الجزيرة:
2024-09-19@11:43:51 GMT

الفقه والأخلاق والتداخل بين الحق والواجب

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

الفقه والأخلاق والتداخل بين الحق والواجب

"الحق" أحد أكثر المفاهيم التي وقع الالتباس فيها بين التصورات الإسلامية الكلاسيكية والتصورات الحديثة؛ بسبب هيمنة النقاشات الحديثة المتصلة بأفكار الدولة والسيادة وسلطة القانون، بل والترجمة أيضا.

ويمكن رد ذلك الالتباس إلى أمرين رئيسين على الأقل: أولهما يتصل بالنزعة الفردية التي يعبر عنها الاختصاص (الحق هو ما أختص به)، وثانيهما النزعة القانونية الحديثة ذات البعد الدنيوي التي تعبر عن الاحتياز (الحق هو ما أحصل عليه هنا والآن).

في هذا المقال أريد أن أوضح أن الحق (بالمعنى القانوني: أي ما هو لي) والواجب (بالمعنى الأخلاقي الذي ينطوي على بعد قيمي) متداخلان في مفهوم الحق وفق التصورات الإسلامية الكلاسيكية، بل يمكن أن نلحظ ذلك أيضا بداية من الأصل اللغوي لكلمة حق، فضلا عن الاستعمال الفقهي لها.

فالحق هو الواجب الثابت الذي يعمل باتجاهين: الحق الواجب لي والحق الواجب علي. كما أنه يمتد ليستوعب الدنيا والآخرة معا، وهو ما يميز مفهوم الحق عن التصورات السائدة اليوم والتي انجر بعضهم وراءها فحجبه ذلك عن حسن استيعاب المفهوم في التراث الإسلامي. ولا بد من توضيح أن الحق هو أحد المفاهيم ومثالٌ على مفاهيم عديدة لعل من أبرزها أيضا مفهوم السياسة الذي ينطوي بالضرورة على مضمون قيمي أيضا في التراث الإسلامي، ولعلي أفرد له مقالا آخر في المستقبل.

دلالات "الحق"

إذا ما رجعنا إلى العلامة اللغوي ابن فارس (ت. 390هـ) فسنجد أن الحق -في اللغة- يرجع إلى معنى كلي هو "إحكام الشيء وصحته"، وهذا الأصل العام يَصدق على استعمالات مختلفة لمفردة الحق كالمال والملك، كما أن كل موجود يقال له حق بهذا المعنى؛ فلشدة استحكامه ثبت فصار حقّا.

ومع ذلك يمكن التمييز بين دلالتين لمفردة الحق، الأولى منهما "معرفية" (epistemological) تدور حول معنى الصحيح الذي هو خلاف الباطل، والثانية "وجودية" (ontological) تدور على معنى تحقق الشيء؛ ولهذا قلنا: إن كل ما وُجد وثبت يقال له حق. بل أكثر من ذلك، إذا تيقنا من وجود الشيء في المستقبل وصفناه بأنه حق. فصار الحق هو الواجب أو المتحقق الثابت الذي لا يتطرق إليه تردد أو تحير (وهذا معنى "الثابت من كل وجه")، ومن ثم كان الحق خلاف الباطل الذي يُطلق على المزيف والمعدوم (بالمعنيين المعرفي والوجودي).

وثمة دلالة ثالثة للحق لا تنفصل -في رأيي- عن الدلالتين السابقتين، وهي دلالة "قيمية" (moral)، ومن ثم كان الحق أحد القيم الفلسفية الكبرى (إلى جانب الجمال والخير)، وقيل لكل ما ثبت ووجب: حق؛ فالحق يتضمن مفهوم الواجب بالمعنى الأخلاقي.

هذه الدلالات الثلاث للحق (أعني المعرفية والوجودية والقيمية) تكاد تجتمع في استعمالات الفقهاء والأصوليين للمفردة كما سأوضح فيما يأتي:

فالحق في لغة الأصوليين يدور مدلوله بين التكليف والفعل القويم الجاري على وفق مراد الشارع. فالتكليف يعبر عن إرادة الشارع من خلال الأمر والنهي، فالشارع هو منشئ الحقوق (خاصة وفق التصور الكلامي الأشعري). ومن ثم يقال لكل تكليف أو حكمٍ من الأحكام التكليفية: حق. أما الفعل القويم فهو الفعل الذي يقع على وفق مقصود الشارع ويتحقق وجوده في الواقع على صفة معيارية محددة حتى يقال فيه: إنه حق؛ لتحققه من كل وجه، ولمضمونه القيمي؛ إذ لا يقال للفعل الخاطئ أو المخالف للأمر والنهي حق، ومن هنا خلص الإمام العز بن عبد السلام (ت. 660هـ) إلى القول: الحقوق كلها إما فعل للحسنات أو ترك للسيئات.

والحق في لغة الفقهاء يُطلق على معان عديدة مادية ومعنوية، منها: الأجور التي تُعطى للموظفين العموميين من الخزينة العامة، والالتزامات الناجمة عن العقود بعد إبرامها والتي تحدد حقوق المتعاقدين، ومرافق العقار التي تسمى حق الارتفاق أو المنافع المشتركة، وغير ذلك من الحقوق.

وهذا الاختلاف في استعمال الحق بين الأصوليين والفقهاء لا يرجع إلى جهة المضمون؛ بل إلى طبيعة المنهج ووظيفة كل علم. فعلماء أصول الفقه ينشغلون بالأصول النظرية والمنهجية للفقه ومصادره، في حين أن الفقهاء ينشغلون بالمسائل العملية أو الأفعال، ومن ثم انشغل الفقيه بالدلالة على حقوق معينة ثابتة لمعينين؛ سواءٌ وقع فيها التنازع وخضعت للتقاضي أم بقيت مسائل ديانية متروكة لأمانات المكلفين وضمائرهم. ومن جهة المعنى، فإن العلاقة بين استعمال الأصوليين واستعمال الفقهاء للحق هي علاقة كلي بجزئي، فالحقوق التي انشغل بها الفقهاء هي تَعينات لمفهوم الحق الكلي عند الأصوليين الذي يدور بين حكم تكليفي أو فعل واجب بدرجات متفاوتة.

وقد اتفق الأصوليون والفقهاء على مفهوم نظري للحقوق يقوم على قسمة الحقوق -من حيث الجملة- إلى قسمين رئيسين: حقوق الله وحقوق العباد (أو "حقوق الآدميين" أو "حقوق المخلوقين" بعبارة العز بن عبد السلام لتشمل الحيوان أيضا).

وقد أضاف بعض الأصوليين إلى القسمة الثنائية السابقة قسما ثالثا سماه الحقوق المشتركة بين الله والعباد، وبعضهم جعل هذه المشتركة قسمين بعضها يغلب فيه حق الله وبعضها يغلّب فيه حق العبد فصارت القسمة رباعية. ولكننا إذا غلَّبنا في الحقوق المشتركة حق الله رجعت إلى نوع حقوق الله تعالى، وإذا غلَّبنا فيها حق العبد رجعت إلى نوع حقوق العباد، وبهذا رجعت إلى القسمة الثنائية.

للحق مفهوم مزدوج، يعني ما هو "واجب لي" وما هو "واجب عليّ"، ما يعني أن الحق والواجب متداخلان، ومن أمثلة ذلك "الحق العام" أو "حق الله تعالى"، إذ يشترك الجميع في وجوب صيانته وفي حق الانتفاع به على السواء.

ثم جاء بعض العلماء كالعز بن عبد السلام (ت. 660هـ) وشهاب الدين القرافي (ت. 684هـ) وأبي إسحاق الشاطبي (ت. 790هـ) وغيرهم فقالوا: إن كل حق للعبد لا يخلو من حق لله تعالى فيه. ومع هذا القول لا بد أن يرجع الحق إلى القسمة الثنائية أيضا؛ سواء من الناحية النظرية أم من الناحية العملية. فالقسمة الثنائية مدارها على تعيين المستحق للحق وهو إما الله تعالى أو العبد. فإن كان الحق واجبا لله على العبد كان حقّا لله ولم يَجُز إسقاطه من أحد من خلقه، وإن استحقه العبد فهو حق للعبد ويجوز له إسقاطه والمسامحة فيه. بل إن تلك القسمة يترتب عليها آثار عملية؛ سواء كانت قضائية أم ديانية (كالتوبة في الحق والرجوع عن الإقرار به وتوارثه وجواز الاحتياط فيه من عدمه، وغير ذلك).

معنى ذلك أنه حتى على إثبات حق لله تعالى في كل حق للعباد، فإن ذلك لا يُلغي أصل القسمة الثنائية؛ لأنها قسمة صحيحة من الناحيتين النظرية والعملية (الديانية والقضائية) كما سبق، فضلا عن أنه كان لها فعالية في التعليل الفقهي بين المذاهب الفقهية المختلفة بدءا منذ القرن الثاني الهجري؛ حيث قدمت قسمة الحقوق تسويغات نظرية للأحكام استعملتها مختلف المذاهب الفقهية للدفاع عن اتساق أحكامها وعقلنتها في مواجهة خصومها من المذاهب الأخرى.

مسائل ثلاث

وأظن أن القدر السابق كافٍ لتوضيح الإشكال الذي قد يطرأ لدى البعض حول قسمة الحقوق؛ لأن الزيادة على ذلك ربما شوشت على الفكرة المركزية التي يسعى المقال لإثباتها، وسألخصها في 3 مسائل كالآتي:

المسألة الأولى:

أن الحق -في استعمال الفقهاء والأصوليين- ينطوي على معنى الواجب الأخلاقي. وبيان ذلك من 4 وجوه:

الأول: أن قسمة الحقوق إلى حق لله وآخر للعبد مدارها على المنفعة. أما حق الله فيدور على معنى الخير العام (أو "النفع للعالَم" بتعبير بعض الفقهاء الكلاسيكيين)، فهو حق عام يشترك فيه الجميع؛ صيانةً ومُطالبة وانتفاعا. فإضافة الحق إلى الله تعالى عنت هذا المعنى، أي أنه لا يختص به أحد معين، ومن ثم لا يمكن أن يستحوذ عليه ذو سلطان، كما عنت أيضا أن خطر غياب هذا الحق عظيم، وأن نفعه عميم وفضله شائع بين الناس كافة؛ لأنه شرط للصلاح في المجتمع. فالله يتعالى عن أن ينتفع بشيء، وكل الخلق بالنسبة له سواء، سواء نُسب إليه أم لم يُنسب إليه شيء. بل حتى العبادات التي تُصنف على أنها من "الحقوق الخالصة" لله تعالى، إنما ترجع إلى مصالح الأفراد في ذواتهم من جهة، وإلى النفع العام المتعلق بصلاح المجتمع من جهة أخرى.
ومن ثم نقل الحافظ ابن حجر (ت. 852هـ) عن الإمام تقي الدين السبكي (ت. 756هـ) "أن في الصلاة حقًّا للعباد مع حق الله، وأن من تركها أخل بحق جميع المؤمنين: من مضى ومن يجيء إلى يوم القيامة؛ لوجوب قوله فيها: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". وهذا وجه من وجوه النفع العام ولا يستوعبه كله؛ لأن الصلاح الذي يُفترض أن تثمره الصلاة من حيث أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، هو مما يعود نفعه على المجتمع فيدخل في نطاق الخير العام. هذا عن حق الله، أما حق العبد فهو ما كان نفعه خاصّا أو معيّنا، ويسمى حق الآدمي (بل وللحيوان حق أيضا كما سبق) وسأوضح لاحقا كيف يتداخل فيه المنفعة الخاصة (التي هي قريبة) مع المنفعة العامة (التي هي بعيدة). الثاني: صحيح أننا عبرنا عن الحقوق -هنا- بالواجب الأخلاقي، ولكن لا بد من بيان أن الحقوق تختلف مراتبها؛ فبعضها مُلزِم وبعضها غير ملزم (بالمعنيين الفقهي والقانوني). فمن الحقوق ما هو واجب أو مستحب، وكثير من تصرفات العباد التي تصرفوا فيها بموجَب أصل الإباحة، إذا تعاقدوا عليها لزمتهم الحقوق المترتبة على تعاقداتهم. وقد يُلزم الإنسان نفسه بالحق كما في النذور مثلا. الثالث: أن الحقوق جميعا دائرة على معنى أخلاقي كلي هو فعل الحسنات وترك السيئات، فهي إما فعل خير أو كفّ عن شر، ومن ثم دارت بين جلب مصلحة ودرء مفسدة. الرابع: أن حقوق العباد -وإن اختصت بهم، سواء على سبيل الخلوص (كالحقوق المالية للعبد مثلا) أم على سبيل التغليب (كحد القذف على رأيٍ)- تنطوي أيضا على مصلحة عامة، ومن هذا الباب ذهب من ذهب إلى أنه لا يكاد يخلو حق للعبد من حق لله فيه؛ لأن ثمة تداخلا بين النفع الخاص والنفع العام في المجتمع، وهذه مسألة تستحق أن تُبحث في العلاقة بين المجال الخاص والمجال العام في الدولة الحديثة؛ خصوصا أن حقوق العباد تشمل -في الفقه- الدماء والأموال والأعراض، في حين أن الدماء -مثلا- جعلتها القوانين الحديثة حقّا عامّا خالصا. المسألة الثانية:

أن الحق ليس ما هو واجب لي فقط، بل يشمل الوجوب لي وعلي في الوقت نفسه؛ فالحق هنا مزدوج وهو ما اضطررت للتعبير عنه بتداخل الحق والواجب؛ لغلبة استعمال "الحق" لما هو لي؛ رغم أن الحق والواجب بمعنى واحد. فالحق العام أو حق الله تعالى يشترك الجميع في وجوب صيانته والانتفاع به على السواء، وهذا مما يتداخل فيه الحق والواجب معًا.

فالحق يوجِد للشخص حقوقا ثابتة، ويوجِد -في المقابل- عليه واجبا تجاه الآخرين، وهذه الواجبات عليه، منها ما يكون محلا للتقاضي عند التنازع، ومنها ما يُسند إلى الضمير الأخلاقي (أو أمانات المكلفين) لتكون محلا للجزاء في الآخرة. فحق الحياة -مثلا- موجود ثابت لكل شخص، ويجب -في الوقت نفسه- على الجميع احترامه، ومن ثم كان في القصاص -مثلا- حياة.

ثم إن استعمال الحق يوجب على صاحبه عدم الإضرار بالآخرين وعدم التعسف في استعمال حقه أيضا. وهذا يعني أن ما هو حق له واجب على غيره بإيجاب الله له، وأن صاحب الحق ليس مطلق التصرف في حقه؛ بدون رعاية مقصود الشارع الذي أنشأ هذا الحق.

ثم إن كثيرا من الحقوق ذو طبيعة تبادلية؛ لأنها حقوق ثبتت بالاجتماع الإنساني؛ فمفهوم الحق يشمل طيفا واسعا من الحقوق، ويظهر هذا من خلال تعدد الاعتبارات التي على أساسها صُنفت الحقوق في الفقه الإسلامي (وهو ما يتحدث عن الحقوق المعينة كما سبق). ويشمل هذا الطيف الحقوق المادية المالية وما له صلة بالمال، وغير المالية وما لا يتعلق بالمال، وذلك مثل حقوق القصاص والارتفاق والشُّفعة وغيرها، والحقوق المعنوية كحق المقذوف بالزنا مثلا. ويشمل الحق -من جهة ثانية- ما يقبل التقاضي (كالحقوق المالية) وما لا يقبل التقاضي (كحق البدن، وحق الطريق، والصدقة، وحق الوالدين وغيرها).

المسألة الثالثة:

أن نوعي الحقوق يؤولان -في نهاية المطاف- إلى أن يشملا الدنيوي والأخروي. أما حقوق الله تعالى فالأصل فيها أنها تتصل بالمصالح الأخروية. وأما حقوق العباد فالأصل فيها أنها تتصل بالمصالح الدنيوية. ولكن حقوق الله -من حيث تعلق أثرها بالنفع العام- تُحقق مصالح دنيوية، وأما حقوق العباد -من حيث إنها مأمور بها- فإن الامتثال فيها لخطاب الشارع يحقق مصالح أخروية، كما أن التعدي عليها يعرّض للمساءلة الأخروية؛ خصوصا إذا لم يقع العفو والمسامحة أو لم يحقق القضاء النَّصَفَة للمتخاصمين.

وتوضح المسائل الثلاث السابقة ومقدماتها النظرية، كيف أن مفهوم الحق -في استعمال الأصوليين والفقهاء- يضعنا في صلب النقاشات الأخلاقية الحديثة؛ فالحق -بمعنى التكاليف أو الأحكام الشرعية- يُحيلنا إلى التقويمات المعيارية للأفعال، والحق -بمعنى الأفعال- يحيلنا إلى الفعل القويم أو الفعل الصالح الذي يقع مطابقا لمقصود الشارع (أي الأمر والنهي المنشئ للحقوق).

فالحق -على هذا الفهم- يجمع بين السؤال عن ماذا يجب عليّ أن أفعل، والسؤال عن كيف أحيا؛ فهو لا يتناول -فقط- حقوق الأفراد أو المنافع الخاصة، بل يتناول -أيضا- الحقوق والمنافع العامة، ويجمع بين البعدين الدنيوي والأخروي لتحقيق ما تستقيم به الحياة في الدارين، ثم هو يستوعب -أيضا- الأحكام والتقويمات المعيارية للأفعال، ويحدد الفعل الصالح أو المعياري.

تقدم منظومة الحقوق -في الواقع- مفهوما أخلاقيّا نظريّا يزودنا بالتسويغات اللازمة للأحكام الأخلاقية، وهو بهذا يتجاوز قصور المفهوم القانوني للحق. ولهذا الفهم للحق ما بعده لو استحضرناه في تصوراتنا وتقويماتنا اليوم، والله تعالى أعلم.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النفع العام الله تعالى فی استعمال حقوق الله من الحقوق على معنى حق الله التی ت الذی ی من حیث من جهة

إقرأ أيضاً:

ما الذي نعرفه عن انفجارات أجهزة اللاسلكي في لبنان.. 6 أسئلة تفسر ما جرى

أفاد مراسل الجزيرة بوقوع عشرات الانفجارات في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي عدد من المناطق اللبنانية، بعد يوم من وقوع هجمات واسعة عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية (بيجر) استهدفت الآلاف من عناصر حزب الله.

وفي حصيلة أولية تحدثت "الوكالة الوطنية للإعلام" في لبنان عن 9 قتلى في انفجار الأجهزة، بينما تحدث مصدر أمني عن مئات المصابين.

وقال مراسل الجزيرة إن الانفجارات التي جرت في مناطق بلبنان كانت على نطاق واسع لكن انفجار الأجهزة لم يكن كبيرا.

وأضاف المراسل أن الأجهزة التي جرى تفجيرها ليست من نوع بيجر وإنما أجهزة لاسلكية، مشيرا إلى أن الأجهزة التي جرى تفجيرها في مناطق بلبنان من نوع "ووكي توكي أيكوم".

ونحاول في النقاط التالية أن نقترب أكثر من المشهد ونفسر بعض جوانبه:

1- متى وقعت الانفجارات؟

تأتي انفجارات الأربعاء بعد يوم من تفجيرات واسعة النطاق وغير مسبوقة استهدفت أجهزة البيجر التي يحملها عناصر من حزب الله أمس الثلاثاء.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض -اليوم الأربعاء- إن عدد القتلى ارتفع إلى 12 بينهم طفلان، وأن نحو 2800 جريح توافدوا إلى المستشفيات، وأن عدد الإصابات الخطرة بلغ نحو 300، بينهم أطفال ونساء وليس فقط عناصر حزب الله.

2- كيف وقعت الانفجارات؟

نقل موقع أكسيوس عن مصدرين قولهما إن هجوم اليوم هو المرحلة الثانية من العملية الاستخباراتية الإسرائيلية ضد شبكة اتصالات حزب الله.

وذكر مراسل الجزيرة أن الانفجارات التي جرت في مناطق بلبنان كانت على نطاق واسع لكن انفجار الأجهزة لم يكن كبيرا.

وأفادت مصادر صحفية بوقوع الانفجارات أثناء تشييع جثمان نجل أحد نواب حزب الله. وأوضحت هذه المصادر أن الانفجارات استهدفت أجهزة اللاسلكي التي يحملها عناصر حزب الله، وبعضها في منازل سكنية.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن "عددا من أجهزة الاتصال اللاسلكية انفجرت في الضاحية الجنوبية لبيروت"، فيما أكدت هيئة اسعاف تابعة لحزب الله انفجار أجهزة اتصال في سيارتين في الضاحية الجنوبية. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام عن انفجار لأجهزة "بايجرز" وأجهزة اتصال لاسلكية في الضاحية وفي الجنوب وفي البقاع في شرق لبنان.

وقالت مصادر أمنية للجزيرة إن 5 انفجارات وقعت في مدينة صيدا ومحيطها جنوبي لبنان.

كما نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني وشاهد عيان أن أجهزة الاتصالات التي انفجرت بعدد من مناطق لبنان اليوم الأربعاء هي أجهزة لاسلكي محمولة ومختلفة عن أجهزة البيجر التي انفجرت أمس.

وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن الموجة الثانية من تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان استهدفت الشبكة البديلة للحزب بعد انفجار أجهزة الاستدعاء أمس.

كما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أن انفجارات وقعت بأنظمة الطاقة الشمسية في عدد من البيوت تزامنا مع انفجار الأجهزة اللاسلكية.

3- ما أجهزة الوكي توكي؟ ولماذا تستخدم؟

أفاد مراسل الجزيرة بأن الأجهزة التي جرى تفجيرها في مناطق بلبنان من نوع "ووكي توكي أيكوم".

وأجهزة اللاسلكي "أيكوم" هي مجموعة متنوعة من الأجهزة التي تستخدم تقنيات مختلفة للاتصال عبر الراديو. وتتنوع هذه الأجهزة لتلبية احتياجات مختلفة، بما في ذلك الاتصالات البحرية، والاتصالات في الطوارئ، والاتصالات المتنقلة.

وعند الضغط على زر "التحدث"، يتم تحويل الصوت إلى إشارة لاسلكية وإرسالها، ويمكن استقبال إشارة الصوت من الطرف المقابل في الحال.

وتعمل هذه الأجهزة على ترددات لاسلكية محددة، غالبا في نطاقات الترددات العالية جدا وهي "في إتش إف" ((VHF أو "يو إتش إف" (UHF)، لضمان اتصال واضح.

وتحتوي أجهزة الاتصال اللاسلكي على قنوات متعددة لتجنب التداخل، ويجب أن يكون المستخدمون على نفس القناة للتواصل.

ويعتمد المدى على العوامل البيئية مثل التضاريس والعقبات، وقوة إرسال الجهاز نفسه ومداه، وهو يعمل بنظام البطاريات التي يمكن إعادة شحنها أو استبدالها.

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصدر أمني لبناني قوله إن الأجهزة اللاسلكية أقل استخداما من أجهزة البيجر وتم توزيعها على منظمي التجمعات.

ويعد البيجر والووكي توكي أكثر أمانا في التواصل من الخليوي والهواتف المحمولة.

لحظة انفجار جهاز اتصال لاسلكي خلال تشييع جنازة شهيد في #لبنان#حرب_غزة pic.twitter.com/1S9ad2BbPT

— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 18, 2024

4- ما طرازها؟ والشركة المصنعة لها؟

تشير التقارير إلى أن جهاز "ووكي توكي أيكوم" المستخدم من طراز "أيكوم في 82" (icom v82). وتعتبر هذه الأجهزة نسخة متطورة نسبيا من أجهزة "أيكوم"، وهي فعالة في المناطق المفتوحة وعلى مسافات طويلة.

ويوفر هذا الطراز قنوات متعددة، مما يسمح للمستخدمين بتبديل الترددات لتجنب التداخل والتواصل بوضوح.

كما يتمتع بإعدادات طاقة قابلة للتعديل، مما يتيح للمستخدمين الحفاظ على عمر البطارية أو توسيع النطاق حسب الحاجة.

وصُممت النسخة الجديدة لتكون قوية ومقاومة للعوامل الجوية، ومناسبا للاستخدام في الهواء الطلق، كما يساعد الهوائي الخارجي في إرسال واستقبال الإشارات بشكل أكثر فعالية.

ويمكن تشغيل هذا النوع من الأجهزة بدون استخدام اليدين، وذلك عبر اختيار نطاق التردد للقناة التي يعمل عليها الجهاز.

ومن المعروف أن بطارية هذا الجهاز ضخمة بما يسمح بوضع كمية متفجرات أكبر الأمر الذي يفسر دوي الانفجارات وسقوط عدد من الجرحى.

وقال مصدر أمني إن حزب الله اشترى أجهزة الاتصال اللاسلكي قبل 5 أشهر في الوقت نفسه تقريبا الذي اشترت فيه الجماعة أجهزة البيجر.

و"أيكوم" هي شركة تصنيع عالمية لمعدات الاتصالات المتقدمة، بما في ذلك أنظمة الراديو ثنائية الاتجاه، وإلكترونيات الطيران، وأنظمة الملاحة البحرية، والشبكات القائمة على بروتوكول الإنترنت.

وتأسست الشركة في أوساكا باليابان عام 1954. بدأت كمستورد للمعدات الإلكترونية الأميركية الصنع قبل أن تنتقل إلى التصنيع، وكان المنتج الأول عبارة عن مذبذب بلوري لأجهزة الراديو، وتوسعت خطوط الإنتاج لتشمل أجهزة الراديو البحرية والطيران، وأجهزة الراديو المتنقلة البرية للسلامة العامة والصناعات التجارية.

تغيطة صحفية | اندلاع حرائق في عدد كبير من المنازل والسيارات، عقب انفجار أجهزة الاتصالات اللاسلكية بعدة مناطق في لبنان pic.twitter.com/mV5l7pimwo

— شبكة رصد (@RassdNewsN) September 18, 2024

5- ما حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات؟

لم يتضح حجم الخسائر البشرية والمادية بعد بشكل كامل، لكن وزارة الصحة اللبنانية أكدت مقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين

وفي مؤشر على اتساع نطاق الحرائق، أعلن الدفاع المدني اللبناني أنه أخمد النيران في 60 منزلا ومتجرا نتيجة انفجار أجهزة اللاسلكي في النبطية جنوبي البلاد.

وأكدت مصادر أمنية للجزيرة وقوع 5 انفجارات في مدينة صيدا ومحيطها جنوبي لبنان.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بانفجار أجهزة "بايجر" وأجهزة اتصال لاسلكية في الضاحية وفي الجنوب وفي البقاع بشرق لبنان.

وقال مصدر طبي إن مستشفى في مدينة بعلبك استقبل 25 جريحا جراء انفجار أجهزة لاسلكية.

6- إلى أين تشير أصابع الاتهام؟

على الرغم من عدم تعليق إسرائيل على العملية المخابراتية التي أدت إلى وقوع انفجارات متزامنة -أمس واليوم- في الآلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر، وأيكوم في 82) التي يستخدمها عناصر حزب الله، إلا أن مؤشرات عديدة تشير إلى مسؤولية تل أبيب عن التفجيرات.

وقبل قليل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن "مركز الثقل ينتقل شمالا (لبنان) ونحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب".

ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر أمنية أن التعامل مع التصعيد مع حزب الله نوقش بدائرة محدودة دون إطلاع أعضاء المجلس الوزاري المصغر.

من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أنها ستنفذ عملية في لبنان، لكنها لم تقدم أي تفاصيل.

كما نقل موقع أكسيوس عن مصدرين تأكيدهما أن إسرائيل فجّرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها أعضاء حزب الله في لبنان.

وأمس الثلاثاء، اتهم حزب الله إسرائيل بالمسؤولية، وتوعدها بالرد. كما اتهمت إيران -على لسان الرئيس مسعود بزشكيان ومسؤولين آخرين- إسرائيل أيضا بالمسؤولية عن "المذبحة والقتل الجماعي".

وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لوكالة رويترز إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع متفجرات داخل أجهزة البيجر التي استوردها حزب الله قبل أشهر من تفجيرات أمس الثلاثاء.

وقالت عدة مصادر لرويترز إن المخطط استغرق تحضيره على ما يبدو عدة أشهر.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر رفيعة أن الهدف الإستراتيجي "إعادة سكان الشمال وتكليف حزب الله ثمنا باهظا واستعادة الردع".

كما يسلط الهجوم الضوء على الوحدة 8200، وهي وحدة الحرب الإلكترونية السرية والمعروفة في إسرائيل باسمها بالأرقام العبرية "شموني ماتايم"، وهي جزء من شعبة المخابرات العسكرية.

ووحدة 8200 هي الوحدة الموازية أو الشبيهة بوكالة الأمن القومي الأميركية أو مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي أكبر وحدة عسكرية مفردة في الجيش الإسرائيلي. وتعود أصولها إلى الوحدات المبكرة لفك الرموز والشفرات ووحدات المخابرات التي تشكلت عند قيام دولة إسرائيل في 1948.

وغالبا ما تكون أنشطتها شديدة السرية وتتنوع من اعتراض الإشارات إلى تصنيف البيانات وفهم دلالاتها وهو ما يطلق عليه التنقيب في البيانات والهجمات التكنولوجية.

وتضمنت بعض العمليات التي يُقال إن الوحدة ضلعت فيها هجوم "ستاكس نت" الفيروسي بين عامي 2005 و2010 الذي عطل أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية، وهجوما إلكترونيا في 2017 على شركة الاتصالات المملوكة للبنان (أوجيرو)، وإحباط هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية على رحلة تابعة لشركة نقل جوي مدنية كانت متوجهة من أستراليا إلى الإمارات في 2018.

وقال قائد الوحدة العام الماضي في مؤتمر في تل أبيب إن الوحدة تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اختيار أهدافها من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وبالإضافة إلى بقية مؤسسات الدفاع والأمن، تأثرت سمعة الوحدة بسبب الإخفاق العسكري في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول (طوفان الأقصى) على إسرائيل قبل حدوثه، وأعلن قائد الوحدة هذا الشهر أنه سيستقيل.

مقالات مشابهة

  • ما الذي نعرفه عن انفجارات أجهزة اللاسلكي في لبنان؟.. 6 أسئلة تفسر ما جرى
  • ما الذي نعرفه عن انفجارات أجهزة اللاسلكي في لبنان.. 6 أسئلة تفسر ما جرى
  • لجنة إعداد اللائحة التنفيذية لقانون رعاية حقوق المسنين تناقش إعداد تنظيم تشريعي متكامل ينظم منح المسنين العديد من الحقوق والمزايا
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • «التضامن» تناقش إعداد تنظيم تشريعي لمنح المسنين عددا من الحقوق والمزايا
  • في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع
  • أمين الفتوى: من يحمون حقوق المستهلكين مرابطين في سبيل الله
  • مدبولي: الحفاظ على القيم والأخلاق حجر الأساس الذي تنطلق من خلاله مبادرة بداية
  • ما هو جهاز البيجر الذي انفجر في عناصر (حزب الله)؟
  • شاهد: ما هو جهاز اتصال ”بيجر” الذي انفجر في المئات من عناصر حزب الله باختراق أمني اسرائيلي؟