تتباين النظم الاقتصادية بين تحكم الدولة المركزي في الاقتصاد وترك السوق يعمل بحرية تامة، وهما نظامان متناقضان تمامًا. تتيح السوق الحرة للأقوياء أن يصبحوا أكثر قوة، ولهذا يدعو الاقتصاديون المؤيدون للتدخل الحكومي إلى دور للدولة يحد من هذا التفاوت لضبط النظام الاقتصادي. غير أن هذا الرأي يقوم على فرضية أن الدولة تبني هيكلًا اقتصاديًا عادلًا، ولا تعزز الظلم أو تمنح امتيازات لفئة معينة، وهي فرضية نادرًا ما تتحقق في الواقع.
في غياب آليات رقابية وتوازن فعالة، تميل السلطات العامة التي تمتلك القوة إلى تكييف القوانين لصالحها، مما يؤدي إلى تراجع الفائدة العامة بدلًا من تعزيزها. من هذا المنطلق، يرى الاقتصاديون المؤيدون لحرية السوق أن هذا النموذج ليس مثاليًا، لكنه يظل الخيار الأفضل مقارنة بالبدائل الأخرى.
ضبابية الفصل بين الدولة والحكومة
في الدول التي تتدخل فيها الدولة بقوة في الاقتصاد، من الضروري وجود آليات رقابة فعالة، وهو ما يمكن ملاحظته في دول شمال أوروبا، حيث يتمتع المواطنون بوعي مدني عالٍ، ويتابعون بدقة كيفية إنفاق الضرائب التي يدفعونها، كما يمتلكون آليات مساءلة للحكومات تمتد إلى ما بعد الانتخابات.
لكن في الدول النامية، مثل تركيا، سرعان ما يتلاشى هذا النظام، إذ يصبح الحد الفاصل بين الدولة والحكومة غير واضح. بمرور الوقت، تتحول مؤسسات الدولة إلى أدوات تستخدمها الأحزاب الحاكمة لضمان بقائها في السلطة، مما يؤدي إلى تآكل تدريجي للبنية المؤسسية. ونتيجة لذلك، يزداد التفاوت الاقتصادي، حيث تصبح الانتخابات وسيلة للبقاء في الحكم بدلًا من أن تكون أداة للتنمية.
تُستخدم المساعدات الاجتماعية خلال الفترات الانتخابية لكسب تأييد الفئات الفقيرة، بينما تموَّل هذه السياسات عبر الضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى المتعلمة. وفي ظل هذا الواقع، يلجأ العديد من الشباب المؤهلين أكاديميًا إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل، فيما يشهد من يبقى داخل البلاد كيف يتم تفكيك القوى التي يمكنها تحقيق التوازن في النظام.
تآكل الديمقراطية من الداخل
اقرأ أيضاالمقيمين والقادمين إلى تركيا.. تنبيهات هامة بشأن الطقس خلال…
الخميس 03 أبريل 2025عندما تُختزل الديمقراطية في صناديق الاقتراع فقط، فإن ذلك يُسهّل على السلطة الحاكمة تقليل المحاسبة بين الفترات الانتخابية، ما يتيح إدارة أكثر استبدادية وغموضًا. ومع ذلك، فإن العناصر الأساسية لأي ديمقراطية سليمة—مثل الفصل بين السلطات، والإعلام المستقل، ومنظمات المجتمع المدني، والبيروقراطية النزيهة—يتم تهميشها تدريجيًا.
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: اخبار تركيا الديمقراطية في تركيا
إقرأ أيضاً:
«شكشك وعبدربه» يناقشان آليات توحيد عمل ديوان المحاسبة
احتضن ديوان المحاسبة، اليوم الخميس، اجتماعاً ضم رئيسي الديوان بالمنطقة الغربية “خالد شكشك” ورئيس الديوان بالمنطقة الشرقية عمر عبدربه، بإشراف لجنة متابعة الأجهزة الرقابية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وذلك برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) وحضور البنك الدولي.
وناقش الاجتماع، آليات توحيد عمل ديوان المحاسبة وتنسيق الجهود الرقابية على المستوى الوطني، مؤكدًا على ضرورة صون استقلاليته المهنية والمالية، كشرط أساسي لضمان فعاليته في مكافحة الفساد وصون المال العام.
كما تمسك الحضور، بضرورة رفع التعديلات التشريعية المقترحة إلى السلطة التشريعية لاعتمادها، بما يضمن ترسيخ استقلالية الديوان وحمايته، ومنع أي تدخل في اختصاصاته.
واتفق المجتمعون، على عقد اجتماع موسع في مايو 2025، يضم كل فروع ديوان المحاسبة وبحضور رئاسة الديوان واللجان المختصة من مجلسي النواب والاعلى للدولة، وبعثة الأمم المتحدة، لمتابعة تنفيذ مخرجات هذا اللقاء، في سياق دعم إطار مؤسسي موحّد للديوان.
وأكد الاجتماع على الدور الجوهري الذي يضطلع به ديوان المحاسبة في تعزيز الشفافية، وتمكين المواطنين من الاطلاع على المعلومات، بما يرسخ مبادئ المساءلة والحوكمة الرشيدة في إدارة المال العام.