صليت صلاة العيد اليوم في مسجد السفارة السودانية بالعاصمة الصينية بكين، فعيد هذا العام جاء وأنا خارج السودان، ما لفت نظري كحال الكثيرين هو مسجد السفارة السودانية هناك، هو قصة فريدة وعجيبة. بدأ مع تأسيس السفارة نفسها بمبناها الجديد، ودونا عن كل السفارات الأخرى فتح المسجد أبوابه لكل الجاليات المسلمة، ووجد في مذهبه هذا موافقة من السلطات المحلية، فصار قبلة لكل الناس في صلوات الجمعة وفي الأعياد والمناسبات الكبيرة مثل رمضان وعيد الفطر.

المسجد يحكي قصة دبلوماسية شعبية ويترك انطباعا في نفس كل من يتصل به، من الأسر وأبناء الجالية، وفيه تجد خليطا من أجناس أمة الإسلام، وبسماحة شديدة وفضل وكرم وقبول تفتح السفارة أبوابها للمصلين، وتتحول سفارة السودان لشيء حميمي وإنساني وتمتلك ميزة لا تدانيها فيها جهة أخرى، الأمر يبدو وكأن بركة شيخ من شيوخ السودان قد حلت هناك، كأن الشيخ إدريس ود الأرباب جاء وصنع لنفسه مكانا ودارا ومسيدا تأوي إليه أفئدة من الناس من كل جنس.

حينما تتأمل بعد الصلاة سترى مشهد جميل وعجيب بالمقاييس المعروفة لعالم مساحات العمل الرسمي والدبلوماسي، سترى في باحة السفارة أناس من المغرب العربي بكل دوله، ستلاقي أفارقة من كل جنس، غربها ووسطها وشرقها، مصر وعرب المشرق كلهم والخليج العربي، ثم من نواحي باكستان وأفعانستان والهند، وكذلك دول الأوزبكستان والطاجكستان وغيرها من تلك الأقاليم حتى الصينيين أنفسهم. كنت قد صليت اليوم وعن يميني مغربي وعن شمالي شخص من السنغال مع أطفاله الثلاثة، وبعد الصلاة سلمت على طلبة من غامبيا، وكذلك صينيين وهنود وأفغان.

كل تلك الوجوه واللغات والسحنات، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، يجمعهم الإسلام والقبلة الواحدة، لكنهم اجتمعوا في السودان، سفارة السودان وعلمه يرفرف في منتصف الباحة الواسعة، تلك التي جمعتهم بعد الصلاة للتهنئة والسلام ولعب الأطفال، هذه دبلوماسية شعبية منحت السودان وشعبه صلة قوية بآخرين، ربما لا يشعر البعض بأهمية ووزن هذه الحالة سياسيا ورسميا، لكنها ذات معنى عظيم ثقافيا وحضاريا، فالمشهد ليس غريبا عن السودان، بل هو جزء من ثقافة وحياة أهل السودان، كرمهم ومباشرتهم للغير وسماحتهم وكسرهم لنمط التعاقد والبروتوكول نحو أفق التراحم والتواصل الإنساني. الأمر ليس فوضى، لن تفهم منه ذلك ياعزيزي إذا رأيته، بل تفهم منه تفوقا فكريا وأخلاقيا وثقة بالنفس والشخصية. لذلك فإن العائد من هذه الحالة وفي أرض بعيدة هو عائد مهم لا يقل عن أدوار ثقافية وإعلامية تؤديها مؤسسات وتصرف فيها أموال.

إن حالة مسجد السفارة السودانية في الصين حالة فريدة وتستحق النظر والتشجيع، هي كسر للنمط وإعادة صياغة للأشياء من جديد، وفق منظومة قيم خاصة بدور المسجد، ومنظومة قيم متجسدة في شخصية السوداني.
الصورة من مسجد السفارة السودانية_ بكين.
كل عام وأنتم بخير.
هشام عثمان الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حريق المسجد الأموي في دمشق.. حقيقة الفيديو المتداول

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تناقلت حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو بزعم أنه يُظهر اشتعال حريق في المسجد الأموي في دمشق نتيجة اشتباكات بين مقاتلي الإدارة السورية الجديدة.

حصد الفيديو عشرات الآلاف من المشاهدات وآلاف التفاعلات عبر مختلف المنصات الاجتماعية.

وصاحبته ادعاءات تزعم وقوع "اشتباكات بين عصابة أبو محمد الجولاني وعصابة أحمد الشرع أدت إلى اندلاع حريق في المسجد الأموي في دمشق".

لقطة شاشة لمنشور يحتوي الفيديو المتداول بسياق مٌضلل

أظهر تحقق موقع CNN بالعربية أن الفيديو قديم، ويعود إلى حريق مسجد في مصر وليس سوريا.

ويرتبط الفيديو المتداول حاليًا باعتباره من سوريا، بحريق وقع في يناير/كانون الثاني 2022 بمسجد الشيخ علم الدين الرباط في مركز منفلوط في محافظة أسيوط، في جنوب مصر.

كانت أولى نسخ فيديو حريق مسجد علم الدين الرباط، منشورة في 19 يناير/كانون الثاني، في قناة عبر يوتيوب، اسمها "بوابة أحداث اليوم".

آنذاك، كشفت التحقيقات أن الحريق وقع نتيجة ماس كهربائي، وأن النيران التهمت الأسقف الخشبية للمسجد المبني قبل أكثر من 100 عام، ويضم عددًا من الأضرحة.

مقالات مشابهة

  • حكم إطلاق أسماء الأشخاص على المساجد.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز صلاة الجمعة وراء الإمام في التليفزيون؟
  • خمسة أوقات مكروه الصلاة فيها .. تجنب هذه المواعيد
  • افتتاح مسجد العليم في المدام
  • حريق المسجد الأموي في دمشق.. حقيقة الفيديو المتداول
  • المتحدث باسم السفارة الصينية يندد بالرسوم الجمركية الأمريكية ويصفها بـ"التنمر التجاري"
  • السفارة الصينية في بغداد تهاجم الرسوم الأمريكية: “خرق لقواعد التجارة العالمية”
  • السفارة الصينية في بغداد تهاجم الرسوم الأمريكية: خرق لقواعد التجارة العالمية
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النور بمحافظة الجيزة
  • العيد القومي للجيزة.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النور بمدينة الصف