كانا في مهمة فضائية لأيام وعلقا لأشهر.. رائدا فضاء أمريكيان يتحدثان عن تجربتهما
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
الولايات المتحدة – كشف رائدا الفضاء الأمريكيان سوني ويليامز وبوتش ويلمور عن ردود أفعالهما الأولى بعد أن علما أن رحلتهما التجريبية التي استمرت أسبوعا على وشك أن تتحول لرحلة فضائية طويلة تستغرق 9 أشهر.
وقالت ويليامز، البالغة من العمر 59 عاما، في أول مقابلة لها مع برنامج “أمريكا نيوز روم” على شبكة فوكس نيوز بعد عودتهما إلى الأرض: “في أعماقي، كنت متحمسة جدا، لأنني أحب العيش في الفضاء”.
وأضافت: “أحب كل شيء هناك، وأحب رؤية كيف تغيرت محطة الفضاء منذ زيارتي الأخيرة لها. إنها مليئة بالحركة والنشاط، وتجرى هناك العديد من التجارب العلمية، وشعرت بالفخر لكوني جزءا صغيرا من هذا الحدث.”
أما ويلمور، البالغ من العمر 62 عاما، والذي غاب عن معظم السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية لابنته بسبب هذه المهمة، فقد أشار إلى أنه اضطر إلى وضع مشاعره الشخصية جانبا والتركيز على الأهداف الوطنية.
وتابع ويلمور: “الأمر ليس عني أو عن مشاعري، بل يتعلق ببرنامج رحلات الفضاء البشرية، وبأهدافنا الوطنية”.
وأردف: “كان علي أن أسأل نفسي: ماذا تحتاج الأمة مني الآن؟ بالطبع، فكرت في عدم تمكني من التواجد مع ابنتي خلال سنتها الأخيرة في المدرسة الثانوية… ولكن لا يمكنني السماح لهذا بأن يؤثر على واجبي”.
وأكدت ويليامز على هذا الشعور، قائلة إن المهمة كانت أكبر بكثير من معاناتهما الشخصية: “كان أول ما فكرت فيه: علينا التكيف مع الوضع الجديد.”
وأضافت: “قلت لنفسي: حسنا، لنستغل الفرصة بأفضل شكل ممكن. لقد تدربنا مسبقا على قضاء فترة هناك، لذا كنا مستعدين للعمل وإنجاز المهام الموكلة إلينا”.
وجاءت تصريحات الثنائي بعد عودتهما الدرامية إلى الأرض في 18 مارس، بعد أن أمضيا 286 يوما في الفضاء – أي 278 يومًا أكثر من المتوقع.
وكان من المقرر أن تستمر رحلتهما التجريبية على متن مركبة “ستارلاينر” الجديدة التابعة لشركة بوينغ لمدة ثمانية أيام فقط عند انطلاقها في يونيو الماضي.
لكن تحولهما غير المتوقع إلى “عمال عالقين في العمل” لفت انتباه العالم وجعلهما اسمين مألوفين في الأوساط الإعلامية.
وقد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بتغطية أجور العمل الإضافي لهما شخصيا، كما أعلن أنه يريد استقبالهما في البيت الأبيض بعد تعافيهما بالكامل.
وكان كل من ترامب وإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “سبيس إكس”، قد حمّلا الرئيس السابق جو بايدن مسؤولية تأخر عودة رواد الفضاء إلى الأرض.
وعندما سُئلت ويليامز عن اهتمام ترامب وماسك باستكشاف الفضاء، قالت إنها “ليس لديها سبب للشك في نواياهما”.
وأضافت: “لقد كسبوا ثقتي، وأنا ممتنة لانخراط قادتنا الوطنيين في برنامج رحلات الفضاء البشرية.”
وأكملت: “إنه أمر بالغ الأهمية عالميًا أن يكون لهم دور نشط في هذا المجال. بالنظر إلى الماضي وما نراه الآن، فإن ذلك ليس مجرد تطور مُحفّز، بل هو تمكين وتعزيز لدور الولايات المتحدة في استكشاف الفضاء”.
المصدر: “نيويورك بوست”
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
المسجد فضاء الاجتماع والاختلاف
يحتفي السرد في حكاياته بعالم القرية الصغير مقدمًا أنموذجًا عن حياة الإنسان وتصورات معيشته، متناولًا صورة متخيلة تفضي إلى الواقع في ذلك المكان، كما تظهر القرية بعوالمها وشخوصها وأحداثها في الكتابة القصصية مشكلة مرجعية مهمة في عملية البناء السردي، فقد عاد القاص إلى مكان نشأته الأول وبيئة طفولته، إذ شكّل هذا الفضاء له بيئة خصبة بالأحداث، والشخصيات المختلفة في طبائعها ومصائرها.
واللافت للنظر في الكتابة عن القرية ما نجده من تصوير سردي عن فضاءات العبادة فيها، لا سيما المساجد، إذ تُشكّل مكانًا يجمع أهل القرى لحظة العبادة والانقطاع لها، كما تُشكّل مكانًا تنكشف فيه طبائع الشخصيات كلٌّ حسب درجات ورعه وتقواه، وتمثل المساجد أمكنة للعبادة لها حضورها الفاعل في الصلة بين الإنسان وربه، لكننا قد نستقرئ من سردياتها حكايات مختبئة في دواخل شخصيات القرية تمثّل اختلافًا في الأفكار أو اجتماعًا في الحضور الجمعي.
(1)
تأخذنا قصة (السترة) لعبدالعزيز الفارسي إلى عالم القرية، وتحديدًا إلى فضاء المسجد، فيقدم القاص في قصته صورة عن تنوّع الشخصيات وارتباطها بالمكان لحظة العبادة، وهنا يظهر الارتباط بالمسجد كونه مكانًا جامعًا لأهل القرية، يؤدون فيه فريضتهم، لكنّ القصة تُحيل القارئ على حدث مهم تبدأ به، إذ تدور أحداث القصة في فترة زمنية قصيرة ممتدة بين إقامة الصلاة وانتهائها، وتظهر هناك شخصيتان متمثلتان في خلف بن راشد الإمام والصوت الآتي من ورائه من السترة.
يستمر السرد في إيجاد تدافعٍ في الفعل بين الشخصيتين، يتطور إلى صراع وتخوّف، فمن هذا الذي يخطّئ الإمام الذي لم يخطئ منذ ثلاثين سنة في صلاته؟! وهنا يتحول السرد إلى محاولة للكشف، وتصبح القراءة عملية مهمة في التعرف على الشخصية الأخرى التي تظهر بصوتها في الحدث.
يمتد الحدث عبر مونولوج ينفثه صدر الإمام باحثًا عن أجوبة يحاول الوصول من خلالها إلى شخصية صاحب الصوت، وهنا يصبح المسجد فضاء تتجسد فيه التأويلات وتتسع وصولًا إلى نهاية الصلاة ووصول شخصية الإمام إلى الإرهاق الذهني الذي أضاع عليه صلاته، وأفقده الخشوع، حتى إن الصوت صار يتدخل في سير الصلاة نيابة عن الإمام: "لكنه تفاجأ بالصوت ينهي الصلاة: السلام عليكم ورحمة الله. سلّم المصلون والإمام".
في فضاءات المساجد ما يمكن للقصص أن تتشكّل من الواقع، وعلى القاص اقتناص مثل هذه الحوادث وصياغتها في قالب سردي، فشخصية الإمام لم تكتفِ بتقريع النفس ولومها، بل قدّمت اعتذارات على تقدُّمها في الصلاة على العالِم الفذّ، وهنا تأخذ القصة القارئ إلى نهايتها، وهي نهاية ساخرة نوعًا ما، فمن كان يظنه الإمام عالمًا فذًا ما هو إلا مخبول القرية الذي دخل مع الناس إلى المسجد وصلى معهم في السترة، حتى فاجأ الإمام قائلًا: "شيخنا شو رأيك في صلاتي؟ مثل اللي بالتلفزيون صح؟".
تتكرّر هذه الحوادث في السرد مقدمة صورة متخيلة عن القرية وعن مساجدها ومصليها والحوادث الناشئة من شخصياتها التي تتشكّل أسماؤها وأفعالها من مرجعية بالواقع القروي.
(2)
وكما كتب عبدالعزيز الفارسي قصة (السترة) مقدّمًا صورة الإنسان القروي وحوادثه داخل المساجد، فإن محمد بن سيف الرحبي نقل لنا الصورة ذاتها في قصة (ود هاشول يصلي!!)، ومعها تظهر طبائع الشخصيات، وأنماط تفكيرها واختلافها في الرأي فيما بينها، وينفتح النص على جملة رئيسة يقوم عليها الحكي، وتضطلع الشخصيات بأدوارها، فنجد ذلك في العبارة الآتية: "ركض فاضول بما أوتي من نفس نحو الجالسين في عصريات قرية البارود، القرية الهاجعة مع نهاية يوم صيفي بين جبال المشرق والمغرب، ردّد بلثغته المعروفة عنه: "شفت ود هاشول يصلي!!"، الجملة الأخيرة في العبارة السابقة نهضت بشخصيات القصة وأخرجت لنا سمات كل شخصية ونظرتها إلى الحياة من الحوارات الدائرة بين الشخصيات: "نهض هَدّوب من غفوته، وأزاح اللوح الكرتوني الملتصق بقميصه بسبب الرطوبة العالية، وسأل فاضول إعادة ما قاله، قال فاضول: "ود هاشول شفته يخرج من المسجد"، رد هدوب: "يمكن رايح يشرب من ثلاجة المسجد"، حاصره فاضول بجملة أخرى: "شفته خارج من داخل المسجد".
فتح حمدان نصف عين، وكأنه بعيد عن المشهد، تحدّث ببرود معتاد: "يمكن سار يشوف الشيخ أن كان بعده في المسجد أو طلع"، ثم أغمض عينيه مرة أخرى...".
تتخذ شخصيات القرية هنا من فضاء المسجد مكانًا لإطلاق الأحكام على إحدى شخصيات القرية، فـ"ود هاشول" الذي لم يدخل المسجد من قبل، صار حدث دخوله حكاية تنفتح عليها التأويلات، فالشخصيات مسكونة بالحديث عن الآخر: "غاصت الألسن تبحث عن حقيقة ما حدث، وصل عبود إلى الجالسين، لم يكد يهجع إليهم ويضع كمته فوق ركبته كعادته إذا جلس حتى أخبروه بما رآه فاضول، كلهم اشتركوا في حكاية ما حدث، قال عبود إن فاضول يحلم، وتساءل: كيف يعرف ود هاشول يصلي؟! ثم تدارك كأنه نسي شيئًا: أقول هذا النور فوق المسجد من هين طالع؟!!".
تسير الحكاية وفق سرد ساخر نوعًا ما، تنكشف معه الشخصيات وطبائعها، وإن كان مكان اجتماع الشخصيات خارج المسجد، إلا إنها اتخذت من المسجد مكانًا يأوي إليه السرد: "سأل عبود فاضول الذي خشي من مغبة نقله للحكاية فيعرف ود هاشول بذلك: ما شفته كم ركعة صلى؟ أجاب فاضول بزعل خفيف: أقول أنا ما شفته يصلي، شفته خارج من المسجد".
إن اختلاف آراء أهل القرية في "ود هاشول" قدّم انطباعًا عن شخصيته التي تتحاشى دخول المسجد، فكان دخوله أشبه بالحدث الكبير الذي لا يقبله عقل، لكن القصة تختم حدثها بتأكيد الشخصية ونفيها عن نفسها فعل الصلاة، فكان ود هاشول مؤكدًا لكل ما رسمته عنه الشخصيات الأخرى: "سأله الشايب حمد في محاولة منه لكشف الحقيقة: "سمعنا كأنك خارج من المسجد" رد ود هاشول: "سألت عن منصور، فقالوا بعده يصلي، وأنا مستعجل أريد أبلغه عن الفلج، لازم يدوّر صوار الفلج مع أذان المغرب".
(3)
وإذا كان حدث دخول "ود هاشول" إلى المسجد حدثًا أدهش شخصيات القرية، فإن سعيد الحاتمي ينطلق في قصة (صلاة) من اعتبار المسجد فضاءً ينفض الإنسان داخله كل هموم الحياة وأدرانها، فالطريق إلى المسجد قصير جدًا بقدر ما يُشعل المدخّن مدواخه وينتهي من تدخينه، هنا يصبح المسجد فضاءً يحتضن الإنسان مسبغًا عليه الطمأنينة والنور، يقول: "في طريقه للمسجد أخرج مدواخًا خشبيًا من جيبه، وحشا فوهته بالتبغ. وضع طرفه بين شفتيه، وسلّط لهب الولاعة على كتلة الغليون. قبل أن يدخل، أطلق سحابة من الدخان، وردد خلف المؤذن: "حق وصدق لا إله إلا الله".
(4)
ويصور عيسى البلوشي في قصته (جامع "مفرق") الصراع الحاصل في المساجد في اختلاف الرؤى والأفكار، إن أولئك الأشخاص يمثلون أفراد القرية في توجهاتهم وآرائهم واختلاف كلمتهم، ورغم أن المسجد مكان جامع لهم، فإنهم تفرّقوا حوله وتشتّتت آراؤهم واختلفت كلمتهم عليه، فكان أن جمع العنوان لفظتين متضادتين (الاجتماع والفرقة): "بعمائمهم المختلفة كانوا يتنازعون على المسجد، بعمائمهم التي تمثّل الدين تنازعوا، واستخدموا في نزاعهم الحلال والحرام، بعمائمهم المختلفة تلك أخذوا يحفرون لبعضهم البعض بالكذب وبالحقد وبتقطيع الأرحام، بعمائمهم تلك كانوا يهدمون الدين. وحده بلحيته البيضاء وثمانينية حميمة كان يمقتهم، وحده كان يزدري هرطقاتهم. لم يكن يقرب مسجدهم، وحده صنع لنفسه مسجدًا بين نخيله في بقعة ظليلة عند الساقية. وذات مصارحة قال: "هذا المسجد -بالأصل- مقام على أرض مغصوبة!".