موقع النيلين:
2025-02-23@20:28:04 GMT

معركة المدرعات الكبرى وبداية النهاية

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

معركة المدرعات الكبرى وبداية النهاية


برأيي أن معركة المدرعات التي ظلت قوات الدعم السريع تحشد لها لما يزيد عن الشهر وأعُد لها المشهد العسكري بإسقاط دوائر تأمينها من الاستراتيجية والدفاع الجوي واليرموك والاحتياطي المركزي هي بداية النهاية لإعلان انتصار الجيش وذهاب الدعم السريع وشلة عنتبي إلى مزبلة التاريخ. ظن حميدتي وشلة عنتبي أن انقلابهم على الدولة سينجز في بضع ساعات ولم يتحسبوا لهذه الحرب حتى باعتبار الخطة (ب)، كان الهدف السياسي بعد فشل الانقلاب على الدولة هو المحافظة على توازن ضعف يبقي على الاتزان السياسي لما قبل ١٥ إبريل وهاهي رهانتهم الخاسرة تتكسر اليوم من جديد على عتبة سلاح المدرعات بفضل رجال لن نبلغهم حقهم وفاءً بالتصدي لهذا الهجوم الذي قضى على مشروع إعادة هندسة قوى عنف الدولة السودانية واستتباعها بالكامل لمقررات الأمن القومي الإماراتي وبروتكولات بني صـ.

هـ.يون.

فالبرهان برأيي لم يخرج اليوم من عزة لكنه لربما أدرك كما أدركت أو ستدرك قوى أقليمية وعالمية بعد معركة المدرعات الكبرى أن الدعم السريع عاد ضربا من خيال. تحرك البرهان اليوم بين جنوده بجناح المخاوف أملا في مخرج آمن بعد الحرب تحت باب القائد المنتصر بعد أن تبددت المطامع بعد هذه المعركة في الإبقاء على الاتزان السياسيي للاتفاق الإطاري بين المثلث المكون منه والدعم السريع وقحت المركزي. قضت هذه المعركة على مطامع البرهان فخرج بجناح مخاوفه بما يضمن له مخرجا آمنا في الحد الأدنى كقائد منتصر مسح بيمينه ما اقترفت شماله.

رهانات القوى الأقليمية الفاعلة عبر مخالب الدعم السريع وشلة عنتبي في تحول هذه الحرب إلى حرب أهلية أو حرب تنازع على سيادة الأمر الواقع كلها تبددت. فلم ولن تسقط بإذن الله حتى الآن حامية للجيش في أي ولاية من ولايات البلاد وليس هناك أدنى مظهر لتحول هذه الحرب إلى حرب أهلية لأنه كما يقول السودانيون “المجرم ما عنده قبيلة” ونسبة الدعم السريع إلى القبائل العربية في دارفور تشريف لا يستحقه الدعم السريع، لأنه منظومة إجرامية لا قبيلة لها إلا المجرمين وآكلي السحت ومصاصي الدماء من هذه القبائل ومن غيرها من سواقط المؤتمر الوطني والحرية والتغيير. هذه الحرب بدأت وستنتهي معرّفة في إطار حديث بالكامل بين جيش نظامي مركزي وقوة مسلحة إجرامية تستخدم السلاح للإجرام والإرهاب. فهي ليست حربا بين جيشين إذ أنه ليس هناك جيش بالمعنى يتغذى على مال الدولة بالسرقة ويسرق البنوك في وضح النهار وينهب ممتلكات المواطنين الخاصة ويطردهم من منازلهم وينتهك أعراضهم بقوة السلاح، وذلك هو مناط القول بصفرية المعركة مع الدعم السريع ومشروعية الحرب في قتاله فوق مشروعية السلام لأنه لا تفاوض ولا سلام مع الإجرام والإرهاب.

تمثل برأيي معركة المدرعات النقطة ما قبل الفاصلة في عمر هذه الحرب تماما كيوم ٦ إبريل في عمر الثورة. وهي نقطة يكون صاحبها قد بلغ مقاما متقدما في معركته ضد عدوه حتى مجئ اللحظة الفاصلة كلحظة ١١ إبريل في عمر الثورة. والحرب تماما كما الثورة خافضة رافعة تخفض أقوما وترفع آخرين في سلم القوة السياسية وبلا أدنى شك ستتجاوز شرعيتها شرعية الثورة وإن كانت هذه الحرب بتأسيسيتها بمعنى ومفهوم الدولة كأشرف حرب يخوضها الجيش السوداني في تاريخه ضد أكبر مخطط حيك لتقويض الدولة السودانية، هي امتداد، شاء من شاء وأبى من أبى، للمسار التأسيسي لثورة ديسمبر. ليس كثورة خاتمة لمسير الإنقاذ بقدر ما أنها خاتمة لمسير دولة ما بعد الاستعمار وتكليل لنضالات السودانيين الممتدة ضدها منذ المهدية مرورا بالحركة الوطنية وثورتي اكتوبر وإبريل. فهذه الحرب قضت على الدعم السريع كآخر بقايا الإنقاذ باعتبارها أغلظ نسخة لدولة ما بعد الاستعمار وأكبر مهدد وتحدي لوجود الدولة بما يسمح بالبداية في معالجة تحديات تأسيسها عبر معالجة أسئلة استقرارها وتنميتها. ديسمبر ليس كتلتها وليست خطابها وليست الحرية والتغيير لكنها ثورة تقرأ في سياق التاريخ الكبير للسودانيين ما بعد الاستقلال، وإن سار ركبها في لحظة من لحظاتها عبر القوة السلمية للمتظاهرين فهي تسير اليوم نحو ذات الأهداف عبر القوة المسلحة لجنود الجيش إحقاقا عمليا لشعار جيش واحد شعب واحد والجيش جيش السودان ما جيش الكيزان ولا جيش البرهان.

وفي ذلك، تدثرت كثير من القوى المدنية غير المحزبة تحت شعار لا للحرب ادعاء لأخلاقية زائفة في مقام ترتفع فيه شرعية الحرب على شرعية السلام في وجه مليشيا إجرامية كان ولا زال وجودها هو أكبر المعيقات أمام أي انتقال تأسيسي وفي تناقض تام مع شعارات الثورة نفسها. أُخذ هذا الموقف على خلفية تفتقر للتحليل استنادا على البنية وتخاف الكيزان كالموت أو أشد خشية وبعد شراء كذبة شلة عنتبي ومستهلكات الدعاية السياسية لماكينة الدعم السريع والحرية والتغيير الإعلامية بأن هذه الحرب من صنيع الكيزان. هذا الموقف كان ليكون متفهما بعض الشيء خلال الأسابيع الأولى حين بدا أن هذه الحرب بين الجيش والمليشيا إلا أنه بعد الانتهاكات الممنهجة مع سبق الإصرار والترصد للمليشيا اتضح لكل من ليس في عينه رمد أنها معركة الشعب بسلاح الجيش ضد المليشيا.

كيفما انتهت هده الحرب وكيف ما رفعت من قوى وأخفضت أخرى فهي ستصب أو ينبغي أن تصب في خلق اتزان سياسي يسمح بابتدار انتقال عنوانه التوافق الوطني الصلب والشامل والمستدام التأسيسي على المبادئ المؤسسة للدولة السودانية بما ينهي حقبة ما بعد الاستعمار من تاريخنا. توافق لا يتجاوز على الإطلاق بند العدالة والعدالة الانتقالية بداية من مذبحة عنبر جودة مرورا بالإنقاذ ونهاية بحرب إبريل حيث لا ينبغي تجاوز محاسبة البرهان وشلة عنتبي.

عمرو صالح يس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: معرکة المدرعات الدعم السریع هذه الحرب ما بعد

إقرأ أيضاً:

السودان يشهد تصعيداً جديداً: 24 كياناً أبرزها “الدعم السريع” يوقعون وثيقة تؤدي إلى حكومة موازية

دبي – الشرق/ وقعت أطراف سودانية، ميثاقاً سياسياً، ضم جماعات متحالفة مع قوات الدعم السريع، تعمل على تشكيل حكومة "سلام انتقالية" موازية لتلك التي يمثلها مجلس السيادة السوداني، وذلك في العاصمة الكينية نيروبي، السبت، وجاءت الخطوة بعد أيام من المداولات، إذ سارعت السلطات السودانية لشجبها ومقابلتها بـ"استهجان بالغ"، واستنكرت استضافة كينيا لاجتماعات "الميليشيا المتمردة" وفق بيان للخارجية السودانية.

وفيما غاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" عن مراسم التوقيع، حضر كل من قائدها الثاني عبد الرحيم دقلو وقائد الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ما قُرِء على أن قوات الدعم السريع تتجه إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها مجلس السيادة السوداني، وتعمل راهناً من بورتسودان.

وحصلت "الشرق" على نسخة من "الميثاق السياسي" الذي وُقعه 24 كياناً وحزباً سياسياً وحركة مسلحة وتحالفاً وشخصية سياسية سودانية، وقال الناطق باسم تحالف القوى المدنية "قمم" نجم الدين دريسة، إن قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وحركات مسلحة، وقعت "ميثاقاً سياسياً" في نيروبي بعد مداولات دامت خمسة أيام.

وأضاف دريسة في تصريحات لـ "الشرق"، أن "رئيس حزب الأمة القومي المكلف، فضل الله برمة ناصر، والجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وأطرافاً أخرى، أبرزها حركتين يقودهما عضوا مجلس السيادة السابقين، الهادي إدريس، والطاهر حجر، فضلاً عن الحركة الشعبية (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو وأطراف من الحزب الاتحادي (الأصل) وحركة العدل والمساواة المنشقة بقيادة سليمان صندل وقعت على الميثاق السياسي".

وكشف دريسة، أن "الميثاق" ينص على "علمانية وفيدرالية الدولة"، و"وحدة السودان الطوعية" و"حق الشعوب في تقرير المصير، إذا تعذرت الوحدة"، كما شمل تأسيس "جيش وطني بعقيدة جديدة".

مبادئ الميثاق
واستخدم "الميثاق" الموقع في نيروبي، تعبير "الشعوب السودانية" عوضاً عن "الشعب"، فيما أشار إلى "هوية سودانوية" ترتكز على حقائق التنوع التاريخي والمعاصر ودولة قائمة على الحرية والعدل والمساواة.

وقام "الميثاق" على أساسين أولهما المبادئ العامة التي تتكون من 32 بنداً، وثانيهما دواعي تشكيل "حكومة السلام الانتقالية" وتتكون من فرعين، "الدواعي الوطنية"، و"تحقيق الأمن والسلام الدوليين".

ومن أبرز بنود الميثاق أن تقوم الدولة السودانية على مبدأ "الوحدة الطوعية لشعوبها وأقاليمها"، وأن "تمارس الدولة سيادتها نيابة عن الشعوب السودانية، بما يكفل الحفاظ على استقلالها السياسي والاقتصادي وحماية مصالح شعوبها دون تمييز"، حسبما ورد في نص الوثيقة التي اطلعت "الشرق" عليها.

ونص "الميثاق" على "حظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو تنظيم دعاية سياسية على أساس ديني أو عنصري".

كما نص على "خضوع الجيش الجديد منذ تأسيسه للرقابة والسيطرة المدنيتين، ويعكس تنوع أقاليم السودان"، وأكد "تأسيس جهاز أمن مخابرات مهني ومستقل غير خاضع لأي ولاء أيدلوجي أو سياسي أو حزبي"، وفق الميثاق.

وأورد الميثاق "ضروروة الالتزام بالعدالة والمحاسبة التاريخية وإنهاء الإفلات من العقاب، وتجريم كافة أشكال التطرف والانقلابات العسكرية واستغلال الدين لأغراض سياسية".

وأوضح أن دواعي تشكيل "حكومة سلام انتقالية" تتمثل في إنهاء الحرب و"تحقيق سلام شامل ودائم وحماية المدنيين والمساعدات الإنسانية واسترداد المسار الديمقراطي".

كما نص الميثاق على أن يكون الحكم في السودان "ديمقراطياً تعددياً تختار فيه الشعوب من يحكمها عبر انتخابات نزيهة، فضلاً عن تأسيس حكم لا مركزي يقوم على الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية".

وذكر "الميثاق"، "أهمية تمكين المرأة ومساواتها بالرجل، لضمان مشاركتها الفاعلة في كافة مؤسسات الدولة، وتعزيز مشاركة الشباب في كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها".

الاعتراف الدولي؟
وجاء التوقيع على الميثاق خلال مراسم مغلقة في نيروبي، فيما أثارت استضافة كينيا لهذا الحدث تنديدات من المجلس السيادي، وانتقادات داخلية في كينيا للرئيس وليام روتو، بسبب إدخال البلاد في صراع دبلوماسي.

ومن غير المرجح أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت بالفعل قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق، إذ فرضت الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الجاري عقوبات على قائد قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، قبل أن تفرض عقوبات أخرى على رئيس مجلس السيادة السوداني.

وكان "الدعم السريع" قد تقاسم السلطة سابقاً مع الجيش والسياسيين المدنيين في إطار اتفاق أعقب الإطاحة بعمر البشير في عام 2019.

وتسببت الحرب المستمرة منذ عامين في تدمير مساحات شاسعة من البلاد، ما أدى إلى أزمة إنسانية "لم يسبق لها مثيل"، كما دفعت نصف الأهالي إلى الجوع.

وجاء توقيع "الوثيقة" في نيروبي، بعد أيام من تعديلات أقرها الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، على "الوثيقة الدستورية"، الأربعاء الماضي، اعتبرتها "أطراف وثيقة نيروبي" تكريساً لوضع جديد يكون فيه للمؤسسة العسكرية (الجيش) "القول الفصل" في شؤون الحكم والإدارة، فيما دافع عنها أنصارها، ورأوا فيها ضرورة تتطلبها "الظروف الدقيقة" التي تمر بها البلاد خلال الحرب التي تقترب من إكمال عامها الثاني.

وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الناطق باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام خالد الأعيسر، أن الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء أجاز بالإجماع تعديل الوثيقة الدستورية التي وقعها الجيش مع قوى إعلان الحرية والتغيير في عام 2019، وعدد من القوانين.

وقال الأعيسر إن "الاجتماع أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 تعديل لسنة 2025".

واكتفى البيان الحكومي الذي نقلته وكالة السودان للأنباء "سونا"، بالإعلان عن إجازة التعديلات دون إيراد التفاصيل، إلا أن مصادر مطلعة في المجلسين كشفت لـ"الشرق" أهم البنود.

وأوضحت المصادر، أن التعديلات شملت إضافة مقعدين للعسكريين بمجلس السيادة السوداني ليصبح العدد الكلي 9 مقاعد بدلاً عن 7.  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن استعادة القطينة من «قوات الدعم السريع»
  • الجيش السوداني يصل القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم .. وقوات الدعم السريع تتعرض لانتكاسات واسعة في عدة مدن سودانية
  • «الدعم السريع» توقع ميثاقاً لتشكيل حكومة «موازية» في السودان
  • السودان يشهد تصعيداً جديداً: 24 كياناً أبرزها “الدعم السريع” يوقعون وثيقة تؤدي إلى حكومة موازية
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة القطينة من مليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في أم درمان
  • رويترز: الدعم السريع توقع ميثاقا لتشكيل حكومة موازية بالسودان
  • قوى سياسية توجه دعوة الى الجيش السوداني والدعم السريع والمؤتمر الشعبي يوضح مشاركة علي الحاج في اجتماعات بنيروبي
  • رئيس شورى المؤتمر الوطني يصل منطقة إستردها الجيش من الدعم السريع
  • الجيش السوداني يضيق الخناق على مقار الدعم السريع ويحكم سيطرته على كافوري في الخرطوم بحري