غزة تصرخ.. والأمة صامتة
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
يوسف بن علي الجهضمي
منذ أن اشتعلت نيران العدوان في غزة، والدماء تسيل، والدمار يحصد الأرواح والبيوت، والشاشات تنقل صور المجازر التي تقشعر لها الأبدان. ومع ذلك، نجد الأمة الإسلامية والعربية في سباتٍ عميق، وكأنَّ ما يحدث هناك لا يعنيها، أو كأنَّ غزة باتت مجرد "عنوان إخباري" آخر في نشرة المساء.
المفارقة المؤلمة بين من لا يعرف عن الإسلام شيئًا، لكنه يتحرك بإنسانيته، وبين أمة حملت رسالة العدل والرحمة، لكنها اليوم غارقة في التخاذل، و"المفارقة المؤلمة أن الغرب يتحرك والأمة نائمة، في مشهدٍ غريبٍ ومؤلم؛ حيث نرى أن الشعوب الغربية التي لا تدين بالإسلام، ولا تعرف عن تعاليمه سوى ما يُشاع خرجت إلى الشوارع، تطالب بوقف الحرب، وتندد بالإبادة في غزة، وتقاطع الشركات الداعمة للاحتلال.
وفي المقابل، نجد أمة الإسلام، التي من المفترض أن تكون أول من يغضب وينتصر ما زالت غارقة في السكون، مُشتتة بين البيانات الجوفاء والمواقف الرمادية. وكأن القرب الديني والثقافي والإنساني لم يعد دافعًا كافيًا للتحرك؛ بل أصبح الغريب أقرب، والبعيد أصدق في المواقف.
أيُعقل أن يرفع غير المسلم صوته من أجل غزة، بينما المسلم يُكمم صوته خوفًا أو ترددًا أو خضوعًا؟ إنها مُفارقة تستدعي الحزن؛ بل والخجل.
إنَّ ما يجري في غزة لا يكشف فقط عن وحشية العدو، بل عن هشاشة الضمير في واقعنا. وحين يصبح الغريب أكثر غيرة على دمنا من القريب، فذلك جرس إنذار للأمة كلها. حان الوقت لنُفيق، لا بالكلام فقط، بل بالفعل، بالضغط، بالتنظيم، بالوعي، وبأن نستعيد أولوياتنا. فلا كرامة لأمة تخون مبادئها، ولا مكان في التاريخ لمن يرى الدم ويصمت.
أين الرجال؟ سؤال يطرق أبواب الضمير في كل بيت، وكل مجلس، وكل منبر: أين نخوة الرجال؟ أين أولئك الذين لا تنام عيونهم أمام الظلم؟ أليس في هذه الأمة من بقي على عهد الفروسية والشهامة؟ الحقيقة أن الشعوب لم تمت، ولكنها مكبّلة بأنظمة وحكومات قيّدت صوتها، وقمعت حركتها، فصارت تصرخ في الداخل، دون أن تجد وسيلة للفعل.
وكم من حدود تفصل بين الشعوب اليوم، وتمنع قوافل النجدة، وتحاصر أي محاولة لفك الحصار؟ لكن الحقيقة الكبرى أن الرجولة لا تعرف الحدود. حين تهب النخوة، لا تسأل عن جواز سفر، ولا تتوقف عند نقطة تفتيش. المشكلة ليست في الحدود الجغرافية، بل في الحدود السياسية والعقلية، التي جعلت من التضامن مع المظلوم "جريمة".
تكتفي الأنظمة ببيانات الشجب والإدانة، وكأنها تؤدي واجبًا بروتوكوليًا، لا إنسانيًا ولا دينيًا، بينما الشعوب تصرخ، وتغلي قلوبها، وتبحث عن أي نافذة للتعبير. لكن السؤال المرير: هل يكفي الغضب دون فعل؟ وهل يكفي الدعاء دون ضغط سياسي حقيقي يغير المعادلة؟
غزة ليست وحدها غزة اليوم تقف وحيدة في الميدان، لكنها ليست وحدها في القلوب. من موريتانيا إلى إندونيسيا، من عُمان إلى المغرب، هناك ملايين يقفون معها، ولكنهم بحاجة إلى من يقود، لا من يخذل. بحاجة إلى قرار، لا إلى تردد. بحاجة إلى وحدة، لا إلى مزيد من الانقسام.
يا أمة الإسلام.. زمن السبات يجب أن ينتهي ما يحدث في غزة ليس أزمة إنسانية فقط، بل هو اختبار أخلاقي وتاريخي للأمة كلها. إما أن تصحو وتستعيد كرامتها، أو تبقى في سباتها العميق، حتى يأتي يوم لا ينفع فيه ندم. فالتاريخ لا يرحم الصامتين، والدم لا يغفر له من خذله.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وقفة نسائية في الحديدة دعماً لغزة وتنديدًا بالعدوان الأمريكي الصهيوني
الثورة نت/..
نظمّت الهيئة النسائية، بمدينة الحديدة، اليوم، وقفة احتجاجية، لتجديد التضامن مع فلسطين، واستنكار العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة، تحت شعار “ثابتات مع غزة.. رغم أنف الأمريكي وجرائمه”.
ورفعت المشاركات في الوقفة، لافتات مؤكدة على وقوف المرأة اليمنية في الصفوف الأولى للدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشددات على أن ما يجري في غزة من إبادة جماعية للنساء والأطفال لا يمكن السكوت عنه أو تبريره.
ورددت المشاركات، هتافات غاضبة منددة بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي السافر له، مؤكدات أن المرأة اليمنية لن تقف مكتوفة الأيدي، وستظل شريكة في معركة الوعي والتعبئة والنفير، وبناء جيل قرآني لا يعرف الخنوع.
وأشادت المشاركات، بصمود المرأة الفلسطينية في وجه الاحتلال، واعتبرنها نموذجًا يحتذى في الصبر والثبات، مشيرات إلى أن دموع الأمهات الثكالى، وصبر الأرامل في غزة، يختصر عظمة الموقف ووجوب النصرة.
ونددن بالصمت المعيب لأنظمة التطبيع، واعتبرنه مشاركة فعلية في سفك دماء الأطفال والنساء، داعيات الشعوب الحرة إلى كسر جدار الصمت، والانتصار لفلسطين وأهلها المظلومين.
وأشارت كلمات الوقفة إلى أن المرأة اليمنية، مستعدة للمضي في درب النضال والتحشيد الشعبي، والمشاركة الفاعلة في الأعمال الداعمة لغزة، سواء بالتبرعات أو الحملات الإعلامية أو التعبئة المجتمعية، معتبرات نصرة فلسطين شرفًا ومسؤولية دينية وإنسانية.
وأكد بيان صادر عن الوقفة، أن العدو الأمريكي يسعى لإخضاع الشعوب الحرة عبر الحرب النفسية والاقتصادية والعسكرية، لكنه سيفشل أمام عزيمة الشعوب المؤمنة، مجددًا تمسك المرأة بخيار المقاومة، وثقتها بوعد الله بالنصر للمستضعفين.
ودعا البيان، إلى استمرار المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، وتعزيز حالة الغضب الشعبي ضد كل أشكال العدوان، والتصدي للأبواق الإعلامية المبررة للجرائم، مؤكدًا أن صوت المرأة اليمنية سيظل حرًا وصامدًا في وجه الطغيان.