في ربيع عام 1807، شهدت مصر واحدة من أهم محاولات الغزو البريطاني عندما وصلت الحملة الإنجليزية بقيادة ألكسندر ماكنزي - فريزر إلى مدينة رشيد، في إطار مساعٍ بريطانية للسيطرة على البلاد وتأمين نفوذها ضد التوسع الفرنسي العثماني.

 إلا أن هذه الحملة انتهت بفشل ذريع، مسجلة واحدة من أبرز الانتصارات الشعبية في تاريخ المقاومة المصرية.

خلفيات الحملة وأهدافها

جاءت الحملة البريطانية على مصر في سياق التنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا، خاصة بعد خروج الفرنسيين من مصر عام 1801.

 كانت بريطانيا تسعى لفرض سيطرتها على مصر لعدة أسباب استراتيجية، من بينها تأمين طرق التجارة مع الهند ومنع أي تهديد فرنسي محتمل. 

كما استغلت بريطانيا الصراع الداخلي بين محمد علي باشا، الذي كان يحاول ترسيخ حكمه، والمماليك الذين كانوا لا يزالون يشكلون قوة سياسية وعسكرية مؤثرة.

نزول القوات البريطانية في رشيد

في 7 مارس 1807، نزلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال ألكسندر ماكنزي -فريزر على سواحل أبو قير، ثم تقدمت نحو مدينة رشيد، التي كانت آنذاك ذات أهمية استراتيجية لكونها منفذًا على البحر المتوسط ونقطة عبور نحو دلتا النيل والقاهرة.

 ظنت القوات البريطانية أن المدينة ستكون لقمة سائغة، خاصة مع قلة التحصينات العسكرية بها، لكن ما حدث كان مفاجئًا تمامًا.

المقاومة البطولية وسقوط الإنجليز في الفخ

بقيادة علي بك السلانكي، حاكم رشيد آنذاك، تضافرت جهود الأهالي والعسكريين في إعداد خطة دفاعية محكمة. 

تمركز المقاومون داخل المنازل والمباني المرتفعة، واستخدموا تكتيك الكمائن والشوارع الضيقة لاستدراج القوات البريطانية إلى داخل المدينة. 

وما إن توغلت القوات الإنجليزية داخل رشيد، حتى انهالت عليها نيران المصريين من النوافذ والأسطح، ما أدى إلى ارتباك شديد في صفوفهم وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى.

حاول ماكنزي - فريزر إعادة تنظيم قواته، لكن الكمائن المصرية وحصار المدينة من جميع الاتجاهات حالا دون ذلك. 

اضطر الجنرال البريطاني إلى التراجع بعد خسائر فادحة تجاوزت 900 قتيل وأسر المئات، ما دفعه لاحقًا إلى الانسحاب بالكامل بعد إدراكه استحالة تحقيق أهدافه.

نتائج وأثر الحملة

مثل فشل الحملة الإنجليزية ضربة قاصمة للنفوذ البريطاني في مصر، ورسخ من قوة محمد علي باشا الذي استغل الحدث لتعزيز شرعيته كحاكم قوي قادر على الدفاع عن البلاد. 

كما برزت رشيد كرمزٍ للمقاومة الشعبية التي تمكنت، بأسلحة بسيطة وتكتيكات ذكية، من هزيمة جيش أوروبي حديث.

على الصعيد الدبلوماسي، تراجعت بريطانيا عن محاولات احتلال مصر، في حين عزز محمد علي باشا نفوذه، وأصبح أكثر قدرة على فرض سيطرته على البلاد، ما مهد الطريق لبناء الدولة المصرية الحديثة.


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الغزو البريطاني مدينة رشيد الحملة البريطانية المزيد القوات البریطانیة

إقرأ أيضاً:

بعد سقوط قتيلين..أوكرانيا تتهم روسيا بقصف مستشفى عمداً في خاركيف

أعلن الجيش الأوكراني ومسؤولان محليان، سقوط قتيلين، وجرح 25 آخرين على الأقل إثر استهداف طائرات روسية دون طيار مستشفى عسكرياً، ومركزاً للتسوق ومناطق سكنية، وأهدافاً أخرى في خاركيف ثاني أكبر مدن أوكرانيا في وقت متأخر من مساء أمس السبت.

وقالت هيئة الأركان الأوكرانية، عبر تلغرام، "تشير المعلومات الأولية إلى إصابات بين العسكريين الذين يتلقون العلاج في المركز الطبي".
ونددت هيئة الأركان "بالقصف المتعمد والمستهدف" للمنشأة والذي قالت، إنه "يضاف إلى القائمة الطويلة من الجرائم البشعة والخبيثة التي ارتكبها الروس منذ بداية الغزو غير المبرر لأوكرانيا".
وقال رئيس بلدية خاركيف إيهور تيريخوف، إن 27 أصيبوا في الهجوم.


وقال حاكم منطقة خاركيف،  أوليه سينيهوبوف، إن 25 أصيبوا في الهجوم، بينهم فتاة، 15 عاماً، في حالة خطيرة.
وقاومت خاركيف، في شمال شرق أوكرانيا، الاستيلاء عليها في الأسابيع الأولى من الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022.
لكن مع تركيز القوات الروسية اهتمامها على الاستيلاء على مساحات واسعة من شرق أوكرانيا، أصبحت المدينة هدفاً متكرراً للهجمات الجوية. 

مقالات مشابهة

  • الاقتراع زمن الغزو.. لماذا لا تجري انتخابات رئاسية بأوكرانيا؟
  • التجارة البريطاني: لا نستبعد فرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات المتحدة
  • رئيسة منظمة خيرية تتهم الأمير البريطاني هاري بممارسة “المضايقات والتنمر”
  • إيران تهدد بضرب قاعدة دييغو غارسيا الأمريكية البريطانية
  • بعد سقوط قتيلين..أوكرانيا تتهم روسيا بقصف مستشفى عمداً في خاركيف
  • تنظيم ندوة في بنغازي حول تأثير الغزو الثقافي على الهوية الوطنية
  • رشيد حموني يكتب..مغربُنا القويّ في حاجةٍ إلى فضاء سياسي قوي.. وسائط مجتمعية قوية.. وإلى حكومة قوية
  • نيوكاسل يحتفل عبر حافلة مكشوفة بكأس رابطة الأندية الإنجليزية
  • الخارجية البريطانية تطلب من مواطنيها مغادرة سوريا بأي وسيلة متاحة