موقع النيلين:
2025-04-26@22:26:33 GMT

ما هي أهداف سياسة ترمب التجارية المفترسة؟

تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT

فرض ترمب رسومًا جمركية مرتفعة للغاية على جميع شركاء أمريكا التجاريين تقريبًا.
للإجابة على سؤال أهداف هذه السياسة، تجدر الإشارة إلى أن تحالف ترمب الانتخابي يتألف من لحم راس غريب. ترمب ملياردير، متحالف مع أثرياء آخرين، بمن فيهم أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك. لكن ترامب اعتمد على أصوات الطبقة العاملة البيضاء الفقيرة التي سئمت التهميش الذي عانت منه تحت براثن العولمة النيوليبرالية التي دفعت الشركات الأمريكية إلى نقل مصانع إنتاجها خارج الولايات المتحدة إلى دول ذات تكلفة عمالة منخفضة.


باختصار، وقعت الطبقة العاملة الأمريكية ضحية لعولمة التجارة الحرة، حيث انتقلت المصانع إلى الصين والمكسيك وفيتنام وأماكن أخرى، تاركةً قوة عاملة كانت يومًا ما فخورة تواجه مستويات عالية من البطالة والفقر، وعار فقدان وظيفة في مصنع لتجد نفسها تقدم الطعام في ماكدونالدز أو وظيفة تافهة، كما وصف ذلك ديفيد غريبر.

لكي يلعب ترمب دور بطل الطبقة العاملة، يريد إعادة المصانع إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى تتمكن الطبقة العاملة البيضاء من إيجاد فرص عمل لائقة بأجور ومزايا جيدة. لكن الشركات الأمريكية والأجنبية لن تنقل مصانعها طواعيةً إلى الولايات المتحدة الأمريكية نظرًا لارتفاع تكلفة العمالة، لأسباب عديدة، منها ارتفاع تكلفة الرعاية الطبية وإيجار المساكن.
يسعى ترمب لحل المشكلة بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات من جميع الشركاء التجاريين لإجبار الشركات على نقل مصانعها داخل الولايات المتحدة الأمريكية لتجنب الرسوم الجمركية. على سبيل المثال، إذا واجهت شركة صينية أو ألمانية صعوبة في بيع منتجاتها في السوق الأمريكية الضخمة بسبب ارتفاع رسوم ترمب الجمركية التي تجعل منتجاتها باهظة الثمن بالنسبة للمستهلك الأمريكي، فيمكنها بناء مصنع في أمريكا لأن السلع المنتجة داخل أمريكا لا تدفع جمارك حتى لو كانت مملوكة لأجانب. مع نقل المزيد من الشركات مصانعها إلى أمريكا، ستتوفر وظائف جيدة للطبقة العاملة البيضاء.

هل ستنجح هذه الخطة المفترسة والاستغلالية؟ يعتقد معظم الاقتصاديين الجادّين أنها لن ينجح إلى حدٍّ يُذكر، ولكن دعنا نترك هذا السؤال الآن، وسأعود إلى سبب عدم نجاحها في المستقبل القريب.

كما ذكرتُ سابقًا، فإن تحالف ترامب هو زواجٌ مُختل بين الطبقة العاملة البيضاء الفقيرة والأثرياء. كيف سيستفيد الأثرياء؟ هناك فائدتان تُعِدُّهما سياسة ترمب التجارية للطبقة الذهبية.
نلاحظ أن رأس المال السحابي أصبح مهيمنًا في مجال الرأسمالية الأمريكية. ونعني برأس المال السحابي أساسًا شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل، إلخ.
لاحظ العديد من المراقبين أن الرؤساء التنفيذيين لشركات رأس المال السحابي كانوا يجلسون بشكل واضح بالقرب من ترمب يوم حفل تنصيبه بعد أن تبرعوا بالملايين للحفل. لم يكن هذا مصادفةً. فقد انقلبت هذه الشركات التكنولوجية المتقدمة، بما فيها تسلا، على مبدأ التجارة الحرة لأن التكنلوجيا الصينية تجاوزتها وهددت بإخراجها من الأسواق أو على الأقل بتحويلها إلى لاعب من الدرجة الثانية. السبيل الوحيد المتبقي لهذه الشركات للحد من آثار التفوق التكنلوجي الصيني المتنامي هو الحصول على حماية الحكومة الأمريكية، وبالطبع، تُعدّ التعريفات الجمركية المرتفعة عنصرًا أساسيًا في هذه الحماية من منافسة التكنولوجيا الصينية.
الفائدة الثانية من سياسة ترمب التجارية الموجهة للأغنياء هي أن التعريفات الجمركية التي فرضها ستُدرّ مليارات الدولارات على الحكومة، وستمنح هذه الموارد الجديدة ترمب فرصة لخفض الضرائب على الشركات والفئات ذات الدخل المرتفع وتمويل الإنفاق الحكومي الأساسي من عائدات الجمارك. والأغنياء لا يحبون دفع الضرائب.

ومن الأسباب الأخرى لحواجز ترمب الجمركية أمله في أن يركع شركاؤه التجاريون، نظرًا لتضررهم الشديد، أمامه لرفع التعريفات أو تخفيضها. سيمنح هذا ترامب شعورًا بالرضا النفسي، كما سيمنحه سلطة مطالبة رؤساء الدول الأخرى، كل على حدة، بتقديم التنازلات التي تريدها أمريكا، سواءً كانت اقتصادية أو سياسية.

وقد يطلب ترمب من رؤساء الدول عدم وضع القيود علي شركاتهم التي ترغب في الهجرة إلي أمريكا أو منح شركات أمريكية أسرار تكنلوجية متقدمة نظير تخفيف الجمارك.
ولكن من أهم التنازلات المتوقعة هو أن يطلب ترمب من كل رئيس دولة أو الاتحاد الأوروبي مساعدته في خفض قيمة الدولار، لأن ضعف الدولار سيعزز تنافسية الاقتصاد الأمريكي ويشجع صادراته ويحد من وارداته. سيكون هذا تكرارًا لما فعله رونالد ريغان عام ١٩٨٥ – ما يُعرف باتفاقية بلازا – عندما أجبر اليابان على إضعاف الدولار من خلال زيادة قيمة الين، وتبني مزيج من السياسات المالية والنقدية التي أنهت اليابان وتهديدها للهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية الأمريكية.

منذ ذلك الحين، تحولت اليابان من قوة صاعدة تكاد تتفوق على أمريكا إلى اقتصاد يعاني من الأمولة والركود كما يعاني من أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات المتقدمة. ولو نجح ترمب في هذا المسعى غالبا ستسمي النتيجة إتفاقية مارا لاغو – إسم قصره – و ذلك نفخ للإيغو الترمبي يضعه في خانة ريغان.

وقد حاولت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إجبار الصين علي تبني سياسات مثل الحزمة التي فرملت صعود اليابان في ثمانينات القرن السابق ولكن الفرق أن الصين مستقلة سياسيا بفضل الثورة الشيوعية الماوية بينما اليابان تابعة لامريكا سياسي وعسكريا وامنيا ولا تملك أن ترفض طلبا أمريكيا إستراتيجيا. الإستقلال السياسي والإقتصادي متباريات وكذلك التبعية السياسية والإقتصادية.

قد يبدو غريبًا للسودانيين سماع أن حكومةً ما تتوسل أو تضغط على دول أخرى لمساعدتها على خفض قيمة عملتها. سأشرح هذا لاحقًا، ولكن تجدر الإشارة الآن إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لإنشاء صندوق النقد الدولي بعد الحرب العالمية الثانية هو منع الدول من خفض قيمة عملاتها، مما يؤدي إلى زيادة صادراتها ويضر بالمنتجين في الدول الأخرى بسبب انخفاض قيمة صادراتها، والتي تكون رخيصةً بسبب ضعف عملاتها.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الطبقة العاملة

إقرأ أيضاً:

وكيل القوى العاملة بالنوا : كلمة الرئيس السيسى خارطة طريق لتحقيق السلام

اعتبرت النائبة سولاف درويش وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب ورئيس النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى بمناسبة الذكرى الـ 43 لتحرير سيناء بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم للتوصل الى حلول واقعية للصراع التاريخيى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

برلمانية: مصر لن تقبل التفريط في شبر واحد من أراضيهابرلماني: توجيهات الرئيس السيسي باستغلال المساجد في التعليم يعزز الوعي والانتماءبرلمانية: ذكرى تحرير سيناء ستظل ملحمة وطنية راسخة في قلوب المصريينبرلماني: الرقم القومي للعقار خطوة حاسمة نحو اقتصاد رقمي شفاف

وقالت " درويش " فى بيان لها أصدرته اليوم : إن أكبر دليل على ذلك تأكيد الرئيس السيسى فى كلمته على أن مصر تقف - كما عهدها التاريخ - سدًا منيعا، أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية وأن إعادة إعمار قطاع غزة، يجب أن تتم وفقًا للخطة العربية الإسلامية، دون أى شكل من أشكال التهجير، حفاظا على الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وصونا لأمننا القومى مطالبة من المجتمع الدولى أن يعى جيداً تأكيد الرئيس السيسى فى كلمته مجددًا أن السلام العادل والشامل، لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية، فذلك وحده، هو الضمان الحقيقى، لإنهاء دوائر العنف والانتقام، والتوصل إلى السلام الدائم، والتاريخ يشهد، أن السلام بين مصر وإسرائيل، الذى تحقق بوساطة أمريكية، هو نموذج يحتذى به، لإنهاء الصراعات والنزعات الانتقامية، وترسيخ السلام والاستقرار.


وأشادت النائبة سولاف درويش بما جاء فى كلمة الرئيس السيسى وتأكيده على أن حماية كل شبر من أرض الوطن عهد لا رجعة فيه وسيناء محفوظة بإرادة شعبها وجسارة جيشها وأن الشعب المصرى أثبت أنه جبهة داخلية متماسكة عصية على التلاعب والتأثير وأن الوطن فى يديه محفوظ إلى يوم الدين متوجهة بالتهنئة القلبية إلى الرئيس السيسى والقوات المسلحة المصرية الباسلة والشعب المصرى العظيم بمناسبة احتفالات مصر بالذكرى ال 43 لتحرير أرض سيناء المقدسة

طباعة شارك سولاف درويش النواب الرئيس عبد الفتاح السيسى تحرير سيناء السيسى

مقالات مشابهة

  • إلزام صاحب العمل منح هؤلاء الأطفال بطاقة معتمدة من القوى العاملة
  • ترامب.. رئاسة بلا سياسة وسيارة بلا مقود!
  • وكيل القوى العاملة بالنوا : كلمة الرئيس السيسى خارطة طريق لتحقيق السلام
  • لتهدئة الحرب التجارية.. الصين تمنح إعفاءات جمركية للواردات الأمريكية
  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • انخفاض أسهم شركات السلاح الأمريكية.. حروب ترامب التجارية وعقوبات صنعاء تهدد القطاع العسكري 
  • موقع عسكري: ما أنواع أهداف الضربات الأمريكية في اليمن التي تستخدم فيها صواريخ مضادة للإشعاع الثمينة؟
  • ترامب يعلنها ويجدد المخوف.. العد التنازلي بدأ للدول التي لم تتوصل لاتفاق تعرفة مع أمريكا
  • بوراس: زيارة السفينة الأمريكية “ماونت ويتني” تعكس التزام أمريكا بدعم استقرار ليبيا
  • بنك أهداف أمريكا.. من الفشل إلى الانتقام من المدنيين