في ظل حواره الأمني مع واشنطن.. كيف يوازن العراق علاقاته بين أمريكا وإيران؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
يمثل التنافس المحموم بين الولايات المتحدة وإيران في العراق ملفا حساسا بالنسبة لبغداد التي تحاول الموازنة في العلاقات بين كلا الجانبين، خصوصا بعد عقدها حوارا أمنيا مشتركا مع واشنطن مؤخرا.
وانعقد "حوار التعاون الأمني المشترك" بين الولايات المتحدة والعراق، في واشنطن يومي 7-8 أغسطس/آب 2023، بمشاركة وفد عراقي ترأسه وزير الدفاع ثابت العباسي، وضم أيضا رئيس جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، ووفد أمريكي بقيادة مساعدة وزير الدفاع سيليست والاندر.
جاء ذلك استكمالا للحوار الاستراتيجي بين البلدين الذي بدأ في يونيو/حزيران 2020 لمعالجة أربع ملفات رئيسية: الأمن ومكافحة الإرهاب، والاقتصاد والطاقة، والقضايا السياسية، والعلاقات الثقافية.
كما اجتمع الوفد العراقي مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وممثلين عن هيئة الأركان المشتركة ووكالة التعاون الأمني الدفاعي والقيادة المركزية الأمريكية ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي.
اقرأ أيضاً
الخارجية الأمريكية: لم نرسل رسالة لطهران عبر العراق.. المسؤولون الإيرانيون يكذبون
مصالح أمنية
وتقول منصة "أسباب" في تقرير إن تأمين المصالح الأمريكية فـي العـراق يمثل أولويـة لدى واشـنطن؛ حيـث يقـع العـراق فـي موقـع مهـم بالمشـرق العربي، ويمتلك موارد طاقة وفيـرة، ويمثل مرتكزا لمكافحة تنظيم "الدولـة الإسلامية"، وسـاحة للتعاون الأمريكي الكردي، ولذلك ينتشر ألفي جندي أمريكي في العراق لأداء مهام استشارية وتدريبية لصالح حكومتي بغداد وإقليم كردستان.
وتشير إلى أن الوجود العسكري في العراق يمنح ضمانة لمواصلة واشنطن تواجدها العسكري والأمني في سوريا؛ حيث تتحرك قوافل الإمداد اللوجستية الأمريكية انطلاقا من العراق إلى القوات الأمريكية في سوريا، والتي تبلغ نحو 900 جندي، فضلا عن تقديمه الدعم والإسناد للقوات الكردية الحليفة في سوريا.
ويوضح التقرير أن الولايات المتحدة تخشى من أن تـؤدي الخلافـات بيـن حكومتـي بغـداد وأربيـل، والنزاعات بين القوى السياسية العراقية إلى عودة بعث تنظيم الدولة في العراق من جديد.
ويضيف: "بالتالي فإن واشنطن حريصة على تعزيز قدرات الجيش العراقي، وتقديم الدعم الجوي والاستخباراتي، والتشجيع على التنسيق الأمني الثنائي بين بغداد وأربيل خاصة لسد الفجوات في المناطق الحدودية المتنازع عليها بينهما، فضلا عن حث حكومة بغداد على إعادة توطين النازحين ودمجهم في المجتمع وإعادة بناء المناطق المدمرة بهدف نزع فتيل أزمة المظالم المجتمعية في الوسط السني التي يستفيد منها "تنظيم الدولة".
ويشير إلى أن الحكومة العراقيـة تحرص علـى الاستفادة مـن الدعـم الأمريكي فـي تأهيل الجيـش العراقي و"جهاز الاستخبارات"، و"جهاز مكافحة الإرهاب".
وتدرب ما يزيد عن 200 ألف عنصر أمني وعسكري عراقي على يد القوات الأمريكية، ورغم ذلك لا تزال القوات العراقية تفتقر إلى القدرة على مواجهة التهديدات الأمنية بمفردها بمعزل عن الدعم الجوي والاستخباراتي الأمريكي، فيما يظل شبح تكرار انهيار الجيش العراقي في مواجهة تنظيم الدولة على غرار عام 2014، يطارد عقول المسئولين العـراقيين والأمريكيين، حسب التقرير.
اقرأ أيضاً
معهد أمريكي: لا مبالاة بايدن جعلت لإيران اليد العليا بالعراق
ساحة لتصفية الحسابات
ويبين التقرير أن التواجـد العسـكري الأمريكي فـي العـراق يتيح لواشـنطن مراقبـة أنشـطة إيران العسكرية فـي المنطقـة والداخـل الإيراني، بمـا فـي ذلـك رصـد بنـاء قواعد عسـكرية جديدة أو تحريـك بطاريات إطلاق الصواريخ البالستية.
ويذكر: "تستخدم أمريكا وطهران العـراق كساحة لتصفية الحسابات والمواجهات غير المباشرة، مثلما حدث في اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد عام 2020، وهو ما ردت عليه طهران بقصف قواعد أمريكية داخل العراق.
ويلفت التقرير إلى أن إيران تبنت عقب اغتيال سليماني استراتيجية طويلـة المدى تسـتهدف إضعاف التواجد الأمريكي فـي المنطقـة، خاصـة العـراق وسـوريا، كضـرورة لتحسـين البيئـة الأمنية التـي أدركـت طهـران أنهـا تحمـل مخاطـر كانـت غافلـة عنهـا.
ويتابع: "من ثم؛ وبصورة مدروسة ومنسقة، هاجمت جماعات عراقية موالية لإيران القوات الأمريكية في العراق، ووضعت التواجد الأمريكي عموما تحت ضغط مدروس، وتعددت حوادث استهداف القوات الأمريكية فضلا عن المواطنين الأمريكيين، ومن آخرها اغتيال الأمريكي ستيفن ترول في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بالعاصمة بغداد".
وعلى الرغم مـن ردود الجيش الأمريكي باسـتهداف مواقع لمليشيات مثل حزب الله العراقي وكتائب سيد الشهداء، فـإن إيران نجحت، بنسبة معتبرة، في تحويل العراق إلى بيئة معادية للتواجـد الأمريكي، بما في ذلك المستوى السياسي
وتشير "أسباب" إلى أن البرلمان العراقي، بتحرك من حلفاء إيران، أصدر قرارا يطالب بخروج القوات الأمريكية من البلاد، اضطرت معه واشنطن لتقليل عدد جنودها في العراق، وتحويل مهمة قواتها منذ يوليو/تموز 2021 إلى مهمة استشارية غير قتالية.
ومنذ ذلك الحين؛ تحرص واشنطن على التنسيق مع بغداد للحفاظ على بقاء القوات الأمريكية وفق إطار شـرعي يستند إلى تلبية دعوة حكومة بغداد لمساعدة الجيش العراقي في مواجهة تنظيم الدولة، وتدريب الأجهزة الأمنية والعسكرية.
كما تعمل واشنطن على تعزيز علاقاتها مع شخصيات وجهات حكومية عراقية، خاصة في الجيش والمخابرات وجهاز مكافحة الإرهاب، فضلا عن قوى سياسية وحزبية، بهدف معادلة نفوذ شبكة الميليشيات المتحالفة مع إيران، والتي تتمتع بحماية الدولة العراقية عبر انخراطها في المؤسسات العسكرية والأمنية، وفق التقرير.
اقرأ أيضاً
رسائل دون دماء.. تهديد المصالح الأمريكية في العراق وسط المفاوضات النووية الإيرانية
توازن دقيق
وتقول "أسباب": "يمكن القول بـأن العـراق، يحكمه خلال العقد الأخير توازن دقيـق بين النفوذين الأمريكي والإيراني فمنذ إبعاد نوري المالكي عن رئاسة الحكومة، أفرزت المعادلة السياسية رؤساء حكومات يعبرون عن هذا التوازن المعقد، وتمتعوا بعلاقات جيدة مع الجانبين وحرصوا على عدم التورط في انحياز صريح يعرض العراق لغضب أي من الجانبين".
وتضيف: "بينما اعتبر رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، أكثر ميلا للولايات المتحدة وأكثر انفتاحا على تطوير علاقات العراق عربيا، فقد تجنب الصدام مع نفوذ الميليشيات أو استهداف النفوذ الإيراني".
وبالمثل، فإن حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، القادم من الإطار التنسيقي الموالي لإيران، مرحب بها أمريكيا، وتعمل على بقاء علاقات العراق متوازنة مع واشنطن وطهران.
ويتابع التقرير: "بينما من المرجح أن تحرص واشنطن وبغداد على هذا التوازن الدقيق، فإن التهديد الأبرز للعلاقات بين البلدين يتعلق بمدى استقرار النظام السياسي العراقي، وبالأخص في ظل حالة الصراع بين التكتلات الشيعية المختلفة، بالإضافة مستوى امتثال بغداد للعقوبات الأمريكية على طهران، ومدى نجاح حكومات العراق في إدارة ملف الميليشيات الموالية لإيران، في ظل تصاعد الضغوط الإيرانية إقليميا بهدف وضع التواجد الأمريكي تحت ضغط متواصل".
اقرأ أيضاً
في ذكرى ضرب قواعد أمريكية في العراق.. إيران تستعرض صواريخها
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العراق إيران أمريكا القوات الأمریکیة تنظیم الدولة فی العراق اقرأ أیضا فضلا عن إلى أن
إقرأ أيضاً:
“بين الكرم العراقي والرفض المقنّع .. تساؤلات تبحث عن إجابة”
بقلم : سمير السعد ..
في الوقت الذي شكّل فيه العراق رمزًا للكرم الأخوي بموقفه الذي كان بمثابة “عين غطى وعين فراش”، نجد في المقابل رفضًا مبطنًا من الكويت تجاه الحضور العراقي، باستثناء أصحاب المناصب والمقربين. ورغم أن كل دول الخليج رفعت عنها الحواجز، إلا أننا نجد أنفسنا أمام عوائق لا تنتهي، وسط صمت مستغرب من المسؤولين الذين يُفترض أن يدافعوا عن حقوقنا، لكنهم إما خجلًا أو تهربًا من المواجهة يفضلون الصمت.
نحن العراق، نضيف للبطولة ولا تضاف لنا، فلماذا لا نعتز بأنفسنا؟ مسؤولوهم يخدمون شعوبهم، بينما مسؤولونا يقفون مكتوفي الأيدي، وكأن “وجع الرأس” هو ما يخيفهم.
قد نفهم مسألة تحديد أعداد الجماهير أو الصحفيين، ولكن عندما نمثل الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية ونحصل على كتاب رسمي من الاتحاد العراقي لكرة القدم يؤكد أننا جزء من الوفد الرسمي، كيف يمكن تفسير عدم منحنا تأشيرات الدخول؟ البطولة انطلقت، والجمهور يحصل على تأشيرته خلال ساعات، بينما الوفد الصحفي الرسمي يُترك معلقًا بلا تفسير.
هل هناك قصدية وراء الأمر؟ أم أنه مجرد سوء تنظيم؟ مهما كان السبب، تبقى الحقيقة أن القائمين على الأمر فينا يتحملون مسؤولية هذا الوهن. مؤسف أن نجد أنفسنا في هذا الموقف، نبحث عن إجابات من مسؤولين يبدو أنهم اختاروا الصمت على المواجهة.
إن هذا الواقع يطرح تساؤلات كثيرة، ليس فقط حول كيفية تعامل بعض الدول مع الوفود الرسمية، بل أيضًا حول طريقة إدارتنا لأمورنا كعراقيين. كيف يمكن لدولة مثل العراق، بكل ثقله وتاريخه، أن يجد ممثلوه أنفسهم في موقف كهذا؟ أين هي الهيبة التي يجب أن تعكس مكانة العراق؟
إن الكارثة ليست في التعامل غير المنصف الذي قوبلنا به، بل في غياب أي رد فعل جاد أو حازم من المسؤولين العراقيين ( اتحاد الكرة ) كان يفترض أن تكون هناك مواقف واضحة، وقرارات تُثبت أننا لا نقبل أن يُهضم حق أي عراقي، سواء كان من الجمهور أو الصحافة أو أي جهة رسمية.
إن الاعتزاز بالنفس يبدأ من الداخل. إذا لم نتمسك بحقوقنا ونطالب بها بقوة ووضوح، فكيف نتوقع من الآخرين احترامنا؟ نحن لا نحتاج إلى شعارات ولا مجاملات، بل إلى أفعال تؤكد أن العراق دولة لها وزنها، وأن من يمثلون العراق يستحقون معاملة تليق بهذا الاسم العظيم.
يبقى السؤال . متى سنرى مسؤولين يدافعون عن حقوقنا بجرأة؟ متى سنكسر دائرة الصمت والخضوع؟ ربما الإجابة تبدأ من هنا: أن نرفض الوهن ونطالب بما نستحقه، بكل ثقة واعتزاز.