تجليات المشهد في إسرائيل بعد إقرار الميزانية
تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT
لا يختلف اثنان على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجح بتثبيت أركان ائتلافه، بعد تمرير الميزانية الثلاثاء الماضي، وتأجيل الحديث عن إعفاء اليهود الحريديم من التجنيد إلى الأول من يونيو/حزيران المقبل.
وعزز شعور نتنياهو بأنه "على أعتاب النصر العظيم "-وفق تعبيره- إقرار قانون لجنة اختيار القضاة الذي يعتبر القانون الرئيسي في الانقلاب القضائي.
وتم لنتنياهو كل ذلك، رغم تحركات المعارضة التي نجحت بإعادة رص صفوفها وإيجاد قاسم مشترك خلال الأيام الماضية، بعد الإعلان عن إقالة رئيس الشاباك رونين بار والبدء بإجراءات المستشارة القضائية الحكومية غالي بهاراف ميارا اللذين يعتبرهما التيار الليبرالي العلماني في إسرائيل "حراس البوابة للدولة الديمقراطية".
لكن ما يلفت الانتباه، أن المظاهرات الكبيرة الحاشدة رافقها عنف غير مسبوق ضد المتظاهرين من قبل شرطة وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير التي يحقق الشاباك بتغلغل عناصر من "حركة مائير كهانا الإرهابية" داخلها.
وأدى ذلك إلى احتكاك جسدي مباشر بين وزير الأمن الداخلي ورئيس الشابك المقال في جلسة الكابينت، هدد خلالها بن غفير باعتقال بار ووضعه في زنزانة، وقد انضم إلى هذه الجوقة كل تيارات ائتلاف نتنياهو اليمينية.
ووصف يديديا شتيرن رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي الحالة الداخلية الإسرائيلية بقوله إن "إستراتيجية الحكومة في تفجير المنطقة تتمثل من خلال وضع العديد من القضايا على الطاولة الوطنية، وإرهاق الجمهور وتعزيز الأهداف التي لا يمكن الترويج لها في سياق الشؤون العادية".
في المقابل، فقد أعادت خطوات ائتلاف نتنياهو رص صفوف المعارضة التي دعا زعيمها يائير لبيد إلى تمرد ضريبي والإضراب الشامل في كل مناحي الحياة.
إعلانتبعها تحذيرات رئيس اتحاد نقابات العمال "الهستدروت" أرنون بار ديفيد بأن إسرائيل على شفا فوضى عارمة برعاية الحكومة، وأنه لن يسمح بالمساهمة في تدمير المجتمع الإسرائيلي. محذرا من الوصول لحالة الإضراب الشامل إذا رفضت الحكومة قرارات المحكمة العليا.
كما طالب رئيس حزب الديمقراطيين اللواء احتياط يائير غولان بضرورة انتقال الاحتجاج ضد الحكومة إلى مرحلة جديدة، وقال إن قوى الظلام تحاول سحق المجتمع ونحن بحاجة للقتال"، وحدد 3 أدوات للعمل تتمثل بالمظاهرات، والإضرابات، والعصيان المدني.
وحذر رئيس الأركان السابق رئيس معسكر الدولة بيني غانتس من أن "أمن إسرائيل في خطر بسبب الانقسام الداخلي، فما يحدث هو بمثابة تمهيد للكارثة القادمة".
دعوات التمرد تقابلها التحذيرات من الحرب الأهلية التي تدق أبواب إسرائيل، وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت في حديث لنيويورك تايمز بأن "أسس إسرائيل تهتز، ونتنياهو مستعد للتضحية بكل شيء من أجل بقائه، نحن أقرب إلى حرب أهلية أكثر مما يدركه الناس، وفي الخارج ولم أر هذا القدر من الكراهية ومناهضة إسرائيل".
وقد وصف عضو الكنيست ماتان كاهانا من حزب معسكر الدولة في مقال نشرته القناة السابعة ما يحدث بأنه مقدمات لحرب أهلية، وقال إن "أي شخص يستطيع بسهولة أن يتخيل السيناريو الذي يؤدي إلى حرب أهلية، وليست شرطا أن تكون حربا مثل الحرب في الولايات المتحدة. فالمظاهرات الحاشدة التي تخرج عن السيطرة وتتحول إلى العنف مع الإصابات، أو الوفيات هي حرب أهلية تماما".
وبحسب نحميا ستراسلر في مقال في هآرتس فإنه "رغم التحذيرات إلا أن نتنياهو يقود إلى حرب أهلية، فهو مهتم بها، سوف تخدمه، إن النار في الشوارع ستعزز موقفه وستوسع "المعسكر القومي" الذي سيتحد حوله، وسوف يسمح له ذلك بنسيان كل إخفاقاته الرهيبة: السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والتخلي عن الرهائن، وسوف تكون الفوضى في الشوارع بمثابة ذريعة جيدة له لإلغاء انتخابات عام 2026 إذا توقعت استطلاعات الرأي خسارته".
ولم يستبعد المختص في الشؤون الإسرائيلية نائل عبد الهادي في حديثه للجزيرة نت "من تطور الاحتجاجات إلى احتكاكات خشنة بين مكونات المجتمع الإسرائيلي، بالنظر إلى الاحتجاجات العنيفة التي تصدت لها الشرطة بالسحل، والضرب، والاعتقال العنيف، وإلقاء قنابل الصوت، إضافة لمشاركة نشطاء اليمين المتطرف في استفزاز المحتجين والتعرض لهم جسديا".
إعلان
رفض الخدمة
بحسب المحلل العسكري يوسي يهوشع فإن الدعوة للتمرد والتحذيرات من حرب أهلية، تأتي في ظل حالة استنزاف شديدة يتعرض لها الجيش الإسرائيلي بمكوناته المختلفة بعد حرب طويلة على عدة جبهات، مضيفا أن "المستويات العليا تواجه صعوبة في فهم حقيقة، أن جزءا كبيرا من المجتمع الذي من المفترض أن ينفذ مهمة العودة إلى القتال بدأ ببساطة الآن يفقد الثقة".
وقال إن التحدي الكبير ليس عملياتيا على الإطلاق، لكن يجب أن تعود القيادة إلى رشدها وإلا سينهار التماسك الاجتماعي مثل برج من ورق"، موضحا أن جنود الاحتياط يتعرضون للاستنزاف الهائل مما يؤثر على حياتهم، "وكل ذلك مصحوب بجدار متزايد من عدم الثقة، بسبب اللامبالاة وحتى القسوة التي تبديها الحكومة تجاه تضحياتهم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)".
وتم طرد عدد من الجنود والضباط الذين أعربوا عن معارضتهم لخطوات الانقلاب القضائي، وكان آخرهم الرائد احتياط درور جافيش وهو ناشط احتجاجي معروف.
وقد حذر في لقاء مع يديعوت أحرونوت من أن رفض الخدمة العسكرية ظاهرة موجودة، وحقيقة منذ سنوات "وهي سلاح كارثي وجودي، فالواقع الذي يسيطر فيه الائتلاف على كل السلطات الحاكمة في البلاد يشكل تهديدا وجوديا أعظم بكثير من أي شيء يمكن لأعدائنا فعله في هذه المرحلة".
وتأتي التحذيرات من رفض الخدمة العسكرية، مع تحذيرات شديدة من استمرار الانقلاب القضائي الذي يصر نتنياهو وشركائه على تنفيذه ضاربين بعرض الحائط مآلات هذا الانقلاب والتي أثبتت التحقيقات في فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بأنها كانت من أبرز الدوافع للمقاومة الفلسطينية لشن هجومها على المستوطنات.
ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن ظاهرة رفض الخدمة يمكن أن تتسع بشكل مطرد، فقد كان لها انتشار ضخم في ظل الاحتجاجات التي سبقت السابع من أكتوبر/تشرين الأول وطالت وحدات قتالية ومفاصل حساسة في المنظومة الأمنية والجيش.
إعلانوأوضح منصور في حديثه للجزيرة نت أن الحالة الداخلية الإسرائيلية تعيش مخاضا معقدا، وتعكس حجم الصراع الداخلي الذي سينعكس حتما على كل الساحات، ومن بينها الجيش".
ولكن في مقابل نجاح المعارضة في رص صفوفها حول قضيتي رئيس الشاباك والمستشارة القضائية، إلا أنها أُسقط في أيديهم أمام تمرير لجنة تغيير القضاء حيث وصفتهم موران أزولاي في يديعوت أحرونوت "بأنهم استسلموا وأعلنوا أنهم سيعملون على ضمان إلغاء القانون في الحكومة المقبلة.
وصوّت أعضاء الكنيست صباح الأربعاء الماضي على مشروعي قانونين مختلفين؛ الأول كان لتعديل القانون الأساسي للقضاء والثاني مشروع قانون لتعديل قانون المحاكم.
وأدى إقرارهما إلى تغيير في تشكيلة لجنة اختيار القضاة، ويهدف كلا القانونين إلى زيادة سلطة السياسيين في اللجنة على حساب القضاة، وإنهاء تدخل نقابة المحامين فيها.
ووفق وصف يديديا شتيرن في يديعوت أحرونوت فإن قرارات الحكومة تشعل بكل قوتها الجبهة الداخلية، وقال "إنهم يدفعوننا جميعا إلى حافة خلاف عميق حول القضايا الأكثر محورية في حياتنا الوطنية. إنها تقطع اللحم الحي أثناء الحرب".
قتل الفلسطينيين
وفي خضم الحراك الداخلي الإسرائيلي إلا أن العدوان على غزة لا يزال يتواصل بأعنف حالاته، وهو يعتبر هدية ترضية قدمها نتنياهو لإعادة بن غفير لحكومته ليتمكن من تمرير الموازنة.
ووفقا لوصف نائل عبد الهادي الذي اعتبر أن نتنياهو لا يبحث منذ البداية عن صفقة لإنهاء الحرب، ولكنه كان يبحث عن إطلاق أكبر قدر من الأسرى الأحياء من يد المقاومة، لنزع هذه الورقة القوية منها، موضحا أن الأسرى المتبقين هم جنود وقعوا على اتفاقية تنفيذ إعدامهم إذا وقعوا أسرى عبر إجراء بروتوكول هانيبال.
إعلانواعتبر عبد الهادي أن خطة التهجير، والإعلانات عن إقامة مديرية للتهجير في قطاع غزة، هي ذر الرماد في العيون، وإرضاء لقاعدة اليمين المتطرف الانتخابية والحقيقة أن إسرائيل تريد قتل أكبر قدر من الفلسطينيين مع وجود ضوء أخضر أميركي واضح بفتح أبواب الجحيم" والخلافات الداخلية حول هذه المسألة بسيطة جدا.
ويتفق منصور معه بقوله إنه في ذات السياق تأتي التعيينات في الجيش التي يقودها إيال زامير حاليا بإيحاء من وزير الدفاع يسرائيل كاتس وتهدف لاستمرار الحرب في غزة وعدم إنهائها في المنظور القريب إلا بالوصول لحرية حركة سهلة للجيش الإسرائيلي في غزة، وضمان عدم وجود حماس بشقيها العسكري والمدني حينها يمكن لإسرائيل أن تحرك ملف التهجير على الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول رفض الخدمة حرب أهلیة
إقرأ أيضاً:
محمد معز رئيس المالديف الذي منع الإسرائيليين من دخول بلاده
محمد معز مهندس وسياسي مالديفي، وُلد عام 1978 في العاصمة ماليه، شغل مناصب حكومية بارزة، منها وزير الإسكان والبنية التحتية، وصار أول عمدة منتخب لماليه، ثم أصبح الرئيس الثامن لجزر المالديف يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
اتخذ خطوات دبلوماسية بارزة، منها إصدار قرار يمنع دخول الإسرائيليين إلى بلاده عام 2025 احتجاجا على انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وأكد أن المالديف تقف مع القضايا العادلة وتدين الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع.
المولد والنشأةوُلد محمد معز يوم 15 يونيو/حزيران 1978 في منطقة "مافانو" بالعاصمة المالديفية ماليه، ونشأ في أسرة ذات خلفية دينية، إذ كان والده الشيخ حسين عبد الرحمن عالما وقاضيا.
بعد انفصال والديه في وقت مبكر من حياته، عاش معز في منزلي جدتيه لأمه وأبيه، وقضى مراحل طفولته متنقلا بينهما، قبل أن يستقر مع والده لاحقا. تزوج عام 2003 من ساجدة محمد، ابنة عائلة ذات جاه، وأنجبا 3 أبناء.
بعد وفاة والده في مكة المكرمة عام 2015، تولى معز إدارة فندق العائلة الذي أصبح لاحقا مقرا رئاسيا مؤقتا.
درس محمد معز في العاصمة ماليه، وأظهر تفوقا في العلوم والهندسة، مما أهله للحصول على منح دراسية في الخارج. وبدأ العمل في مجال العمارة وقاد مشاريع عقارية عدة وتوسع في مجالات أخرى.
حصل معز على ماجستير في التخطيط الحضري من جامعة ليدز البريطانية، ثم الدكتوراه في الهندسة المدنية من الجامعة نفسها، إضافة إلى شهادة إدارة المشاريع من الولايات المتحدة الأميركية.
إعلان التجربة العملية والسياسيةبعد إسهامه في تنفيذ مشاريع بنية تحتية مهمة في البلاد، عُين عام 2012 وزيرا للإسكان والبنية التحتية في حكومة الرئيس عبد الله يمين، وأشرف على مشاريع كبرى، خاصة في مجالي الطرق والجسور.
في أثناء هذه الفترة، ارتبط معز بعلاقات دولية خاصة مع الصين، التي مولت عديدا من المشاريع الكبرى ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، وأسهم ذلك في تعزيز مكانته مهندسا بارزا في البلاد.
لاحقا، تولى معز منصب عمدة العاصمة ماليه بين عامي 2021 و2023، وشهدت هذه الفترة تحسنا ملحوظا في البنية التحتية والخدمات العامة في المنطقة.
بدأ معز مسيرته السياسية بعد انضمامه إلى حزب "التقدم"، وصعد تدريجيا في صفوفه وأصبح أحد أبرز قياداته.
وفي أثناء حملته الانتخابية عام 2023، ركز محمد معز على تعزيز السيادة الوطنية للمالديف، وتعهد بإخراج القوات الهندية من البلاد، مما أثار جدلا شعبيا واسعا.
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فاز معز في الانتخابات الرئاسية بنسبة 54.05% من الأصوات، متفوقا على الرئيس السابق إبراهيم محمد صليح.
بدأ معز مباشرة بعد توليه الرئاسة تنفيذ خطط تهدف إلى تعزيز سيادة البلاد واستقلال قرارها السياسي، وتبنى رؤية اقتصادية مستدامة تركز على الابتكار.
كما سعى إلى إنهاء التدخلات الخارجية في شؤون البلاد. وفي الوقت ذاته، أبدى رغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين، وتخفيف التوترات مع الهند.
وركز معز على ضرورة مراجعة الاتفاقيات العسكرية التي وقعها سلفه عبد الله يمين مع الهند، وإعادة تنظيم السياسة الخارجية.
في 15 أبريل/نيسان 2025، اتخذ محمد معز قرارا يحظر دخول المواطنين الإسرائيليين إلى البلاد.
إعلانوأضح -في بيان- أن منع دخول الإسرائيليين جاء ردا على الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين بقطاع غزة.
وأضاف أن بلاده -وهي عضو في منظمة التعاون الإسلامي– ستواصل الدعوة إلى مساءلة إسرائيل عن انتهاكها القانون الدولي الإنساني ومواصلة إدانة أفعالها.
وكانت إحدى جزر المالديف منعت في أبريل/نيسان 2024 دخول حاملي الجواز الإسرائيلي، ورفع نشطاء حينها لافتة كتب عليها "لا نريد أموالكم الملطخة بالدماء".
الوظائف والمسؤوليات وزير الإسكان والبنية التحتية عام 2012. عمدة العاصمة ماليه عام 2021. رئيس المالديف عام 2023.