خارطة طريق نحو استقرار السودان بعد تحرير الخرطوم
تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد أن نجح الجيش السوداني في استعادة الخرطوم، بدا وكأن صفحة جديدة تُفتح في تاريخ البلاد، لكنها ليست صفحة بيضاء تمامًا، إذ ما زالت السطور مليئة بالتحديات والمخاوف من اضطرابات قد تعرقل مسيرة الاستقرار. فالنصر العسكري، مهما كان عظيمًا، لا يضمن وحدة تحقيق السلام، بل يظل نجاح المرحلة القادمة مرهونًا برؤية واضحة وإرادة سياسية قادرة على بناء دولة متماسكة.
البرهان، الذي قاد الجيش خلال واحدة من أعقد الفترات في تاريخ السودان، يدرك أن المعركة لم تنتهِ بعد. ففي تصريحات سابقة له شدد على أن إعادة إعمار السودان تتطلب تضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، مؤكدًا أن الاستقرار لن يتحقق إلا بإقامة دولة مدنية قوية قادرة على استيعاب الجميع. لكن تحقيق هذه الرؤية يظل مرتبطًا بمدى قدرة الجيش والقوى المدنية على تجاوز صراعات الماضي والبحث عن أرضية مشتركة تمهد لبناء سودان جديد.
وليس خافيًا أن تجربة السودان مع الشراكة بين المكونين العسكري والمدني لم تكن سلسة في السابق، فقد شهدت البلاد انتكاسات سياسية عدة بسبب غياب الثقة والصراع على السلطة. ومع ذلك، فإن الظروف الحالية قد تدفع الجميع إلى إعادة التفكير في شكل العلاقة بين الطرفين، فالحكم العسكري وحده لن يجلب الاستقرار، كما أن القوى المدنية لا تستطيع قيادة البلاد في ظل غياب مؤسسة أمنية قوية. هذه المعادلة تجعل من التوافق بين الطرفين ضرورة وليس خيارًا، إذ أن أي محاولة لإقصاء طرف على حساب الآخر لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمة من جديد.
ورغم استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم، فإن مناطق أخرى لا تزال تشكل بؤرًا قابلة للاشتعال، مما يجعل الاستقرار الشامل تحديًا معقدًا. فإقليم دارفور، الذي شهد لعقود نزاعات دامية، لا يزال مسرحًا للتوترات العرقية والصراعات المسلحة، خاصة في مدن مثل الجنينة ونيالا. أما جنوب كردفان والنيل الأزرق، فتعانيان من توترات بين الحكومة والحركات المسلحة، مدفوعةً بالتهميش السياسي والاقتصادي. وحتى شرق السودان، رغم هدوئه النسبي، يظل عرضة لاضطرابات قبلية وتنافس على الموارد قد يهدد استقراره في أي لحظة.
إن مواجهة هذه التحديات تتطلب حلولًا تتجاوز المقاربة الأمنية التقليدية، فالسودان بحاجة إلى رؤية تنموية شاملة تضمن توزيعًا عادلًا للثروة، وإصلاحات جذرية في القطاع الأمني تضمن إعادة هيكلة القوات المسلحة ودمج الفصائل العسكرية في جيش وطني موحد. كما أن إطلاق حوار وطني يجمع كل المكونات السياسية والقبلية بات ضرورة لا غنى عنها لصياغة رؤية وطنية متكاملة. وبينما تبدو المصالحة الوطنية خيارًا صعبًا في ظل تراكمات الماضي، فإن تجاهلها قد يؤدي إلى إعادة إنتاج النزاعات بشكل أكثر تعقيدًا.
ورغم كل التعقيدات، فإن السودان اليوم أمام فرصة قد لا تتكرر، فإما أن يكون تحرير الخرطوم خطوة أولى نحو بناء دولة مستقرة تتجاوز أزمات الماضي، أو تظل البلاد عالقة في دوامة الصراعات التي عطّلت تقدمها لعقود.
وبينما لا تزال التحديات قائمة، يبقى الأمل معلقًا على قدرة السودانيين، مدنيين وعسكريين، على تجاوز خلافاتهم والعمل معًا من أجل مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا.
رغم أن تحرير الخرطوم كان خطوة كبيرة نحو استعادة الدولة، إلا أن أول اختبار حقيقي سيواجه البرهان هو التعامل مع الوضع في إقليم دارفور، الذي لا يزال يعاني من توترات عرقية وصراعات مسلحة معقدة. فالإقليم، الذي كان ساحةً رئيسية لمعارك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يشهد اليوم تناميًا في المطالبات بالانفصال، مدفوعةً بالشعور بالتهميش والدمار الواسع الذي خلفته الحرب، وإذا لم تتحرك الحكومة سريعًا لمعالجة هذه الأزمة عبر حلول تنموية وسياسية حقيقية، فقد تجد نفسها أمام سيناريو شبيه بما حدث في جنوب السودان، حيث قاد التهميش والإقصاء في النهاية إلى الانفصال. على البرهان أن يدرك أن الحسم العسكري وحده لن يكون كافيًا، بل يجب أن يكون هناك مسار سياسي واضح يدمج دارفور في مستقبل السودان بطريقة عادلة ومستدامة.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى السؤال المطروح هل انتهت ميليشيات الدعم السريع تمامًا، أم أنها لا تزال قادرة على تهديد مستقبل السودان؟ رغم الضربات القوية التي تلقتها هذه القوات خلال الحرب، وتفكك بنيتها القيادية، إلا أن خطرها لم يختفِ تمامًا، إذ لا تزال بعض وحداتها منتشرة في جيوب داخل دارفور والمناطق الحدودية، حيث قد تعيد ترتيب صفوفها أو تلجأ إلى حرب العصابات لإطالة أمد الصراع. كما أن أي دعم خارجي محتمل أو تحالفات جديدة قد يمنحها فرصة للعودة إلى المشهد، مما يعني أن الجيش السوداني لا يزال بحاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد للقضاء على أي تهديد محتمل، سواء عبر الحلول العسكرية أو تفكيك البيئة الحاضنة لها سياسيًا واقتصاديًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تحرير الخرطوم لا تزال
إقرأ أيضاً:
السودان: «5» وفيات وإصابات بالإسهالات والحميات في الخرطوم جنوب الحزام
تسببت الأمراض المتفشية بجنوب الخرطوم في خمس وفيات مع وجود آلاف الحالات المشتبه بها، ما دفع غرفة طوارئ جنوب الحزام لاطلاق نداء استغاثة من الخرطوم.
الخرطوم ـــ التغيير
وتواجه منطقة جنوب الحزام أزمة صحية طاحنة، حيث سجلت المرافق الصحية في المنطقة 52 إصابة بالإسهالات المائية الحادة و75 إصابة بالملاريا و3 حالات إصابة بحمى الضنك، مع وجود اشتباه في 50 حالة إضافية قيد المتابعة.
تفاصيل الأزمة الصحيةوبلغ عدد الاصلبات بالإسهالات المائية الحادة 52 حالة تتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا، فيما أصابت الملاريا 75 شخصا إصابة من نوعي “فلاسيبرم” و”فيفاكس”، مع غياب تام للأدوية الوقائية.
وسجلت حمى الضنك 3 حالات إصابة مؤكدة و50 حالة اشتباه قيد المتابعة.
وبلغ عدد الوفيات 5 حالات خلال الأسبوعين الماضيين، بينهم طفلان، نتيجة الإصابة بإسهالات وحميات لم تجد العلاج المناسب في الوقت المناسب.
نداء الاستغاثةوطالبت غرفة طوارئ جنوب الحزام بتدخل عاجل من المنظمات الإنسانية لتقديم الإغاثة الصحية والطبية واحتواء الوضع قبل خروجه عن السيطرة.
و تُعاني المرافق الصحية في المنطقة من نقص حاد في المعدات والكوادر، مما يزيد من صعوبة التعامل مع الوضع الصحي المتدهور.
وطالبت الغرفة بتدخل المنظمات الإنسانية لتقديم الإغاثة الصحية والطبية، مع توفير المعدات والكوادر الصحية اللازمة لاحتواء الأوبئة وتقديم العلاج المناسب للمصابين.
واعتبرت الغرفة الوضع الصحي في جنوب الحزام بأنه خطير للغاية، ويتطلب تدخلًا عاجلًا من المنظمات الإنسانية لتقديم الإغاثة الصحية والطبية اللازمة. وختمت بالقول: يجب العمل على توفير المعدات والكوادر الصحية اللازمة لاحتواء الأوبئة وتقديم العلاج المناسب للمصابين.
الوسومأوضاع صحية إسهالات مائية الخرطوم جنوب الحزام حمى الضنك ملاريا