أبعاد الاستقبال العسكري الرسمي لصدام حفتر في أنقرة
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
لم يكن استقبال صدام خليفة حفتر في أنقرة بالأمس مفاجئا لمن ينظر للتطورات المحلية والإقليمية المتسارعة خلال الأعوام القليلة الماضية، وإلى السياسة الخارجية التركية وغاياتها وأدواتها، وإن كان ما جرى صادما لكثيرين ممن يقيمون التوجهات التركية الرسمية ربما بشيء من المثالية والعاطفة الزائدة.
تركيا عندما وقفت ضد الهجوم على العاصمة طرابلس، لم يكن محركها أن حفتر وقواته لا يمثلون الشرعية العسكرية، وأن الهجوم عدوان وبغي لا يمكن القبول به، وأن من وقفوا في مواجهة حفتر في الغرب الليبي هم أهل الحق المغدورون وبالتالي وجب نصرتهم.
أنقرة تدلخت في النزاع الليبي بالقوة الخشنة ضد قوة دولية وإقليمية أرادت تجيير الصراع الليبي لصالحها، ونجحت تركيا في ذلك، وتهيأت لها فرصة الوجود على الأراضي الليبية بصفة قانونية من خلال المعاهدة الأمنية والعسكرية التي وقعتها مع حكومة الوفاق الوطني، وصارت بهذا الوجود تشكل طرفا مهما في الأزمة الليبية، ومن الأزمة الليبية إلى الصراع الإقليمي المتعلق بغاز ونفط شرق البحر المتوسط.
تركيا عندما وقفت ضد الهجوم على العاصمة طرابلس، لم يكن محركها أن حفتر وقواته لا يمثلون الشرعية العسكرية، وأن الهجوم عدوان وبغي لا يمكن القبول به، وأن من وقفوا في مواجهة حفتر في الغرب الليبي هم أهل الحق المغدورون وبالتالي وجب نصرتهم. ليست هذه دوافع التحرك التركي، بل إن المحركات خاصة تدور في فلك المصالح الوطنية التركية وضمن التدافع الإقليمي المحموم.هذا مختصر لأسباب التطور في الموقف التركي من المسألة الليبية منذ العام 2019م، وعندما وضعت الحرب أوزارها، وثبت لدى القوى الاقليمية والدولية أن تحريك الجيوش ليس الأداة لتحقيق الأهداف، وأن نهج الغلبة والاستفراد لا يستقيم بعد نتائج حرب طرابلس، وقد رافق ذلك تحولات أكبر على الساحة الأكبر خارجيا، عليه لم تجد أنقرة غضاضة في أن تغير من مواقفها تجاه من ناصبوها وناصبتهم العداء.
مظاهر التغير في السياسة التركية تجلت أوضح في التبدل في الموقف من النظام المصري، فحالة العداء اشتدت منذ مجئ السيسي للحكم، وكان الخطاب الرسمي التركي حاد جدا في وصف النظام المصري ورأسه، فإذا بالقطيعة تنتهي إلى وصال دافئ، والتقت المصالح التركية المصرية فقادت إلى تعاون ذو بعد استراتيجي في الأزمة السودانية، فضلا عن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها خلال العام المنصرم.
ليس بعيدا عن التوقع أن تفكر تركيا بشكل مبتكر في كيفية إعادة تموقعها في المعادلة الليبية، فالاستقبال كان لابن حفتر الأكثر حضور وربما نفوذا وقوة بعد أبيه في المنطقة الشرقية والجنوب، وهذا يؤهل أنقرة أن تبني علاقة مع رقم مهم في جبهة الشرق، ويمكنها أن تكون متقدمة بين الاطراف الاقليمية والدولية التي تحاول جسر الهوة بين الغرب والشرق الليبيين، باعتبار أن لصدام تواصل مع أطراف نافذة في الغرب الليبي، كما أكدت مصادر عدة.
بالمقابل، يبدو أن حفتر الذي هاله الدور التركي في ردع الهجوم على العاصمة وإفشال خطة السيطرة عليها بقوة السلاح، وصب جام غضبه على الاتراك، لم يستسيغ أن يقفز بنفسه هذه القفزة الكبيرة في المواقف، إلا أنه يدرك التغير في الخرائط والمعادلات إقليميا، ولم يخف قلقله من التغيير الذي وقع في سوريا، ومعلوم الدور التركي في هذا التغيير، ويبدو أنه اقتنع أن لا مناص من التفاهم مع الاتراك، والاستفادة منهم سياسيا وعسكريا، فكلف صدام ليكون حلقة الوصلة الرسمية بالنسبة للقيادة العسكرية.
من مصلحة تركيا أن ينتهي النزاع الليبي، والاستقطاب الإقليمي حوله، أو تتراجع وتيرتهما، ذلك يعني تصفية الملفات العالقة حول ديون الشركات التركية على الخزانة الليبية، وعودة عشرات الشركات التركية للعمل في المشروعات الليبية، هذا فضل عن زيادة التبادل التجاري الذي بالقطع سيكون لصالح تركيا.
من مصلحة تركيا أن ينتهي النزاع الليبي، والاستقطاب الإقليمي حوله، أو تتراجع وتيرتهما، ذلك يعني تصفية الملفات العالقة حول ديون الشركات التركية على الخزانة الليبية، وعودة عشرات الشركات التركية للعمل في المشروعات الليبية، هذا فضل عن زيادة التبادل التجاري الذي بالقطع سيكون لصالح تركيا.هناك أيضا موضوع غاز ونفط شرق البحر المتوسط الذي كان المحرك الرئيسي للتدخل التركي المباشر في الصراع الليبي العام 2019م، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وإن كانت قد وقعت من قبل حكومة الغرب المعترف بها دوليا، إلا إن تنفيذها يتطلب موافقة سلطات الشرق بحكم الموقع الجغرافي، وهذا مبرر قوي يدفع لأنقرة للاقتراب من ممثل السلطة الفعلي هناك.
هذا هو السياق العام لأبعاد الاستقبال العسكري الرسمي لصدام حفتر في أنقرة، وهو المعلل لعدم الوقوف عندما نقطة ماذا كان صدام حفتر يمثل رئاسة أركان الجيش الليبي (أنقرة إلى فترة قريبة تتعامل مع منتظم الغرب على أنه الممثل للجيش الليبي)، ويمكن أن تجيب أنقرة بأنه يمثل سلطة عسكرية مفوضة من مجلس النواب، وأن النوايا التركية لأجل تفكيك النزاع الليبي ينبغي أن لاتقف عند هذه النقاط الجدلية.
بقي أن نقول أن الاقتراب أكثر من حفتر والذي يمكن أن يتطور إلى تعاون فاتفاق لن يكون على حساب علاقة أنقرة بالجبهة الغربية سياسيا وعسكريا، والمرجح أنها ستحاول دعم خطة توحيد الجيش التي تشرف عليها البعثة الأممية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه تركيا ليبيا تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرکات الترکیة النزاع اللیبی حفتر فی
إقرأ أيضاً:
المرعاش: رؤية حفتر بدأت تلقى قبولًا دوليًا.. وتحولات مرتقبة في الأشهر القادمة
???? ليبيا | المرعاش: زيارة الوفد الإيطالي لبنغازي تمهد لحكومة جديدة وانتخابات وشيكة
???? الزيارة ضمن ترتيبات لتغيير المشهد السياسي ????
ليبيا – قال المحلل السياسي كامل المرعاش إن زيارة الوفد الإيطالي إلى القيادة العامة للقوات المسلحة في بنغازي تندرج ضمن ترتيبات دولية جديدة تهدف إلى تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد نحو تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية.
المرعاش وفي تصريح لقناة “ليبيا الحدث” وتابعته صحيفة المرصد، أكد أن الاستراتيجية التي يتبناها المشير خليفة حفتر بدأت تلقى قبولًا واسعًا، خاصة من الدول التي كانت سابقًا داعمة للوضع القائم في طرابلس، مشيرًا إلى تغير وشيك في الموقف التركي، ووجود موقف أمريكي واضح تجلى في إشادات صادرة عن مستشار للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
???? تحالف دولي لدعم رؤية حفتر ????
المرعاش كشف عن تنسيق أمريكي-فرنسي-إيطالي لتحديد ملامح المرحلة المقبلة في ليبيا، استنادًا إلى النظرة الاستراتيجية التي يطرحها المشير حفتر، والهادفة إلى استعادة سيادة الدولة ومواجهة الإرهاب، مضيفًا أن هذا الطرح بات يلقى تفهمًا دوليًا واسعًا.
???? إيطاليا تغير موقفها بعد فشل حكومة الدبيبة ????????
وقال المرعاش إن إيطاليا التي كانت داعمة لحكومة طرابلس بدأت تتبنى موقفًا جديدًا بعدما ثبت فشل حكومة الدبيبة في تحقيق الاستقرار، وباتت ترى في الجيش الوطني الليبي شريكًا ضامنًا للعملية السياسية، لا سيما في ظل حرص روما على مصالحها في ملف الهجرة والطاقة.
???? تحولات داخلية تمهد لتغيير شامل ????
ورأى أن المواطنين في غرب ليبيا باتوا على قناعة بضرورة تغيير الحكومة الحالية، نتيجة ارتفاع نسب الفقر والتضخم، ما يعكس تآكل شرعية حكومة الدبيبة.
كما توقع أن تشهد الأشهر الستة المقبلة تغيرات كبيرة، قد تشمل دخول الجيش إلى طرابلس وانطلاق مرحلة إعادة الإعمار في الغرب، على غرار ما يجري في الشرق والجنوب، بإشراف كوادر وطنية شابة.
???? دعم أوروبي-أمريكي لتشكيل مؤسسة عسكرية موحدة ????️
وأكد المرعاش أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني باتت تمثل الصوت الأوروبي الأقرب إلى البيت الأبيض، ما قد يدفع نحو مبادرة دولية جديدة تعتمد على تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية موحدة تؤمن الانتخابات وتعيد الاستقرار، بما يخدم ملف الهجرة والأمن الإقليمي.