في حال تأكيد مقتله.. من المستفيد من تصفية بريغوجين قائد فاغنر؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
موسكو- جاء التطور "الدراماتيكي" والمفاجئ مع الأنباء عن مقتل مؤسس ورئيس شركة فاغنر، يفغيني بريغوجين، ليتسبب بسحابة سوداء في المشهد السياسي في روسيا، بعد مرور شهرين فقط على التمرد الذي فعله، وانتهى خلال ساعات قليلة بتسوية وُصفت بالغريبة، أشرف عليها الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو، وتضمنت تقاعد مقاتلي الشركة، أو انضمامهم إلى الجيش الروسي، أو انتقالهم إلى الجمهورية الحليفة لموسكو، التي تتعرض بدورها لتهديدات ذات بُعد أطلسي على حدودها مع بولندا.
ورغم تصريح رئيس حركة "نحن مع روسيا" فلاديمير روغوف، بمصرع بريغوجين بناء على مكالمة أجراها مع عناصر من فاغنر، وتأكيد هيئة الطيران الفدرالية الروسية بوجود اسمه ضمن قائمة ركاب الطائرة المتحطمة، فإنه لم يصدر حتى اللحظة تأكيد رسمي ونهائي بمقتله.
فوجود اسم بريغوجين على قائمة ركاب الطائرة التي كانت في طريقها من سانت بطرسبورع إلى موسكو، قبل أن تسقط في مقاطعة تفير، لا يعني -مِن زاوية الإجراءات الأمنية المتبعة من قِبل الشخصيات "الحساسة"- أنه كان بالفعل على متنها.
بالإضافة إلى ذلك، يتساءل مراقبون: كيف يمكن لجميع قادة "فاغنر" أن يطيروا في طائرتين حلقتا الواحدة تلو الأخرى، وفي وقت واحد، من وجهة نظر "أنظمة السلامة"، التي تدركها الشركات الأمنية، فضلًا عن الجيوش؟
فإلى جانب بريغوجين على متن الطائرة، كان معه القيادي الذي يُوصف بالرجل الثاني في المجموعة، ديمتري أوتكين، الذي -وفقًا لتقارير وسائل الإعلام-، أنشأ قاعدة تدريب للمقاتلين في روستوف على نهر الدون في 2014، وقاد وحدته الخاصة، التي سُميت فيما بعد باسم "فاغنر".
ويُشار إلى أن طائرة رجال الأعمال، وهي من طراز إمبراير 135 قامت برحلتها بإذن استخدام المجال الجوي إلى الوجهة المقررة، في عاصمة الشمال الروسي.
وتقوم لجنة أُنشئت خصيصى من الوكالة الفدرالية للنقل الجوي بالتحقيق في ملابسات وأسباب الحادث، لجمع البيانات حول تدريب الطاقم، والحالة الفنية للطائرة، وحالة الأرصاد الجوية على طول طريقها، وعمل خدمات الإرسال، ومعدات الراديو الأرضية، وتحليل سجلات الصندوق الأسود.
الفصل الأخير
ورغم حديث بعض المتابعين عن تمثيلية "دراماتيكية"، فإن أغلبية الآراء ذهبت نحو ترجيح فرضية مقتل بريغوجين، مستندة إلى أنه لو لم يحصل ذلك، لخرج لينفي ذلك بشكل علني، كما حصل في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما جرى تداول أنباء عن مقتله في الكونغو.
من هنا، يقول الكاتب الصحفي يفغيني بروستاكوف، وفي حال تأكيد مقتل بريغوجين، فإن ذلك يعني نهاية "فاغنر" بالشكل الذي كانت عليه، وإعادة هيكلتها بشكل كامل ينهي هامش استقلالية القرار، الذي بقيت تتمتع به إلى حد نسبي، حتى بعد إخفاق تمردها في يونيو/حزيران الماضي.
ويرى -في حديث للجزيرة نت-، أنه إلى جانب ذلك، وبسبب غياب بيانات دقيقة عما حدث، فإنه من السابق لأوانه التعليق على فرضية الاستهداف المتعمد للطائرة، رغم الحقيقة الواضحة بأن عدد الأشخاص الذين تقاطعت مصالحه معهم كبير، وهو ما ظهر بشكل واضح في ذروة عمليات الشركة في أوكرانيا، وحديث بريغوجين صراحة عن مشكلات يواجهها في التسليح.
ووفقًا له، كان لدى بريغوجين ما يكفي من الأعداء، وفي حال تأكّد مقتله فقد يكون لعامل التصفية وجود، ضمن فرضيات تفسير ما حصل، لا سيما بالنظر إلى شخصيته التي كانت توصف بـ"الكاريزماتية" والمستقلة والفعالة جدًا.
ويتابع، بأن عمق التناقضات قد تجلّى بوضوح بين مختلف النخب داخل البلاد مع بداية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ولا يزال معارضوها، ومعظمهم من رجال الأعمال، وكذلك بعض السياسيين والشخصيات العامة، موجودين في البلاد ويخفون آراءهم. وبناء عليه، فإن وجود مصدر قوة لدى مجموعة ما في قطاع الأعمال والحكومة يمكنها من القضاء على بريغوجين، يجب ألا يشكّل مفاجئة.
وبرأيه، فإن من شأن تأكد ذلك أن يتسبب بتصدع في العلاقات بين موسكو ومينسك، حيث كانت الأخيرة في دور عراب التسوية بين الرئيس فلاديمير بوتين وبريغوجين، والضامن للخروج الآمن لعناصر فاغنر من الأراضي الروسية، وانتقالهم لمعسكرات خاصة في بلاروسيا.
أوتكين (يمين) يرجح أنه قُتل مع رفيقه بريغوجين (الفرنسية) البصمة الأوكرانيةلكن الخبير في الشؤون الأمنية، فيتالي كراشينكوف، لا يستبعد تورط أوكرانيا في الحادث، بناء على تمكّن أجهزتها الاستخباراتية في أوقات سابقة، من استهداف مواقع في روسيا بما فيها داخل العاصمة موسكو.
فحسب رأيه، تظهر لحظة سقوط الطائرة -التي التقطها شهود عيان- انفصال أحد أجنحة الطائرة عن هيكلها الذي كان ما تبقى منه سليمًا قبل أن ترتطم بالأرض، ما يدعم فرضية استهدافها بطائرة دون طيار، وهو السلاح الذي استخدمته كييف في غالبية الهجمات التي قامت بها داخل الأراضي الروسية.
في مقابل ذلك، ينفي وجود عنصر "المؤامرة الداخلية" في الحادث؛ لأنه من المناقض لمصالح روسيا والمشهد السياسي العام في البلاد، التخلص من رجل لا يزال دروه مهمًا في الإستراتيجية الروسية لمواجهة التحديات الخارجية، بما فيها في بيلاروسيا التي تواجه تحديات خطيرة على حدودها مع بولندا، تمثّلت في حشد وارسو لقوات كبيرة لا تتناسب مع المستوى الحقيقي للأزمة القائمة مع مينسك؛ بسبب تأييدها لروسيا في الحرب مع أوكرانيا.
ويختم، بأن الترويج لفرضية تورط "جهات داخلية" في مقتل بريغوجين يضر بصورة صناع القرار في البلاد داخليًا وخارجيًا، فضلًا عن إضعاف الثقة بين القيادتين السياسة والعسكرية في روسيا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بوتين : روسيا مستعدة لمواجهة أي تحد والبحث عن حلول وسط لأزمة أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا مستعدة لمواجهة أي تحد والبحث عن حلول وسط ولكن ليس على حساب مصالحها.
وأضاف الرئيس الروسي، خلال تصريحات نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية"، اليوم الأحد،أن الغرب يعمل على التصعيد وسنرد على أي تحدٍ وأن تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة ممكن إذا كان لديها رغبة.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه مستعد للتوصل إلى حل وسط بشأن الأزمة الأوكرانية، وذلك في محادثات محتملة مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وأكد بوتين أنه لا يضع شروطًا مسبقة لبدء المفاوضات مع السلطات الأوكرانية.
ترامب، الذي يقدم نفسه كخبير في إبرام الاتفاقات، تعهد بإنهاء الصراع بسرعة، لكنه لم يفصح بعد عن تفاصيل خطته لتحقيق ذلك.
وفي أثناء جلسة الأسئلة والأجوبة السنوية مع الشعب، التي بثها التلفزيون الرسمي الروسي، صرّح بوتين لمراسل قناة إخبارية أمريكية أنه مستعد للقاء ترامب، موضحًا أنه لم يتحدث معه منذ سنوات. وعندما طُلب منه التعليق على ما يمكن أن يقدمه في هذه المحادثات، رفض بوتين الحديث عن ضعف موقف روسيا، مؤكدًا أن بلاده أصبحت أقوى منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا عام 2022.
وأوضح بوتين: "لطالما أكدنا استعدادنا للتفاوض والتوصل إلى حلول وسط"، مشيرًا إلى تقدم القوات الروسية على جبهات القتال واقترابها من تحقيق أهدافها الرئيسية في أوكرانيا. وأضاف: "في تقديري، قريبًا لن يكون هناك من الأوكرانيين من يرغب في القتال.
نحن مستعدون، ولكن يجب أن يكون الطرف الآخر مستعدًا أيضًا للتفاوض والقبول بحلول وسط."
وكانت وكالة "رويترز" قد أفادت الشهر الماضي بأن بوتين منفتح على مناقشة وقف إطلاق النار في أوكرانيا مع ترامب، لكنه يرفض تقديم تنازلات كبيرة تتعلق بالأراضي، ويشترط تخلي أوكرانيا عن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وأكد بوتين أن روسيا لا تضع شروطًا مسبقة لبدء المحادثات، معربًا عن استعداده للتفاوض مع أي جهة، بما في ذلك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومع ذلك، شدد على أن أي اتفاق لن يُبرم إلا مع سلطات شرعية في أوكرانيا، والتي يعتبرها الكرملين حاليًا ممثلة في البرلمان الأوكراني.
وأشار بوتين إلى أن ولاية زيلينسكي الرئاسية قد انتهت، لكنه أجل الانتخابات بسبب الحرب. وذكر أن أي اتفاق يجب أن يحظى بموافقة الشعب الأوكراني لإضفاء الشرعية الكاملة عليه.
وأضاف أن المحادثات المستقبلية يجب أن تستند إلى الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه بين مفاوضين روس وأوكرانيين في بداية الحرب خلال محادثات إسطنبول، لكنه لم يُنفذ.
وعن الوضع الميداني، قال بوتين إن المعارك ما زالت معقدة، مما يجعل التنبؤ بالأحداث المقبلة أمرًا صعبًا، لكنه أكد أن القوات الروسية تقترب من تحقيق أهدافها الأساسية.
وفيما يتعلق بوجود القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية، قال بوتين إن كييف ستُجبر على الانسحاب، لكنه امتنع عن تحديد إطار زمني لذلك.