بقلم : تيمور الشرهاني ..

اليوم نعيش في عالم تسوده النزعات الفردية والصراعات اليومية، يطل علينا بيت الشعر الخالد ليذكرنا بدرس إنساني عظيم: “وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ جاءت محاسنه بألفِ شفيع”. هذه الكلمات ليست مجرد أبيات شعرية تنتمي إلى الماضي، بل هي فلسفة حية تصلح لأن تكون دليلاً في علاقاتنا المعاصرة.

فكم من علاقات انهارت بسبب زلة واحدة، وكم من صداقات انتهت بسبب موقف عابر، بينما كان بالإمكان إنقاذها لو تذكرنا المحاسن قبل أن نحكم على الأخطاء.
الحياة الإنسانية في جوهرها سلسلة من التجارب والأخطاء والتعلم، ومن المفارقات أننا نطلب التسامح لأنفسنا بينما نكون قساة في الحكم على أخطاء الآخرين. الشاعر هنا يقدم لنا عدسة مختلفة للنظر إلى من نحب، عدسة تكبر المحاسن وتجعل الذنب الواحد يبدو صغيراً في بحر الإيجابيات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نجد صعوبة في تطبيق هذا المبدأ في حياتنا اليومية؟ الإجابة قد تكمن في طبيعتنا البشرية التي تميل إلى التركيز على السلبيات، وهي ظاهرة نفسية معروفة باسم “الانحياز السلبي” حيث يعلق في أذهاننا موقف سلبي واحد أكثر من مائة موقف إيجابي.
في العلاقات الزوجية على سبيل المثال، كم من أزواج تحولت حياتهم إلى جحيم بسبب التركيز على الأخطاء ونسيان سنوات من الإيجابيات؟ وفي الصداقات، كم من صداقة عريقة انتهت بسبب موقف واحد بينما كانت تستحق الفرصة الثانية؟ وحتى في بيئات العمل، نجد أن المدير الناجح هو الذي يحسن الموازنة بين تقييم أخطاء موظفيه والاعتراف بجهودهم وإنجازاتهم. الفيلسوف نيتشه كان محقاً عندما قال إن التسامح من صفات الأقوياء، لأن الضعيف فقط هو من يصر على التمسك بالأخطاء ويرفض منح الفرص.
التاريخ الإسلامي يحفل بالمواقف التي تجسد هذا المعنى، فحينما أخطأ أحد الصحابة في معركة أحد، لم يمح النبي صلى الله عليه وسلم كل فضائله وإنجازاته بسبب خطأ واحد. وفي تراثنا العربي أمثلة لا تحصى عن العفو عند المقدرة، وعن النظر إلى الإنسان ككل متكامل وليس كمجموعة من الأخطاء المنفصلة. الحكمة تكمن في أن نتعلم كيف نزن الأمور بميزان عادل، فلا نغفل عن الأخطاء تماماً، ولا نجعلها تطغى على كل ما سبقها من إيجابيات.
فالحياة قصيرة جداً لنحولها إلى سجل للحسابات والمواجزات، والإنسان الناضج هو من يعرف كيف يضع الأمور في نصابها، فلا يبالغ في التقدير ولا في الإقصاء. البيت الشعري الذي بدأنا به ليس مجرد كلمات، بل هو منهج حياة يدعونا إلى الرحمة والتوازن في أحكامنا. فكما نتمنى أن يغفر لنا أخطاؤنا، علينا أن نتعلم كيف نغفر للآخرين، لأن المحاسن الحقيقية تستحق أن تكون شفيعاً للذنوب، ولأن القلوب الكبيرة فقط هي التي تعرف كيف تحب بعيوبها وكمالاتها معاً.

تيمور الشرهاني

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني: قصف الضاحية الجنوبية يحمل إنذارا خطيرا عن نوايا الاحتلال

عرضت فضائية القاهرة الإخبارية، خبرا عاجلا حول الأحداث الجارية بالضاحية الجنوبية في لبنان، حيث قال ‏الرئيس اللبناني، إننا ندين القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية وعدوان إسرائيل يتطلب حشد الأصدقاء لدعمنا.

لبنان.. القبض على عدد من المشتبه في تورطهم بإطلاق صواريخ على دولة الاحتلالقائد الجيش: واجب المؤسسة العسكرية حماية لبنان وأبنائه على اختلاف انتماءاتهم

 وأوضح جوزيف عون، أن القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية يقتضي مزيدا من الوحدة الداخلية خلف الأهداف الوطنية.

ولفت إلى أن القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية يحمل إنذارا خطيرا للنوايا المبيتة تجاه لبنان.

وفي سياق آخر: أفادت الوكالة اللبنانية، بأن سلطات الأمن نجحت في القبض على عدد من المشتبه في تورطهم بإطلاق الصواريخ في الجنوب اللبناني علي دولة الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • نعمة من ربنا.. سامح حسين يرد علي انتقاده بسبب تصريح إلغاء الإجازات
  • هوليوود في مأزق.. سينماكون 2025 يحمل آمال إنقاذ شباك التذاكر
  • لاعبة فرنسية ترتكب واحدا من أكثر الأخطاء غرابة في تاريخ كرة السلة
  • تايلاند.. انفجار قارب يحمل 31 سائحاً
  • الرئيس اللبناني: قصف الضاحية الجنوبية يحمل إنذارا خطيرا عن نوايا الاحتلال
  • البطريرك الذي لا يحمل رقماً.. الأقباط يودعون شيخ مطارنة الكنيسة القبطية الأنبا باخوميوس
  • الهلال الأحمر يحمل الاحتلال المسؤولية عن سلامة وحياة 9 مسعفين محاصرين في رفح
  • الطلبة يحتج على الأخطاء التحكيمية في دوري نجوم العراق
  • نادي الطلبة يلوح بالانسحاب من دوري نجوم العراق