أعادت الزيارة الأخيرة للوفد العُماني إلى صنعاء للقاء قيادة جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، تسليط الضوء على إخفاق الجهود الإقليمية والدولية منذ 10 أشهر في التوصل إلى اتفاق شامل لتجديد الهدنة الأممية والشروع في مفاوضات سياسية لإنهاء الصراع في اليمن.

ويعود هذا الإخفاق إلى جملة العراقيل التي تضعها جماعة الحوثي في وجه هذه الجهود، وإصرارها على فرض مطالبها في هذا الاتفاق وتغلفها بلافتة "المطالب الإنسانية" وتتمثل في رفع كافة القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة وصرف رواتب الموظفين بمناطق سيطرتها وفق موازنة وكشوف 2014م.

البند الأخير يعد نقطة الخلاف الرئيس بين الجماعة من جهة والتحالف والشرعية من جهة أخرى ووجهة نظر كل طرف حول الملف، بالإضافة إلى حجم التعقيدات المتعلقة بالملف وارتباطه بملفات أخرى شائكة تنتظر الطرفين في مفاوضات التسوية السياسية.

ويبدأ الخلاف من نقطة تحديد المشمولين بعملية صرف الرواتب بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، حيث تصر الحكومة الشرعية على اقتصار الأمر على الموظفين المدنيين فقط وفق كشوف 2014م، مع إلزام جماعة الحوثي بتسخير إيرادات ميناء الحديدة لذلك وفق ما ينص عليه اتفاق ستوكهولم الموقع أواخر 2018م. 

ما تطرحه الحكومة ترفضه الجماعة الحوثية وتطرح تصوراً مختلفاً تماماً، حيث تطالب بصرف الرواتب بمناطق سيطرتها من عائدات تصدير النفط والغاز المنتج بالمحافظات المحررة، بحسب أرقام موازنة 2014م وليس كشوفات الموظفين لعام 2014م، مع رفض الحديث عن عائدات ميناء الحديدة وباقي الإيرادات التي تحصلها في مناطق سيطرتها.  

وجرى مؤخراً الحديث عن وجود توافق أولي في المساعي التي تقودها عُمان بين الحوثي والسعودية كحل وسط بين وجهتي النظر يقوم على صرف المرتبات من عائدات تصدير النفط والغاز كما يطرح الحوثي، ولكن وفق كشوف 2014م كما تطرح الحكومة، مع بقاء الخلاف حول تحديد الصرف بالموظفين المدنيين كما تطرح الحكومة أو أن يشمل العسكريين والأمنيين كما يطالب الحوثي.

ورغم إيجابية هذه الأنباء في حلحلة أهم عوائق الاتفاق، إلا أن التعقيدات المرتبطة بآلية التنفيذ والتوافق عليها تبدو أصعب جراء الواقع الذي تخلَّق منذ الحرب قبل 8 سنوات والفرق بين أرقام 2014م وأرقام اليوم، بالإضافة إلى الانقسام المالي والمصرفي الذي فرضته جماعة الحوثي.

فبحسب موازنة 2014م التي قدمتها حكومة الوفاق حينها إلى مجلس النواب، فقد قُدرت إيرادات النفط والغاز بنحو 938 مليار ريال، في حين قُدر بند الرواتب بـ977 مليار ريال، موزعة بين 435 مليار ريال للجيش والأمن والمخابرات، و542 مليار ريال رواتب القطاع المدني.

وبالنظر إلى رقم إيرادات النفط والغاز المقدر بنحو 938 مليار ريال، يتضح في تفاصيل الموازنة بأن نصف هذا المبلغ 472 مليارا يعود إلى عائدات مبيعات النفط الذي يتم تكريره محلياً في مصافي عدن وهو ما توقف منذ 2016م.

بالإضافة إلى 136 مليار ريال عائدات متوقعة للحكومة من تصدير الغاز في مشروع بلحاف وهو ما توقف أيضاً، ونحو 35 مليار ريال الإيرادات المتوقعة من بيع الغاز محلياً والمنتج من صافر في مأرب.

في حين أن تقدير إيرادات تصدير النفط الخام لعام 2014م لا تتجاوز 313 مليار ريال فقط (أي نحو 1.4 مليار دولار)، وهو رقم لا يغطي بند رواتب الموظفين المدنيين بحسب ذات الموازنة والتي تقدر بنحو 542 مليار ريال.

وعلى الرغم من ذلك فإن عائدات تصدير النفط في موازنة عام 2014 وفق سعر الصرف حينها لا تختلف كثيرا عن 2022م والمقدرة بحسب بيانات البنك المركزي وتصريحات الحكومة بنحو 1,5 مليار دولار، إلا أن الفارق يكمن في قيمة العملة المحلية بين هذه الفترة.

وهنا تبرز المعضلة الأهم في بند صرف الرواتب وهو الانقسام المالي والمصرفي الذي فرضته جماعة الحوثي والذي أوجد فرقاً بين قيمة العملة المحلية بمناطق سيطرتها والمناطق المحررة.

فالتوافق على صرف المرتبات من عائدات تصدير النفط والغاز، وهي طبعا بالعملة الصعبة، يستوجب معه توحيد قيمة العملة المحلية لتوحيد عملية صرف المرتبات ويستدعي معه توحيد الجهة التي تتولى تحصيل مبيعات النفط وصرفها كمرتبات للموظفين.

حقائق تدرك جماعة الحوثي صعوبة تجاوزها وارتباطها بالاتفاق على قضايا الحل النهائي، وهو ما يفسر إصرارها على وجهة نظرها في ملف المرتبات بأن يتم تقسيم عائدات تصدير النفط مع الحكومة الشرعية بحسب الكثافة السكانية وأن تحصل على نسبة 70-80% من هذه العائدات التي تمثل الهدف الحقيقي للجماعة للسطو عليه بعد أن عجزت عن ذلك عسكرياً، وترفع شماعة الرواتب غطاءً لتحقيق هذا الهدف.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: جماعة الحوثی النفط والغاز ملیار ریال

إقرأ أيضاً:

السعودية توسع احتياطياتها من النفط والغاز بـ 14 اكتشافا جديدا

أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأربعاء، عن اكتشاف 14 موقعا جديدا للنفط والغاز الطبيعي في المملكة، وهو ما يعزز مكانة السعودية الرائدة في قطاع الطاقة عالميًا.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن الاكتشافات تشمل 6 حقول ومكمنين للنفط، بالإضافة إلى حقلين و4 مكامن للغاز الطبيعي، وقد تمت هذه الاكتشافات في المنطقة الشرقية ومنطقة الربع الخالي.

وفي بيان له، أكد الوزير أن هذه الاكتشافات تمثل إضافة نوعية للموارد الهيدروكربونية في المملكة، مشيرًا إلى أنها تفتح آفاقًا جديدة لتنمية الاقتصاد السعودي.

ورغم أن الوزير لم يكشف عن حجم الاحتياطات المقدرة في هذه المواقع، فإنه شدد على أن هذه الاكتشافات ستحقق دعما كبيرا للسعودية في تلبية الطلب المحلي والعالمي على الطاقة بكفاءة واستدامة على مدار العقود القادمة.


كما أضاف الأمير عبد العزيز بن سلمان أن هذه الاكتشافات تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تعظيم الاستفادة من موارد المملكة الطبيعية وتعزيز أمن الطاقة العالمي.

وأشار إلى أن جهود شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، أسهمت بشكل كبير في تعزيز أمن الطاقة، من خلال توسيع قاعدة الموارد الهيدروكربونية.

من جانبها، حافظت السعودية على مركزها كثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة، بقدرة إنتاجية تقدر بـ12.3 مليون برميل يوميًا، حسب البيانات الرسمية لشركة أرامكو لعام 2023.

ورغم التزام المملكة باتفاقية "أوبك بلس" التي تهدف إلى خفض الإنتاج، حيث تبلغ حصة المملكة في هذا الخفض نحو 1.5 مليون برميل يوميًا، فإنها لا تزال تلعب دورًا محوريًا في السوق العالمية للطاقة.


وفيما يخص الغاز الطبيعي، أشار الوزير إلى أن إنتاج المملكة من الغاز في 2023 وصل إلى حوالي 123.5 مليار متر مكعب، بزيادة طفيفه عن العام السابق، حيث كان الإنتاج في 2022 يبلغ حوالي 122.9 مليار متر مكعب، وفقًا لبيانات منظمة أوبك.

تعتبر هذه الاكتشافات خطوة جديدة في تعزيز قدرة المملكة على تلبية احتياجاتها المحلية والدولية من الطاقة، وكذلك تحقيق استدامة طويلة الأجل في هذا القطاع الحيوي.

مقالات مشابهة

  • تركيا تنقب عن النفط والغاز في الصومال
  • الحوثي: 14 غارة أميركية على صنعاء منذ صباح الأربعاء
  • السعودية توسع احتياطياتها من النفط والغاز بـ 14 اكتشافا جديدا
  • جماعة الحوثي تعلن إسقاط مسيرة أميركية ثالثة في 10 أيام
  • غارات أمريكية تغتال مسؤولا في جماعة الحوثي
  • الجيش اليمني يتصدى لهجمات حوثية مكثفة في جبهات تعز
  • معدلات إنتاج «النفط والغاز والمكثفات» خلال الساعات الماضية
  • جماعة الحوثي تعلن عن  22 غارة أمريكية استهدفت صنعاء ومأرب والحديدة
  • مستشهدة بازمات سابقة.. النفط النيابية تبين مصير رواتب الموظفين
  • زيادة الرواتب في العراق: أمل الموظفين وكابوس الاقتصاد