في حين أن تفاصيل ما حدث بالضبط لا تزال غامضة في أعقاب وفاة زعيم مرتزقة فاجنر يفغيني بريغوجين، في حادث تحطم طائرة، فإن الأمر الواضح هو أن "فاجنر"، منظمة المرتزقة التي بناها بريغوجين، جرى احتواؤها أولاً ثم قطع رأسها.

هكذا تحدث مقال تحليلي للكاتب بيتر بومنت، في صحيفة "الجارديان"، وترجمه "الخليج الجديد"، وهو يطرح سؤالا حول مصير مجموعة "فاجنر" بعد مقتل بريغوجين.

ويلفت المقال إلى أن الوفاة الواضحة في حادث تحطم طائرة للرجل الذي أذل الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين "لم تكن مفاجأة بالنسبة لمعظم المراقبين الروس"، متسائلا: "لكن هل تستطيع مجموعته المرتزقة البقاء على قيد الحياة بدونه؟".

ويقول الكاتب إنه في أعقاب "المسيرة التي قام بها بريغوجين إلى موسكو" قبل شهرين، توقع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز، في منتدى أسبن للأمن في يوليو/تموز، أن يأخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وقته في الانتقام.

ويضيف: "منذ الانقلاب الفاشل لفاجنر على موسكو، كانت التكهنات تشير إلى أن بريغوجين يعيش في الوقت الضائع.. الأمر الذي دفع الكثير للتساؤل كيف سيكون رد فعل الزعيم الروسي".

فالرئيس بوتين، حسب المقال، لا يتعامل مع الخيانة بسهولة، ومن المعروف أنه يقسم معارضيه إلى فئتين: أعداء وخونة. ولا شك أن "انتفاضة" بريغوجين وضعته في الفئة الثانية.

اقرأ أيضاً

مصادر روسية: التثبت من جثة بريغوجين في مشرحة

ويوضح بومنت أنه ومع تقليص دور "فاجنر" البارز في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بشكل كبير بالفعل في أعقاب مسيرة الانقلاب الفاشلة التي قام بها نحو موسكو، والتي أحرجت بوتين والكرملين، بدا ولو للحظة واحدة فقط، أن بريغوجين كان يحاول استعادة بعض النفوذ الذي اكتسبه من خلال عمليته في أفريقيا، بناء على طلب الكرملين.

وكان بريغوجين قد أصدر بيانًا يدعم فيه الانقلاب في النيجر، وهو ما اعتبره بعض المحللين بمثابة تذكير لكيفية خدمة "فاجنر" ذات يوم لأهداف الكرملين.

ونشر بريغوجين هذا الأسبوع مقطع فيديو، من مكان ما في أفريقيا، في معاركه ذات العلامات التجارية، مما يشير إلى أنه ربما وجد دورًا جديدًا، وأن أفعاله قد غفرت له.

وفي هذا الفيديو، أصر بريغوجين على أنه كان يقوم بالتجنيد لعمليات في أفريقيا، بينما دعا أيضًا المستثمرين من روسيا إلى وضع أموال في جمهورية أفريقيا الوسطى من خلال البيت الروسي، وهو مركز ثقافي في عاصمة الدولة الأفريقية.

وكان بريغوجين يحلق فوق منطقة بالقرب من موسكو مع كبار قادة "فاجنر" الآخرين، عندما سقطت طائرته الخاصة من السماء فوق روسيا.

ووفقًا لبعض التقارير، من أسقطها هي الدفاعات الجوية الروسية.

اقرأ أيضاً

تفاصيل جديدة عن طائرة بريغوجين.. لم تتعرض لخطأ وبدت بخير حتى آخر 30 ثانية

ولم يكن بريغوجين وحده من لقي حتفه في الحادث، فقد كان معه ديمتري أوتكين، أحد أقرب حلفائه وشخصية رئيسية أخرى في "فاجنر"، وهو ضابط سابق في المخابرات العسكرية الروسية، ومتورط أيضا في تنظيم قافلة الانقلاب الفاشل نحو مقر القيادة في موسكو.

وتقول الصحيفة إن التقارير تشير إلى أن "فاجنر"، كما كانت في السابق، لم تعد موجودةن فالمئات من مقاتلي التنظيم الذين نُفوا إلى قواعد في بيلاروسيا غادروها، بينما انتقل آخرون للعمل في غرب أفريقيا.

وانخفض عدد القوة هناك، من أكثر من 5000 إلى نحو الربع.

وفي روسيا، والحديث للصحيفة، فإن عمليات المجموعة توقفت خلال الشهرين الماضيين، كما خرجت "فاجنر" من أوكرانيا بعد نشر مقاتليها كوقود للمدافع في معركة باخموت.

وعلى الرغم من أن الأسماء، التي ذكرت على سبيل التخمين كبدائل محتملة لبريغوجين، فإن قدرة أي منهم على شغل مكانه، أمر غير مؤكد.

واعتمد جزء كبير من إمبراطورية "فاجنر" الأفريقية، التي جمعت بين عمليات التضليل والمصالح التجارية الغامضة وأعمال المرتزقة، على العلاقات عديمة الضمير التي أقامها بريغوجين ورفاقه المقربون على مر السنين.

اقرأ أيضاً

ثورة بريغوجين الفاشلة.. كيف يؤثر تمرد فاجنر على نفوذ روسيا العالمي؟

وكانت هناك اقتراحات، على سبيل المثال، بأن "فاجنر" قدم لمساعدة المجلس العسكري في مالي، وهي خطوة ساهمت في قرار فرنسا بإنهاء العملية العسكرية التي استمرت قرابة عقد من الزمن هناك.

وبينما كان الكرملين مؤخرًا يغازل القادة العسكريين في دول الساحل نفسها بشكل مباشر، فقد عمل بريغوجين بجد على تطوير علاقات شخصية مع أمراء الحرب وقادة الانقلابات العسكرية والسياسيين ورجال الأعمال الفاسدين.

وينقل الكاتب عن نائب المارشال الجوي السابق في القوات الجوية الملكية البريطانية شون بيل، والذي يعمل حاليا محللا عسكريا لشبكة "سكاي نيوز" قوله في يونيو/حزيران في أعقاب مسيرة فاغنر إلى موسكو: "من دون بريغوجين، فاجنر لا شيء".

ويضيف: "إذا كانت مجموعة فاجنر هي بريغوجين، فمن الصعب جدا أن تنجو.. إنها النهاية كما نعرفها".

ومع تزايد التكهنات حول دور بوتين في الحادث، فإن مقتل أمير الحرب سيزيد بالتأكيد التوترات داخل الجيش الروسي.

وبينما أدانت القوات المسلحة انتفاضته إلى حد كبير، فقد ظل شخصية شعبية بين بعض عناصر القوات الذين تعاطفوا مع انتقاداته للمؤسسة العسكرية الروسية والحرب المتعثرة في أوكرانيا.

اقرأ أيضاً

الكرملين يكشف عن استقبال بوتين لقادة فاجنر وزعيمها بريغوجين

المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: يفجيني بريجوجين بوتين فاجنر روسيا اقرأ أیضا فی أعقاب إلى أن

إقرأ أيضاً:

«الجارديان»: الهجمات المروعة بين إسرائيل وإيران ووكلائها لن تجلب إلا المزيد من الموت والكوارث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن الهجوم الصاروخى الباليستى الإيراني على إسرائيل الثلاثاء الماضي، كان تصعيدًا كبيرًا فى الصراع بين الدولتين، ووعدت إسرائيل بالرد، والذى قد يشمل ضربات مباشرة على طهران، مشيرة إلى أن المناوشات المروعة بين إسرائيل وإيران ووكلائها لن تجلب إلا المزيد من الموت والكوارث.

الصراع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية
وقالت «الجارديان»: «إن الجبهة الأكثر نشاطًا فى الصراع بالمنطقة لا تزال على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث تغزو القوات الإسرائيلية جنوب لبنان». وجاء الهجوم الإيرانى فى أعقاب اغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله؛ والواقع أن الارتباط الوثيق بين إيران وحزب الله يعنى أنها منخرطة بشكل عميق فى نتائج الصراع فى لبنان.

فى الوقت نفسه؛ وبينما تقدم إسرائيل الغزو باعتباره عملية برية محدودة وقصيرة الأمد، فإنه يمثل تصعيدًا كبيرًا لصراعها مع حزب الله، فضلًا عن التزامها الضخم بالموارد العسكرية. وسوف يؤثر التشابك بين الجبهتين اللبنانية والإقليمية على أمن لبنان فى الأمد البعيد، ولكن أيضًا على أمن إسرائيل.

حزب الله يتعرض لحرب هجينة
ونوهت «الجارديان» إلى أن حزب الله لم يتعرض منذ تأسيسه لهجوم على مستويات متعددة فى مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن وبمثل هذه الخسائر الفادحة؛ ففى غضون أسبوعين، أخضعت إسرائيل المجموعة لحرب هجينة، ودمرت مواقعها العسكرية الرئيسية واغتالت كبار قادتها ونصر الله.

وتعهد حزب الله طوال الوقت بالبقاء متحديًا حتى مع تقليص قدراته الأمنية والتواصلية والعسكرية بشكل كبير. وقد أصرت إسرائيل فى تصريحاتها العامة على أنها ليست فى حالة حرب مع الشعب اللبناني؛ بل مع حزب الله فقط، إلا أن تصرفات إسرائيل تهدد بجر لبنان نحو حالة من عدم الاستقرار.

التوتر يسيطر على لبنان 
وأشارت «الجارديان» إلى أن لبنان يعيش حالة من التوتر الشديد؛ إذ يشعر بالقلق من أن اغتيال نصر الله قد يكون شرارة جديدة للصراع. وكانت التصريحات المدروسة التى أدلى بها خصومه السياسيون اللبنانيون بشأن نصر الله فى أعقاب اغتياله بمثابة محاولة لمنع الصدامات التى قد تتخذ طابعًا طائفيًا.

ولكن بعد ذلك جاء الغزو البرى الإسرائيلي، والذى يعمل فى الأمد القريب على حشد الشعب اللبنانى ضد إسرائيل. وذلك لأن الغزو بالقوات البرية يختلف تمام الاختلاف عن أشد الحملات الجوية كثافة. فهناك شيء غريزى فى هذا الغزو.

فبالنسبة للشعب اللبناني، فإن رؤية إسرائيل تتسلل إلى أرضه مرة أخرى جلبت معه الغضب واليأس اللذين كانا يأملان أن يكونا جزءًا من الماضى غير البعيد، عندما خاضت إسرائيل وحزب الله آخر حرب شاملة بينهما فى عام ٢٠٠٦.

إسرائيل تسعى لكسر روح حزب الله
إن إسرائيل ربما تهدف من خلال غزوها البرى إلى كسر روح حزب الله، لكنها فى واقع الأمر تكسر الروح اللبنانية؛ فحتى أشد معارضى حزب الله عنادًا فى لبنان يرفضون فكرة «التحرر» من حزب الله، كما تزعم إسرائيل على أيدى الغزاة. والواقع أن الإذلال والغضب بين سكان لبنان لا يشكلان طريقًا للسلام مع إسرائيل.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه فى الأمد المتوسط والبعيد، هناك خطر أن يلقى التاريخ بظلاله القاتمة، لقد أدت غزوات إسرائيل السابقة، وخاصة فى عامى ١٩٨٢ و٢٠٠٦، إلى إحداث شرخ بين الطوائف اللبنانية؛ ما أدى إلى تأجيج التوترات الطائفية والسياسية.

ونوهت «الجارديان» إلى أن زعماء لبنان، الذين كانوا يحاولون إخماد الحرائق بعد مقتل نصر الله، يواجهون الآن احتمال اندلاع موجة أخرى من الصراع الأهلى مع نزوح مليون شخص، معظمهم من الطائفة الشيعية الجنوبية، إلى مناطق يسكنها مجتمعات أخرى.

وأضافت «الجارديان» أنه رغم أن الناس العاديين والمجتمع المدنى يكثفون جهود الإغاثة، فإن حجم الأزمة الإنسانية غير مسبوق، فى حين عجزت الدولة اللبنانية عن تقديم حتى الخدمات الأساسية للنازحين.

وكلما طال أمد الحملة العسكرية الإسرائيلية، تزايدت احتمالات تفاقم التوتر الطائفى مع اقتراب فصل الشتاء، ونضوب الموارد، وتزايد غضب الناس ويأسهم.

كما يجد لبنان نفسه مرة أخرى ساحة لعب للجهات الفاعلة الإقليمية. وهذا يجلب معه سببًا محتملًا آخر لعدم الاستقرار، ومع تصعيد إسرائيل وإيران لمواجهتهما العسكرية المباشرة، يصبح خطر الحرب الإقليمية أعظم من أى وقت مضى.

ومع اعتبار إيران لحزب الله خط المواجهة الأول فى دفاعها عن نفسها، فقد ينتهى الأمر بلبنان إلى القتال من أجل نفسه ومن أجل إيران.

لقد تأثر لبنان دومًا بالتطورات الإقليمية فى الشرق الأوسط. ولكن فى ظل هذا المزيج المعقد من التحديات، أصبح استقرار البلاد مهددًا بشدة. فالعقبات الاقتصادية تتداخل مع التوترات الطائفية المحتملة، ويتشابك الأمن الوطنى مع الأمن الإقليمي، ومع رفض إسرائيل وحزب الله التراجع، يتم صب المزيد من الزيت على النار كل يوم.

الفقر والغضب الكارثة الأكبر
وقالت الصحيفة البريطانية: «قد تتصور إسرائيل أن سحق حزب الله عسكريًا هو السبيل لضمان الأمن فى منطقتها الشمالية، ولكن الأزمة فى لبنان تثير مخاوف بشأن الاستقرار هناك على المدى الطويل؛ فالفقر والغضب يشكلان دومًا وصفة للكارثة فى أى دولة».

وأكدت «الجاديان»، بأن عدم الاستقرار الداخلى فى لبنان لن يبشر بالخير بالنسبة للأمن القومى الإسرائيلي، خاصة أن حزب الله لن يختفى حتى لو تغلبت عليه إسرائيل عسكريًا.

وإذا وضعنا فى الاعتبار أن حزب الله استخدم باستمرار إطار «المقاومة» ضد إسرائيل كواحدة من أدوات تأكيد القوة داخل لبنان. وإذا كان هذا الصراع قد أظهر أى شيء، فهو أن الأمن الداخلى والأمن الإقليمى متشابكان.
 

مقالات مشابهة

  • في أعقاب توتر غير مسبوق..عودة السفير الروسي في واشنطن إلى موسكو
  • ما هي القواعد العسكرية الإسرائيلية التي استهدفتها إيران في ضرباتها؟
  • بوتين يبحث في مجلس الأمن الروسي إطلاق نظام للمدفوعات الدولية
  • بوتين ورحمون يجتمعان في موسكو في “الأيام القريبة”
  • الجارديان: متى تنتهي الفظائع الإسرائيلية رغم مرور عام على طوفان الأقصى؟
  • اجتماع دولي يهدف إلى تصفية قيادات الحوثيين على رأسها عبدالملك
  • أوكرانيا: ارتفاع حصيلة قتلى الجيش الروسي إلى 659 ألفا و220 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • فى ود أب صالح: تعامل الطيران اليوم قبل صلاة الجمعة مع قوة من مليشيا الدعم السريع
  • الرئيس الروسي بوتين يلتقي بقادة رابطة الدول المستقلة في عيد ميلاده
  • «الجارديان»: الهجمات المروعة بين إسرائيل وإيران ووكلائها لن تجلب إلا المزيد من الموت والكوارث