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة يمثل خطوة استراتيجية في تطوير بيئة الأعمال بسلطنة عُمان، ويعكس بوضوح التزام الدولة بتعزيز الشفافية وتكريس العدالة المتخصصة. وأكد أن وجود هذه المحكمة يسهم في رفع كفاءة الفصل في النزاعات التجارية؛ وهي عوامل حيوية تشكل دعامة رئيسية لجذب المستثمرين وتحفيزهم على التوسع والاستقرار طويل الأمد.

وفيما يتعلق بالتحديات التي قد تُرافق عمل المحكمة، أشار إلى أن أبرزها يتمثل في نقص الكفاءات القضائية المتخصصة في قضايا الاستثمار المُعقَّدة، إضافة إلى التحديات الإدارية المرتبطة بتراكم القضايا المحالة من المحاكم الأخرى في مرحلة التأسيس، فضلًا عن حاجة الأطراف القانونية من محامين ومؤسسات ومستثمرين للتأقلم مع الآليات الجديدة. وأضاف سعادته أن تجاوز هذه التحديات يتطلب خطوات حاسمة؛ أبرزها: تأهيل القضاة والكوادر القانونية بشكل متخصص، إعداد دليل إجرائي واضح ومرن، تنفيذ حملات توعوية تعريفية بالمحكمة واختصاصاتها، إلى جانب تطوير البنية الرقمية؛ بما يدعم تسريع الإجراءات وتحقيق فاعلية الفصل في القضايا.

وأكد سعادته أن وجود محكمة مُتخصصة يبعث برسالة طمأنينة واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب، مفادها أن السلطنة تتعامل بجدية مع قضايا العدالة التجارية، وتوفر منصة موثوقة ومحايدة وسريعة لحل النزاعات. وأشار إلى أن هذا التوجه من شأنه تقليل المخاطر القانونية، وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية، لا سيما بالنسبة للمستثمر الأجنبي الذي يُولي أهمية بالغة لنظام التقاضي وفعاليته.

أثر اقتصادي

وفي سياق التوقعات المرتبطة بانطلاق عمل المحكمة في أكتوبر المقبل، بيّن رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى أن الأثر الاقتصادي سيكون ملموسًا، مشيرًا إلى إمكانية تحسن تصنيف السلطنة في مؤشرات التنافسية ومناخ الأعمال، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلًا عن تطور بيئة العقود التجارية، وارتفاع ثقة القطاع الخاص بالنظام القضائي المحلي، مما قد يقلل من اللجوء إلى التحكيم الدولي. وأشار إلى أن ريادة الأعمال المحلية ستستفيد من تقليل مخاطر التقاضي الطويل؛ بما يحفّز المشاريع الناشئة والمبادرات التجارية الجديدة.

ومن جانب التشريعات، شدد سعادة أحمد الشرقي على ضرورة استكمال هذه الخطوة بإجراءات قانونية داعمة، أبرزها مراجعة وتحديث قوانين الإجراءات المدنية والتجارية بما يتناسب مع طبيعة المحكمة واختصاصاتها، إلى جانب إصدار تشريعات مكملة مثل قانون الإفلاس، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون التحكيم والتوفيق. كما دعا إلى إصدار لوائح تنظيمية واضحة تُحدد اختصاص المحكمة ومسارات التقاضي، مع أهمية تمكينها إداريًا وماليًا بما يضمن استقلاليتها ومرونتها في العمل.

واختتم سعادته بالإشارة إلى أن المحكمة المتخصصة سيكون لها دور محوري في تسريع إجراءات التقاضي، عبر وجود قضاة متخصصين، واعتماد تقنيات رقمية متقدمة، وتبسيط الإجراءات القانونية، وتقليل الاعتماد على الخبرات الخارجية من خلال وجود طواقم قانونية واقتصادية مساعدة. ولفت كذلك إلى أهمية تبنِّي مبدأ الفصل العاجل في القضايا ذات البعد المالي الحرج، لما له من أثر مباشر في تقليص تكاليف النزاع ومدته الزمنية، بما يتوافق مع تطلعات بيئة الأعمال الحديثة.


 

تعزيز بيئة الأعمال

من جهته، أكد الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري، المحامي والمستشار القانوني، أن إنشاء هذه المحكمة يُمثِّل خطوة فعَّالة نحو تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن وجود محكمة مُختصة يسهم بشكل مباشر في استقطاب المستثمرين والتجار، ويُعزِّز لديهم الشعور بالطمأنينة والثقة. وبيّن أن عنصرَي السرعة والائتمان هما من الأسس التي تقوم عليها التجارة والاستثمار، ومن هذا المنطلق، فإن تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها يعد ضرورة ملحة لتحقيق بيئة قانونية محفزة. وأضاف أن إصدار هذا المرسوم السلطاني جاء ليواكب تلك الحاجة الملحّة، وليشكل رافدًا مهمًا في تطوير المنظومة الاقتصادية والقانونية في السلطنة.

وتعقيبًا على سؤال حول التحديات المتوقعة مع بدء عمل المحكمة، أوضح الجهوري أن كل مشروع جديد لا بُد أن يُصاحبه قدر من التحديات، مشيرًا إلى أن التجربة السابقة في تطبيق قانون تبسيط إجراءات التقاضي في بعض المنازعات (الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 125/ 2020) مثَّلت نقلة نوعية من نظام قضائي تقليدي إلى نظام حديث يعتمد على التقنية، إلّا أنها واجهت بعض الصعوبات، لا سيما في الجوانب الفنية. ولفت الجهوري إلى أن التحدي الأبرز الذي قد تواجهه المحكمة هو المركزية؛ إذ ستكون المحكمة مقرها في مسقط، ما يعني انتقال جميع الدعاوى التجارية والاستثمارية من مختلف ولايات السلطنة إلى جهة قضائية واحدة، بعد أن كانت هذه القضايا مُوزَّعة بحسب النوع والاختصاص الجغرافي على محاكم متعددة. واعتبر أن هذا الإجراء غير مُعتاد في النظام القضائي العُماني، وقد يشكل تحديًا أمام القضاة والمحامين والموظفين الإداريين، مما يستدعي الاستعداد الفني والبشري للتعامل مع هذا التغيير.

وأشار الجهوري إلى أن وجود محكمة متخصصة سيُسهم بشكل كبير في طمأنة المستثمرين وزيادة ثقتهم بالنظام القضائي العُماني، موضحًا أن أكثر ما يُعيق المستثمر هو تأخير استرداد رأسماله أو أرباحه نتيجة تعقيد الإجراءات القضائية، مؤكدًا مجددًا على أهمية عنصري السرعة والائتمان في عالم الأعمال. وأوضح أنه طالما استطاعت المحكمة أن تقدم إجراءات سريعة ومبسطة، فإن السلطنة ستصبح بيئة أكثر جذبًا واستقرارًا للمستثمرين والتجار.

وفيما يتعلق بالتغيرات المتوقعة في المشهد الاقتصادي بعد بدء عمل المحكمة في أكتوبر المقبل، أبدى الجهوري تفاؤله بحدوث زيادة في حجم الاستثمارات وازدهار في الاقتصاد الوطني، فضلًا عن تحقيق التنوع الاقتصادي من خلال فتح أبواب السلطنة أمام مشاريع تجارية خارجية، وهو ما سينعكس إيجابًا على الدخل الفردي وتوفير فرص العمل في القطاعين العام والخاص..

وتطرق المحامي والمستشار القانوني إلى أهمية استكمال هذه الخطوة بتشريعات جديدة، متوقعًا صدور قانون جديد للإجراءات المدنية والتجارية، ضمن التوجه العام للمقام السامي في تحديث وتبسيط المنظومة القضائية. وأكد أن ما شهده المشهد التشريعي من تطور في الفترة الماضية يدل على وجود رؤية واضحة نحو التحديث ومواكبة المستجدات.

واختتم حديثه بالإشارة إلى أن المقارنة بين الوضع الحالي والمستقبلي ستتضح بشكل أفضل بعد صدور القرار التنظيمي لعمل محكمة الاستثمار والتجارة، والمتوقع أن يبدأ تطبيقه فعليًا في أكتوبر 2025. وأعرب عن تفاؤله بأن هذا النظام القضائي الجديد سيمثل علامة فارقة في مسار العدالة في السلطنة، من حيث تقليص الوقت والجهد وتسريع البت في القضايا، مشددًا على أن السلطنة تسير بخطى ثابتة نحو تطوير منظومتها القضائية، ومؤكدًا أن هناك رُقيًا وتقدمًا مستمرًّا في هذا الجانب.


 

إطار قانوني متخصص

من جانبها، قالت حمدة بنت سعيد الشامسية، كاتبة في القضايا الاجتماعية والرئيس التنفيذي لشركة إيسار للاستشارات المالية إن إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة يمثل خطوة محورية في تحسين بيئة الأعمال في السلطنة؛ حيث توفر إطارًا قانونيًا متخصصًا للفصل في النزاعات التجارية والاستثمارية بكفاءة وسرعة. وأضافت أن هذا من شأنه أن يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، ويؤكد على التزام السلطنة بتوفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، تدعم سيادة القانون وتحمي الحقوق الاقتصادية للتجار والمستثمرين؛ الأمر الذي سيكون له تأثيرًا فاعلًا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، ورفع دخل السلطنة من القطاعات غير النفطية الذي يعد من أهم الأهداف الاستراتيجية للسلطنة منذ عقود. وأوضحت أن ذلك من شأنه أن يُثري سوق العمل العُماني بخبرات فنية متعددة، تساهم في تحقيق هدف بناء كوادر عُمانية فاعلة وقادرة على التنافس عالميًا.

وأضافت الشامسية أن المحكمة قد تواجه عدة تحديات في بداية عملها، منها: نقص الكوادر القانونية المتخصصة، التي تتطلب قضاة وخبراء قانونيين ذوي دراية عميقة بالقضايا التجارية والاستثمارية، المحلية منها والدولية. كما قد نواجه بطء في معالجة القضايا في البداية، لذا من المهم وضع آليات فعالة لتسريع البت في النزاعات دون الإضرار بجودة الأحكام. وأيضًا، تكيف المجتمع القانوني والأعمال مع المحكمة الجديدة يتطلب من المحامين ورجال الأعمال فَهم طبيعة عمل المحكمة واختصاصاتها لضمان الاستفادة القصوى منها. يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال برامج تدريبية للقضاة والمحامين، وتبني تقنيات حديثة في إدارة القضايا، والتوعية المستمرة لأصحاب الأعمال والمستثمرين.”

وبينت الشامسية أن وجود محكمة متخصصة يعزز ثقة المستثمرين من خلال توفير بيئة قانونية شفافة ومستقلة تحكمها معايير العدالة والإنصاف، وضمان سرعة البت في القضايا، مما يقلل من مخاطر تأخير النزاعات التجارية والاستثمارية. كما أن تقديم حلول قانونية متخصصة تتماشى مع طبيعة النزاعات الاقتصادية يجعل المستثمرين أكثر اطمئنانًا عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

وأشارت الرئيس التنفيذي لشركة إيسار للاستشارات المالية إلى أن من المتوقع أن تسهم المحكمة في تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي؛ حيث سيجد المستثمرون بيئة قانونية داعمة لاستثماراتهم، وتقليل النزاعات التجارية المعقدة من خلال توفير حلول قضائية سريعة وفعّالة، كما سترفع المحكمة من كفاءة قطاع الأعمال من خلال تعزيز الالتزام بالعقود والقوانين التجارية، مما يؤدي إلى تحسين أداء السوق.

وأكدت الشامسية أنه لضمان نجاح المحكمة على المدى الطويل، من الضروري تحديث القوانين التجارية والاستثمارية لتتماشى مع المعايير الدولية، وتعزيز وسائل التحكيم والوساطة لحل النزاعات خارج المحاكم قدر الإمكان، وتبسيط إجراءات التقاضي لضمان سرعة ومرونة أكبر في معالجة القضايا الاستثمارية، كما يجب تطوير البنية التحتية الرقمية لتمكين التقاضي الإلكتروني وتقليل الأعباء الإدارية.

وشددت على أن محكمة الاستثمار والتجارة تعكس التزام سلطنة عُمان بتطوير بيئة قانونية داعمة للاستثمار، وأنه رغم التحديات الأولية، فإن النجاح يعتمد على بناء كوادر متخصصة، وتوظيف التقنيات الحديثة، وتطوير التشريعات المُسانِدة؛ بما يضمن تسريع وتيرة إجراءات التقاضي ويضمن تحقيق العدالة بكفاءةٍ.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطة استراتيجية لتطوير المنظومة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة

- إنشاء محكمة الاستثمار ومشاريع ومبادرات لتطوير القضاء التخصصي

- وضع وسائل بديلة للتقاضي وتطوير قانون التوفيق والمصالحة

- 60 خدمة بمنصة "توثيق" لتقديم خدمات الكاتب بالعدل إلكترونيًّا

يسعى المجلس الأعلى للقضاء إلى تحقيق رؤية "عدالة ناجزة ترسخ القانون" من خلال تقديم رسالة عدلية تعمل وفق أفضل الممارسات لتحقيق العدالة بفعالية وتبسيط إجراءات التقاضي والتنفيذ والتوثيق من خلال كوادر مؤهلة ومتخصصة في بيئة نزيهة ومحفزة توظف أنسب التقنيات وتعزز الشراكات المحلية والإقليمية والدولية.

وتركز أولوية التشريع والقضاء والرقابة في "رؤية عمان 2040 " على تحسين المنظومة القضائية من خلال العديد من البرامج والخطط التي يعمل المجلس الأعلى للقضاء وأجهزته القضائية على تنفيذها والتي تواكب الجهود المبذولة في مجال تحسين بيئة سوق العمل وجلب الاستثمارات.

وقد أدى التطور الهائل في مجالات التنمية الاقتصادية، وانتشار التجارة إلى ظهور أساليب حديثة في مجال التجارة الدولية، كما أدى تشعب العلاقات التجارية والاقتصادية واختلاف مصالحها وأهدافها لظهور العديد من التحديات فكان لا بد من استحداث أساليب جديدة لمعالجة هذه التحديات بما يتناسب مع التطور الحاصل وبما يحقق العدالة السريعة التي يتطلبها هذا النوع من المعاملات، فكان إصدار قانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2020/125) أولى لبنات هذا التوجه، وتسري أحكام هذا القانون على الدعاوى المتعلقة بالمنازعات التجارية، والمنازعات بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية، ومنازعات العمل الفردية، ومنازعات عقود مقاولات البناء وتلك المتعلقة بالمحررات من الكاتب بالعدل. وتنفيذا لهذا القانون تم في عام 2022 تفعيل ثلاث دوائر قضائية مسائية للنظر في دعاوى المنازعات العمالية في محافظة مسقط، كما قام المجلس الأعلى للقضاء بندب عدد من القضاة بشكل دائم إلى لجان تسوية المنازعات العمالية بوزارة العمل في إطار تفعيل التعاون المشترك بين المجلس والوزارة لتعزيز سوق العمل، إضافة إلى ذلك يقوم المجلس بتقديم خدمات التوثيق المتعلقة بأعمال الكاتب بالعدل وتقريبها لمختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية.

كما جاءت توجيهات صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - بإنشاء محكمة الاستثمار دليلا على حرص جلالته على أهمية استحداث وتطوير عدد من القوانين، والدفع بعجلة قطاع الاستثمار والتجارة في سلطنة عُمان بما يتماشى مع تطلعات "رؤية عُمان 2040"، والاهتمام المتواصل بمرفق القضاء ليقوم بدوره في إرساء دعائم العدالة وترسيخ سيادة القانون في سلطنة عُمان.

وقد تم خلال الأعوام الماضية بذل العديد من الجهود لتطوير المنظومة القضائية، فقد قام المجلس بإجراء مسوحات ميدانية استطلع فيها الآراء المختلفة للفئات الوظيفية بالمجلس والمستفيدين من خدماته، كما تم إنشاء مقر لتقديم خدمات الكاتب بالعدل في صالة "استثمر في عُمان" بهدف دعم بيئة الأعمال وتسريع إجراءات منظومة العمل القضائي والعدلي والتكامل مع المؤسسات الحكومية الأخرى، كما تم تخفيض رسوم الكاتب بالعدل، وتمديد فترة سريان الوكالات، واعتماد الهُوية البصرية للمجلس. وتدشين مبادرة إعلامية باسم "بروة" تستهدف رفع وعي المجتمع بالإجراءات القانونية بصفة مستمرة.

قضاء تخصصي

كما يقوم المجلس الأعلى للقضاء بإعداد مشروع الخطة الاستراتيجية بعيدة المدى للمجلس الأعلى للقضاء (2024-2040) التي تعد خارطة طريق لتحقيق أهداف المجلس طويلة المدى، وتتضمن الخطة مشاريع ومبادرات لتحديد المتطلبات التشريعية والتقنية والبشرية والمالية لتطوير القضاء التخصصي في الجوانب التجارية والضريبية والاستثمارية، وتعزيز وتأهيل الكوادر القضائية ومعاونيهم في مجال الاستثمار من خلال إعداد وتنفيذ برامج لتأهيل وتدريب القضاة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.

وتتضمن الخطة أيضا عدداً من المشاريع الأخرى في مجال تطوير الوسائل البديلة للتقاضي بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة من بينها مراجعة وتطوير قانون التوفيق والمصالحة ودور لجانها وتطوير دور لجان تسوية المنازعات العمالية وتطوير منظومة التحكيم، بالإضافة إلى إعداد وتنفيذ برامج توعوية لمتلقي الخدمة عن أهمية وفوائد الوسائل البديلة للتقاضي وتغيير الثقافة لتبنيها.

وتأتي هذه الجهود في الوقت الذي يتم فيه العمل على تقليل مدد التقاضي وبما يسهم في رفع معدل رضا المتعاملين مع خدمات المجلس وبناء على استقراء متوسط المدد الزمنية لعمليات التقاضي، بدءا من تاريخ تسجيل الدعوى إلى تاريخ عقد جلستها الأولى وانتهاء بتاريخ صدور الحكم.

تتضمن الخطط المستقبلية للمجلس الأعلى للقضاء بذل مزيد من الجهود لتطوير وتحسين المنظومة القضائية من خلال استكمال الجوانب المتصلة بالمجلس في عملية إعادة هيكلة مرفق القضاء وفقا للمرسوم السلطاني (2022/35 ) بشأن تنظيم شؤون القضاء، والعمل على إعداد الخطة التشغيلية الأولى (2024-2030) للخطة الاستراتيجية بعيدة المدى بهدف إعداد خطة مبرمجة لتطوير مرفق القضاء وصياغة خطة استراتيجية بعيدة المدى تكون مكونا أساسيا لتحقيق العدالة الراسخة والقضاء الناجز وهي أحد مخرجات التعاون المثمر والبناء مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، حيث شارك فيها أكثر من 240 مشاركا يمثلون 36 جهة، أبرز أهدافها تطوير القضاء التخصصي في الجوانب التجارية والضريبية والاستثمارية، تعزيز وتأهيل الكوادر القضائية ومعاونيهم في مجال الاستثمار، رقمنة الخدمات الأساسية ذات الأولوية للأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة، وتطوير الوسائل البديلة للتقاضي.

وتتضمن الاستراتيجية 9 محاور رئيسية وهي: إجراءات التقاضي والتنفيذ، خدمات المحاكم والكاتب بالعدل، الأداء المؤسسي، الموارد البشرية التحول الرقمي، الحوكمة والإدارة والاستدامة المالية، بناء الشركات، والبنية الأساسية.

الخدمة الإلكترونية

وفي مجال التحول الرقمي يعد مشروع الدراسة الاستشارية للتحول الرقمي بالمجلس الأعلى هو أحد مخرجات استراتيجية المجلس الأعلى للقضاء بعيدة المدى(2024 -2040) التي تشمل مستهدفاتها تطوير البنى الأساسية والرقمية للمجلس الأعلى للقضاء، حيث تم تدشين منصة "توثيق" الخاصة بالخدمات المقدمة من الكاتب بالعدل، وتوفر المنصة ما يزيد عن 60 خدمة إلكترونية، وتم ربط 28 خدمة إلكترونية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة. ومن أبرز الخدمات المقدمة عبر المنصة: الوكالات بكافة أنواعها وعقود البيع والتنازل والتعهدات والإقرارات وعقود الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق، حيث تعد دوائر كتاب العدل من الدوائر العدلية التي لها دور مهم في حياة الأفراد وتوثيق حقوق الناس والتزاماتهم وتعزيز العدالة الوقائية. وتحتوي المنصة على أتمتة كافة المحررات التي يحررها الكاتب بالعدل، حيث يتمُّ استخراجها بصيغ موحدة وفي قالب موحد وبطرق إلكترونية تضمن تفادي الأخطاء والتزوير والمحو والكشط، كما تضمن دقة البيانات الواردة في المحرر.

كما يجري تنفيذ 86 مشروعا في تقنية وأمن المعلومات، وتفعيل خدمة الدفع الإلكتروني لمستحقات تنفيذ الأحكام عبر أجهزة الدفع الإلكتروني المتوفرة في مجمعات المحاكم والمراكز التجارية والمنافذ الحدودية، وبنهاية عام 2023 بلغت نسبة الخدمات الإلكترونية المقدمة من المجلس الأعلى للقضاء 88% من إجمالي الخدمات التي يقدمها المجلس، فيما بلغت نسبة رضا المستفيدين على خدمات المجلس الالكترونية 74% .

مقالات مشابهة

  • قفزة نوعية لقطاع التجارة..القصبي: نظاما السجل والأسماء التجارية يسهمان في تيسير الأعمال
  • وزير الاستثمار يستعرض تقرير جاهزية الأعمال ويوجه بتسريع خطوات الإصلاح المؤسسي
  • "إكسبو أوساكا".. القوى الناعمة العُمانية لمد الجسور الحضارية
  • محكمة الاستثمار والتجارة تبدأ أعمالها أكتوبر المقبل .. ورئيسها من بين قضاة العليا أو الاستئناف
  • الجريدة الرسمية تنشر تفاصيل المرسوم السلطاني بإنشاء محكمة الاستثمار والتجارة
  • وزير الاستثمار ومحافظ الإسكندرية يعقدان لقاءً موسعًا مع أعضاء الغرفة التجارية.. صور
  • وزير الاستثمار يبحث مع الغرفة التجارية بالإسكندرية اجراءات دعم مناخ الأعمال
  • أول تعليق عُماني على الرسوم الجمركية الأمريكية ضد الصادرات العُمانية
  • خطة استراتيجية لتطوير المنظومة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة