عبد السلام فاروق يكتب: قمة البريكس تتوعد الدولار!
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
هذا هو العنوان الرئيسي لما جاء فى قمة البريكس المنعقدة فى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا لمدة ثلاثة أيام ..وكان أبرز وأهم فعالياتها خطاب بوتين النارى ضد الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها الاقتصادية المهلكة للدول الصغرى إما من خلال سلاح القروض أو سلاح العقوبات الاقتصادية، الأمر الذى يستلزم القضاء على هيمنة الدولار وضرورة تنويع سلة العملات العالمية مؤكداً أن مجموعة البريكس لديها العديد من أدوات الضغط والتأثير لإسقاط الدولار من عرشه العجوز.
القمة الأهم والأخطر!
شعارها هذا العام : "بريكس وإفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة بشكل متبادل" ...إنها قمة التوسع، وإفريقيا هى الهدف الأول لها!
لقد تمت دعوة 67 دولة و20 ممثلاً لمنظمات دولية لحضور فعاليات هذه القمة المهمة..وقد جاءت بعد أسابيع من انعقاد القمة الروسية الإفريقية،ومن حدوث انقلاب النيجر الذى قلب موازين القوى فى القارة السمراء..هناك أمر جلل يحدث، وهناك تغييرات حتمية ستتم على الصعيد العالمى والإفريقى لا محالة، ذلك ما يمكن أن نستنتجه من كل هذه الأحداث المتتابعة التى تصب كلها فى هذا المعنى..
أغلب الدول التى تمت دعوتها للقمة هى دول إفريقية، بالإضافة لدول من آسيا وأمريكا الجنوبية والكاريبي..وفى حين أبدت نحو 43 دولة استعداداً للانضمام لمجموعة البريكس، فإن ثلاثاً وعشرين منها طلبوا الانضمام لها رسمياً وفى مقدمتهم مصر والسعودية ثم الجزائر والأرجنتين والبحرين وبنجلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإثيوبيا وهندوراس وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا وفلسطين والسنغال وتايلاند والإمارات وفنزويلا وفيتنام. أى أن هناك 8 دول عربية تسعى لهذا الغرض.
على مدار 13 عاماً لم تحقق القمة طفرة كما حدث لها فى آخر عام..والإنجاز الأكبر لها كان ما حدث عام 2014 من إنشاء بنك التنمية NDP برأسمال 100 مليار دولار..ثم ما حدث من تضاعف للتبادل التجارى بين دول البريكس بمقدار ستة أضعاف، والأهم من هذا وذاك أن الدول الأعضاء جميعها حققت زيادة ملموسة فى ناتجها المحلى وأقواها الصين؛ إذ حققت طفرة فى ناتجها المحلى الإجمالى من 6 تريليون دولار سنوياً عام 2010 فى بدايات العمل بالمجموعة ، إلى نحو 18 تريليون دولار عام 2021 والنمو لديها يتسارع بشكل مطرد.. أما أهم وأخطر ما يدور فى كواليس القمة الحالية، تهيئتها لتكون المنافس الأول لا لمجموعة السبع الكبار وحدها وإنما تحديها للنظام العالمى القائم بأكمله..حيث يؤكد الخبراء أن قمة البريكس هذا العام لها بعد سياسي واضح ورسالة مؤداها تقديم البديل للمؤسسات المالية الدولية وللنظام الدولى الحالى، والتبشير بعالم متعدد الأقطاب..
الهند تعارض التوسع
الدول الخمسة المؤسسة لمجموعة البريكس يمثل اقتصادها 23% من الناتج المحلى العالمى، وسكانها يمثلون 42% من سكان العالم..قوة اقتصادية وموارد بشرية كبري، ورغم ذلك فإن الغرب وأوروبا ما زالوا الأقوى والأشد تأثيراً من خلال منظمات دولية راسخة متغلغلة فى النسيج الاقتصادى الدولى كله..
المنطق يقول إن دخول عدد آخر من الدول فى هذه المنظومة القوية سيدفع الكفة لتميل نحو البريكس فوق كل التكتلات الاقتصادية ، ما يجعل من السهل تحقيق حلم الأقطاب المتعددة ونزع مخالب الغرب وإضعاف هيمنة أمريكا والدولار .. لكن هذا التوسع فى نطاق الشراكات والعضويات الخاصة بمنتدى البريكس يلقى معارضة قوية من الهند وربما من البرازيل أيضاً..فلماذا الهند؟
المراقبون يؤكدون أن الصراع الحدودى بين الصين والهند أثمر تضارباً فى المصالح بين البلدن؛ الأمر الذى تسبب فى إحداث تصدع داخلى فى الكيان الاقتصادى الناشئ..والبعض يذهب إلى أن هذا التصدع مقصود ومفتعل؛ بدليل ما حدث من تقارب كبير بين الهند وأمريكا فى الشهور الأخيرة ؛ ما يعنى أن البريكس ليس بإمكانها تحدى النفوذ الأمريكي والغربي مهما حاولت، وأن الاختراق الغربي لمنظمة البريكس يهدد بقاءها أو على الأقل سيؤدى إلى تحجيمها وإضعاف تأثيرها..
لهذا تؤكد التقارير أن مجموعة البريكس وضعت شروطاً لاختيار الدول التى يمكن قبول انضمامها للمنتدى أهمها أن تضيف الدولة المختارة قوة حقيقية لهذه المجموعة، وأن تكون موافقة على سياسات واتجاهات المنظمة التى تخطط لنظام عالمى بديل، وأن تكون ذات قوة اقتصادية مؤثرة.
القمة أعلنت موقفها من طلبات الانضمام للبريكس ووافقت علي انضمام عدة دول في مقدمتها مصر والسعودية.. إنها تلك اللحظة التى ينتظرها العالم ليري بذرة التحدى للنظام العالمى الحالى تنمو وتثمر!
القمة وحرب العملات
أنيل سوكلال سفير جنوب إفريقيا قال كلاماً مغايراً لما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فى مستهل القمة..ما يعنى وجود فجوة بين ما يدور فى العلن وبين ما يدور فى كواليس القمة!!
قبيل القمة أثير الكلام حول إطلاق عملة موحدة مدعومة بالذهب يتم من خلالها القيام بالتبادل التجارى بين الدول الأعضاء بمجموعة البريكس، والواضح أن الدراسات التى جرت تشكك فى قدرة مثل هذه العملة على منافسة الدولار سواء فى المستقبل المنظور أو البعيد.. وهذا ما جعل محور الحديث فى القمة اليوم يدور حول التداول بالعملات المحلية بين الدول الأعضاء.. لهذا قال السفير الجنوب إفريقي سوكلال: إن جدول أعمال المنتدى لا يتضمن التخلي عن الدولار، وأن البريكس لا تدعو أصلاً للتخلى عنه، وسيظل هو العملة الرئيسية عالمياً.. فهذه حقيقة واقعة.. هذا كلامه..
أما بوتين فكان خطابه المضاد للدولار واضحاً جلياً، وأن استهداف الدولار يبدو كأولوية فى خطة روسيا الاقتصادية القادمة، كنوع من الرد الروسي على العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية ضدها..
الأيام القادمة ستكشف عن التوجهات المستقبلية لهذا التكتل الاقتصادى سريع النمو، ومدى حجم التوسع الذى سيصل إليه خاصة فى إفريقيا التى باتت اليوم فى بؤرة الصراع الدولى..
البريكس وتوقعات النمو
منذ البداية وخبراء الاقتصاد يبشرون بأن البريكس سيكون لها مستقبل عظيم وصدقت توقعاتهم..
الأرقام الحالية كشفت أن مساهمة دول البريكس فى الاقتصاد العالمى بلغت نحو 31,5% بينما بلغت مساهمة الدول السبع الصناعية 30,7%؛ ما يعنى أن البريكس ولأول مرة حقق تفوقاً على السبع..
التوقعات تشير إلى أن التوسع فى انضمام الدول للبريكس قد يصل بها إلى ما يزيد عن 20 دولة، وأن التبادل التجارى بالعملات المحلية سوف يتم إقراره.. فى الوقت الذى تزيد فيه قدرات الصين على السيطرة على سلاسل التوريد والإمداد العالمى من خلال زيادة أسطولها التجارى البحرى والجوى خاصة مع اكتمال مشروع طريق الحرير.. وإذا أضفنا لهذا مساحات النفوذ التى يكتسبها الروس والصينيون فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط .. كل هذا يبشر بأن مجموعة البريكس يمكن لها بالفعل أن تغير المعادلة العالمية القائمة، وأنها حقاً قادرة على إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمى برمته..
البساط ينسحب بالتدريج من تحت أقدام الولايات المتحدة وأوروبا.. وكلاهما متورط فى حرب طويلة ممتدة على الحدود الشرقية لأوروبا وفى بحر الصين، تلك الحرب التى كلما طالت استنزفت خزائن أمريكا وطاقتها البشرية والعسكرية.. أنت تتحدث عن اقتصاد يعانى أصلاً بفعل عدة أزمات متعاقبة بدأت بأزمة البنوك ثم سقف الديون ثم حرائق كاليفورنيا وهاواى، فكيف الحال وقد تحولت دفة الاقتصاد العالمى نحو الشرق، وزهد حتى حلفاء أمريكا القدامى فى الشراكة معها؟
كافة الحسابات تؤكد أن المستقبل القادم للبريكس.. وأن شمس الغد سترتفع من قِبل الشرق!
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أن البریکس ما حدث
إقرأ أيضاً:
القمة 11 لدول D8| الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة من أجل اقتصاد الغد
تستضيف القاهرة الخميس 19 ديسمبر، القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني الإسلامية للتعاون الاقتصادي D8، التي ستناقش سبل مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية المتزايدة، والقمة ستعقد تحت شعار “الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكيل اقتصاد الغد”.
منظمة الدول الثماني الإسلاميةوتتولى مصر رئاسة القمة الحالية بعد أن تسلمت رئاسة المنظمة في مايو الماضي، وستستمر في قيادتها حتى نهاية العام المقبل، ومن المتوقع أن تُعقد عدة قمم ولقاءات ثنائية على هامش القمة، تشمل لقاءات بين الرؤساء والوفود المشاركة.
بدأت الاجتماعات التحضيرية أمس الأحد 16 ديسمبر 2024، بمشاركة مفوضين من الدول الأعضاء للإعداد للقمة، ترأس الاجتماعات السفير راجي الإتربي، مفوض مصر لدى المنظمة ومساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية متعددة الأطراف.
صرح السفير الإتربي، أن الاجتماعات ستتناول العديد من القضايا الاقتصادية، خاصة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات.
وأضاف أن منظمة D8، تضم دولاً تمثل سوقاً ضخمة بنحو مليار نسمة، ويصل ناتجها الإجمالي إلى 5 تريليونات دولار.
وأكد السفير أن كافة الدول الأعضاء أكدت دعمها للمبادرات المصرية في مجالات الصناعة، التجارة، التعليم، الصحة، والسياحة، إضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التعاون في البحث العلمي، موضحا أن نتائج هذه الاجتماعات ستُعرض في اجتماع وزراء الخارجية يوم 18 ديسمبر، تمهيداً لرفعها إلى القادة لاعتمادها في قمة القاهرة.
ووصل نائب رئيس وزراء باكستان ووزير الخارجية، السيناتور محمد إسحاق دار، إلى القاهرة لحضور القمة الحادية عشرة لدول مجموعة الثماني النامية (D-8) المقرر عقدها في 19 ديسمبر 2024.
وكان في استقباله القائم بالأعمال الباكستاني دكتور رضا شاهد، ومستشار السفارة أحمد أمجد علي لدى وصوله إلى مطار القاهرة الدولي، وكذلك ممثلو وزارة الخارجية المصرية.
وقبل القمة يحضر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني الدورة الحادية والعشرين لمجلس وزراء مجموعة الثماني النامية في 18 ديسمبر.
تركز أولويات الأجندة المصرية على الارتقاء بالتعاون بين الدول الأعضاء فى الموضوعات الاقتصادية، وتعزيز وتفعيل الأطر القائمة فى مجالات التجارة والزراعة والسياحة والصحة والشباب والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعة.
وتشمل الأولويات المصرية، أيضًا، العمل على تعزيز وتمكين المرأة والشباب عبر الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة معدلات الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لدعم التنمية وتعزيز التجارة.
وتسعى مصر إلى تعزيز التعاون بين دول المجموعة في مجالات التجارة، والصناعة، والتكنولوجيا، حيث تملك دول مثل ماليزيا وتركيا صناعات متقدمة وتقنيات يمكن الاستفادة منها بشكل متبادل، كما أن ذلك التعاون بين الدول الأعضاء يمكن أن يسهم في تحول المجموعة إلى قوة اقتصادية عالمية، ومصدر رئيسي للطاقة والغذاء، ما يعزز قدرتها على التأثير في صنع القرار العالمي.
وتعمل مصر في هذه المرحلة، التي يشهد فيها الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة، للعب دور محوري في التنسيق بين الدول الثماني لتعزيز التكامل الاقتصادي، حيث تقود جهودًا واضحة تهدف إلى تطبيق آليات التعاون بين الدول النامية والاقتصادات الناشئة، وتسعى، بالتعاون مع الدول الأعضاء في المجموعة، إلى تقليل الاعتماد على الأسواق الكبرى وتقوية اقتصاداتها المحلية.
وكذلك تعمل مصر على تعزيز تعاون الدول فيما يخص تسريع الابتكار المحلى، ونقل المعرفة، وتطوير التكنولوجيا، بما يسهم بشكل كبير في تحسين أوضاع شعوب الدول الأعضاء، ويمنحها قدرة أكبر على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية.
تتمتع مصر بقدرة كبيرة على أن تصبح قوة فاعلة على الساحة الدولية، بتعزيز التعاون والتضامن بين الدول الأعضاء، من خلال توحيد الجهود واستثمار الموارد المشتركة.
في هذا السياق، يمكن للقمة المقبلة أن تلعب دورًا مهمًا في تحقيق التوازن في النظام العالمي، ودعم احترام المجتمعات الإسلامية، وتعزيز مصالح الدول النامية والاقتصادات الناشئة، ومن ثم يصبح التضامن بين الأعضاء ضرورة استراتيجية لتحقيق هذه الأهداف الطموحة.
وتواصل مصر الاضطلاع بدورها كلاعب رئيسي في تنسيق السياسات والمواقف داخل مجموعة الدول الثماني الإسلامية، حيث تولى أهمية كبيرة لتعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وتشجيع الاستثمارات والشراكات بين القطاع الخاص.
ومن خلال استضافتها عددًا من الفعاليات الاقتصادية البارزة، تسهم مصر بشكل فعال في تعزيز التعاون في مجالات حيوية، مثل قطاع الأسمدة، والطاقة، والبنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز تبادل السلع والخدمات بين الدول الأعضاء.
وتتميز رئاسة مصر النسخة الحالية من القمة بأن القاهرة تتمتع بعضويتها في عدد من التجمعات الإقليمية والدولية الأخرى، وهذا التقاطع لا يقتصر على تعزيز مصالح مصر فحسب، بل يعتبر دعمًا قويًا لأهداف المجموعة ككل، ما يرفع من قوتها وقدرتها على تحقيق أهدافها على الساحة الدولية.
وتلعب مصر دورًا فعالًا عبر المجموعة لا يقتصر على تعزيز التعاون الاقتصادي، ولكن يشمل توجيه الجهود نحو تحقيق التنمية المستدامة ودعم المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء، ما يجعلها مركزًا رئيسيًا في السياسة الاقتصادية الدولية.
تأسست مجموعة دول الثمانية الإسلامية في 15 يونيو 1997، وهي تضم بنجلاديش، مصر، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، نيجيريا، باكستان وتركيا، وتهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون التنموي بين الدول الأعضاء، وتعميق الروابط الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التنمية الشاملة.
شهدت دول مجموعة الثماني زيادة في تدفق الاستثمارات إلى مصر بنسبة ٦.٢٪، حيث سجلت الاستثمارات نحو ٢٠٠.٤ مليون دولار خلال العام المالي ٢٠٢٢/٢٠٢٣.
وتصدرت تركيا دول المجموعة في حجم الاستثمارات بمصر، حيث بلغ حجم استثماراتها ١٦٧.٢ مليون دولار، تلتها ماليزيا بـ٢٤ مليون دولار، ثم نيجيريا بـ٧.٦ مليون دولار.
وفيما يخص تحويلات المصريين العاملين في دول مجموعة الثماني، أظهرت البيانات زيادة طفيفة في هذه التحويلات، حيث سجلت ٧١.١ مليون دولار في العام المالي ٢٠٢٢/٢٠٢٣، مقابل ٧٠ مليون دولار في العام المالي ٢٠٢١/٢٠٢٢. واحتلت تركيا المرتبة الأولى في تحويلات المصريين العاملين بها، مسجلة ٣٠.١ مليون دولار، تلتها نيجيريا بـ١٨ مليون دولار، ثم بنجلاديش بـ٨.٢ مليون دولار.