تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت سابقا الكاتبة الإنجليزية سوزان بلاكمان، أحد أبرز علماء الإثنوجرافيا، في كتابها فلاحين صعيد مصر الذي نُشر عام 1927، مصحوبًا بصورة فنية للفنان الإيطالي جيو كولوتشي من عام 1907، والتي تظهر النساء في الكنيسة القبطية متشحات بالسواد.

 في الفصل الأول، تم التطرق إلى بعض العادات المرتبطة بالوفاة مثل التعديد، اللطم، وشد المنديل، بالإضافة إلى وضع النيلة الزرقاء على الوجوه والأيدي، وشق الملابس، ووضع الطين على الرأس، وحالة الحزن العميقة التي تصيب أخت المتوفى، حتى انطلاق موكب الجنازة إلى الدير للصلاة على الجثمان.

الفصل الثاني:

تبدأ سوزان بلاكمان في وصف مشهد الجنازة عندما وصل الكاهن إلى المكان، حيث نهض الجميع احترامًا له، وتبادلوا التحية مع الكاهن قبل أن يتقدموا لتقبيل يده. رفع الكاهن غطاء التابوت، وكُشف عن الجثمان الملفوف بغطاء أبيض وأخضر، فوقه قطعة قماش تحمل صليبًا أخضر، وأُشعلت الشموع على جانبي التابوت، بحيث تم وضع ست شموع على كل جانب، وواحدة عند الرأس والقدمين، بالإضافة إلى شمعتين كبيرتين في شمعدانات فضية على جانبي رأس التابوت.

ثم بدأت الصلاة، والتي استمرت لفترة طويلة وصلت إلى أكثر من ثلاث ساعات. شارك في الصلاة عريف (المعلم)، وهو رجل أعمى تمامًا، وكان صوته رنانًا، حيث كان يدق على زوج من الصنج أثناء تلاوة الكاهن لبعض أجزاء من الأناجيل. كما قام رجل آخر، اختاره الكاهن من بين الحاضرين، بقراءة مقاطع من الكتاب المقدس. أُضيفت قراءات طويلة وألحان قبطية لتكمل هذا الطقس الديني.

 بعد الصلاة، بدأ أحد المعزيين، وهو شخص مسلم، بإلقاء خطبة رثاء عن الفقيد، متحدثًا بحماسة وإجلال عن أعماله الصالحة. تميزت خطبته بصدقها وبلاغتها، مما أثار إعجاب الكاتبة التي أشادت بطلاقة لسانه ووضوح كلامه.

بعد الانتهاء من الخطبة، أُطفئت الشموع وأُعيد غطاء التابوت، ليُرفع النعش على الأكتاف ويتم الطواف حول الكنيسة ثلاث مرات. عقب الطواف الثالث، غادر الحاضرون إلى مكان الدفن حيث أُنزل النعش في قبو دفن فيه العديد من الجثامين. تم سد فتحة القبو بالطوب، وإعادة التراب إلى مكانه، ثم عاد المعزون إلى بيوتهم.

العادات بعد الجنازة:

يستمر الحداد في بيت العزاء عادةً لمدة سبعة أيام، وقد تُختصر أحيانًا إلى ثلاثة أيام فقط. أثناء هذه الفترة، لا يُطهى الطعام في المنزل، بل يُحضر الأصدقاء المؤن من الخارج. كما تُصلى صلوات في الكنيسة على روح المتوفى في اليوم الثالث، السابع، الخامس عشر، والأربعين بعد الوفاة. في هذه الأيام، لا يُكنس بيت العزاء.

في اليوم الثالث بعد الوفاة، يزور الكاهن بيت المتوفى مع الشماس. يعتقد الأقباط أن روح الميت تبقى في البيت حتى اليوم الثالث، ويُعتقد أن زيارة الكاهن تخرج هذه الروح. وقد سَردت سوزان بلاكمان أنها ذهبت مبكرًا لانتظار الكاهن، الذي تأخر في الوصول حتى الساعة الرابعة عصرًا. بعد وصوله، أتم الكاهن والشماس الطقوس الخاصة، حيث تلا الكاهن بعض الصلوات وأنشد الشماس الألحان، قبل أن يضع الكاهن صليبًا فضيًا في حوض ماء ويتلو المزيد من الأدعية. كما تم تبخير غرفة المتوفى بالمبخرة ورشّ الماء المقدس عليها.

وختاما تنتهي سوزان بلاكمان من وصف الطقوس الخاصة بالجنازات، مشيرة إلى أن بعض هذه العادات قد اختفت مع مرور الزمن، بينما ظل الطقس الكنسي القبطى ثابتًا كما هو، لم يتغير. في فصل قادم من نفس الكتاب، ستتناول الكاتبة موضوع الموالد، الوشم، وقديسي الكنيسة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس

إقرأ أيضاً:

البابا فرنسيس والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. مسيرة محبة وحوار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بدأت مسيرة التقارب بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية بخطوة تاريخية، عندما طلب الراحل  البابا كيرلس السادس من الفاتيكان جزءًا من رفات القديس مار مرقس. وقد تحقق ذلك عام 1968، حيث استقبلت مصر رفات القديس، في لحظة مفصلية أعادت الربط بين الكنيستين بعد قرون من القطيعة.

اللقاء الأول في روما: زيارة البابا شنودة الثالث عام 1973 

في عام 1973، زار قداسة البابا شنودة الثالث الفاتيكان، ليكون أول بطريرك قبطي أرثوذكسي يقوم بهذه الخطوة منذ مجمع خلقيدونية عام 451م. وبهذا اللقاء التاريخي، تم استئناف الحوار بين الكنيستين بعد انقطاع دام خمسة عشر قرنًا. 

البابا تواضروس الثاني: صفحة جديدة في الحوار

مع جلوس البابا تواضروس الثاني على السدة المرقسية في نوفمبر 2012، بدأت مرحلة جديدة من الانفتاح. وبعد دعوة رسمية من الفاتيكان، قام بزيارة تاريخية إلى روما في مايو 2013. رغم قِصر المهلة الزمنية، إلا أن البابا فرنسيس استقبل البابا تواضروس بحرارة، ودام اللقاء أكثر من 90 دقيقة، في سابقة نادرة. وقد اقترح البابا تواضروس في هذا اللقاء أن يكون 10 مايو من كل عام “يوم المحبة الأخوية” بين الكنيستين.

زيارة البابا فرنسيس إلى مصر عام 2017: دعم متبادل وتوقيع على الوحدة

في أبريل 2017، قام البابا فرنسيس بزيارة تاريخية إلى مصر، حيث التقى البابا تواضروس الثاني في الكاتدرائية المرقسية. وشهد اللقاء توقيع التزام مشترك بالسعي نحو الوحدة الكنسية. كما أقام البابا فرنسيس صلاة مسكونية في أرض الأنبا رويس، مكرّمًا شهداء الكنيسة البطرسية، ومشيدًا بمبادرات المحبة التي تبنتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تجاه شقيقتها الكاثوليكية.

لقاءات متكررة: بارى 2018 والصلاة من أجل الشرق الأوسط

في يوليو 2018، اجتمع البابوان مجددًا في مدينة “بارى” الإيطالية للصلاة من أجل السلام في الشرق الأوسط. وقد وصف البابا تواضروس هذا اللقاء بأنه من اللحظات النادرة في التاريخ، حيث تلاقى قادة الكنائس في محبة مسيحية خالصة، عبّروا فيها عن رغبتهم في تعزيز حضور المسيحية في الشرق المضطرب.

اليوبيل الذهبي للحوار: زيارة مايو 2023


 في مايو 2023، توجّه البابا تواضروس إلى الفاتيكان للمشاركة في احتفال مرور خمسين عامًا على بدء الحوار اللاهوتي الرسمي بين الكنيستين. بدأت الزيارة بالصلاة من مزار القديس بطرس، وتضمنت لقاءً عامًا مؤثرًا بساحة القديس بطرس، حيث أكد البابا تواضروس في كلمته على عمق الحوار، بينما أشار البابا فرنسيس إلى أن دماء الشهداء هي أساس وحدة الكنيسة. 

محطات مضيئة: من المجمع الفاتيكاني الثاني إلى استشهاد أقباط ليبيا

لم تغب عن الزيارة ذكرى مشاركة الكنيسة القبطية في المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965، ولا استشهاد الأقباط في ليبيا عام 2015. وقد أكد البابا فرنسيس أن دم الشهداء يوحد الكنيسة فوق الأرض كما في السماء، بغضّ النظر عن الانتماء الطائفي.

رسالة الوداع: حين يُختتم اللقاء بمحبة لا تموت

ومع اقتراب نهاية عهد البابا فرنسيس، تُختتم هذه المسيرة الغنية بلقاءات وبيانات ومحطات تاريخية، حملت في طياتها رسالة قوية: أن المحبة أقوى من الجراح، وأن الإيمان والرجاء هما درب الكنائس في السير نحو وحدة المسيحية.

مقالات مشابهة

  • غدا.. الكنيسة القبطية تُحيي ذكري رحيل القديسة ألكسندرة الملكة زوجة الإمبراطور داديانوس
  • مجلس الشيوخ يهنئ الأقباط بعيد القيامة ويعزي في رحيل بابا الفاتيكان
  • الأحد.. الكنيسة القبطية تحتفل بأحد توما
  • تنفيذا لوصيته.. جثمان البابا فرنسيس يرقد في كنيسة سانتا مارثا بالفاتيكان
  • الكنيسة القبطية في أمريكا تنعى البابا فرنسيس
  • الكنيسة القبطية تدعو للسلام في الشرق الأوسط وتواصل دعمها لأهالي غزة
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تنعى وفاة البابا فرنسيس
  • البابا فرنسيس والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. مسيرة محبة وحوار
  • الكنيسة القبطية تنعى بابا الفاتيكان: قضى عمره في خدمة الكنيسة الكاثوليكية
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تنعى البابا فرنسيس