تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى رسالة بمناسبة عيد الفطر، أكد زعيم طالبان، هيبة الله أخوندزاده، رغبة الجماعة فى إقامة علاقات قوية مع العالم الإسلامى تقوم على مبدأ "الأخوة الإسلامية"، إلى جانب علاقات "جيدة ومفيدة" مع الدول الأخرى، وفقًا لمبادئ الجماعة.

ودعا أخوندزاده المجتمع الدولى إلى احترام معتقدات الشعب الأفغاني، وعدم التدخل فى شؤون البلاد الداخلية، مشددًا على أهمية الاستقرار والأمن والتقدم.

كما أعرب عن دعمه لأداء وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، متجاهلًا الانتقادات الموجهة إليها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، واعتبر أن عملها يهدف إلى منع الفساد وتحقيق الإصلاح الاجتماعي.

وأضاف أن جهود هذه الوزارة ساهمت فى تقليل "مستوى الشر"، مشجعًا إدارات طالبان والمواطنين على التعاون مع مفتشيها للقضاء على الفساد. ومع ذلك، تتهم منظمات حقوق الإنسان هذه الوزارة بانتهاكات واسعة، لا سيما ضد النساء والفتيات، كما تواجه اتهامات باحتجاز الأفراد تعسفيًا ومضايقة النساء فى الأماكن العامة.

وفى جزء آخر من رسالته، دعا زعيم طالبان إلى وحدة الصف بين الجماعة والشعب الأفغاني، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت سنوات طويلة من الصراعات والحروب، ولكنها أصبحت الآن تتمتع بالاستقرار.

وأكد أن الوضع الأمنى أصبح مضمونًا، مستذكرًا المعاناة التى عاشها الأفغان خلال العقود الماضية، حيث كانت البلاد تشهد عمليات قصف واعتقالات، فى حين أن الوضع الراهن، وفقًا له، يمثل تحولًا نحو الأمن والازدهار.

كما شدد على أن طالبان تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع تنموية، داعيًا علماء الدين إلى شرح قوانين الجماعة، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وحثّهم على تعزيز التزام المجتمع بهذه القوانين.

ورغم دعوته إلى إقامة علاقات جيدة مع العالم، لم يبدِ زعيم طالبان أى استعداد لقبول الشروط الدولية لتطبيع العلاقات، مثل رفع القيود المفروضة على النساء وتشكيل حكومة شاملة.

يُذكر أن طالبان فرضت قيودًا صارمة على حقوق النساء والفتيات، بينما تُوصف حكومتها بأنها تفتقر إلى التنوع العرقى واللغوى والديني.

ويبدو من خلال لغة خطاب زعيم طالبان تمسكه بالأطر المفاهيمية واللغوية التى تعبر عن أيدولوجيا الحركة، حيث إنه يلجأ إلى توظيف اللغة الدينية لتعزيز شرعية حكم طالبان، مثل الإشارة إلى "الأخوة الإسلامية" و"نعمة الأمن"، إضافة إلى توظيف مصطلحات مثل "إصلاح الناس" و"منع الفساد" لتبرير سياسات الجماعة المثيرة للجدل.

ويحاول زعيم طالبان فى خطابه التأكيد على أن حكومة طالبان نجحت فى تحقيق الاستقلالية والسيادة الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي، وتقديم طالبان كحامية للأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب، فضلا عن محاولة تحسين صورة وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر رغم الانتقادات الواسعة.

واللافت فى خطاب زعيم طالبان الأخير، وهو التأكيد على ضرورة تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى أو العالم الخارجي، وذلك على الرغم من تمسك الحركة بسياسات تثير استياء المجتمع الدولي، فى ظل الرفض للشروط الدولية، مثل حقوق المرأة وتمثيل شامل فى الحكومة.

ويبدو من خلال خطاب زعيم طالبان أنه ليس لديه أية استعدادات لتقديم أى تنازلات أو تغيير فى السياسات التى تنتهجها الحركة لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي، لكنه يريد من المجتمع الدولى أن يتقبل الحركة كما هى وأن يتقبل سياساتها وإن كانت تخالف قناعات العالم الذى يريد أن يندمج فيه.

وفى ظل الانتقادات المستمرة من جانب المجتمع الدولى لسياسات طالبان، لا يبدو أن هناك إمكانية للتوافق، فى ظل تجاهل الحركة لكل المطالبات المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفع القيود التى تم فرضها على المرأة الأفغانية، خاصة فيما يتعلق بالتعليم، إضافة إلى ملف الحريات الذى يشهد مزيدًا من التضييق.

وقد خلا الخطاب الذى ألقاه زعيم طالبان من أى رسائل طمأنة للمجتمع الدولى بشأن الملفات الخلافية، كما أنه بم يقدم أيضًا رسائل طمأنة للداخل رغم الاعتراضات المستمرة على القيود المفروضة، لكن الخطاب ركز فقط على استحسان السياسات الحالية لترسيخ حكم طالبان مهما كانت تتسبب فى غضب شعبي.

كما أن خطاب زعيم طالبان يؤسس لقاعدة تبدو راسخة لديه، والتى تتمثل فى أن أى علاقات تقيمها طالبان سواء مع الدول الإسلامية أو الدول الأخرى سوف تكون وفقا لـ"مبادئ الجماعة"، وهو الأمر الذى يشير إلى أن دعوة التقارب وتحسين العلاقات مع المجتمع الدولى لن يتوفر لها ما يجعلها قابلة للتنفيذ ن جانب الحركة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العالم الإسلامي المجتمع الدولي المجتمع الدولى

إقرأ أيضاً:

مآلات الصراع على السلطة في جنوب السودان .. هل ينجح سلفاكير في إقصاء مشار من المشهد؟

يبدو أن القوى المهيمنة على السلطة فعلياً في جنوب السودان، وهي قبيلة الدينكا ومجلس سلاطينها، قد قرروا التخلص كلياً من أبرز الرموز التي يمكن أن تشكل منافساً حقيقياً على خلافة الرئيس سلفا كير، في حال جرت في جنوب السودان إنتخابات حرة ونزيهة، فالدكتور رياك مشار، المنحدر من قبيلة النوير يمكن أن يقود تحالفاً من قبائل النوير والقبائلالاستوائية وبعض قبائل بحرالغزال لفك هيمنة الدينكا على مقاليد السلطة في الدولة الأحدث في العالم.

ففي السابع والعشرين من مارس الماضي، جرى اعتقال رياك مشار، النائب الأول لرئيس جنوب السودان، بعد دخول كل من وزير الدفاع ورئيس الأمن الوطني بالقوة إلى مقر إقامته، حيث سلماه مذكرة اعتقال، وتم منع زيارته حتى من قبل المبعوثين الإقليميين والدوليين، الذين زاروا جوبا في سياق الجهود المتصلة لنزع فتيل الأزمة المتفجرة في جنوب السودان، على خلفية الصراع المسلح الذي تصاعد في ولاية أعالي النيل بين جيش جنوب السودان وقوات غير نظامية تسمى “الجيش الأبيض” قوامها من أبناء قبيلة النوير التي ينتمي إليها رياك مشار، وهو الصراع الذي أدى لمقتل قائد منطقة الناصر العسكرية وهو من أبناء الدينكا.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت التخلص من نائبه رياك مشار، والتحفظ عليه، مما أسهم في مخاوف عديدة من انفجار الصراع في جنوب السودان مجدداً وتزايد إحتمالات أن يؤدي إلى مواجهات دامية تلقي بظلالها على دول الجوار.

ففي يوم 24 يوليو 2013، أقال سلفاكير، نائبه رياك مشار و أعضاء حكومته، وأحال أمين عام الحركة الشعبية لتحرير السودان، أنذاك، باقان أموم للتحقيق الأمر الذي قاد إلى خروج رياك مشار من جوبا خلسة بعد مواجهات مسلحة داخل المدينة، واندلعت إثر ذلك حرب أهلية بين الدينكا والنوير استمرت خمس سنوات وقالت الأمم المتحدة أنه ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولم تتوقف إلا بعد دخول الخرطوم على خط الوساطة التي رعتها منظمة الإيغاد، على عهد الرئيس عمر البشير.

وعلى الرغم من أن محاولات السلطة الفعلية في جوبا لم تتوقف عن عزل مشار بشتى الطرق وإبعاده من المشهد السياسي في جنوب السودان، إلاّ أن المحاولة هذه المرة أخذت منحى جديداً شرعت من خلاله جوبا لإحداث إنقسام داخل صفوف الحركة الشعبية – في المعارضة التي يتزعمها مشار، فبعد أن تم إعتقال مشار وعدد من الوزراء في حزبه، سعت السلطة الحاكمة لاستمالة بعض المتطلعين من أبناء النوير ودعمتهم لتشكيل “قيادة بديلة” أسموها “القيادة المؤقتة”، وخلال الأيام الماضية التقى وفد من هذه القيادة المؤقتة للحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، بقيادة وزير بناء السلام استيفن فار كول، بالرئيس سلفا كير ميارديت في جوبا، لمناقشة “سُبل دفع عجلة تنفيذ اتفاق السلام المُوقع في عام 2018″، وهو الاتفاق الذي كان قضى بدمج المجموعات المسلحة في الجيش الوطني، وإجراء إنتخابات عامة ورئاسية، وفجر عدم تنفيذه الصراع الكامن على السلطة.

هذا الاجتماع مع سلفاكير أتى بعد أيام قليلة من إعلان مجموعة من كبار أعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة بجوبا، تكليف استيفن فار كول، كرئيس مؤقت للحركة، خلفا للرئيس الحركة رياك مشار الذي بقي قيد “الإقامة الجبرية”،. وأوضح كول أنه سيشغل هذا المنصب إلى حين إطلاق سراح مشار، في محاولة لتخفيف وقع إنحيازه ضد رئيس الحركة، النائب الأول مشار.

وأدى هذا التطور إلى انقسام داخلي عميق داخل الحركة الشعبية – في المعارضة، حيث قاطع الاجتماع الذي تم فيه تأسيس القيادة المؤقتة عدد من كبار المسؤولين في الحركة بينهم وزيرة الداخلية أنجلينا تينج، ووزير التعدين مارتن أبوشا، والأمينة العامة للحزب رجينا كابا.

وفي المقابل يضم الفصيل الداعم للوزير كول، شخصيات بارزة مثل وزير الشؤون الفيدرالية لاسوبا وانغو، ورئيس مجلس الولايات دينق دينق أكون، ونائب وزير المالية السابق أقوك ماكور.

وكان دينق لام وآخرون، بمن فيهم استيفن بار كول، قد عُلِّقَت عضويتهم من قبل نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة أويت ناثانيل، وهو القائم بأعمال رئيس الحركة “قيد الإقامة الجبرية”، وقد رفضوا قرار التعليق، ووصفوا قرار “أويت” بأنه غير قانوني، مشيرين إلى أنه خارج البلاد.

خلافة سلفا كير
ونظراً لتراجع صحة الرئيس سلفا كير، وكبر سنه، بدأ الصراع على خلافته يأخذ أكثر من منحى، فمن ناحية يدور صراع غير معلن داخل مكون قبيلة الدينكا، التي تهيمن على الجيش وأجهزة المخابرات ، ومن الواضح أن الممسكين بملفات المخابرات والاستخبارات، شرعوا في إبعاد “الحرس القديم”، من قادة الجيش الشعبي، أمثال كول مانيانق، وإبراز قيادة جديدة من أبناء الدينكا، ومن ناحية أخرى تحاول قيادات القبيلة القضاء على أي تحالف قد ينشأ بين النوير والقبائل الأخرى سواء من القبائل الاستوائية، التي تشكلت لها مليشيات مسلحة، أو قبائل بحر الغزال من غير الدينكا .

ضغوط أمريكية
محاولات سلفاكير بعزل مشار نهائياً تواجه بضغوط إمريكية، حيث دعت الولايات المتحدة، رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى إطلاق سراح نائبه الأول رياك مشار، من الإقامة الجبرية، وحثت قادة البلاد على إظهار التزامهم بالسلام.

وقال مكتب الشؤون الأفريقية الأمريكي على حسابه في موقع التواصل الإجتماعي -إكس- “نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن رياك مشار، النائب الأول لرئيس جنوب السودان، قيد الإقامة الجبرية، ونحث الرئيس كير على التراجع عن هذا الإجراء، ومنع المزيد من تصعيد الوضع”.

وأضاف “لقد حان الوقت لقادة جنوب السودان لإظهار صدق التزاماتهم المعلنة بالسلام”.

الرئيس لا يتحدث مع نائبه الأول!!
وكانت العلاقه بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول قد تدهورت منذ بداية العام، حتى أن التواصل المباشر بينهما تعثر فاضطر مشار أن يبعث برسالة مؤرخة في 27 فبراير 2025، أكد فيها على الحاجة الملحة للحوار لمنع المزيد من العنف وعدم الاستقرار. وطلب تحديدا عقد اجتماع مع الرئيس كير لمناقشة تدهور الأوضاع الأمنية، وخاصة في أعالي النيل وغرب الاستوائية، لكن الرئيس سلفا كير لم يستجب لطلبه.

وجاءت في الرسالة “أكتب مجددا لطلب مقابلة مع سعادتكم لمناقشة تدهور الوضع الأمني في ولايتي أعالي النيل وغرب الاستوائية، على وجه الخصوص”.

وتضيف الرسالة “في 20 فبراير 2025، كتبت إلى سعادتكم لمناقشة استبدال قوات دفاع شعب جنوب السودان في مدينة الناصر، التي أصبحت نقطة اشتعال مؤخرا”.

وحذر مشار من أن الانتهاكات في هذه الولايات خطيرة بما يكفي لتبرير تدخل الضامنين لاتفاقية السلام لعام 2018.

وأضاف “الانتهاكات في هذه الولايات خطيرة لدرجة أنني مضطر لإثارة هذه القضايا مع الضامنين، حتى يتمكنوا من التدخل واقتراح حلول ودية لكسر الجمود”.

وتشهد مقاطعة الناصر بولاية أعالى النيل، تدهورا للأوضاع الأمنية، على خلفية القتال بين قوات دفاع شعب جنوب السودان، والمدنيين المسلحين “الجيش الأبيض”.

إلى أين تتجه الأمور ؟
يتضح من سياق الأحداث، أن الأمور بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار وصلت مرحلة اللاعودة، بدليل أن الجيش الأوغندي هو الذي نزل إلى ساحة المعركة، ووصلت طلائعه حتى قرب الحدود مع السودان، وأن مشار إن لم يتنازل عن طموحه الرئاسي، فقد يتم تغييبه عمداً من المشهد، إما بمحاكماه وسجنه أو حتى بتصفيته، وبغض النظر عن رجحان هذا السيناريو من عدمه، فإن الوضع في جنوب السودان مرشح لمزيد من التصعيد، وأن الحدود مع السودان مرشحة أن تصبح نقطة ساخنة، إن لم يكن بسبب القتال، فبسبب التدفقات المحتملة للاجئين.

المحقق – طلال إسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تأكيد أهمية المسؤولية المجتمعية في تعزيز الحقوق
  • رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران يلتقي نائب رئيس الإتحاد الدولى للنقل الجوى
  • موسكو تسمح لأفغانستان بتعيين سفير في روسيا
  • جدران كابل صفحات مفتوحة لصراع صامت بأفغانستان
  • هل ينجح المغرب في تطوير صناعة السفن؟
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • مآلات الصراع على السلطة في جنوب السودان .. هل ينجح سلفاكير في إقصاء مشار من المشهد؟
  • شباب ليبيا: الانقسام السياسي يُسهم باستمرار العنف وانعدام الأمن في المجتمع
  • هل ينجح العراق في تجاوز الفساد والضغوط لإحياء صناعته العسكرية؟
  • كتاب 15 دقيقة.. قيادي بطالبان يروي تجربة نادرة من داخل الحركة