حكم القضاء الفرنسي الإثنين الماضي بعدم أهلية زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبان للترشح للانتخابات لخمس سنوات إثر إدانتها باختلاس أموال عامة، في قرار اعتبر أنه يقوض فرصها في خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2027، لذلك وصفته بأنه "قرار سيّاسي"، كونها بدت ـ حسب استطلاعات الرأي ــ الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
المواقف السابقة جميعها تشي ببرغبة حقيقية في رفض أحكام القضاء
في السياق ذاته، بدا الانشغال داخل فرنسا بعد صدور الحكم، وحتى خارجها، مُركّزاً على الأبعاد السياسية للحكم، وهو أمر يتعلق بالمستقبل، بينما صدور الحكم تأسَّس من الناحية الزمنية على الماضي، حيث الاتهام بالاختلاس، وهو هنا لم يكن له طابع شخصي، لأن لوبان حققت مصالح حزبها، الأمر الذي بدا كأنه صراع بين ما هو قانوني، وما هو سياسي، وهذا يتناقض بالطبع مع مبدأ الفصل بين السُّلطات الذي مثّل منجزاً في الأنظمة الديمقراطيَّة المعاصرة.
الملاحظ أن النقاش الدائر في فرنسا اليوم ـ كما هو في الخارج ـ حول الحكم الصادر في حق مارين لوبان يوظف سياسيّاً، وهو بذلك يطعن في أحكام القضاء بطريقة مباشرة، من ذلك أن رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا" اعتبر في منشور له على منصة "إكس" أن "المحكمة حكمت بالإعدام على الديمقراطية الفرنسية"، بل أنه دعا إلى تحركات احتجاجية، كما في قوله: "من خلال تعبئتنا الشعبية والسلمية دعونا نظهر لهم أن إرادة الشعب أقوى".
عمليّاً، ليست هناك ديمقراطية فرنسية مستقلة بذاتها، لأنها جزء من الأنظمة الديمقراطية في الغرب، حيث المخاوف العلنية من استفحال ظاهرة الأحزاب القومية التي تشكل الآن خطراً كبيراً على كثير من الدول الأوروبية، حيث التمدد المتواصل للأحزاب القومية، بما فيها تلك الحاملة لأفكار متطرفة، وغارقة في المحليّة، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
ومن الطبيعي أن يقف إلى جانب مارين لوبان قادة الأحزاب القومية من أمثال زعيم اليمين المتطرف الهولندي غيرت فيلدرز الذي قال: "لقد صدمت من الحكم القاسي على نحو لا يصدق"، كما قالت نائبة رئيسة الوزراء في إيطاليا، إنه "إعلان حرب من بروكسل"، وذهب رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان في منشور على منصة إكس إلى القول: "أنا مارين". لكن المثير هو استنكار الكرملين القرار واعتباره "انتهاكاً للمعايير الديمقراطية"، من منطلق تأييده لمارين لوبان.
وغير بعيد عن المواقف التي اتخذتها الأحزاب القومية الأوروبية ـ السابقة الذكر ـ والكرملين، جاء موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث عبّرت عن قلقها إزاء "استبعاد مرشحين من السياسة"، في حين قالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية خلال مؤتمر صحفي: "علينا كغرب أن نفعل أكثر من مجرد التحدث عن القيم الديمقراطية، يجب أن نعيشها.. إن استبعاد أشخاص من العملية الديمقراطية عمل مثير للقلق.."
المواقف السابقة جميعها تشي ببرغبة حقيقية في رفض أحكام القضاء، أو على الأقل "تسييسها"، ومن غير الواضح بعد مدى قدرة القضاء على الاستمرار في استقلاليته في العالم الغربي ولدى الدول الكبرى، في وقت تتحكم السياسة في صناعة كل القرارات المصيرية للتنظيمات الحزبية داخل الدول لدرجة تلتقي فيها الدول المتنافسة حاليا ًـ والمتصارعة مستقبلاً ـ على النحو الذي ظهر في موقف روسيا والولايات المتحدة من الحكم الصادر ضد مارين لوبان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حرب ترامب التجارية وقف الأب عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مارين لوبان فرنسا اليمين المتطرف جوردان بارديلا مارین لوبان
إقرأ أيضاً:
حجز الحكم على قرارات منع الفقرات التحليلة وتحديد مدة البرامج الرياضية
قررت الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري، اليوم الأحد، حجز الدعوى المقامة للطعن على قرارات المجلس الأعلى للإعلام، المتعلقة بمنع الفقرات التحليلية وتحديد مدة البرامج الرياضية للأسبوع الرابع من أبريل.
وطالبت الدعوى، التي حملت رقم 36197 لسنة 79 قضائية، بوقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للإعلام بشأن تحديد مدة بث البرامج الرياضية ومنع الفقرة التحكيمية داخلها، مؤكدة أن هذا القرار يتعارض مع نصوص الدستور المصري، خاصة المواد 65 و70 و71 و73، التي تكفل حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة والإعلام، وتحظر فرض أي قيود على العمل الإعلامي إلا في حالات الحرب أو التعبئة العامة.
وأكد الطعن الذي استند إلى القانون رقم 180 لسنة 2018، الذي ينص على عدم جواز فرض أي قيود على عمل الإعلاميين والصحفيين، إلا في إطار مقتضيات الأمن القومي، مطالبًا بوقف تنفيذ قرارات «الأعلى للإعلام».