د. عبدالله الغذامي يكتب: أن تسافر عنك إليك
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
من صيغ التعامل مع المكان أن تسافر منك إليك، ففي فترة «كورونا»، ومع منع السفر الخارجي، تعلم الناس في العالم كله أن يتحولوا عن مفهوم السياحة بوصفها سفراً إلى الخارج إلى مفهوم ٍ جديد حدث قسراً وغصباً وهو السياحة الداخلية، ليتعرفوا بذلك على كنوز بلادهم التي ظلوا ينؤون عنها للبحث عن البعيد، وفي هذا كشوفات لافتةٌ ظل أهلُ كل بلدٍ في العالم يتحدثون عنها باندهاش عجيب، لدرجة أنهم أصبحوا يتكلمون عن جهلهم ببلادهم وكنوز بلادهم.
وهذه مسألة شديدة الوضوح، وهي أيضاً شديدة العبرة، فإن كنا نجهل وجه الأرض فماذا عن جهلنا بباطن النفوس، وما ذا لو جرّبنا السياحة الروحية في نفوسنا لكي نكشف ما نجهله عنا وعن كنوزنا الروحية والنفسية، تلك الكنوز التي نظل نسافر بعيداً عنها ونمعن في الانفصال عنها لدرجة أن البشر صاروا يبذلون الوقت والمال لكي يستعينوا بخبير نفساني لكي يساعدهم للتعرف على نفوسهم، ولو قارنا ما نعرفه عن كل ما هو خارجٌ عنا وبعيدٌ عنا مكاناً ومعنى مقابل جهلنا بنا، لهالنا ما نكشف عن المجهول منا فينا، وكأننا نقيم أسواراً تتزايد كلما كبرت أعمارنا وكلما كبرت خبراتنا التي نضعها بمقامٍ أعلى من كنوز أرواحنا، وكثيراً ما تكون الخبرات كما نسميها تتحول لتصبح اغترابات روحيةً تأخذنا بعيداً عنا، وكأن الحياة هي مشروع للانفصال عن الذات والانتماء للخارج.
وتظل الذات جغرافيةً مهجورةً مما يؤدي بإحساس عنيف بالغربة والاغتراب مهما اغتنينا مادياً وسمعةً وشهادات ومكانةً اجتماعية، لكن حال الحس بالغربة يتزايد ويحوجنا للاستعانة بغيرنا لكي يخفف عنا غربتنا مع أن من نستعين بهم مصابون أيضاً بحالٍ مماثلة في حس الاغتراب فيهم، كحال الفيروسات التي تصيب المريض والطبيب معاً، وقد يتسبب المريض بنقل العدوى لطبيبه والجليس لجليسه مما يحول التفاعل البشري نفسه لحالة اغتراب ذاتي مستمر. والذوات مع الذوات بدل أن تخلق حساً بالأمان تتحول لتكون مصحةً كبرى يقطنها غرباء يشتكي كل واحدٍ همه، ويشهد على ذلك خطاب الأغاني والأشعار والموسيقى والحكايات، وكلما زادت جرعات الحزن في نص ما زادت معه الرغبة في التماهي مع النص، وكأننا نبحث عن مزيد اغتراب ذاتي، وكل نص حزين يقترب منا ويلامسنا لأنه يلامس غربتنا ويعبر عنها لنا.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي
إقرأ أيضاً:
ريم مصطفى تكشف سر حبها للرقص الشرقي وعلم الأرقام: "لازم حاجة تفكرك بطاقة الأنوثة"
في لقاء صريح وحيوي جمعها بالإعلامية منى الشاذلي في برنامج "معكم" على قناة ON، فتحت الفنانة ريم مصطفى قلبها للجمهور، وتحدثت عن جانب مختلف من شخصيتها بعيدًا عن أدوارها الدرامية، كاشفةً عن شغفها بالرقص الشرقي، وعلم الأرقام، والهندسة الحياتية، ومؤكدة أن فترات التحدي كانت الدافع الأساسي لاكتشاف ذاتها.
كورونا كانت البداية: لحظة اكتشاف الذاتتحدثت ريم مصطفى عن نقطة التحول التي دفعتها للبحث داخل نفسها، قائلة:
"الموضوع ابتدى من قعدة كورونا، لما الدنيا وقفت شوية، وبدأ كل واحد يراجع نفسه، الإنسان مش بيكتشف حاجات جديدة فيه غير لما يمر بمواقف صعبة كتير".
وأشارت إلى أن الأزمات قد تكون بابًا لاكتشاف مواهب واهتمامات جديدة، وهو ما حدث معها خلال تلك الفترة الاستثنائية من حياتها.
رحلة تطوير الذات: من التمثيل إلى الصوت ثم الرقصأوضحت ريم أنها بدأت في التركيز على تطوير نفسها فنيًا خلال العام الماضي، قائلة:
"قررت أشتغل على نفسي، فبدأت بكورسات تمثيل وتدريبات صوت، وبعدها دخلت كورسات للرقص البلدي الشرقي".
وأكدت أن الهدف من هذه الدورات لم يكن فقط التسلية أو الفضول، بل كان رغبة في استعادة توازنها الداخلي والاقتراب أكثر من جوهر الأنوثة.
الرقص الشرقي وسر طاقة الأنوثةوعن سبب انجذابها للرقص الشرقي تحديدًا، قالت ريم مصطفى:
"درست الموضوع من زاوية مختلفة، فكرة إنك تفضلي دايمًا في طاقة الأنوثة وتنشطيها، لأننا مع ضغوط الشغل والحياة بنلاقي نفسنا دايمًا في وضعية القوة والصلابة، ولازم يبقى فيه حاجة تفكرك إنك ست، بطاقتك الحقيقية".
هذا التصريح كشف عن فلسفة خاصة تتبناها ريم، وتُظهر جانبًا من وعيها الذاتي وسعيها لعيش حياة أكثر توازنًا وانسجامًا بين الجسد والروح.
ريم مصطفى ومسلسل "سيد الناس"يُذكر أن الفنانة ريم مصطفى شاركت في موسم رمضان الماضي في مسلسل "سيد الناس"، والذي نال تفاعلًا كبيرًا من الجمهور.
ويضم العمل نخبة من نجوم الدراما، أبرزهم: عمرو سعد، إلهام شاهين، أحمد زاهر، أحمد رزق، إنجي المقدم، منة فضالي، خالد الصاوي، نشوى مصطفى، سلوى عثمان، رنا رئيس، بشرى، ياسين السقا، ملك أحمد زاهر، وآخرين، وهو من تأليف وإخراج محمد سامي.
رسالة ريم: لا تنتظر الأزمة لتبدأ التغييرمن خلال حديثها، وجهت ريم مصطفى رسالة ضمنية لكل من يتابعها، مفادها أن الأوقات الصعبة قد تكون بوابة للمعرفة والتغيير، وأن اكتشاف الذات رحلة تستحق أن نمنحها وقتًا وجهدًا.