لم تكن الزيارة الاستفزازية وغير المرغوبة لنائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس إلى جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك والتي تتمتع بحكم ذاتي سوى التعبير الأوضح عن محاولات الهيمنة بالقوة على الجزيرة، رغم النفي الأمريكي، خصوصاً أنها ترافقت مع تصريحات ترامب بأن السيطرة عليها مسألة مهمة لسلامة الأمن العالمي.
وبغض النظر عما يصرّح ويقوم به ترامب وفانس، ومدى جدية التحرك للاستحواذ على هذه الجزيرة الأضخم في العالم والغنية بالموارد الطبيعية وذات الموقع الاستراتيجي المهم، وهي تصريحات جدية وحقيقية وفقاً لما يراه الرئيس الروسي بوتين، فإن الأمر لا يخرج عن سياسة القوة والمال التي تنتهجها إدارة ترامب سبيلاً للوصول إلى صفقات ناجحة، حتى لو كان ذلك على حساب الحلفاء.
هكذا ينظر إلى غزة وإلى بنما وحتى إلى كندا وربما إلى أي مكان في العالم يعتقد ترامب أنه قادر على شرائه أو بسط سيطرته عليه. في غزة لا يزال ترامب، رغم التراجع الظاهري عن خطته، ينتظر اللحظة المناسبة لتهجير أكثر من مليوني إنسان، إلى أي دولة تقبلهم، بعد الرفض المصري والأردني. ونحن هنا لا نتحدث عن حقائق الجغرافيا والتاريخ، وقبل ذلك الرفض الفلسطيني للتخلي عن الأرض والوطن والاستعداد العالي للتضحية من أجله والموت على ترابه. لكن عندما تدار السياسة بمنطق الصفقات والعقارات التجارية يصبح المليونا إنسان مجرد ديكور للصفقة العتيدة. ويصبح من السهل أيضاً الحديث عن شراء غرينلاند أو السيطرة عليها بالقوة، وكذلك الحال بالنسبة لقناة بنما أو ضم كندا للولايات المتحدة.
اللافت أن مواطني غرينلاند، كما أهل غزة، رفضوا بأغلبية ساحقة الانضمام للولايات المتحدة، وأكدوا أن بلادهم ليست للبيع، كما رفضوا استقبال فانس، وبالتالي اقتصرت زيارته على قاعدة أمريكية في شمال الجزيرة. وبما أن الزيارة فاجأت حكومتي غرينلاند والدنمارك، فقد أعرب مسؤولون في الجانبين عن استيائهم؛ لأن الزيارة تقرّرت في أجواء مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية، وقال رئيس وزراء غرينلاند ينس فريدريك نيلسن، إن الزيارة في ظل عدم وجود حكومة قائمة لا تعتبر علامة على الاحترام تجاه حليف. وفي أحدث رد فعل على الخطوات الأمريكية قال وزير خارجية الدنمارك، إن بلاده تقدّر حاجة الأمريكيين لوجود عسكري أكبر في غرينلاند، وأنها منفتحة على مناقشة الأمر معهم. لكن الوزير ردّ على تصريحات فانس بالقول: «هذه ليست الطريقة التي تخاطب بها حلفاءك المقربين».
كما نددت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن بزيارة فانس للجزيرة رغم عدم تلقيه دعوة بذلك، معتبرة أن الخطوة تشكل «ضغطاً غير مقبول» على غرينلاند والدنمارك. وبالمحصلة، يرى مسؤولون دنماركيون ومن غرينلاند، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من السيطرة على الجزيرة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل عيد الفطر غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غرينلاند فانس
إقرأ أيضاً:
حزب المؤتمر: تصريحات ترامب عن قناة السويس ابتزاز سياسي مرفوض
قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول مرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس دون دفع رسوم تجاوز غير مقبول وتحدي فادح لكل القوانين والأعراف الدولية تكشف عن رؤية استعلائية تتناقض مع مبادئ احترام السيادة الوطنية للدول.
وأضاف «فرحات» أن قناة السويس ليست مجرد ممر مائي عالمي، بل هي شريان حيوي يقع تحت السيادة الكاملة لجمهورية مصر العربية، وتخضع لإدارة وتنظيم مصري خالص، وفقا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي نظمت حركة الملاحة عبر القناة وسمحت بالمرور الحر مقابل دفع رسوم عادلة، دون استثناء لأي طرف أو دولة مهما بلغت قوتها.
وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن مطالبة ترامب بإعفاء السفن الأمريكية من دفع الرسوم هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ويعكس غياب الفهم للواقع السياسي والقانوني الذي يحكم هذا الممر الدولي، مشيرا إلى أن قناة السويس تمثل مصدرا استراتيجيا للاقتصاد المصري، وأن عائداتها تعبر عن حق أصيل لدولة مصر، التي تستثمر باستمرار في تطوير القناة وتوسعتها لتعزيز دورها كمحور رئيسي في التجارة العالمية.
وأكد «فرحات» أن مثل هذه التصريحات غير المسؤولة لا تؤثر على المكانة الراسخة لقناة السويس، ولا على قدرة الدولة المصرية على حماية مصالحها الحيوية، لافتا إلى أن محاولات الضغط أو الابتزاز السياسي من أي طرف ستبوء بالفشل، وأن مصر قادرة، كما كانت دائما، على الدفاع عن حقوقها المشروعة بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية.
وشدد الدكتور رضا فرحات على أن مصر في عهدها الحديث أثبتت أنها دولة صاحبة قرار مستقل لا ترضخ لأي تهديدات أو ضغوط، وأن مؤسساتها الوطنية، وعلى رأسها هيئة قناة السويس، تدير هذا المرفق العالمي وفق أعلى معايير الكفاءة والشفافية مؤكدا أن تصريحات ترامب تمثل خروجا عن حدود اللياقة السياسية، وتعكس فقدانا للإدراك بطبيعة العلاقات الدولية التي تحكمها قواعد الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والتصريحات الغير محسوبة كهذه، لا تصب في صالح أحد، وعلى من يطلقها أن يتحمل تبعاتها.
اقرأ أيضاًنائب رئيس حزب المؤتمر: تحرير سيناء ذكرى خالدة تجسد بطولة الجيش المصري
حزب المؤتمر: زيارة الرئيس السيسي إلى جيبوتي تدشن شراكة استراتيجية جديدة
«حزب المؤتمر»: ذبح القرابين بالأقصى استفزاز فج وتجاوز لكل الأعراف الدولية