أميركيون ينتقلون للعيش في المكسيك هربا من سياسات ترامب
تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT
في مسعى إلى الهروب من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وسياساته، ينتقل أميركيون، بعضهم من أصل مكسيكي، للعيش بالمكسيك، في خطوة قد تعد هجرة عكسية.
وفي ظل تراجع الحقوق والاقتطاعات المالية الشديدة واستشراء التمييز واشتداد الاستقطاب، قرر كثيرون مثل تيفاني وأوسكار ولي وجيسيكا العيش في العاصمة المكسيكية التي تستقبل منذ جائحة "كوفيد-19" أعدادا متزايدة من الأميركيين.
ويعيش مليون أميركي في المكسيك، أي حوالي 20% من الجالية الأميركية في الخارج المقدر عدد أبنائها بـ5 ملايين، وفق تعداد نشرته سنة 2023 المنظمة التي تمثل مصالحهم.
"الولايات المتحدة تتراجع"انتقلت تيفاني نيكول (45 عاما) إلى مكسيكو بعد مقتل الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد الشرطة في مايو/أيار 2020.
وأخبرت هذه المستشارة المالية "لم أعد أشعر بالأمان في بلدي كشخص من ذوي البشرة السوداء"، مضيفة أنها كانت تفكر في العودة إلى شيكاغو لتكون بجانب ابنتها لكن فوز ترامب بدد آمالها.
وقالت "في نوفمبر/تشرين الثاني، كنت في شيكاغو أنتظر ماذا سيحدث في الانتخابات، وتسنى لي أن اجتمع بعائلتي من جديد. أما الآن، فأنا أبحث عن وسيلة لإخراجها من البلد".
وأقرت نيكول بأن "الولايات المتحدة تتراجع في مجال الحقوق المدنية وترتفع أسعار الأدوية ارتفاعا صاروخيا، والجميع يتأثر بالوضع".
إعلانومنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، وضعت الإدارة الأميركية حدا لبرامج التنوع والإنصاف والشمول التي تؤدي في نظر الرئيس إلى "تمييز غير قانوني وغير أخلاقي".
وطالب ترامب بإزالة الرسم الجداري لحركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمة) المدنية التي عاد إليها الزخم بعد مقتل جورج فلويد.
الحلم الأميركيفي عهد دونالد ترامب، تتزايد "أعمال العنف في حق السود من أصول أميركية لاتينية ومن الدومينيكان ومثليي الجنس"، على ما قال لي خيمينيز، وهو نيويوركي في الثامنة والثلاثين يعمل مدرب يوغا ومؤثرا رياضيا غادر الأراضي الأميركية في 2022.
وروى المدرب الذي تتحدر عائلته من الدومينيكان "الآن أصبحت أرى بوضوح الأفعال التمييزية الصغرى النطاق. عدت للتو من لوس أنجلوس حيث ذهبت مع أصدقاء هم أيضا سود ويتعرضون للتمييز إلى مطعم رائع. وقد جعلونا نجلس في الخلف رغم وجود مكان أجمل".
واتهم خيمينيز ترامب بنسف التدابير المصممة لصون التنوع، إذ وقّع فور عودته إلى البيت الأبيض مراسيم للاعتراف بجنسين اثنين لا غير وتقييد إجراءات تغيير الجنس لمن هم دون التاسعة عشرة.
وأقر المؤثر الرياضي بأن "المرء يعيش في المكسيك هانئ البال ولم تعد الولايات المتحدة على ما كانت عليه وقد اضمحل الحلم الأميركي"، مؤكدا "لم أعد أرى مقر إقامتي في الولايات المتحدة".
"حياة أفضل"
كان أوسكار غوميز، المستشار في إدارة الشركات البالغ 55 عاما، يفكر أصلا في مغادرة الولايات المتحدة، لكن فوز ترامب حضه على الإقدام على خطوته. وقد وصل قبل 3 أسابيع إلى العاصمة المكسيكية حاملا معه 7 حقائب وكلبه إيغي.
وأخبر هذا الأميركي ابن عائلة مكسيكية الأصل "عندما فاز ترامب، قلت في نفسي حان الوقت. فولايته الأولى كانت مرعبة.. وعندما أتابع أخبار الولايات المتحدة، أشعر بالارتياح لأنني هنا".
إعلانوقد ترك خلفه شقة تطل على منظر رائع في سان فرانسيسكو بعدما تراجع دخله عندما أنهى ترامب برامج التنوع التي كان يتعاون معها.
ولفت غوميز "من السخرية أن أهلي ذهبوا إلى الولايات المتحدة بحثا عن حياة أفضل، وها أنا اليوم أعود إلى المكسيك للسبب عينه".
استقطابتمضي جيسيكا جيمز الملقبة "جاي جاي" وقتها بين المكسيك وألاسكا في سياق عملها في مجال الصيد. وأقرت هذه الأميركية الأربعينية بأن ترامب قضى على ما تبقى لها من حماسة للاستقرار في الولايات المتحدة.
وقالت "من المحبط أو حتى الرهيب أن نرى أن هذا العدد الكبير من الأشخاص صوّت لترامب".
وولدت جيسيكا في سان دييغو لأم مكسيكية وترعرت في ألاسكا، الولاية المحافظة التي يحكمها الجمهوريون الذين تعارض جيسيكا مبادئهم.
وكشفت هذه المواطنة الأميركية التي تحلم بالجنسية المكسيكية "لم تتغير الأمور كثيرا هناك لكن الاستقطاب شديد على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الحرب الأميركية على الحوثيين في اليمن ...ستة اسئلة تطرح نفسها
تواصل الولايات المتحدة الأميركية غاراتها المكثفة على اليمن، مستهدفة ما تقول إنه مواقع لجماعة الحوثيين، بهدف الضغط على الجماعة وإجبارها على وقف هجماتها في البحر الأحمر.
ومنذ 15 مارس/آذار الماضي، شنت الولايات المتحدة مئات الغارات على اليمن، ما أدى لمقتل 217 مدنيا وإصابة 436 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، حسب بيانات للحوثيين.
ورغم ذلك، واصلت الجماعة استهداف إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، بـ"رد قوي" على الحوثيين، وقال "أريد أن أقول شيئا واحدا للحوثيين ولكل من يرغب في إلحاق الأذى بنا.. أي هجوم ضدنا لن يمر دون رد. سيكون هناك رد قوي".
وترصد الجزيرة نت عبر هذا التقرير 6 أسئلة لفهم ما يجري في اليمن ومآلاته وتداعياته على جماعة الحوثيين ومستقبل المنطقة.
1- كيف بدأ الصراع؟
أعلنت جماعة الحوثي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بدء شن هجمات تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية من إسرائيل.
وبدأت الهجمات على سفن إسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى استهداف مواقع في إسرائيل بصواريخ ومسيّرات بعضها طال تل أبيب.
وشكّلت الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 تحالفا يضم أكثر من 20 دولة، أُطلق عليه اسم "حارس الازدهار"، بدعوى الرد على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.
وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/كانون الثاني 2024 شن غاراتها على مواقع للحوثيين في اليمن، وعقب ذلك، توعّدت جماعة الحوثيين بأن "كل المصالح الأميركية والبريطانية أهداف مشروعة لقواتها ردا على عدوانهم المباشر والمعلن على اليمن".
واستمرت هجمات الحوثيين وردود الولايات المتحدة وحلفائها حتى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في يناير/كانون الثاني 2025، قبل أن يتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان ترامب قد أدرج الحوثيين في قائمة "الجماعات الإرهابية" قبل 3 أسابيع من انتهاء فترة حكمه الأولى، وأخرجتها إدارة جو بايدن من هذه القائمة، وما لبث أن عاد ترامب مع بداية فترة حكمه الثانية لإعادة تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية".
2- ما هدف الغارات الأميركية على اليمن؟
أعلن ترامب في 15 مارس/آذار الماضي إطلاق هجوم مكثف على الحوثيين، وقال في بيان إعلانه بدء الهجمات "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين: وقتكم قد انتهى، ويجب أن تتوقف هجماتكم بدءا من اليوم، وإذا لم تفعلوا فسينهال عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل".
وأعلنت القيادة الوسطى تنفيذ 300 غارة على اليمن منذ منتصف مارس/آذار، في حين يقول الحوثيون إن نحو ألف غارة استهدفت مناطق متعددة في البلاد.
ومنذ بدء 15 مارس/آذار الجاري، أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة على حاملة الطائرات الأميركية "هاري إس ترومان" المتمركزة في البحر الأحمر، كما استأنفوا هجماتهم على إسرائيل.
وبعد أن كانت الغارات تستهدف في وقت سابق مناطق محدودة، توسّعت رقعة الهجمات الأميركية لتشمل 12 محافظة يمنية، بما فيها صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب والبيضاء وذمار، مستهدفة قواعد جوية وموانئ ومنشآت اقتصادية ومراكز قيادة.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي "إن الضربات الحالية تستهدف جسم الجماعة الحوثية مباشرة، وتلحق ضررا بالبنية التي ظلت محمية". وأضاف المذحجي، في حديث سابق للجزيرة نت، "الآن يُستهدف القادة الحوثيون ومقر القيادة، وأماكن غير عسكرية، لكنها ذات أهمية مركزية بالنسبة للحركة".
بدوره، يرى الخبير العسكري علي الذهب أن "الرئيس الأميركي اتخذ قرارا بتقويض قدرات الحوثيين عموما، وليس قدرتهم التهديدية فقط"، بهدف إسقاطهم من "محور المقاومة" والقضاء عليهم.
3- ما دور إسرائيل في الصراع؟
تشكّل الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل تحديا لحكومة نتنياهو، ويرى الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي أن تلك الصواريخ تحقق الغاية منها، إذ تعطل حركة الملاحة في مطار بن غوريون بتل أبيب، وتدخل الملايين في الملاجئ، وتثير حالة من الهلع والرعب والفزع في الداخل الإسرائيلي.
وقال الصمادي للجزيرة إن صواريخ الحوثيين لديها سرعة انقضاضية عالية، خاصة صاروخ "فلسطين 2"، إذ يمتلك قدرة عالية على المناورة والتهرب من وسائل الدفاع الجوي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام تطبيق نظام جديد للتحذير من الصواريخ التي يطلقها الحوثيون من اليمن، ما يمنح الإسرائيليين وقتا للاستعداد والتوجه إلى الملاجئ.
ووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، تواجه إسرائيل معضلتين، الأولى نفسية مع استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن بعد وقفها من غزة ولبنان، وهذا يتطلب دخول الملايين إلى الملاجئ، ويخلق حالة طوارئ في ظل أزمة اقتصادية.
والمعضلة الثانية التي تواجهها إسرائيل، هي إلى أي مدى زمني سوف تقبل عدم ضرب اليمن بناء على طلب أميركي، وهو ما يفقدها قدرة الردع؟
ورجّح مصطفى 3 سيناريوهات لتعامل إسرائيل مع الصواريخ القادمة من اليمن:
الالتزام بالموقف الأميركي وعدم الرد على اليمن وتسليم الملف بالكامل لإدارة ترامب.
قيام إسرائيل بشن هجمات جوية على اليمن لكن بكثافة وحِدّة أكبر.
ضرب إيران، وهو السيناريو الأرجح الذي تفضّله حكومة نتنياهو لإضعاف الحوثيين.
وفي انتظار أي فرصة للتدخل عسكريا، تشارك إسرائيل في العمليات التي ينفذها الجيش الأميركي عبر مشاركة معلومات استخباراتية، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل قدمت معلومات حساسة عن قائد عسكري كبير من الحوثيين استُهدف في الهجمات الأخيرة.
4- ماذا يقول الحوثيون؟
قلل زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي من آثار الهجمات الأميركية الجديدة متوعدا بالتصعيد، وقال "العدوان الأميركي الجديد سيسهم في تطوير قدراتنا العسكرية أكثر فأكثر، وسنواجه التصعيد بالتصعيد، ولن يحقق هذا العدوان أهدافه في تقويض القدرات العسكرية لبلدنا".
وحذر الحوثي من أن "حاملة الطائرات والقِطع الحربية الأميركية ستكون هدفا لنا، وقرار حظر الملاحة سيشمل واشنطن طالما استمرت في عدوانها".
واعترف المتحدث باسم الحوثيين محمد البخيتي -في حديث سابق للجزيرة- بأن الجماعة تكبدت خسائر مادية وبشرية، دون الكشف عن حجم الأضرار، ونفى فكرة أن تؤثر هذه الخسائر على هجمات الجماعة على حاملات الطائرات الأميركية وإسرائيل، وأكد أن العمليات ستستمر ما لم تنته الحرب في غزة.
بدوره، توعد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط باستهداف شركات الأسلحة والنفط الأميركية "باعتبارها شريكة في الإجرام على أهلنا في غزة"، وأضاف "سيدرك المواطن الأميركي أن ترامب جلب لهم الخزي والخسارة، فليقولوا له لا، وإلا يتحملوا التبعات".
وفي مقال بمجلة ناشونال إنترست، يرى رامون ماركس أن الحوثيين تفوقوا على الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وأكد أن جهود البحرية الأميركية لم تفلح في منع الحوثيين من إغلاق مضيق باب المندب لما يقرب من عامين، مما أجبر حركة الملاحة البحرية على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة.
ولفت ماركس إلى أن واشنطن قد اضطرت إلى نشر مجموعات حاملات طائرات قتالية في البحر الأحمر، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لحلّ الوضع، كما صعّدت ردها بنشر المزيد من القوة الجوية، غير أن النتائج الأولية تُشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيا.
بدوره، قال الكاتب الأميركي روبرت ورث، في مقال بمجلة أتلانتيك، إن الضربات ألحقت بعض الأضرار بالآلة الحربية للحوثيين، وقتلت بعض الضباط والمقاتلين، ودفعت الباقين إلى العمل تحت الأرض. لكن القوة الجوية وحدها نادرا ما تحسم الحروب.
ونقل عن المحلل الأمني اليمني محمد الباشا قوله إن الحوثيين يتمتعون بميزة المناطق الجبلية النائية والمناطق الوعرة والمعزولة التي تؤمّن لأسلحتهم الحماية. وإذا صمدوا في وجه هذه الحملة المكثفة، فقد يخرجون منها أقوى سياسيا، وبقاعدة دعم شعبية أكثر صلابة.
5- هل يمكن أن يتطور الصراع لحرب برية؟
يؤكد روبرت ورث أن انتزاع الأراضي من الحوثيين يتطلب حملة برية، وهو ما لا تتضمنه العملية التي أطلقها دونالد ترامب منتصف الشهر الماضي، كما أن الإدارة الأميركية لم تقم بأي محاولات دبلوماسية مع خصوم الحوثيين المحليين في جنوب وغرب اليمن.
وقال ورث إن إدارة ترامب أضرت في الواقع حلفاءها اليمنيين من دون قصد "فالحكومة اليمنية المعترف بها شرعيا تعتمد على برامج مساعدات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ألغتها إدارة إيلون ماسك، موّلت هذه المساعدات جهدا لتوحيد خصوم الحوثيين، لكن المشروع أُلغي".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب قد يسعى لاغتيال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. ومثل هذه الضربة قد تهز الجماعة بعض الشيء، وتمنح ترامب لحظة نصر تلفزيونية، لكن إذا ظن ترامب وفريقه أن بإمكانهم قطع رأس جماعة الحوثي وتجاهلها بعدها، فعليهم إعادة النظر في التاريخ. فجماعة الحوثي -حسب الكاتب- تعرّضت للتدمير عدة مرات خلال العقدين الماضيين، وفي كل مرة عادت أقوى.
ويرى ورث أن إيجاد حل حقيقي لمشكلة الحوثيين ليس أمرا سهلا، ويتطلب جهدا منظما لتوحيد أطرف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي تنقسم حاليا إلى 8 فصائل مسلحة، ونقل عن مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن وزارة الدفاع الأميركية قد تنجح في هزيمة الحوثيين إذا وفرت دعما جويا للقوات اليمنية البرية، ووفرت الحماية للخليج من انتقام الحوثيين.
من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر دبلوماسية في وقت سابق قولها إن إدارة الرئيس دونالد ترامب وافقت على شن عملية برية ضد الحوثيين، قد تنطلق من جنوب وشرق اليمن، بهدف السيطرة على ميناء الحديدة.
غير أن محرر الشؤون اليمنية في قناة الجزيرة أحمد الشلفي استبعد هذا السيناريو، موضحا أن واشنطن قد تكتفي بتقديم دعم للفصائل المحلية، لكنها لن تزج بقواتها على الأرض، في ظل رفض سعودي وإماراتي لأي تدخل بري مباشر، واستمرار التفاوض مع إيران بشأن ملفات إقليمية عدة.
وأكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن دخول القوات الأميركية اليمن سيعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، لأن الطبيعة الجغرافية الوعرة والشبيهة بأفغانستان ستُفشل أي تدخل بري، مشيرا إلى أن الكتلة السكانية الكبرى تقع في مناطق الحوثيين، مما يجعل أي اجتياح مغامرة غير محسوبة.
وأضاف الدويري أن واشنطن قد تلجأ فقط لعمليات نوعية محدودة، عبر وحدات كوماندوز أو إنزال جوي، تهدف لاختطاف أو تصفية قيادات حوثية، لكنه شدد على أن التاريخ العسكري الأميركي يثبت فشله في حروب لا تملك أهدافا سياسية واضحة، بدءا من فيتنام وانتهاء بالعراق وأفغانستان.
وأوضح أن الصواريخ الحوثية لا تُطلق من الموانئ وإنما من عُقد جغرافية داخل المرتفعات الجبلية، مما يجعل السيطرة على مواقع الإطلاق شبه مستحيلة عبر إنزال بحري، واستحضر في هذا السياق هجوما سابقا دمر فيه الإسرائيليون منشآت نفطية في الحديدة دون التأثير على مواقع إطلاق الصواريخ.
واعتبر الدويري أن الحرب الأميركية في اليمن تمثل نموذجا صارخا "للعنف بلا جدوى"، لأن غياب الهدف السياسي يعني تكرار فشل الولايات المتحدة في حروبها السابقة.
6- هل هناك أُفق لحل الصراع؟
يتوقع المحلل السياسي اليمني عبد الواسع الفاتكي -في تصريح سابق للجزيرة نت- 3 سيناريوهات لمستقبل المواجهات بين الولايات المتحدة والحوثيين:
السيناريو الأول: في حال كانت الضربات الأميركية أكثر تأثيرا على الحوثيين وقدراتهم العسكرية، قد تجبر الجماعة على اتخاذ مسار الهدوء النسبي والتوقف عن استهداف خطوط الملاحة الدولية.
السيناريو الثاني: استمرار الحوثيين في التصعيد باستهدافهم السفن في البحر الأحمر وخليج عدن مع هجمات مضادة أميركية، وقد يتوسع ذلك بتدخل عسكري تشارك فيه دول عدة ضد الجماعة.
السيناريو الثالث: مرتبط بانفراجة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي يدفع الحوثيين إلى الكف عن استهداف خطوط الملاحة.
ولا يحظى التصعيد ضد الحوثيين بتأييد مطلق داخل الولايات المتحدة، إذ برز تيار يرى أنه يجب على واشنطن أن تنهي فورا نشاطها العسكري ضد الحوثيين، وأن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية للقيام بدور أكثر استباقية في حماية سفن الشحن الخاصة بها.
ويأتي النائب الجمهوري توماس ماسي على رأس هؤلاء المطالبين بعدم تدخل بلاده في الدول الأجنبية، وتقليص استخدام الجيش الأميركي في الخارج، وقال ماسي، في تغريدة سابقة، إن الولايات المتحدة ليست ضمن الدول التي تتأثر تجارتها باضطراب الملاحة في البحر الأحمر.
وأوضح أن أكثر دول تخسر من تلك الاضطراب هي الصين، فقد خسرت 9.6 مليارات دولار، والسعودية 5.8 مليارات، وألمانيا 3.4 مليارات، واليابان 3.1 مليارات، ثم كوريا الجنوبية 2.7 مليار دولار.
وينتمي ماسي إلى تيار الأحرار في الحزب الجمهوري، وهو تيار لا يؤمن بوجود مصالح لواشنطن في التدخل في حروب لا تنتهي بالشرق الأوسط.
ويرى جون هوفمان محلل السياسة الخارجية بمعهد كاتو، في تحليل منشور له، أن نهج واشنطن تجاه الحوثيين هو مثال لسوء التصرف الإستراتيجي، وقال "لن تنجح إستراتيجية واشنطن، فهي ذات تكلفة كبيرة وتعرّض حياة الجنود الأميركيين المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية للخطر، وتخاطر بزعزعة استقرار اليمن، وكذلك استقرار المنطقة الأوسع".
وأكد هوفمان أنه "لا توجد مصالح وطنية حيوية للولايات المتحدة على المحك في اليمن تبرر هذا المستوى من التدخل العسكري الأميركي، أو تبديد مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين".