مني أركو مناوي: بَوحٌ مباشرْ.. والمريسةُ (جَرادِلْ)
تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT
في ساسَ يسوسُ كما في الحياة العامة لنا جميعاً بتفاصيلها المختلفة صغيرها وكبيرها مثلٌ يصلح لكليهما يقول (ليس كل ما يعرف يقال) وخلاصته أنك مضطر دوماً ولأجل الكثير من التقديرات ألا تقول كل ما تعرف وعليك الاحتفاظ (بالحُتْرُبْ) في أعماق جوفك.. والحُترُبْ مفردة سودانية (دارجية قُحة) على الرغم من وجودها في العربية الفصحى ولكن بتشكيلٍ مختلف حيث تنطق بالتشكيل (الحَتْرَبُ) وتعني الشخص قصير القامة.
استمعت لخطابين لحاكم إقليم دارفور (والشمالية) مني أركو مناوي ولو كانت 17 ميل فقط كما قال هو مدافعاً عن خريطة ظهرت خلفيّةً لخطابه الأول (المتزن) نوعاً ما وقد أثارت الخريطة جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وهي تظهر جزءاً من الولاية الشمالية ضمن حدود الإقليم.. وخطاباً ارتجالياً آخر أقل (اتزاناً) في فعالية لحركته هي عبارة عن معايدة لحركة وجيش تحرير السودان التي يقودها كان حضوراً فيها نائب الرئيس مالك عقار وجبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة.. الخطاب تجاوز كثيراً ولم يحفل بالمثل الذي صدّرت به المقال حيث (كشح) مناوي كل الحلل وليس حلة واحدة على لغة السوشيال ميديا.. شرّق أركو مناوي وغرّب وسفّل وصعّد وأسهب وأطنب وأبرق وأرعد وأرغى وأزبد فأنفق كل ما فيه جعبته من حديث (إنفاق من لا يخشى الفقر) ولم يلاقيه (حُترُب) صاحب الطرفة ليبقيه في الإناء لاعتبارات السياسة والأخلاق والقيم والاعتدال في الخصومة السياسية ولبناء المستقبل.. بالتالي يصبح الرد على بعض ما جاء في الخطاب أمراً لازماً جازماً فالحديث في بعض جزئياته جانبه الصواب وخلط كثيراً من الأوراق
أولاً. لا تقبل سلطة محترمة تمسك بزمام الأمور ومقاليدها في دولةٍ ما ولو كانت جمهورية من جمهوريات (الموز) بمن يرفع السلاح في وجهها منازعاً لها سلطانها ليحقّق عبر البندقية مطالب سياسية أو مكاسب (شخصية) وحركات دارفور سعت للإثنين معاً.. هذه معلومة بالضرورة علماً أن أزمة دارفور وحربها التي اندلعت 2003م كانت (مصنوعة) بعد أن فرغ السودان من حسم حرب الجنوب اختلف الناس أو اتفقوا في نهاياتها (محزنة) كانت أم سعيدة.. بالتالي حركات دارفور أشبه (بتلقيح اصطناعي) تم خارج السودان ثم زرع في رحم دارفور وليس هو حركة مطلبية سلمية مشروعة عجزت عن تحقيق مطالبها لتحمل السلاح لاحقاً في تطور طبيعي للحركات السياسية المطلبية
ثانياً. كل من يحمل السلاح ضد الدولة المركزية وسلطانها يسمى (متمرداً) وبالمصطلح الفقهي الإسلامي الذي استخدمه مناوي (خارجاً) فكلمة خوارج لا تعني متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان (حصراً) والذين كانوا تحت قيادة جون قرنق.. فالكلمة صالحة لكل زمان ومكان وإنسان وفئة وجماعة وحركة وهي (قميص) يناسب كل من رفع السلاح لمقاتلة جيش الدولة الرسمي.. والإسلاميون يوم أن تحالفوا فيما عرف بالجبهة الوطنية مع حزب الأمة والإتحاديين وجاءوا يغزون الخرطوم (تمردوا) على سلطان الدولة وقاتلهم الجيش بشراسة وقضى عليهم.. بالتالي فالدعم السريع متمرد وحركة مناوي يوم أن كانت تقاتل الجيش في عهد البشير (متمردة) وجبريل إبراهيم الذي كان حضوراً (متمرداً) ومالك عقار نائب الرئيس (متمرداً) ولا حرج في التسمية (والتصالح) مع المواقف السابقة وقد صارت تاريخاً يفترض أن يكون هو سيد الموقف ولا يمكن (البصق) على التاريخ أو التهرّب منه وإن احتوى على حرق طائرات الدولة السودانية بمطار الفاشر والتي لم تكن يومها ملكاً للإنقاذ بل هي من مقدرات الشعب السوداني
ثالثاً. الإنقاذ ذهبت بخيرها (وما أكثره) وبشرها (وما أقله) بالتالي الحديث بلغة تكاد تشبه لغة المنفصل عن زوجته (إن جاز التشبيه) ثم مضى يقول في شكل العلاقة (بينهما) ما لم يقل مالك في الخمر ليس هو الأسلوب الصحيح طالما أنه ليس حديثاً للبناء ولا (تجرمنّك) الخصومة السياسية للتمادي لإحراز النقاط السياسية.. فلا يزال بعض شخوص الإنقاذ حضوراً وقد تبوأ مناوي أعلى المناصب (الإنقاذية) لكنه تمرّد مرتين وليست واحدة فضبط الخطاب كان الأولى ولا يفيدنا أنك اختلفت في 17 ميل أم 170 ميل وهذا تاريخ والأولى أن تسمعه السودانيين وأنت في مراحل التوقيع التي ذكرت وليس اليوم فالمعلومات كالمنتجات لها تاريخ صلاحية (Expiry Date)
رابعاً. الحديث الذي يفرّق بين التمرد والعمالة لا مكان له من الإعراب لأن كل من يتلقى دعماً عسكرياً من جهة خارجية لمقاتلة الجيش الوطني للدولة هو متمرد وعميل لتلك الجهة فليس هناك (Free Lunch) كما يقول المثل.. يعلم الجميع أن الحركات المتمردة في عهد الإنقاذ تلقت دعماً خارجياً وكانت تتخذ من ليبيا (حفتر) مكاناً للانطلاق وليس سراً أن حركة مناوي تحديداً كانت تحت قيادة اللواء (128) بقيادة حسن معتوق الزادمة في قضاء الجفرة وكان يقودها اللواء فيصل صالح.. كما أن تقارير الأمم المتحدة تحدثت عن مشاركة الحركات المتمردة في القتال إلى جانب حفتر مقابل السلاح والمال وأسمى التقرير أنشطة الحركات خلال تلك الفترة (بأنشطة الارتزاق)
خامساً. الدولة المركزية لها الحق في الاستعانة بمن تشاء في حسم التفلتات الأمنية ببناء التحالفات (التكتيكية) لأجل القضاء على بؤر التمرد وإن شئت (العمالة والارتزاق) فلا يعاب الإنقاذ أنها استعانت ومن خلال القوات المسلحة بالدعم السريع يوم أن كانت بندقيته تخدم المصلحة الوطنية العليا للدولة وهي الأمن.. وذات الدولة السودانية تتحالف معكم اليوم (تكتيكياً) لصالح قضية الأمن وأنتم تقاتلون معها (بعد حيادٍ طويل) لم يكن مشرّفاً ولا مبرراً غريمكم السابق موجهّين بنادقكم نحوه لمصلحة الدولة.. وذات الدولة إن فكرت ذات الحركات التي تقاتل معها في تغيير اتجاه البنادق نحو القوات المسلحة ستتحالف الدولة مع قوة (X) لهزيمتكم والقضاء عليكم لتحقيق الأمن والاستقرار
سادساً. المغالطة التاريخية العظمى أن الإنقاذ أنشأت الدعم السريع لمنع الثورة عليها وقمع الثوار ليست صحيحة مطلقاً وهذا تاريخ قريب مشهود ومعلوم.. فقد كان هو ذراع الدولة وتطور عبر سنين عدداً ليكون بمسماه الأخير ويجيّش ويسلّح لمقاتلة حركات دارفور المتمردة على الدولة
سابعاً. الحديث في المسائل التي تمس الدين همزاً أو لمزاً من شاكلة أن أمير المؤمنين هو الحاكم في الدولة الإسلامية وهذا اسمه ولو شرب من الخمر (عشرين جردل) لم يكن موفقاً مطلقاً.. وربما أراد به مناوي (إضحاك) الحضور ولكن مس الكثير من الناس بشئ من حتى سيما وأنهم خرجوا من الشهر الفضيل للتو ولربما أراد كذلك أن يقول بأننا لسنا وحدنا في دارفور من يتصالح مع (المريسة) ولو كانوا شيوخاً نسبة للمقولة التي تقول بأن بعض شيوخ دارفور (يكتبون حار ويشربون حار).. في النهاية الوقوف قبيل محطة واحدة من مثل هذه الأمور هو الأصوب لمنع الزلل والخلل.. فيكفي ما سبق من البوح الذي كان مباشراً ولا يحتاج (للمريسة) أكواباً ولا جرادل.
أخيراً: أمسكت بعض (الحُترُبْ) وفي جرابي الكثير المثير الخطر.
*اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام*
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني: قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية لا عودة فيه
أكد الرئيس اللبناني، جوزاف عون، أن قرار حصر السلاح بيد الدولة لا عودة عنه، مشدداً على أن تنفيذ هذا القرار لن يؤدي إلى اضطرابات أمنية، بل سيتم التقدم فيه عبر الحوار مع الجهات المعنية، بما يضمن الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي وتعزيز دور الدولة المركزية.
وجاءت تصريحات عون خلال استقباله وفداً من معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن (MEI)، برئاسة الجنرال الأمريكي المتقاعد جوزيف فوتيل، حيث أشار في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إلى أن الخطوة تحظى بدعم داخلي واسع، إضافة إلى تأييد من الدول الشقيقة والصديقة للبنان.
وأوضح الرئيس اللبناني أن التطورات الجارية في المنطقة ما زالت تهيئ الأرضية للحلول السلمية، رغم تعقيداتها، داعياً إلى الصبر والتدرج في المعالجة تفادياً لأي انتكاسات.
وأشار إلى الحاجة الملحّة لدعم عاجل للجيش والقوى الأمنية، حتى تتمكن من أداء مهامها في الحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي، أكد عون أن استقرار لبنان يصب في مصلحة الولايات المتحدة، مطالباً واشنطن بلعب دور أكثر فاعلية في دعم بلاده، سواء على مستوى الأمن أو من خلال الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للوفاء بالتزاماتها الدولية.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن الجيش اللبناني يواصل تنفيذ مهامه في منطقة جنوب الليطاني تطبيقا لقرار مجلس الأمن 1701، غير أن استكمال انتشاره على الحدود الجنوبية ما زال معرقلاً بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمسة تلال لبنانية، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 نصّ على انسحاب الاحتلال منها بحلول منتصف شباط/فبراير الماضي.
ودعا عون مجدداً الولايات المتحدة وفرنسا، بصفتهما راعيي الاتفاق وعضوين في لجنة المراقبة، إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء احتلالها لهذه المناطق، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، تمهيداً لبسط سلطة الدولة بالتعاون مع قوات "اليونيفيل".
أما على صعيد الحدود مع سوريا، فأكد الرئيس اللبناني أن الجيش يواصل جهوده لضبط المعابر غير الشرعية ومنع التهريب، مشيراً إلى اجتماعات ثنائية عُقدت مؤخراً مع الجانب السوري لبحث هذه المسائل.
وجدد عون تمسك لبنان بإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، معتبراً أن الظروف التي دفعتهم للنزوح قد زالت، مطالباً المجتمع الدولي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا لدعم جهود العودة.
حزب الله يرفض
في 19 نيسان/أبريل الجاري، جدد الأمين العام لـ"حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، رفض الحزب تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، مؤكداً تمسكه بخيار "المقاومة" في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
وفي خطاب متلفز، أوضح قاسم أن الحزب لا يزال ملتزماً باتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي، غير أنه شدد على أن سلاح "المقاومة" خط أحمر، قائلاً: "لن نسمح لأحد بنزع سلاحنا، وسنواجه أي محاولة تسعى إلى ذلك".
وأضاف أن "خيار الدبلوماسية لا يزال قائماً، لكن هذه المرحلة لن تستمر طويلاً"، في إشارة إلى نفاد صبر الحزب إزاء الضغوط السياسية الرامية إلى نزع سلاحه.
وأكد قاسم أن مناقشة مسألة السلاح لا يمكن أن تتم إلا ضمن إطار وطني شامل، يأخذ في الحسبان اعتبارات السيادة والدفاع عن البلاد، لافتاً إلى أن "المقاومة في لبنان لم تكن يوماً خياراً عابراً، بل هي رد طبيعي ومشروع على استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية".