أغاني العيد.. أنغام الذكريات الخالدة
تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT
تُمثل الأغاني روح المناسبات التي غُنيّت لها إذ تتوثق فـي الذاكرة الكلمات والألحان والحنين والزمن أيضا، فسماعها يبعث الشجن ويعيد تشكيل الذكريات والمواقف والأحداث المرتبطة بها. ومهما أعيد تطويرها أو غناؤها بأصوات مطربين آخرين إلا أن الذكريات تتشبث بالأغنية القديمة. فـي مناسبات الأعياد الدينية تُذاع الأغاني المُعبّرة عن فرحة الناس باستقبال العيد وما تبعثه أحوال وأجواء العيد من سرور وحبور على المهنئين والمُعيّدين.
سجّل عمالقة الغناء العربي أغاني شهيرة بُثت خلال الأعياد منها أغنية أم كلثوم (فاطمة البلتاجي 1898-1975) «يا ليلة العيد أنستينا» والتي كتب كلماتها الشاعر أحمد رامي (1892-1982) ولحّنها رياض السنباطي (1906-1981)، وإن كانت أم كلثوم غنتها لأول مرة فـي فـيلم دنانير- أُنتج عام 1940- ومثّلت فـيه دور دنانير، إلا أن الأغنية اشتهرت أكثر حينما غنتها أم كلثوم أمام الملك فاروق (1920-1965) فـي حفلة النادي الأهلي، ليلة عيد رمضان لسنة 1363هـ، والتي تصادف يوم 17 سبتمبر 1944م.
كما غنت فـيروز (نهاد وديع حداد 90 سنة) أغنية «أيام العيد» من كلمات وألحان الأخوين الرحباني». تقول كلماتها:
« يا عيد يا طلال مع الألحان بالخير بزهور الهنا حليان
عالناس كلّ الناس وين ما كان تشرق سعادة وشمس وضويّة»
وغنت المطربة اللبنانية نور الهدي (ألكسندرا نقولا بدران، 1924-1998) أغنية «هل هلال العيد على الإسلام سعيد» والتي كتب كلماتها بيرم التونسي (1893- 1961) ولحنها فريد الأطرش (1910-1974) تقول كلماتها:
«هل هلال العيد على الإسلام سعيد
هـل هلاله علينا مبارك شاكر فضل الله تبارك
متّعنا ياهلال بأنوارك واطلع فوق وزيد»
من الأغاني الجزائرية المرتبطة بالعيد أغنية «من زينو نهار اليوم صح عيدكم» كتبها ولحنها وغناها الفنان الجزائري الراحل عبد الكريم دالي (1914-1974). وغناها لأول مرة عام 1952، تقول كلمات الأغنية:
« من زينو نهار اليوم صحة عيدكم
من زينو نهار اليوم مبروك عيدكم
مبروك عيدنا وفرحنا
والعيد بالفرح أجمعنا
نطلب ربي يغفرنا فـي نهار اليوم
أتزول الشدة والمحنة وفرحنا يدوم»
كذلك غنى المطرب السعودي الراحل طلال مداح (1940-2000) أغنية « كل عام وأنتم بخير» من كلمات الشاعر السعودي الشريف منصور (توفـي 2015) لحن الأغنية محمد المغيص (66سنة). والتي تقول كلماتها:
« كل عام وأنتم بخير .. كل عام وأنتم بخير
ضحكة فرح .. من كل قلب فـي أحلى عيد»
أيضا غنى الفنان العراقي سعدون جابر(75 سنة) أغنية (يا جمار القلب) من كلمات الشاعر العراقي جبار الغزي (1946-1985) وألحان الموسيقار طالب القره غولي (1939 - 2013)، وللشاعر جبار الغزي قصيدة أخرى شجية اشتهر بها هي ( غريبة الروح) والتي غناها المطرب العراقي حسين نعمة، يقال أنها قيلت بعد أن زارت أم جبار ولدها فـي بغداد التي نزح إليها من مدينته الناصرية، واستقر فـي بغداد وطالت غيبته عن أمه التي عاتبته قائلة « كم عيد مر وأنت ماجيت، وكم سنة مرت وأنت ما سألت» على أثرها كتب جبار:
« كم هلال هَلن !!! وأنت ما هَليت
كثير أعياد مرن وأنت ما مريت
سنين الصبر حًنن وأنت ما حنيت»
تبقى أغنية «عيود عيود» للفنانة هدى الخنبشية أهم أغنية عُمانية قُدمت فـي العيد، فمنذ انتاجها سنة 1999 لا تزال عالقة فـي الأذهان. ورغم كل ما يحصل فـي المنطقة من أسى وأذى إلا أننا محكومون بالأمل، فمثلما نتوجع ويسكننا الحزن إلا أن مناسبات الأعياد الدينية لها طقوسها الخاصة، فعيد مبارك سعيد وكل عام والجميع بخير.
محمد الشحري كاتب وروائي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وأنت ما إلا أن کل عام
إقرأ أيضاً:
ما أشبه فيتنام قبل 50 عاما بغزة اليوم.. الصورة تقول ما لا يقوله كتاب
في مقارنة بين حرب فيتنام (1955-1975) وحرب غزة المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتشابه المعاناة في تفاصيلها الدقيقة: دمار شامل، حصار خانق، نزوح جماعي، وجوع يفتك بالأرواح، رغم اختلاف الزمان والسياقات.
وفي مشهد يعيد إلى الأذهان أهوال التاريخ، تتقاطع مآسي حرب فيتنام مع الكارثة الإنسانية التي تعصف بقطاع غزة.
وعلى فيتنام، حيث شنت الولايات المتحدة حربها، رمت الطائرات آلاف الأطنان من القنابل، لتحوّل المدن والقرى إلى أطلال. ولم يكن الهدف فقط كسب معركة، بل ترك أثر لا يُمحى في ذاكرة المكان.
واليوم، في غزة المحاصرة، تبدو المشاهد مألوفة حدّ الوجع، أكثر من 60% من مباني القطاع سويت بالأرض، بما فيها مستشفيات ومدارس ومخابز، وكل ما في غزة بات هدفا مشروعا.
ما بين فيتنام التي دفعت ثمنا باهظا بحوالي مليونَي قتيل خلال عقدين، وغزة التي فقدت أكثر من 50 ألف شهيد حتى الآن، تبرز حقيقة واحدة: الإنسان هو الخاسر الأكبر في كل حرب.
ففي غزة، تحت كل الركام هناك عائلات كاملة دفنت حيّة، معظمهم من النساء والأطفال، بينما لا تزال آلاف الجثث مفقودة تحت الأنقاض تنتظر أن تعرف أسماء ذويها.
وعرفت فيتنام وجه النزوح مبكرا، حيث اضطر 12 مليونا لترك بيوتهم، تحت ضغط النيران والرصاص.
وغزة اليوم تُكرّر القصة، لكن على رقعة أصغر، وأكثر اختناقا، حيث نزح أكثر من 90% من سكانها داخل القطاع نفسه، يفترشون الأرض، بعد تدمير أكثر من 150 ألف منزل بالكامل، ليُصبح السكن حلما، والمأوى ذكرى.
ولم تكن القنابل في فيتنام وحدها وسيلة الحرب؛ بل أيضا تدمير المحاصيل وتجويع السكان.
أما في غزة، فقد أُغلقت المعابر، ومنعت الإمدادات، حتى بات الطعام دواء مفقودا، والماء قطرة ثمينة.
إعلانوحذرت الأمم المتحدة من أن جميع سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليونين يواجهون مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي، مع خطر متزايد لحدوث مجاعة، نتيجة الحصار المفروض ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
وتُظهر المقارنة بين حرب فيتنام وحرب غزة المستمرة أن معاناة المدنيين في النزاعات المسلحة تتكرر بشكل مأساوي، حيث يتعرضون للدمار، النزوح، الجوع، والحصار.
وهذه المآسي تستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فعالة لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والعمل على إنهاء النزاعات بطرق سلمية تحترم حقوق الإنسان.