سوريا: توسع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
إعداد: محمود نفاخ إعلان اقرأ المزيد
“الشعب يريد إسقاط النظام”، “سوريا لنا وليست لآل الأسد!”، “ارحل بشار”... تصدح شوارع مدن سورية عدة خاضعة لسيطرة النظام بهتافات مناهضة للرئيس بشار الأسد منذ 15 آب/ أغسطس. في مدينة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، رفع المحتجون الشعارات ذاتها التي رُفعت خلال الثورة السورية منذ 2011.
وتأتي هذه الموجة من الاحتجاجات في أعقاب قرار الحكومة في 15 آب/أغسطس زيادة أسعار المحروقات بنسبة 200%. في حين يتحمل السكان العبء الأكبر من العواقب المدمرة لاثني عشر عاما من الحرب، لا سيما على الصعيد الاقتصادي: أكثر من 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويبلغ الراتب الشهري لموظفي الخدمة المدينة الرسمية 12 يورو.
وفي اليوم التالي لإعلان الحكومة، دعا سائقو الشاحنات في مدينة السويداء إلى التظاهر والإضراب العام.
"يطالب المحتجون بإسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين وتطبيق القرار 2254"
مراقبنا شادي الدبيسي مواطن صحافي مقيم في السويداء ويشارك في الاحتجاجات.
سُجلت عشرات نقاط الاحتجاج بالمحافظة. تم قطع الطرقات وإغلاق مباني الفرق الحزبية ومقر حزب البعث بالمدينة. كما تم بخ بعض الجدران وتوزيع المناشير.
بالنسبة للهتافات المرفوعة من قبل المحتجين، يبدو وكأنه هناك إجماع من قبل المحتجين بالسويداء على إسقاط هذا النظام والإفراج عن المعتقلين وتطبيق القرار 2254 [فريق التحرير: قرار أممي يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإيجاد حلٍ سياسي للصراع].
هناك تأييد شعبي كبير للاحتجاجات. كما أيد شيخ عقل طائفة الدروز، الشيخ حكمت الهجري، مطالب المحتجين وحذر من المساس بهم.
حتى الآن لم يقم النظام السوري بقمع الاحتجاجات في السويداء ويبدو أن قوى الأمن غير قادرة على قمع هذه الاحتجاجات في ظل التأييد الشعبي الكبير لها والمشاركة الواسعة من جميع فئات المجتمع، من رجال الدين، والشباب، كما أن هنالك مشاركة نسائية واسعة.
وحظي الإضراب بتفاعل واسع في السويداء حيثُ تظهر الصور التي نشرها حساب السويداء 24، إحدى أبرز وسائل الإعلام المحلية، في 20 آب/أغسطس، عشرات المحلات التجارية المغلقة في وسط المدينة.
مدينة السويداء: أُغلِقت معظم الدوائر الحكومية، وأقفل التجار محلاتهم التجارية معلنين مشاركتهم في الإضراب العام اليوم الأحد
ورصدت السويداء 24، أسواق السويداء الخالية تقريبا من المارة والمحال التجارية وقد أقفلت أبوابها احتجاجاً على اقرارات السلطة الجائرة وتدهور الأوضاع المعيشية. pic.twitter.com/aXr1wjh6aq
في 23 أغسطس/آب، أضرم المتظاهرون النار أيضا في لافتة طرقية كبيرة تحمل صورة الرئيس بشار الأسد.
#شاهد: أحرق محتجون صورة لبشار الأسد في ساحة تشرين وسط مدينة السويداء، قبل قليل. pic.twitter.com/Ord4H76ZVH
— السويداء 24 (@suwayda24) August 23, 2023وإلى جانب السويداء، خرجت احتجاجات في مدن أخرى. وفي جبلة، بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية، استجاب السكان أيضاً لدعوة الإضراب.
يُظهر مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في 20 آب/ أغسطس انتشار العديد من عناصر الجيش والأمن السوريين في المدينة، وذلك بهدف إجبار الناس على إعادة فتح متاجرهم.
#بدنا_المعتقلين #اللاذقية
انتشار قوات حفظ النظام في عصابات الأسد في حي الدريبة في مدينة #جبلة وإجبار الأهالي على كسر الإضراب وفتح المحال التجاري بعد إعلانهم إضراب اليوم. pic.twitter.com/YuQNtnJhSn
كما خرجت مظاهرات في درعا وحلب وضواحي دمشق. وفي نوى، في ريف محافظة درعا، قمعت القوات السورية بعنف مظاهرة ليلية سلمية في 20 آب/ أغسطس.
"لن تنتهي هذه الاحتجاجات طالما بقي الأسد في السلطة"
فراس قنطار فرنسي سوري ومؤلف كتاب “سوريا، الثورة المستحيلة”.
تعد هذه المناطق الأكثر إفلاتاً من القبضة الأمنية للنظام. وفي درعا، لا يزال رجال مسلحون من المعارضة المسلحة حاضرين بقوة. ولذلك لم يتمكن النظام من استعادة سيطرته على أراضي المدينة بالكامل. وفي السويداء، لم يشارك الأهالي في الحرب التي خاضها الجيش السوري والميليشيات الموالية للنظام. مدينة السويداء شاركت في الثورة منذ البداية، وهو أمر محرج للنظام لأنه ادعى دائمًا أن الأقليات تقف إلى جانبه. إنها صفعة على وجه النظام، وهو أمر مهم للغاية.
إننا نشهد تفكك مجتمع ودولة، مما يترك فراغًا رهيبًا، وعدم استقرار إقليمي مستمر منذ اثني عشر عامًا. ولن تكون هناك نهاية لهذا النزاع طالما بقي الأسد في السلطة. كما لا يمكن إيجاد حلولٍ بحضوره. إنه العقدة التي تحول دون نجاح أي محاولة للتقدم بعملية إحقاق السلام في البلاد. وعليه فإن هذه الاحتجاجات سوف تستمر.
ولقي نحو 306 آلاف شخص حتفهم في سوريا منذ بداية الحرب عام 2011، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. وتعرض ما لا يقل عن 15281 شخصًا للتعذيب حتى الموت في السجون الحكومية، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان غير الحكومية "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
وفي خضم الربيع العربي، ثار السوريون ضد نظام الحكم القائم في البلاد منذ أكثر من 50 عاما. وهو الآن متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب القمع الدموي لحركة الاحتجاج واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
اقرأ أيضابدعوة من دمشق وبتوجيه من مواليها: المؤثرون الغربيون بسوريا في خدمة الدعاية الرسمية
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: بيئة خبر كاذب تظاهرات سوريا بيئة
إقرأ أيضاً:
منتدى الأمن العالمي بالدوحة يبحث مستقبل سوريا والعدالة الانتقالية
الدوحة- أكد عدد من الخبراء والنشطاء الدوليين أنه مع اشتداد الجدل حول مستقبل سوريا بعد سنوات من الصراع، تبرز قضية العدالة الانتقالية كأحد المفاتيح الحاسمة في مسار إعادة بناء الدولة، إلى جانب تساؤلات متنامية حول شكل الحياة السياسية المقبلة، مؤكدين أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لمساعدة سوريا لأنها لن تستطيع الخروج من الوضع الحالي دون عون وسند.
وِشددوا، خلال جلسة بعنوان "مستقبل سوريا بعد سنوات من الصراع" بمنتدى الأمن العالمي الذي اختتم أعماله اليوم الأربعاء في الدوحة، على أنه مع التغيرات السياسية في سوريا، يبقى التحدي الأكبر هو إعادة بناء الثقة، وتحقيق عدالة حقيقية للضحايا، وتمهيد الطريق لحياة سياسية جديدة.
وضمت الجلسة عددا من الخبراء في الشأن السوري، من ضمنهم الصحفي والباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وسيم ناصر، والباحثة السورية سيلين قاسم، والدبلوماسية الأممية جينيفر فون، وأكاديميون بارزون، أكدوا أن العدالة الانتقالية ليست فقط محاسبة، بل أيضا مصالحة واعتراف وضمانات بعدم تكرار الانتهاكات والجرائم، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون توافق وطني وإرادة دولية جادة.
وأكدت الناشطة سيلين قاسم أن العدالة الانتقالية في الحالة السورية لا يمكن أن تُدار كما في حالات أخرى نظرا لتفرّد الوضع السوري وتعقيداته، مشيرة إلى أنه لا يمكن محاكمة الجميع، وأن الحل يكمن في إنشاء آلية مستقلة تُمنح صلاحيات حقيقية بإشراف خبراء محليين ودوليين لتحديد ما يُعد عدالة حقيقية لضحايا الانتهاكات.
وأضافت أن هذه الآلية يجب أن تراعي تطلعات المجتمعات المحلية، خصوصا فئات النازحين والمعتقلين وذوي المختفين قسرا، لافتة إلى أن هذا الملف يجب أن يكون له التركيز الأكبر خلال الفترة المقبلة وتوقعت أن يستغرق حله وقتا طويلا.
ورغم إقرار الحكومة السورية الجديدة بوجود جهود نحو هذا الاتجاه، فإن العديد من النشطاء يعتبرون أن العدالة لم تأخذ موقعها الحقيقي بعدُ ضمن أولويات إعادة الإعمار، وفق قاسم.
إعلانمن جهته، أشار الصحفي وسيم ناصر إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع يقدم مقاربة غير تقليدية يمكن وصفها بـالطريق الثالث، تتجاوز ثنائية النظام والجماعات الجهادية.
وقال إن الشرع لم يغيّر خطابه ولا إستراتيجيته منذ لقائه الأول به في 2023 وحتى بعد توليه السلطة في 2024، مما يعكس التزاما بخطة سياسية طويلة الأمد، تقوم على دمج الخصوم السابقين، وحتى عناصر من النظام السابق، ضمن رؤية وطنية شاملة.
بنية تشاركيةأما أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، بن كونابل، فشدد على أن استقرار سوريا لا يمكن أن يتم دون بنية سياسية جديدة تشاركية وشفافة، ودعا إلى إنشاء "هيئة دولية وسيطة" تجمع بين الحكومة السورية والدول المانحة لتكون آلية بناءِ ثقة تُعزز من فرص الاستقرار، وتدير القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية بشكل منسق، موضحا أن دمشق في حاجة إلى عون وسند دوليين للخروج من وضعها الحالي.
ووفقا له، لا تزال التهديدات الأمنية قائمة خاصة من تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأجانب المنتشرين في الشمال والشرق السوريين، محذرا من أن عدم وجود آلية فعالة للتعامل مع هذه الجماعات، ولا سيما في ظل العقوبات الدولية، قد يعيد المنطقة إلى دوامة العنف.
من ناحيتها، تطرقت كارولين روز، مديرة العلاقة بين الجريمة والصراع والانسحابات العسكرية في معهد نيولاينز، إلى صعوبة إزالة بعض الجماعات من قوائم الإرهاب، حتى بعد تغير سلوكها أو تحوّلها، وأن العقوبات تبقى أداة سياسية شائكة ما لم يتم التفكير في سبل قانونية مرنة ومبنية على وقائع جديدة.
كما أشارت إلى بعض الممارسات الاقتصادية غير الشرعية التي كانت تتم خلال حكم النظام السوري السابق ومنها إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون، موضحة أنه بعد سقوط النظام هناك مؤشر إيجابي على انخفاض إنتاج وتهريب هذا المخدر إلى الدول المجاورة.
إعلانوقالت روز "كان النظام السابق وأجهزته الأمنية وأعوانه وأقارب الرئيس المخلوع بشار الأسد متورطين بشكل كبير في رعاية الإنتاج الصناعي للكبتاغون، بالإضافة إلى أنشطة اقتصادية غير مشروعة أخرى كالأسلحة الصغيرة والتبغ والسجائر والعملات المزيفة".
ووفقا لها، اختفى العديد من المسؤولين عن هذه التجارة وغادروا إلى العراق، وتوجه بعضهم إلى لبنان والبعض الآخر إلى تركيا وأوروبا.
احتياجات كثيرةوحول دور الأمم المتحدة والتزاماتها السياسية تجاه دمشق، قالت جينيفر فون، المستشارة الإعلامية والمتحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا "مرت بضعة أشهر قليلة على سقوط النظام في سوريا وهناك إرث واضح لسوء الحكم والانتهاكات والفقر الذي تحاول دمشق الخروج منه في الوقت الحالي وهو الأصعب في التاريخ الحديث".
وفسرت ذلك بأن هناك احتياجات كثيرة للشعب السوري، حيث يوجد 16 مليونا، أي نحو 3 أرباع إجمالي السكان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلا عن النازحين والمختفين قسرا وغيرها من القضايا المعقدة. موضحة أن الأمم المتحدة تأثرت ببعض مشاكل التمويل؛ ففي عام 2024، تم توفير 35% فقط من 4 مليارات دولار مطلوبة لتنفيذ خطة إغاثية عاجلة.
وتابعت فون أن هناك مخاوف متعلقة بحماية العائدين والنازحين السابقين الذين يحاولون الرجوع إلى ديارهم، و"هم من الواضح مجموعات ضعيفة، بالإضافة إلى خطر الإقصاء والاحتجاز والأشخاص المفقودين، كلها قضايا لا تزال تحتاج للعمل ووضع الحلول الناجعة لها".