كالحمل الكاذب، الذي يوهم الحامل المزعومة بأعراض حقيقية لا تلبث أن تزول، وهنا نعود لمقولة المفكر والباحث السوداني عبد المنعم سليمان عطرون، رئيس مركز دراسات السودان المعاصر، (الجيش السوداني ضب أسود رأسه أحمر) ويعني اختلاف قيادته عن قاعدته جهوياً وعرقياً، إلّا من بعض الرموز التضليلية في القيادة العليا، الخلل البنيوي الذي جعل المؤسسة التي يفاخر المنتسبون إليها ببلوغها المائة (سن اليأس)، تخوض حروبها ضد السودانيين – جنوبيين – نوبة – غرّابة – انقسنا – وليس من أجل تحرير حلايب، بعقلية عنصرية لم يتعظ أصحابها من ويلات الحروب، طيلة سبعين عام من عمر دولة السادس والخمسين، وما يزال كبار جنرالات هذه المؤسسة ذات السقف الأحمر والقاعدة السوداء، يكذبون ويزعمون نصراً متخيلاً بدخول القصر، دون أثر لطعنة رمح أو ضربة سيف على جسد جنرال، من الجنرالات السمان العاشقين لالتقاط الصور، وهم وقوف على ركام المباني التي دمرتها الحرب، فهؤلاء القادة المزيفون يعلمهم أهلنا البيادق على رقعة شطرنج الجيش الأحمر الرأس، فمنذ زمان حرب الجنوب كان يقص علينا أهلنا هؤلاء القصص الساخرة، عن الجنرالات اللائذين بالفرار داخل المدرعات إلى حين انجلاء غبار المعارك، كما جرى في حامية "رمبيك" عندما جبن الجنرال الأحمر وأصدر تعليماته بالانسحاب، فزج به مساعد الكتيبة داخل المدرعة ثم قام بالواجب بدلاً عنه.
لقد كشفت التسريبات بعض المعلومات الفاضحة للجيش الأحمر الرأس، وأكدت على أن هنالك ترتيباً أممياً تم بموجبه انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم، ومن الضروري أن يقابل ذلك استحقاقاً تفي به الرؤوس الحمراء، التي لا تخشى غير العصا الغليظة ولا يسيل لعابها إلّا للجزرة العليفة، فهي رهينة لمؤشر السبابة البيضاء العالمة ببواطن أمور هذا الجيش خاطف اللونين، وما صدر عن الجنرال "الديناري" المغرور المنتفش الريش كالقط الذي يحاكي صولة الأسد – "خاسر العصا"، من إعلان حرب على الدولة الجارة والشقيقة، يشرح بجلاء الجهل المعشعش في رأسه، جهل الضابط "الديناري" في الجيش السوداني بالمعلومات عن جيش تشاد، الذي الحق الهزيمة النكراء بملك ملوك إفريقيا معمر القذافي، واسترد قطاع أوزو وأسر خليفة حفتر القائد الميداني آنئذ وأرسله مخفوراً إلى العاصمة، أين مكانة الجريبيع ذي الرويس الأحيمر "خاسر العصا" من قائد الجيش الوطني الليبي المشير حفتر؟، وهل يعلم الجنرال الآخر "بكراوي" أن الدولة التي يريد أن يغزو عاصمتها ليدق مسماراً على رأس قائدها، لها جيش شرس أدخل إرهابيي بوكو حرام في جحورهم؟، وقضى على كتائب الإسلاميين المتطرفين بمالي والنيجر؟، فقبل أن تخوض هذه الرؤوس الحمراء اليانعة القطاف في شئون الدول الأخرى، عليها معرفة البلدان ودراسة ماضيها وحاضرها، فانتفاش الريش لا يجعل من القط أسداً.
القتال من وراء زجاج المدرعات الحصينة لا يأتي ببطولة، والحرب بالتقاط الصور من أمام عدسات الكاميرات التلفزيونية الحديثة لا تحرر قصراً، فقد ولى زمان التعتيم الإعلامي الذي قادته كاميرا "ساحات الفداء" في (الحرب المقدسة) بجنوب السودان، حينما حصد الجيش الشعبي ارواح آلاف الشباب المغرر بهم في عمليات "الأمطار الغزيرة"، السيناريو الذي تكرر في العمليات العسكرية بمقرن النيلين – الخرطوم، التي أرسل منها الأشاوس قائمة طويلة للرتب الصغيرة "الملازم والملازم أول" إلى جهنم وبئس المصير. من حسنات هذه الحرب أنها فضحت ميثولوجيا "العرضة" و"الدلّوكة"، وكشفت مبالغة هذه الميثولوجيا والخيال الواسع لمعتنقيها في صناعة الأوهام البطولية، فالحرب قدمت نوع جديد وواقعي من الشجاعة وفنون القتال تقوده "النقارة"، والحروب كما هو معلوم تعيد صياغة المجتمعات وتسهم في فضح الأساطير المتوارثة، وتبيّن المنطلقات الثقافية والمفاهيم الخادعة عن الذات والادعاء الأجوف بالتفوق، وحرب الكرامة (الندامة) صدمت المجتمعات السودانية، بتحطيم الطوطم الذي صنعه جهاز الدولة المنحاز اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، منذ ميلاد الجنين المشوه لدولة السادس والخمسين، ولن تفيق المجتمعات السودانية من الصدمة إلّا بعد ميلاد الجمهورية الأخيرة – منظومة الحكم الضامنة حقوق المواطنة، والكاسرة لشوكة الهوس الديني والدجل السياسي.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ذكرى تحرير سيناء| يوم النصر والصمود الذي يجسد إرادة الشعب المصري.. ويحفز الأجيال القادمة على البناء والتنمية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحتفل جمهورية مصر العربية هذا الأسبوع بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء، والتي توافق 25 أبريل من كل عام. وقد شهدت شبه جزيرة سيناء في السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا على مختلف الأصعدة، في إطار جهود الدولة لتطوير أرض سيناء العزيزة.
تحرير سيناء.. يوم الصمود والانتصار الذي يجسد إرادة الشعب المصريهو يوم يحمل في طياته تاريخًا حافلًا بالبطولات والتضحيات. ففي هذا اليوم من عام 1982، تمكنت مصر من استرداد أرض سيناء الغالية بعد سنوات من الاحتلال الإسرائيلي، لتعود إلى أحضان الوطن والشعب الذي ظل يقاوم ويضحي من أجل استعادتها.
يعد عيد تحرير سيناء أكثر من مجرد ذكرى، فهو يوم خالد في وجدان كل مصري، يرمز إلى النصر والصمود، ويجسد إرادة الشعب المصري. إنه يوم يبعث الأمل في الأجيال القادمة، ويحفزهم على مواصلة مسيرة البناء والتنمية، مع الحفاظ على أمن واستقرار مصر في مواجهة التحديات.
يوم الصمود والانتصار الذي يخلد بطولات الشهداءهذا اليوم أيضًا يعيد إلى الأذهان معركة أكتوبر المجيدة، التي كانت بمثابة الانتصار العسكري الكبير الذي تحقق بفضل بطولات الجيش المصري وتضحياته في الدفاع عن الوطن. وعيد تحرير سيناء هو تكريم لدماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل تحرير أرضنا الطاهرة، ليظل هذا اليوم رمزًا للكرامة والعزة وسيادة مصر على أراضيها.
عيد تحرير سيناء ليس مجرد احتفال وطني، بل هو تجسيدا حقيقيا لوحدة المصريين، ويؤكد على أن كل شبر من أرضه هو جزء لا يتجزأ من مصر. ويعكس قيم التضحية والفداء التي قدمها شهداء مصر من أجل تحرير أرضهم. هو يوم انتصار للإرادة المصرية وصمود الشعب في مواجهة الاحتلال، ويخلد ذكرى التضحيات التي قدمها أبناء مصر الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل وطنهم.