بكائية المعلمين على قيم الإنسانية ومقام العلم في حياة السودانيين ليس من أجل المال
العلم نبض في جسد الأمة في بلد تتعارك فيه الرصاصات والأحلام يقف المعلم كشجرة الهجليج في قفر قاحل ينتج الظل والثمر ويشرب المر والحصى ليس العلم في السودان حرفة لكسب القوت بل رسالة تحملها أرواح تؤمن بأن المعرفة سلاح لبناء الوطن ولكن كيف لهذه الأرواح أن تواصل العطاء وهي ترزح تحت نير الجوع والانتهاك الفصل الأول المعلم حارس الذاكرة الجماعية لم يكن المعلم السوداني مجرد ناقل لحروف الكتاب بل كان حاملا لمشعل الحكاية يلقن الأبجدية بلغة الأجداد وينقش في أذهان الطلاب أساطير النوبة والفونج ويعلمهم أن العلم وراثة من يمتلكها يمتلك القوة في زمن المدارس الطينية كان الراتب زهيدا لكن الهيبة كانت عظيمة المعلم فكيه يحكي التاريخ ومعلم القرآن يربط بين الدنيا والآخرة العلم كان مسجدا ومدرسة في آن الفصل الثاني انكسار القامة حين يصير المعلم عاطلا الآن تحت شمس العسرة تاهت هيبة المعلم راتب لا يجاوة ثمن كيس دقيق يقف المعلم في طابور الخبز قبل طابور الفصل ويبيع كراسات التلاخيص ليدفئ أطفاله مدارس بلا سقوف يدخل المطر من شقوق الجدران فيذوب الطين وتغيب الكلمات بين قطرات الماء صوت الرصاص أعلى من صوت القلم في مناطق النزاع تغلق المدارس ويصير المعلم لاجئا يحمل تذكارات الفصل في حقيبة بالية الفصل الثالث ليس المال غاية ولكن أين الكرامة
يروي المعلمون حكاياتهم بصوت مكبوت أقسم راتبي الشهري ٥٠ ألف جنيه على أيام الشهر فلا يبقى لي إلا أن أطلب من طلابي أن يشتركوا في شراء طباشير معلمة من جنوب كردفان عملت ٢٠ عاما وما زلت مساعد معلم ليس العيب في بل في نظام لا يرى العلم إلا رقما في جدول معلم من شمال السودان أرسلت أطفالي إلى الخليج ليتعلموا أنا أعلم أبناء الناس وأبنائي لا يجدون مقعدا معلم من الخرطوم الفصل الرابع العلم في زمن العوصاء بين التضحية والانتحار لا ينحسر الأمل معلم القرى النائية يمشي ساعات تحت لهيب الشمس ليصل كلمة واحدة إلى طفل المعلمات في داخل النزاع يدرسن تحت أصوات القنابل كأنهن يرتلن قصيدة في وسط العاصفة شباب الثورة يفتتحون مدارس شعبية في الخيام مؤمنين أن التعليم سلاح المستقبل نحيب الوجدان ليس صمتا ولكنه في الاحوال كلمات لمن لا يعقلون كارثية الوضع أيتها الأرض التي
حملت قرطاس العلم ورضعت من حبر الأجداد أيتها السماء التي سمعت صدى أصوات المعلمين في زمن كان الفكيه فيه كالنجم الساطع أما ترين اليوم كيف صار حامل القلم يحمل جوعه على ظهره كحمار يحمل أحجار البناء أما تسمعين صرير الطباشير وهو يكتب آخر سطور الأمل قبل أن ينكسر إن بكاء المعلمين ليس دموعا تسيل بل دماء تنزف من شرايين أمة تموت ببطء إن صرخاتهم ليست طلبا للمال بل استغاثة أمام عالَمٍ صمَّ آذانه عن أنين الحروف إنهم لا يبكون لأن الرواتب تأخرت بل لأن القيمة ضاعت والمعنى تبخر فمن يشتري منا العلم إذا صار سلعة في سوق النهب ومن يقرأ تاريخنا إذا صار المعلمون أطيافا في زمن لا يعرف إلا لغة الرصاص يا من لا تعقلون أتحسبون أن الجوع يقتل الجسد فقط إنه يقتل الحروف قبل الأجساد ويذرو الهوية كرماد في مهب الحروب فإذا كان المعلم جائعا فاعلموا أن الأمة بأكملها أصبحت طفلة تتسول عند أبواب الغرباء

 

zuhair.

osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی زمن

إقرأ أيضاً:

تجديد وبدل مفقود أو تالف.. خطوات خدمات بطاقة الهوية عبر "أبشر"

كشفت منصة أبشر، خطوات خدمات بطاقة الهوية الوطنية عبر التطبيق.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وتتيح هذه الخدمات للمواطنين تجديد بطاقة الهوية الوطنية أو طلب بدل مفقود أو بدل تالف دون الحاجة لمراجعة مكاتب الأحوال المدنية.

بيسرٍ وسهولة .. خطوات تنفيذ خدمات بطاقة الهويّة الوطنية عبر تطبيق #أبشر.
أخبار متعلقة خطوات إصدار بطاقة هوية وطنية بدل تالف عبر تطبيق أبشرتجديد بطاقة الهوية الوطنية.. تعرف على الحالات الصحيحة للصورإصدار وطباعة تقرير زائر إلكترونيًا عبر منصة أبشر.. اعرف الخطواتتجديد
إصدار بدل تالف
إصدار بدل مفقود#أبشر_بها_وأنت_بمكانك pic.twitter.com/6DqmIwGii8— أبشر (@Absher) April 21, 2025خطوات الخدمةتسجيل الدخول إلى تطبيق أبشراختيار خدماتياختيار خدمات الهوية الوطنيةاختيار الخدمة المطلوبة ضمن خدمات الهوية الوطنيةمميزات الخدمةتنفيذ خدمات الهوية الوطنية بسهولة من أي مكان.التقاط صورة الهوية الوطنية مباشرة عبر التطبيق.استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتحقق من مطابقة الصور لمتطلبات الهوية الوطنية.

مقالات مشابهة

  • “دور الإعلام الثقافي”.. محور لقاء ديوانية القلم الذهبي الأسبوعي
  • احذرها.. 8 مخالفات تُنهي مسيرة المعلم المهنية فورًا
  • عاجل - احذرها.. 8 مخالفات تُنهي مسيرة المعلم المهنية فورًا
  • نداء عاجل من اتحادات الطلاب اليمنيين بشأن اختفاء رئيس الاتحاد في باكستان
  • في أثر فرانسيس دينق: سؤال الهوية بين النهر والمجلس
  • نداء أممي عاجل لإنقاذ اليمن من كارثة إنسانية
  • من مقلب قمامة إلى معلم سياحي.. المهندس علاء فاروق يروي قصة المتحف الزراعي |فيديو
  • تجديد وبدل مفقود أو تالف.. خطوات خدمات بطاقة الهوية عبر "أبشر"
  • مسابقة معلمي الحصة.. الإعلان عقب انتهاء الفصل الدراسي الثاني
  • وظائف شاغرة في القوات البرية الملكية