موقع النيلين:
2025-04-07@19:30:46 GMT

هل فشلت مغامرة تحالف نيروبي؟

تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT

مع خسارة قوات الدعم السريع ما تبقّى من العاصمة الخرطوم لصالح الجيش، وهي خسارة بدت واضحةً منذ أسابيع، تستمرّ القيادات السياسية التي تحالفت مع هذه القوات في إطلاق تصريحات النصر. قال اللواء معاش فضل الله برمة ناصر، قبل أسبوع، “الموقف العسكري للدعم السريع متقدم”. رئيس حزب الأمّة المكلّف، الذي لم يستطع ضمان تأييد حزبه ومؤسّساته عندما قرّر الانضمام إلى التحالف مع “الدعم السريع” في اتفاق نيروبي، وهو عسكري سابق، يرى هزائم “الدعم السريع” ويعتبرها انتصارات، بل يصرّح “نحن نقف مع الطرف الذي ينادي بايقاف الحرب.

وسنحارب كلّ مُصّرٍ على الحرب”. وهي جملة لا تختلف في غرائبيّتها عمّا قاله رئيس حركة تحرير السودان، فصيل تمبور، الموالي للجيش: “من يقولون لا للحرب عملاء ضدّ وطنهم ومتعاونون مع مخطّط تقسيم البلاد”.

استمرّت سيطرة “الدعم السريع” على العاصمة الخرطوم، وأغلب مساحة البلاد، فترة تقارب العام، وهي نصف مدّة الحرب تقريباً. لكنّها عجزت عن تشكيل أيّ جسم حكومي فاعل لإدارة حياة الناس. ربّما لأن الناس كانت تفرّ من انتهاكات المليشيا، فلم تحكم إلا عاصمة شبه خالية، ومدنيين أقرب إلى رهائن منهم إلى مواطنين. وبينما يرى اللواء معاش ناصر أن “الدعم السريع” دائماً ما كانت مع السلام (وصف يصعب إطلاقه عليها أوعلى الجيش)، فإن سكّان قرى ولاية الجزيرة يعرفون كيف هو هذا السلام. فحتى القرى التي عقدت اتفاقيات، وقدّمت الجبايات، لم تسلم من انتهاكات “الدعم السريع”.

لم تأتِ هجرة القوى السياسية والحركات المسلّحة للتحالف مع “الدعم السريع” في نيروبي إلا بعدما بدأت الموازين تتغيّر في الأرض. وكانت قوات الدعم السريع تفقد مساحات سيطرتها بالسرعة نفسها تقريباً التي استولت عليها بها. في هذا الوضع العسكري المتراجع، والعاصمة المحطّمة والمهجورة، التي كان الجيش يوشك على تحريرها من يد “الدعم السريع”، كان قادة الحركات المتحالفة في نيروبي يصرّحون بأن إعلان حكومتهم (حكومة السلام كما سمّوها)، ستُعلَن من الخرطوم، وهو ما عاد وأكّده الفريق الغائب محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مصوّر، وأن قواته لن تغادر الخرطوم ولا القصر الرئاسي. كان يقول ذلك بينما تواصل قواته الانسحاب، والجيش يطبق الحصار على ما تبقّى منهم داخل القصر.

لم يعد حالياً أمام “الدعم السريع” وحلفائها إلا التحصّن غرباً، لتبقى الحرب في الإقليم السوداني المشتعل منذ عقود. لكن حتى إقليم دارفور ليس بكامله تحت سيطرة “الدعم السريع”، وقد عجزت عن احتلال مدينة الفاشر، ما جنّب البلاد مذبحةً كانت واقعةً إن دخلت هذه القوات عاصمة الحركات المسلّحة في دارفور، فالمدينة التي وقفت تدافع عن نفسها شهوراً تضمّ عشرات آلاف من النازحين الذين احتموا بها من مذابح “الدعم السريع” في مناطقهم.
لذلك، تبدو حكومة تحالف “الدعم السريع” مثيرة للأسئلة، فهي لا تجد لها عاصمة، فالخرطوم لم تعد تحت سلطتهم، وكاودا، المرشّحة الثانية تتململ رفضاً، والفاشر ما زالت صامدةً، والضعين لا تأمن ضربات الجيش، ولا الحكومة تجد قبولاً دولياً، فقبل إعلانها، حذّرت عدّة جهات دولية من أنها لن تعترف بها، وأنها خطوة في طريق تقسيم السودان. ورغم ذلك، يدّعي حلف “الدعم السريع” أنه تلقّى وعوداً إيجابية بالاعتراف من “عدّة جهات”.

قادة الحركات المسلّحة والسياسيون، الذين عطّلوا عمل تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (المتعثّر سلفاً)، بالمزايدات الجهوية، فكّكوا التنسيقية، وذهبوا لإنقاذ “الدعم السريع” في أكثر لحظات احتضار مشروعها للسيطرة على السودان.

وقف محمد حمدان دقلو في إبريل/ نيسان 2023 أمام بوابات القصر الرئاسي، واتصل بالإعلام ليطلب من قائد الجيش الاستسلام لمحاكمته وإعدامه (!). بعد عامين من الحرب، وملايين النازحين، وعشرات ألوف الضحايا، وتدمير العاصمة، يتوعّد الطرفان بعضهما بعضاً بالمزيد.

تهدّد “الدعم السريع” المهزومة في الوسط مناطق سيطرة الجيش بالمسيّرات. ويتوعّد الجيش المتقدّم مناطق سيطرة “الدعم السريع” بالطيران. وبينهما يسقط المدنيون. يُعلن تحالف نيروبي، قبل تكوين حكومته التي تبحث عن عاصمة، مزيداً من القتال، مثلما يعد الطرف الآخر. قد لا تكون مغامرة التحالف قد فشلت تماماً، وما زالت تهدّد بتقسيم البلاد، لكنّها بالتأكيد لم تسر كما أراد لها أطرافها.

ويبدو (للأسف!) أن المنتظر منها فقط توفير غطاء لإمداد “الدعم السريع” والمليشيات المتحالفة معها بمزيد من السلاح، في بلد امتلأ بالمليشيات المسلّحة، وانخرط في حربٍ أهليةٍ يرفض أن يسمّيها كذلك، ويقف على مفترق طرق كلّها مليئة بالدم.

حمّور زيادة

العربي الجديد – 29 مارس 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع جنوب وغرب أم درمان

الأناضول/ اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الجمعة، في مناطق جنوبي وغربي أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الخرطوم، وفق شهود عيان، وقال الشهود لمراسل الأناضول، إن اشتباكات "عنيفة" اندلعت منذ صباح اليوم غربي مدينة أم درمان في مناطق الموليح وقندهار وأمبدة.

وذكروا أن الاشتباكات في هذه المناطق الثلاث الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع لا تزال مستمرة منذ ساعات، واستُخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

فيما بث عناصر من الجيش السوداني مقاطع مصورة وهم يعلنون السيطرة على حي "أمبدة كرور" بمنطقة أمبدة.

وتعد هذه آخر مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع غربي أم درمان بعد أن استطاع الجيش خلال الأيام الماضية السيطرة على سوق ليبيا ومنطقة دار السلام وعدة أحياء بمنطقة أمبدة، وفق مراسل الأناضول.

وجنوبي أم درمان، ذكر شهود عيان لمراسل الأناضول، أن منطقة "صالحة" تشهد كذلك منذ ساعات صباح اليوم اشتباكات بين الطرفين، حيث يحاول الجيش التقدم إلى جنوب المدينة.

وتعتبر منطقة "صالحة" أكبر معاقل الدعم السريع في أم درمان، التي سيطر الجيش على معظمها خلال الأيام الأخيرة.

وحتى الساعة 15:30 "ت.غ"، لم يصدر عن الجيش أو الدعم السريع أي تعليق بخصوص الاشتباكات الدائرة في أم درمان اليوم.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش.

ففي ولاية العاصمة التي تتشكل من 3 مدن، أحكم الجيش قبضته على مدينتي الخرطوم وبحري، فيما يسيطر على معظم أجزاء مدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربها وجنوبها.

ومنذ أواخر مارس/ آذار الماضي، تسارعت انتصارات الجيش في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل عامين.

وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

بينما يسيطر الجيش على الفاشر عاصمة شمال دارفور، الولاية الخامسة في الإقليم.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/ نيسان 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

   

مقالات مشابهة

  • أسر سودانية تلاحق مصير أبنائها بسجون الدعم السريع
  • آخر تطورات المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • سجن سوبا.. الشاهد على جرائم وانتهاكات الدعم السريع بحق السودانيين
  • قتلى وجرحى بمسيّرات "الدعم السريع" ومئات الجثث بالخرطوم
  • قتلى بمسيرات الدعم السريع في الدبة ومئات الجثث بالخرطوم
  • الجيش السوداني يصد هجمات لـ"الدعم السريع" على مقر "الفرقة 19 مشاة" وسد مروي  
  • الجيش السوداني يحبط استهداف «الدعم السريع» لسد مروي
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع جنوب وغرب أم درمان
  • الجيش السوداني يحبط استهداف "الدعم السريع" لسد مروي
  • السودان.. مسيرة للدعم السريع تستهدف كهرباء سد مروي وتؤدي لانقطاع الكهرباء في عدة مدن