بخلاف النظام الغربي.. مصر تتربع على عرش “بريكس”
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
في مشهد مهيب لم يحدث منذ سنوات، عززت مجموعة " بريكس" صفوفها بانضمام مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية لتصبح هذه الدول أعضاء كاملي العضوية في التكتل، وسط تنديدات من الهيمنة الأمريكية على العالم، في وقت وصلت فيه المشاعر المناهضة للغرب ذروتها.
انضمام مصر لمجموعة "بريكس"
وفي السياق ذاته، أعلن سيريل رامابوزا رئيس جنوب إفريقيا، الاتفاق على انضمام مصر والسعودية والإمارات لمجموعة بريكس، ودعى إلى تفعيل نظام دولي جديد وشامل.
وأعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن ترحيبه بدعوه بلاده للانضمام إلى عضوية مجماعة بريكس، قائلًا":" نتطلع إلى التعاون والتنسيق مع مجموعة بريكس خلال الفترة القادمة من أجل تدعيم أهداف تدعيم التعاون الاقتصادي، وإعلاء صوت دول إفريقيا تجاه القضايا والتحديات التنموية بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية".
وأبدت أكثر من عشرون دولة رغبتها في الانضمام إلى مجموعة" البريكس"، حيث تتجه انظار العالم إلى جنوب إفريقيا، حيث يعد بريكس ثاني أكبر تجمع في العالم بعد منطقة اليورو، وفي حال توسعه سيكون ثقل مهم له وضعه على الساحة الدولية.
وتعد التنمية هي ابرز مميزات بريكس، وذلك حسب احصائيات صندوق النقد الدولي، من عام 2001 إلى عام 2022، حيث ارتفعت نسبة الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة بريكس من 8.4 بالمئة إلى 25.8 بالمئة من الإجمالي المحلي، في ظل نجاح بنك التنمية الجديد لإصدار سندات بقيمة 1.5 مليار راند في سوق السندات المحلية بدول جنوب إفريقيا.
ومنذ ذلك الحين، وأصبحت مجموعة البريكس تمثل قوة حقيقية لتولى الريادة في مسألة التعاون بين بلدان الجنوب، وتوطيد الحوكمة العالمية،. بخلاف النظام الذي يقوده الغرب.
وتهيمن الدول الغربية على بعض المنظمات الدولية، مما يجعل الدول النامية طُعم لفرض سيطرتها عليها من خلال المنح والقروض، لذلك وجدت هذه الدول في البريكس المعبر الذي يساعدهم في التخلص من هذه الضوابط، ولن يتم تهميش أي دولة داخل المنظمة، كما أن انضمام الدول إلى المنظمة من شأنه أن يدل على مدى الانفتاح والشمولية والتعاون والفوز المشترك بين أعضاءها، وهي رؤى تتوافق مع روح العصر.
ماذا تستفيد مصر من الانضمام لبريكس؟وعلى الصعيد الآخر، أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، بيان ذكر فيه أن استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي من شأنة أن يخفف الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصه الكبرى منه، وهو ما ينتج عنه تحسين المؤشرات الاقتصادية المحلية.
ووجود مصر كدولة عضو في بنك التنمية التابع لتكتل بريكس، يمنحها الفرصة من أجل الحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، لا سيما أن خلق نظام عالمي جديد من شأنه أن يعطي مزيدًا من الثقل للدول النامية والناشئة، لا سيما بعدما عانت هذه الدول جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي سياق متصل، هنأ شي جين بينج، الرئيس الصيني، مصر على انضمامها إلى بريكس، مشيرًا إلى أن توسع العضوية حدثًا جليلًا يُظهر جهود دول بريكس للتعاون والتنسيق، لا سيما وأن بريكس يتحمل مسؤولية إحلال السلام والاستقرار حول العالم.
ماهي بريكس؟وتعد مجموعة " بريكس" من المنظمات السياسية، التي بدأت مفاوضات جذورها في عام 2006، ومن العام نفسه عُقدت أول قمة لها، وكان أعضاءها في البداية الدول ذات الاقتصاد الصاعد، روسيا والبرازيل والصين والهند، وكانت تحمل أسم " بريك" لكن بعد انضمام جنوب إفريقيا إليها عام 2010 تغير اسمها ليحمل " بريكس".
وتهدف المنظمة إلى تعزيز التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء، خاصة أن من بينها روسيا أكبر مصدر للطاقة في العالم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مسؤول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار استهداف منطقة اليورو الناتج المحلي مجلس الوزراء التعاون الاقتصادي جنوب أفريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.
تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.
هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.
هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.