هل يصمد اتفاق الهدنة بين فرنسا والجزائر؟ خبراء يجيبون
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
أعلنت فرنسا والجزائر عودة العلاقات بينهما بعد اتصال جرى الاثنين بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك عقب أشهر من التوتر بين البلدين.
وتفاقم الخلاف بين الجزائر وفرنسا، منذ كانون الثاني / يناير الماضي وذلك على خلفية جملة من الأحداث، بيمها أزمة ترحيل جزائريين من فرنسا واعتقال الكاتب المزدوج الجنسية بوعلام صنصال، والاعتراف الفرنسي بـ"مغربية الصحراء" والجدل حول ملكيات فرنسا العقارية في الجزائر، وتلويح فرنسا أكثر من مرة بالنظر مجددا في اتفاقيات عام 1968، التي تتيح للجزائريين تسهيلات في الإقامة والتنقل والعمل داخل الأراضي الفرنسية.
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، تبادل الطرفان تصريحات قوية، إذ أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، مؤخرا، أنّ بلاده "ستطلب من الحكومة الجزائرية مراجعة جميع الاتفاقيات الموقعة وطريقة تنفيذها" قائلا إنّه: "سيمهل الجزائر شهرا إلى ستة أسابيع لذلك".
وقبل ذلك أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نُيل بارو، عن "قيود على التنقل والدخول إلى الأراضي الفرنسية لبعض الشخصيات الجزائرية".
وحينها ردت الجزائر برفضها القاطع للغة "الإنذارات والتهديدات" الصادرة عن رئيس الوزراء الفرنسي، ووزير خارجيته.
وأكدت الخارجية الجزائرية، في بيان أنها: "ستسهر على تطبيق المعاملة بالمثل بشكل صارم وفوري على جميع القيود التي تفرض على التنقل بين الجزائر وفرنسا، وذلك دون استبعاد أي تدابير أخرى قد تقتضي المصالح الوطنية إقرارها".
احتواء التوتر
وبعد أن بلغ التوتر ذروته بين البلدين، جاء الاتصال بين ماكرون وتبون، الاثنين الماضي، لينهي أزمة كادت تعصف بعلاقات البلدين بشكل كامل.
فقد أعلن الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون عن عودة العلاقات بين بلديهما إلى طبيعتها.
ووفق بيانات رسمية من البلدين، اتفق ماكرون وتبون "مبدئيا" على تنظيم لقاء ثنائي مباشر، من دون تحديد موعد، بينما حددا موعدا لزيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إلى الجزائر في السادس من أبريل بهدف المضي في تحسين العلاقات.
وتفاهم الرئيسان على استئناف التعاون الأمني بين البلدين "بشكل فوري، وقررا إعادة إطلاق تعاونهما في مجالَي الهجرة والأمن "وفقا لنهج قائم على تحقيق نتائج تستجيب لانشغالات كلا البلدين".
وقال الرئيسان في بيان مشترك إن "متانة الروابط - ولاسيما الروابط الإنسانية - التي تجمع الجزائر وفرنسا، والمصالح الاستراتيجية والأمنية للبلدين، وكذا التحديات والأزمات التي تواجه كل من أوروبا والحوض المتوسطو - إفريقي، كلها عوامل تتطلب العودة إلى حوار متكافئ".
عوامل دفعت لعودة الدفء لعلاقات البلدين
ويرى الخبير الجزائري، في القضايا الأمنية والاستراتيجية ومدير مركز "أفريك جيوبولتيك للدراسات" أحمد ميزاب، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية شهدت في المرحلة الحالية تطورًا لافتًا، مدفوعًا بعدة عوامل استراتيجية وجيوسياسية.
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن عودة الدفء بين البلدين "تأتي في سياق متغيرات دولية وإقليمية تفرض على فرنسا إعادة تقييم موقفها تجاه الجزائر، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها منطقة الساحل الإفريقي، والتحديات الاقتصادية والأمنية المشتركة".
ولفت إلى أن فرنسا "تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الجزائر لاعب محوري في المنطقة، سواء من حيث الاستقرار الأمني أو النفوذ الجيوسياسي، مما يجعل الحفاظ على قنوات التواصل والتعاون معها ضرورة ملحة".
بدوره يرى الأستاذ الجامعي الجزائري، حكيم بوغرارة، أن بعض الدوائر الفرنسة حاولت نقل "الظروف والتحولات الخاصة بفرنسا إلى الجزائر أو التغطية من خلال افتعال أزمات مع الجزائر" لافتا إلى أن الجزائر "دولة مؤسسات وتحترم الاتفاقيات التي تربطها بالدول وخاصة مع فرنسا وتعتمد دائما على الحوار من أجل حل الإشكالات".
ولفت في تصريح لـ"عربي21" إلى التحولات التي مرت بها فرنسا وخاصة حل الجمعية الوطنية وإعادة الانتخابات التشريعية يوليو الماضي والتي لم تفرز أغلبية "وهو ما جعل الداخل الفرنسي يعيش حالة من التأزم خاصة في ظل زحف اليمين المتطرف، الذي نال أصوات قياسية، وبتفاهمه مع أقصى اليسار شكلوا ضغطا رهيبا على الرئيس ماكرون ما انتهى بمنحهم حقائب سيادية سواء لليمين الوسط أو اليمين المتطرف في الحكومة الفرنسية".
واعتبر أن هذه التطورات جعلت "ملف المهاجرين يعود بقوة" مشيرا إلى أن ذلك جاء في وقت تمر فيه فرنسا بأزمة اقتصادية واجتماعية "تمثلت في ارتفاع الدين الخارجي وارتفاع نسب التضخم وارتفاع أسعار الطاقة بالإضافة إلى الكثير من المعطيات التي أثرت على فرنسا وخلفت موجة من الاحتجاجات".
وتابع: "لهذا ماكرون تحالف مع اليمين واليمين الوسط من أجل تمرير قانون المالية وقانون الضمان الاجتماعي مقابل منحهم حقائب سيادية وهو ما أفرز الكثير من المشاكل خاصة عبر وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي تهجم كثيرا على الجزائر التي ردت بردع دبلوماسي كبير جدا عبر العديدة من الخطوات من أجل وضع حد لهذه الاستفزازات الفرنسية التي تنم عن فشل في تسيير الشأن الداخلي الفرنسي".
قرارات مهمة
ورأى حكيم بوغرارة، في حديثه لـ"عربي21" أن المكالمة بين بين تبون وماكرون جاءت "من أجل تجاوز هذه الخلافات خاصة وأن الجزائر بعثت برسائل بأن القنوات الرسمية في التعامل مع فرنسا هي الإليزيه والرئيس الفرنسي وأنه لا يمكن لدولة مثل الجزائر أن ترهن علاقاتها مع وزير داخلية وهو ما فهمه ماكرون وبادر بمكالمة الرئيس تبون من أجل وضع النقاط على الحروف وإيجاد مخارج لكل الملفات العالقة".
وأشار إلى أن المكالمة الهاتفية أسفرت عن قرارات مهمة من بينها "عودة التعاون الأمني بين البلدين وبحث تطوير المجالات الاقتصادية وحل ملف الهجرة بطرق سلسة وموثوقة وبالتشاور وبرفع مستوى التعاون القضائي من خلال برمجة زيارة لوزير العدل الفرنسي نحو الجزائر واستكمال ملف الذاكرة وبرمجة زيارة لوزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر لبحث مختلف الإشكالات والوصول إلى سيق تنفيذية لحل مختلف المشاكل بين البلدين وضع أجندة زمنية لتفادي التراكمات التي تؤدي إلى أزمات".
صعود وهبوط
وتابع: "العلاقات بين الجزائر وفرنسا هكذا هي بين الهدوء ورفع مستويات التعاون ثم التراجع وخلق أزمات من قبل دوائر فرنسية ترفض الندية في التعامل مع الجزائر أو التكافؤ في بناء العلاقات مع الجزائر".
وأشار إلى أن فرنسا "شعرت أنها تأخرت كثيرا في الحضور التجاري والاقتصادي مع الجزائر ويحاول ماكرون من خلال هذه المكالمة إعادة بعث العلاقات الجزائرية الفرنسية" لافتا إلى اعتراف ماكرون "بقصور اتفاق الشراكة الأوروبية الجزائرية".
واعتبر أن هذه التطورات "يمكن أن تمكن فرنسا من العودة إلى الاستثمار في الجزائر خاصة في مجال نقل التكنولوجيا" مشيرا إلى أن باريس اقتنعت أن العلاقات مع الجزائر يجب أن تكون هادئة ومحترمة ومبنية على احترام السيادة الجزائرية واحترام القوانين.
مسار تحكمه التوازنات المتغيرة
يعتقد الخبير الجزائري، في القضايا الأمنية والاستراتيجية ومدير مركز "أفريك جيوبولتيك للدراسات" أحمد ميزاب، أن مسار العلاقات الجزائرية الفرنسية "لم يكن يومًا ثابتًا، بل تحكمه المصالح والتوازنات المتغيرة، ما يعني أن أي توتر مستقبلي يبقى واردًا، خاصة إذا لم يتم التعامل مع الملفات العالقة بشفافية وندية".
وأضح في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "المسألة الجوهرية ليست فقط في رغبة باريس في الحفاظ على العلاقة، بل في قدرتها على بناء شراكة متوازنة تحترم المصالح الجزائرية".
وأشار إلى أن الجزائر، من جهتها "تضع محددات واضحة لأي تقارب، أبرزها الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتعزيز التعاون على أسس واضحة بعيدًا عن الإرث الاستعماري".
مستقبل علاقات البلدين
واعتبر ميزاب، أنه في ظل هذه المعطيات "فإن مستقبل العلاقات بين البلدين سيظل رهينًا بمدى قدرة باريس على تقديم رؤية جديدة للتعامل مع الجزائر، تأخذ بعين الاعتبار التحولات التي طرأت على موازين القوى إقليميًا ودوليًا".
وأضاف أنه: "ينتظر من زيارة وزير الخارجية الفرنسي ان تفصح على صورة أكثر وضوحا لطبيعة المرحلة القادمة بين البلدين" مشيرا إلى أن كفة المؤسسات الوازنة في فرنسا هي من تغلبت على صوت التطرف الذي يقوده اليمين المتطرف.
وخلص إلى أنه "في الوقت الذي تلقى فيه اليمين المتطرف ضربات من القضاء الفرنسي سلطة القرار السياسي تحررت واتجهت نحو تهدئة التوتر وفتح قنوات للحوار".
واحتلت فرنسا الجزائر في 05 تموز/ يوليو 1830، واستغرقت السيطرة على عموم البلاد نحو 70 سنة. فيما استقلت الجزائر عن فرنسا في 05 تموز/ يوليو 1962، بعد ثورة تحريرية انطلقت في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، وخلّفت 1.5 مليون شهيد وفق أرقام رسمية.
وشهدت مرحلة السيطرة على عموم الجزائر عمليات تهجير للسكان، ومصادرة أراضيهم الزراعية الخصبة، وحرمانهم من أبسط الحقوق، بحسب مؤرخين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية فرنسا الجزائري تبون ماكرون فرنسا الجزائر ماكرون تبون المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزیر الخارجیة الفرنسی الجزائر وفرنسا الیمین المتطرف العلاقات بین بین البلدین أن الجزائر مع الجزائر إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
هل تطبيقات تحويل الصور إلى رسوم كرتونية آمنة؟.. خبراء يجيبون عربي21
انتشر في الآونة الأخيرة "تريند" تحويل الصور الشخصية إلى رسوم كرتونية، ويتم ذلك عبر تطبيقات تم تصميمها بواسطة شركات تستخدم الذكاء الاصطناعي، يقوم المستخدم بتحميلها ثم منحها صورته لتحويلها إلى رسم كرتوني.
وكأي تقنية جديدة منذ انطلاق ثورة المعلومات، أثارت هذه التقنية الجدل بين المستخدمين، فهناك من دافع عنها بأنها تضفي لمسة جمالية ومُحببة على شكل الإنسان، وتعيده إلى ذكريات الطفولة حينما كان يتابع الرسوم المتحركة.
في المقابل، أبدى البعض تخوفا من استخدام هذه التقنية، لعدة أسباب منها الخوف من سرقة البيانات، واستخدام هذه الصور في عمليات قد تكون مشبوهة، أو بيعها لجهات مجهولة قد تستخدمها لانتحال شخصية المستخدم.
وحذر البعض من أن هذه الشركات قد تبيع الصور لأي جهة، ومن ثم تنتقل إلى جهات غير موثوقة قد تنشرها في "الإنترنت المُظلم"، وهي الشبكة العنكبوتية الموازية والتي تجري فيها الكثير من عمليات الاحتيال والأعمال الإجرامية، وبالتالي استخدام صور المستخدمين أو تزويرها في عمليات إجرامية.
مزايا جمالية وتسويقية
في المقابل، يرى بعض الخبراء أن تحويل الصور إلى رسوم كرتونية قد تكون له سيئات، لكن أيضا قد تكون له حسنات وفوائد، ولذلك فإن هناك خطوات وقائية يمكن للشخص اتباعها لحماية بياناته.
الخبير في الأمن السيبراني أحمد حسين العمري، "أكد أن هذه التطبيقات وعملها هو أحد نتائج الذكاء الاصطناعي أصلا، لأن عملها يعتمد على برمجياته، والتي تعمل على تعديل الصور وإزالة واستبدال بعض ملامح الإنسان وفق أنماط محددة بحيث تظهر على شكل رسوم كالتي نشاهدها في الأنيميشن وأفلام الكرتون".
وقال العمري لـ"عربي21": "تقنية تحويل الصور نعم قد يكون لها سيئات وعواقب وخيمة، ولكن لها أيضا حسنات، مثلا زيادة الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إنها تساعد في إنتاج محتوى مميز وجذاب على هذه المنصات، وكما هو معلوم فإن هذا الأمر قد يجلب زبائن جددا".
وتابع، "مثلا تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام تمنحك مثل هذه الخاصية، وبالتالي فإن الشخص إذا كان لديه مثلا عيوب خلقية أو عيب معين لا يريد إظهاره، فإنه في هذه الحالة يستبدل بالصورة رسما كرتونيا، وأيضا يعكس شخصية المستخدمين، فأحيانا البعض يرغب في إظهار شخصيته بمظهر ما أو تقليد لشخصية مُحببة وهذه التقنية تمنحه ذلك".
ومن مزايا هذه التقنية وفقا للعمري، "زيادة أرباح الشركات المُطورة، وبالتالي توفير فرص عمل جديدة للعاملين في قطاع التصميم أو في الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنهم عمل فلاتر مشابهة أو مستنبطة من هذه التكنولوجيا وبيعها".
ولفت إلى أنه "يمكن أيضا الاستفادة منها في الحملات الإعلانية التسويقية، حيث إنه أصبح الآن منتشرا ما يسمى بالتسويق الكرتوني، حيث تستغني بعض الشركات عن التعاقد مع مؤثرين تدفع لهم أموال طائلة للدعاية، وتستخدم رسوما كرتونية كالتي يتم إنتاجها بهذه التقنية، خاصة أن تكلفة الاستعانة بالرسم الكرتوني أقل بكثير من الاستعانة بالمؤثرين".
وأوضح أن "بعض المنصات والتطبيقات تستفيد من هذه التقنية عبر زيادة التفاعل بين المستخدمين، من خلال استخدام هذه الصور المُعدلة في ما يسمى (التظليل البصري)، وكذلك يستفيد المؤثرون وقطاع الإعلام منها عبر استخدامها لتعزيز المحتوى".
محاذير
ومن الأمور التي حذر منها البعض خلال استخدام هذه التقنية، إمكانية إعادة الرسم الكرتوني لصورة مرة أخرى، عبر عملية برمجية عكسية، وبالتالي فقد يقوم شخص ما بسرقة هذه الرسوم من حساب المستخدم ثم يعيدها إلى هيئتها الأولى مرة أخرى.
وأكثر ما يخيف مما يُحذر منه هو إعادة استخدام هذه الصور بعد إعادة تحويلها من رسم في عمليات ابتزاز وتشويه لشخصية صاحب الصورة، عبر تركيب صور اباحية مثلا أو وضعه في موقف أو مكان ما يثير الشبهات.
تنبيه :
الصور المحولة الى صور رسوم متحركة عبر برامج الذكاء الاصطناعي من السهولة اعادتها لحالتها الاصلية، عملت التجربة بنفسي عشان اتأكد وبالفعل البرنامج اعاد صورتها لحالتها الاصلية !!
مثل هذي الحسابات الساذجة تقودكم لمستنقعات الفساد بقصد او دون قصد وانتوا تتفاعلون معها ❌️ http://pic.twitter.com/KbsARRMYxs — ابو عبدالكريم القحطاني (@qahtani_m1) April 5, 2025
الخبير في الأمن السيبراني أحمد حسين العمري، "يتفق مع البعض بأن هناك محاذير يجب الانتباه لها، ومنها اختراق الخصوصية، فحينما يقوم المستخدم بتنزيل تطبيق ويدرج صورته فيه ليحولها إلى رسم كرتوني يطلب منه منحه امكانية الوصول للبيانات والمحتوى على هاتفه، منها جهات الاتصال والصور وغيرها".
وتابع: "كذلك من المخاطر استخدام صور الناس، بمعنى أنه عند استخدام أي شخص لهذه التطبيقات تصبح صورته موجودة عند من صمم التطبيقات، بالتالي فقد تحدث عمليات انتحال للشخصية، بمعنى عمل حسابات وهمية باسم هذا الشخص على وسائل التواصل الاجتماعي".
وحول إمكانية قيام هذه التطبيقات بانتحال شخصية بعض المستخدمين والمغامرة بخسارة سمعتها، قال العمري، إن "التطبيق لن ينتحل شخصية المستخدم بشكل مباشر، لكن بعض هذه الشركات قد تبيع بيانات المستخدمين، وبالتالي فإن من يشتريها قد يقوم هو بذلك".
وأكد أن "هناك أيضا مخاطر أمنية لهذه التطبيقات منها تتبع الوجوه، ويتم ذلك بواسطة الذكاء الاصطناعي استنادا إلى الصور التي منحها الشخص لهذه التطبيقات، علما بأن التعرف على الوجه يتم ليس بالملامح بل بما يُسمى السمات الحيوية أو خصائص رأس الإنسان".
وأوضح أن "السمات الحيوية مثل المسافة بين العينين أو بين الفكين أو الأذنين، هذه صفات ثابتة، بالتالي حتى لو غير الإنسان في ملامح وجهه فإنه يمكن التعرف عليه من خلال هذه التقنيات".
وأردف: "بمعنى آخر: حتى لو أجرى شخص عملية تجميل وغير الكثير من ملامح وجهه فإنه يمكن التعرف عليه من خلال السمات الحيوية لرأسه التي تم تخزينها بعد أخذ هذه الصور".
وشرح العمري ذلك بأنه "يتم بعد أخذ هذه الصور عمل تحليل وتخزين للسمات الحيوية في سيرفرات هذه الشركات، وفي المستقبل مثلا دولة أو جهة ما أرادت معرفة شخص يمكنها ذلك حتى لو غير في شكله عبر هذه السمات الحيوية التي تم تخزينها".
وحول طمأنة البعض للمستخدمين بالقول إن كل الشركات الكبرى أصلا لديها بياناتنا وبالتالي فلا داعي للخوف، قال العمري: "نعم صحيح، ولكن هناك شركات جديدة ومصممو تطبيقات يعملون في الذكاء الاصطناعي لا يملكون هذه البيانات، وبالتالي فقد تكون هذه الخدمة وسيلة لجمع بيانات الناس ويمكن بيعها واستخدامها من قبل دول أو مؤسسات أو أجهزة أمنية أو عصابات".
كيف تحمي بياناتك؟
وعلى الرغم من معرفة البعض بأن هناك مخاطر لاستخدام هذه التقنية على الرغم من وجود حسنات لها، إلا أن الفضول قد يدفعهم لتجربتها، وربما رغبة منهم في منح أنفسهم الشعور بأنهم أجمل في الصور الكرتونية.
ولهذا يبقى من المهم أن يعرف كل مستخدم كيف يحمي نفسه حينما يستخدم هذه التطبيقات.
عبدالرحمن الصاوي، مهندس برمجيات وباحث في شركة BeamNG GmbH، قال، إن "هذه التقنية أثارت جدلاً واسعًا، إذ اشتكى الفنانون الرقميون والمصورون من أن هذه النماذج تم تدريبها على صور وأعمال فنية مأخوذة من الإنترنت دون إذن مُسبق من أصحاب حقوق الملكية".
وتابع الصاوي خلال حديثه لـ"عربي21" بالقول: "يعتبر كثيرون أن استخدام هذه الصور دون موافقة صريحة ينتهك الملكية الفكرية، خصوصًا إذا استُخدمت النتائج تجاريًا أو منافسةً للأعمال الأصلية".
وأوضح أنه "بالمقابل، تُجادل بعض الشركات بأن البيانات التي يُدرَّب عليها الذكاء الاصطناعي تكون غالبًا علنية أو متاحة بموجب الاستخدام العادل، وعلى الرغم من أن هذه النقطة لا تزال تحت الدراسة القانونية في العديد من الدول، فإن المطالبات بإصدار قوانين أكثر وضوحًا لحماية المبدعين تزداد يومًا بعد يوم".
ولحماية البيانات الشخصية نصح الصاوي المستخدمين، "بعدم رفع الصور على منصات غير موثوقة أو مجانيّة دون قراءة الشروط، و تجنّب الإدخال العشوائي للبيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المفتوحة".
ومن وسائل الحماية أيضا نصح، "باستخدام علامات مائية رقمية، أو أدوات تشويش الوجه للمحتوى الحساس، وضبط إعدادات الخصوصية في منصات التواصل الاجتماعي لمنع من لا نرغب أن يشاهد ما ننشر بمشاهدته، كذلك استخدام أدوات حظر تتبّع البيانات وتصفّح الإنترنت بشكل آمن".
وحول كيف يمكن للناس استخدام الذكاء الاصطناعي وفي ذات الوقت حماية بياناتهم، قال الصاوي: "يجب استخدام نماذج محلية (Local AI Models)، مثل DeepSeek أو Mistral، لتشغيل الذكاء الاصطناعي على جهازك دون إرسال بياناتك لخوادم خارجية".
وختم نصائحه بالقول: "يجب تجنّب أدوات الذكاء الاصطناعي المجانية تمامًا، لأن بعض هذه الأدوات "تتغذى" على بيانات المستخدم وتستخدمها في التدريب، وما لا تدفع مقابله غالبًا ما تستخدم بياناتك كثمن له، وأخيرا قراءة الشروط وسياسات الخصوصية لأي أداة تستخدمها، وتفعيل خيار "عدم استخدام بياناتي للتدريب" إن توفر".