صدى البلد:
2025-02-02@18:49:41 GMT

منال الشرقاوي تكتب : ما بين الحذر والحكمة

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

منذ بداية الخلق ونحن نعيش في عالم يتجاور فيه الخير والشر، لتجد نفسك دائمًا في مواجهة اختيارات!
تلك الاختيارات هي التي تحدد مسارك وتوجهاتك، وهنا لن أتحدث عن الخير والشر، من المنظورالواسع، بل سأخصص كلماتي لحاملي تلك الصفات.
ففي الحياة نجد أنفسنا محاطين بأناس متنوعين في طيات شخصياتهم وسلوكهم، وهنا يأتي الاختبار الحقيقي لفن التعامل معهم، والذي يتمثل في أهمية اختيار الأشخاص والعلاقات بحذر.


فالتفاهم والتواصل الجيد هما أساس بناء العلاقات الصحية، لذا من المهم أن نكون محاطين بأولئك الذين يفهمون قيمة الاحتواء والدعم، حيث يمكن أن يمنحونا الشعور بالأمان والثقة، وتلك هي النقطة الأولى والأهم. 
وفي رحاب الحياة، يتعيّن علينا أن نكون حذرين عندما نفتح أبواب قلوبنا للآخرين، فهم ليسوا جميعهم كما يظهرون، إن النفوس تتدفق بألوانها المختلفة، وبين السطور يكمن معنى الاحترام والثقة. 
وخلال هذه المسيرة من العلاقات، تنتشر الكلمات كأوراق الخريف، فالحديث ليس مجرد تسلية للأذن، بل هو سلاح ذو حدين، قد تكون الحروف مزينة والجمل مرتبة، لكن الحقيقة تبقى قاسية، فالصدق يُثمر الثقة، والوعود الملتزمة تبني جسورًا قوية بين القلوب.
وعليك دوماً ألا تنخدع بالقول المعسول ، فعلى ضفاف العلاقات الإنسانية، يقف كل فرد وقد جُهز بحقيبة خبراته وأحلامه .
ومع ذلك، قد يبدو أن بعضهم يحمل في جعبته الأوهام والمكائد، فعندما نُفاجأ بالتصرفات التي تتعارض مع الوعود الزائفة أو جدار السند الواهي، هنا ،يجدر بنا أن نستوقف أنفسنا، فلا يكفي أن نتفق مع الكلمات فحسب، بل ينبغي أن نتأكد من توافق الروح والنوايا.
"دعنا نمضي بخطوات ثقيلة نحو فهم أسرار هذا الكون الغامض من العلاقات".
وفي رأيي، تتجلى روعة تلك العبارة في العلاقات التي نمضي في بنائها ونرتقي من خلالها، فما بين الصداقات الحميمة والعلاقات العابرة، تتناوب القلوب على أدوار التعاون والتصارع.
وهنا يأتي السؤال :هل من المناسب أن نترك قلوبنا عرضة للجميع؟ هل يجب أن نتشارك أعماقنا مع كل من يمرّ في حياتنا؟ 
أغمض عينيك قليلاً،ثم أجب بنفسك ولنفسك!
اسمع الآن صوت موج البحر بأذنيك ، هذا أنت !
ففي دهاليز الزمان ومتاهات الحياة، ينساب الإنسان كأمواج متلاطمة تتلاقى وتتشابك، فتظهر لنا الحقائق والأشباح بشكل ملتبس.
يا صديقي، الحياة مليئة بالمخاطر والصخور،وحينما تختار،اختر الوقوف مع من تجدهم الجسرالصلب الآمن في حياتك، حينها فقط ستصعد فوق الأمواج وتنجو من الغرق وتنعم بشاطئ الأمان.
فلا تتساهل في اختيار من تسمح لهم بدخول عالمك الخاص، واحرص على أن تكون أنت السيد لحياتك، لأنك تستحق أن تمضي في طريق النجاح والسعادة دون أن تقع في الفخاخ المخفية.
وفي هذا العالم الذي يشتد به الضوء والظلام،الخير والشر، تَعَلَّمْ، أن الحكمة تنمو بجانب الحذر، حيث يصبحان رفيقين ثابتين في رحلتنا، "رحلة الحياة" ، والتي على ضفافها، نتقدم بثقة تامة وقلوب مفتوحة، نحمل بين يدينا تجاربنا وأحلامنا ونختار بحكمة من يمشي بجوارنا.
فلنمضي إذًا، وسط أمواج الزمن ومتاهات الحياة، بشجاعة وثقة، نحو مستقبلٍ يتوهج بنور الصداقات الحقيقية والعلاقات القوية، لتبقى كلماتنا رسالة تواصل تنمو وتنضج، لنترك بصماتنا الإيجابية في كل مكان.
وختاماً، ما بين الحذر والحكمة في متاهات العلاقات، علينا أن ندرك ، أنهما يسيران معا، فالحذر يرشدنا والحكمة تنير طريقنا، فلنكن كالمسافر، ونأخذ من الحذر خير رفيق والحكمة نجم يضيء دروبنا ، لنبني روابط تسير نحو الأفق بثبات وسطوع.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة

خمسون عاما على رحيلها ولكن صوتها سيظل حاضرا، فقد سكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي الذى توراثت عشقه الأجيال وتبقى أم كلثوم حالة خاصة جدا تماثل فى الإبهار والإعجاز والخلود رسوخ الأهرامات ومكانة إِبداعية لم يستطع أحد أن يقترب منها. 

شيئان ثابتان لا يتزحزحان فى الشرق الأوسط ،الأهرامات وأم كلثوم فعندما يحين موعد حفلتها الشهرية ليلة الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي ،كانت الحياة تتوقف وتخلو الشوارع من المحيط إلى الخليج ،فى القاهرة كما فى الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد، الجميع  ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلى أم كلثوم.

تفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا، تحية لها  ثم الصمت في حرم الجمال جمال ،عندما تشدو أداؤها  يآسر كل فرد على حدة ويخلق حالة توحدا كاملا بين المسرح والحضور، تتأرجح بين الشجن والنشوة وسحرمن نوع خاص.

ومثلما كان صوتها اِستثنائيّ كان جمهورها يشبهها بهيئته المميزة فكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية  وكأنها مراسم ملكية فهم فى حضرة سيدة الغناء العربى.

أنه وهج اِمرأة فاقت في هيمنتها على الشعوب حدود السيطرة ,هي الوحيدة التى أستطاعت أن تجمع العالم العربي على إختلاف مذاهبه وطبقاته تحت راية إبداعها فصنعت المستحيل وكسرت الحواجز الجغرافية بل والسياسية نعم السياسية.
ففي عام 1967 كان برونو كوكاتريكس مالك صالة الأوليمبيا قد سارعلى نهج الاِنفتاح على الموسيقى الشرقية,وأثناء زيارته للقاهرة قبل حرب67ولقائه بوزير الثقافة المصري د.ثروت عكاشة أقترح عليه اِستَضافَة الأوليمبيا لأم كلثوم.

بالفعل ذهب كوكاتريكس إلى فيلا أم كلثوم فى الزمالك, يقترح عليها إقامة حفلين خريف 67 يومى 13و15 نوفمبر 1967, إلا أنه فوجئ بطلبها آجرا لم يدفع لفنان عالمى حتى تاريخه,وهو ما كان محل خلاف لكنه فى النهاية رضخ لطلبها ,فهى أيقونة الشرق التى يجتمع على حبها الملايين من المحيط للخليج.

حدثت نكسة67 وكانت أجواء النكسة تلقى بظلالها على كل عربى فى جميع دول العالم ,وظن كوكاتريكس أن أم كلثوم لن تحيى الحفلتين المتفق عليهما, لكنه فوجئ بإصرارها على إحياء الحفلات,فقد عقدت العزم على التبرع بأجر حفلاتها كاملة للمجهود الحربي.

وبدأ التجهير للحفل ومع الأجر الكبير لكوكب الشرق أضطر مسرح الأوليمبيا لمضاعفة ثمن التذاكر, التى كانت تترواح فى ذلك الوقت مابين 30 ل50 فرنك فرنسي إلى 300 فرنك لتحقيق المردود التجاري.

واِصطَدَمَ كوكاتريكس بأن الغالبية العظمى من العرب المقيمن بفرنسا، لا يستطيعون شراء تذاكر بهذا المبلغ الخيالى بحسابات هذة الحقبة نظرا لمستواهم المادى المحدود.

وبعد مرور شهرين من طرح تذاكر الحفل لم يبع منها إلا عددا قليل، فلم يتوقع أحد أن تغرد الست خارج الوطن أعقاب النكسة، ويستشعر كوكاتريكس خطورة الخطوة التي أقدم عليها بلاِتِّفاق مع أم كلثوم على هذا الآجر الخيالى، واِعتَبَرَها صفقة خاسرة فلم يسبق له طيلة مسيرته الطويلة أن شعر أنه على حافة الإفلاس مثلما شعر بذلك في صفقة أم كلثوم.

لكن وما أن وطأت قدم كوكب الشرق عاصمة النور،وتأكَّدَ إِحيائها الحفلتين حتى بدأ توافد الحضورمن كل الأطياف والطبقات، العمال بجانب السفراء والأمراء بجانب المغتربون العرب الذين يتوافدون من جميع أنحاء أوروبا إلى باريس.

وتم مد جسور جوية خصيصا بين دول الشرق الأوسط وباريس لنقل المريدين لفن الست،والغريب أن الفرنسيون أحتلوا20% من المقاعد رغم حاجز اللغة،وحضر اليهود الشرقيون بكثافة، الأمر الذى أثار دهشة مديرالمسرح فسال أحدهم عن سبب وجوده فى حفل عائده موجه لدعم جيش مصر فأجابه إنها أم كلثوم.

لم تنته رحلة فرنسا عند هذا الحد ولم يتوقف الاِحتفاء بأم كلثوم فى فرنسا طيلة أسبوع بعد حفلتها، وكرمها الرئيس الفرنسي شارل ديجول فى رسالة وصفا فيها الست (بضمير الامة)، وبدلا من الأحساس بالهزيمة كان صوت أم كلثوم تجسيدا لمصر المنتصرة مبددا لأثار العدوان.

انها أم كلثوم التى جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته، وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع فكانت تؤدى الجملة اللحنية الواحدة بأكثر من طريقة من خلال  طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة، تضفى فيها من إبداعها الكلثومى علي اللحن والكلمة، متمكنة من أَدَواتها التى وهبها الخالق ،فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداءات متغايرة يضاف إليها الكايزما الساحرة والعبقرية الفطرية التى كانت تتمتع بهما كوكب الشرق.

مقالات مشابهة

  • منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة
  • الغلاء‭ ‬يهدد‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬الخير‮»‬‭ ‬
  • بغداد بين الحذر والتوازن في التعامل مع التغيير السوري
  • الأرصاد يحذر من أجواء باردة في المرتفعات
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الأحد 2 فبراير 2025: مشكلة بسيطة
  • كريمة أبو العينين تكتب : قبلة الحياة ورصاصة الرحمة
  • عائشة الماجدي تكتب: (جودات)
  • شبورة مائية كثيفة.. الأرصاد تدعو لتوخي الحذر
  • السحب الماطرة تواصل انتشارها وأمطار الخير تتجدد في هذه المناطق
  • جريمة ابتزاز تهز المجتمع.. مأساة عائلة يمنية تنتهي بجريمة قتل في السعودية