تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في لحظات الشجن، يتسلل صوت دافئ إلى القلب ليأسره، يؤنسك في وحدتك ويقويك عند الشدائد، إنه عبدالحليم حافظ، الصوت الذي خلد في تاريخ الفن المصري والعربي.

صنع حليم مجدا ثابتا لم يتغير عبر السنين، هو الغائب الحاضر، عاش رحلة كفاح صنعت منه أسطورة،  فالطابع الدرامي الذي ميز حياته منذ ولادته حتى رحيله، جعلت منه ذلك المطرب الذي نشر الحب والرومانسية بأغانيه، صوته كان الوسيلة الأرق للتعبير عن المشاعر الصادقة سواء تجاه الحبيب أو الوطن، فأغانيه ساهمت في إيقاظ روح الوطنية والتحدي ليس فقط في مصر بل في الوطن العربي كله، بما في ذلك المغرب، حيث كانت تربطه علاقات خاصة بالملك الراحل الحسن الثاني والفنانين المغاربة.

 علاقة عبدالحليم بالمملكة المغربية كانت وطيدة جدا، كون صداقات عميقة مع العديد من الشخصيات البارزة، بدءا من الملك الراحل الحسن الثاني، مرورا بوزراء وسياسيين وفنانين، ووصولا إلى المواطنين البسطاء، عاش عبد الحليم أفراح المغرب وأعياده، وشارك في احتفالات عيد العرش وعيد الشباب خلال العقد الأخير من حياته، قدم العشرات من الأغاني التي تعكس عمق ارتباطه بالمملكة، أشهرها "الماء والخضرة والوجه الحسن" التي أهداها للملك في عيد ميلاده، والتي ما زال يرددها المغاربة حتى الآن، والتي يقول فيها حليم: "الماء والخضرة والوجه الحسن، عرائس تختال في عيد الحسن، قال الحمام، لفيت بلاد الدنيا ديا، ولفيت بلاد الدنيا ديا، لفيت بلاد، ورجعت ثاني للمملكة الحرة الأبية، المغربية.. العلوية.. العربية، عالمغربية يا حمام عالمغربية، عالمغربية أم العيون السندسية، أم الرجال زي الجبال الأطلسية…إلخ 

جاءت زيارته الأولى للمغرب عام 1962 ضمن جولة نظمتها إذاعة "صوت العرب" بمشاركة فرقة "أضواء المدينة"، التي ضمت فنانين كبار مثل محمد عبد المطلب، فايدة كامل، يوسف وهبي، عمر الحريري، وسعاد حسني، بمصاحبة الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن،  يروي عبد الحليم في مذكراته كيف استقبله الجمهور المغربي بحفاوة، مطالبا بأداء أغنية "إحنا الشعب" بجانب أغانيه العاطفية، كما يتذكر لقاءه الأول بالملك الحسن الثاني، حين دعاه القصر واستمع معه إلى الموسيقى المغربية، مما جعله يشعر بتقدير خاص من العاهل المغربي.

في عام 1969، شارك العندليب في احتفالات العيد الأربعين لميلاد الملك الحسن الثاني، برفقة نخبة من الفنانين العرب، منهم محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، محرم فؤاد، شادية، فايزة أحمد، عمر خورشيد، محمد رشدي، شريفة فاضل، نجاة الصغيرة، وصلاح ذو الفقار، كان عبد الحليم سعيدا بالدعوة الملكية التي وصفته بـ "صوت العرب"، وأبرزت مكانته الفنية. 

تمتع عبد الحليم بعلاقة خاصة مع الملك الحسن الثاني، الذي كان معروفا بحبه للفن ودعمه للفنانين، كان الملك يتابع حالته الصحية عن كثب، وحرص على إيفاده إلى أرقى المستشفيات في باريس والولايات المتحدة للعلاج، عندما كان المرض يهاجمه أحيانا أثناء وجوده في المغرب.

في مذكراته، يروي عبد الحليم تفاصيل صداقته مع الملك الحسن الثاني، التي بدأت منذ أن كان وليا للعهد، ثم تعمقت بعد توليه العرش. ويؤكد مجدي العمروسي، صديق العندليب المقرب، في كتابه "أعز الناس"، أن الملك منحه جواز سفر دبلوماسي تقديرا لمسيرته الفنية، كما يروي محمد شبانة، ابن شقيق عبد الحليم، أن الملك الحسن الثاني أهدى له سيارة "فيات 130" موديل 1974، وكانت واحدة من أربع سيارات فقط من هذا الطراز في مصر، امتلكها أيضا الرئيس الراحل أنور السادات، ورجل الأعمال مقار، والسفير البريطاني بالقاهرة، وساهمت هذه السيارة في إنقاذ حياة عبد الحليم خلال أزمة صحية، حين تعرض لنزيف حاد أثناء وجوده في فيلته بالعجمي، على بعد 230 كم شمال القاهرة، مما استدعى نقله سريعا إلى العاصمة، بفضل سرعة السيارة، استغرقت الرحلة ساعتين وربع فقط، ما مكنه من تلقي العلاج اللازم.

 30 مارس 1977، رحل حليم عن عمر يناهز 48 سنة، وقد سمي هذا الشهر وقتها بالربيع الأسود الحزين، يوم بكت فيه كل الديار العربية، حيث شيعت جنازته وسط حضور مليونين ونصف المليون شخص، غادر جسد عبدالحليم لكن روحه رفضت الرحيل، ليظل اسمه خالدا في ذاكرة الفن العربي رغم كل التغيرات.

*كاتبة وإعلامية مغربية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عبدالحليم حافظ الملک الحسن الثانی عبد الحلیم

إقرأ أيضاً:

الملك محمد السادس يعزي عميد مجمع الكرادلة في وفاة البابا فرانسوا الأول

بعث الملك محمد السادس، برقية تعزية ومواساة إلى نيافة الكاردينال جيوفاني باتيستا ري، عميد مجمع الكرادلة، حاضرة الفاتيكان، على إثر وفاة البابا فرانسوا الأول.

وفي ما يلي نص هذه البرقية..

« نيافة الكاردينال،

لقد علمنا ببالغ الأسى وعميق التأثر بوفاة قداسة البابا فرانسوا الأول، تقبله الله بواسع الرحمة والغفران في ملكوته الأعلى.

وبهذه المناسبة الأليمة، نتقدم إليكم ومن خلالكم إلى العالم المسيحي، وبخاصة الكنيسة الكاثوليكية الموقرة بأصدق عبارات التعازي والمواساة في فقدان شخصية دينية متميزة كرست حياتها لخدمة المبادئ السامية للبشرية جمعاء، والقيم المثلى المشتركة للإيمان والحرية والسلام، والمحبة والتضامن بين مختلف الشعوب، كما ظلت حريصة على الدعوة إلى ضرورة حماية وصيانة البيئة التي تحتضن الإنسانية بأسرها والعناية بشؤونها.

كما نستحضر في هذه اللحظة العصيبة، ما ميز حياة الراحل الحافلة بالبذل والعطاء، حيث كان يدعو إلى مكافحة التهميش والفقر والدفاع عن الكرامة الإنسانية، واستنكاره، بالخصوص، للظروف المحيطة بآفة الهجرة غير الشرعية، فضلا على حثه الدؤوب على ترسيخ قيم السلم والحوار والتسامح والتعايش بين الأديان السماوية.

كما نتذكر، بكل إجلال، الزيارة التاريخية التي قام بها فقيد الكنيسة الكبير للمغرب، في مارس 2019 ؛ والتي عززت وزكت الطابع المتميز للعلاقات المتينة التي تربط المملكة المغربية وحاضرة الفاتيكان، وشكلت بذلك دعامة قوية لمواصلة بناء وربط جسور الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل بين العالمين المسيحي والإسلامي ؛ تلكم الزيارة المباركة التي توجت بتوقيع جلالتنا والفقيد قداسة البابا  » إعلان القدس » الذي يدعو إلى ضمان حق أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، في حرية الولوج إلى المدينة المقدسة لأداء شعائرهم الخاصة بها.

وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا المصاب الجلل، لندعو الله عز وجل أن يلهمكم الصبر والسلوان وأن يشمل الفقيد برضوانه . و « إنا لله و إنا إليه راجعون ».

مع أصدق عبارات تعاطفي وأسمى مشاعر تقديري ».

كلمات دلالية الملك محمد السادس، البابا، فرانسيس

مقالات مشابهة

  • نجل شقيق عبدالحليم حافظ يكشف التفاصيل الكاملة لفتح مقبرة العندليب
  • رئيس جامعة الأقصر تزور جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لبحث التعاون المشترك
  • الملك محمد السادس يعزي عميد مجمع الكرادلة في وفاة البابا فرانسوا الأول
  • “الآلة التي عطشت” .. “من رواية: قنابل الثقوب السوداء”
  • جبريل إبراهيم: المسيرات التي تقتل شعبنا وفرها محمد بن زايد لمليشيا آل دقلو
  • محمد جبران: قانون العمل الجديد هدية عمال مصر في عيدهم
  • كريم عبد العزيز وعبد الحليم حافظ في جسد واحد ضمن أحداث "الست"
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما
  • أسرة عبد الحليم حافظ تلجأ الى القضاء بسبب محمد رمضان
  • د. راشد بن محمد عساكر يروي موقفًا إنسانيًا مؤثرًا للملك سلمان مع والده المؤسس قبيل وفاته