نصر السودان هو نفسه ظاهرة عظيمة، شيء سيكتب عنه التاريخ كلحظة مجيدة
تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT
منذ بدايات القرن السادس عشر تقريبا قبل 521 عاما حتى اليوم، أي قبل خمسة قرون كاملة. لم تشهد هذه الجغرافيا السودانية تحد مثل هذا، من يحب منكم ليراجع التاريخ، نشوء سنار ثم دارفور ثم تقلي، ممالك وصلت كل منها لمراحل من التوسع ثم بدأت تتفكك وتضعف، ثم جاء قبل مئتي عام الأتراك وحكموا حوالي 64 عاما، ثم جاءت المهدية فحكمت 14عاما، وكانت جزء من تيارات الوجود السوداني لكنها كانت محكومة بالفشل والتراجع لأسباب كثيرة، ثم كان الاستعمار الثنائي البريطاني في حقيقته، فحكم لمدة 57 عاما وزرع البذور الخطيرة للصراع، وبعده جاءت دولة السودان في صيغ أنظمتها المحلية المتعاقبة لمدة 69 عاما حتي اليوم.
كل تلك التواريخ مهمة ومستمرة وحاضرة، خمسة قرون تشكلت فيها هذه الجغرافيا السودانية، لكنها لم تشهد تهديدا مثل ما حدث في هذه الحرب، نعم يا عزيري لم تتضافر في تاريخ السودان كل عوامل الضعف والتفكك والانهيار فتكون في كامل قوتها، وتتراجع في ذات الوقت عوامل القوة والوحدة والتقدم وتكون في قمة ضعفها، كل ذلك في عالم أصعب بكثير مما سبقه. عالم الهيمنة والاستعمار الجديد والعولمة والمؤثرات الخارجية العاصفة.
إن تهديد السودان كان حضاريا وثقافيا وقيميا ووحدويا واجتماعيا وسياسيا وفي كل صعيد، تهديد بالزوال وأن تفقد هذه الجغرافيا حمضها النووي الذي تشكل لخمسة قرون، قل لي بالله عليك:
متى عرف السودان مثل هذه اللحظة الحرجة؟ من سيستطيع أن يقول لنا: كانت تلك اللحظة المعينة أخطر من هذه؟ يا إخوتي وبدون نزعة لإلغاء التاريخ بل في كامل استحضاره نقول: هذه اللحظة التي نعايشها هي اللحظة الأشد خطرا في تاريخ السودان منذ خمسة قرون.
والجملة التي تصف خطورتها هي أنها كانت بمثابة التكثيف الشديد لكل عوامل الضعف الكامنة والجديدة، وهي كذلك عرفت تصفية وإضعاف لكل عوامل القوة الكامنة أيضا. في هذا السياق جاءت المليشيا وجماعة تقدم من العملاء، وأدوات خدمة المخطط التهديمي والتفكيكي ليكون كل ذلك بمثابة (حصان طروادة) للدولة السودانية، يفجرها من داخلها وترعاه مخططات التآمر الخارجي ودويلة الشر والصهيونية، فتكتب نهاية السودان وتركب مكانه (مسخا مشوها) منبتا عن كل أصل، لقد كانوا أعداء للتاريخ وللسودان وللقيم ولكل شيء.
لذا فإن نصر السودان هو نفسه ظاهرة عظيمة، شيء سيكتب عنه التاريخ كلحظة مجيدة وبطولية انبعث فيها السودان كالعنقاء من قلب الرماد، هي لحظة عناق الماضي مع الحاضر، وهي ركيزة صلبة للاستمرارية، فالجذور القديمة العطشى دبت فيها الحياة من جديد، والساق صار قويا والفروع ستعانق عنان السماء، أما الثمار فهي جيل جديد ونشء جديد، سيقوم بتصفية الحساب تماما مع العمالة والارتزاق والهزيمة والذل، تصفية قاسية لا هوادة فيها ولا مساومة، جيل تشرب روح الكرامة والعزة والسيادة، واتصل مع جذوره وهويته وحضارته، سيقوى عوده أكثر ليكتب حياة سودانية جديدة في هذه الجغرافيا. إن تصفية الحساب هذه شاملة لأنها ستكون نصرا على الأعداء وهزيمة لعوامل الضعف، ولذلك وكما أنها اللحظة الأشد خطورة لخمسة قرون من تاريخ السودان، فهي اللحظة الأهم لتأسيس خمسة قرون قادمة بإذن الله.
والله أكبر والعزة للسودان
وهذه هي الروح.
الشواني هشام عثمان الشواني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: هذه الجغرافیا
إقرأ أيضاً:
ظاهرة الفانشيستات والمشبوهات في توزيع المساعدات على العوائل الفقيرة
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في السنوات الأخيرة، برزت في العراق ظاهرة اجتماعية مثيرة للجدل، تتعلق بمجموعات من النساء، يُطلق عليهن في الأوساط الشعبية مصطلح الفانشيستات، وهنَّ غالبًا ناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي يظهرن بمظهر الفاعلات الخيريات، ويدعين العمل الإنساني من خلال توزيع المساعدات على العوائل الفقيرة. إلا أن هذه الظاهرة، رغم أنها قد تبدو نبيلة في ظاهرها، تحمل في طياتها الكثير من الشبهات والمخاوف بشأن النوايا الحقيقية وراءها، وطرق تمويلها، ومدى شفافيتها.
يستخدم مصطلح الفانشيستات للإشارة إلى مجموعة من النساء اللواتي يقدمن أنفسهن كناشطات اجتماعيات عبر منصات التواصل، ويركزن على استعراض حياتهن الشخصية ومظاهر الرفاهية، ثم يقمن بحملات خيرية تتضمن توزيع المساعدات على العوائل المحتاجة. اللافت في الأمر أن معظم هذه المساعدات تُوثق عبر بث مباشر أو تصوير فيديوهات تُنشر على نطاق واسع، مما يثير الشكوك حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الأنشطة.
العديد من هذه الناشطات يجذبن اهتمام الجمهور من خلال الظهور بأسلوب لافت ومثير للجدل، سواء من حيث المظهر أو طريقة الخطاب، مما جعل البعض يشكك في كون الهدف الأساسي هو تحقيق الشهرة وزيادة عدد المتابعين أكثر من كونه عملًا إنسانيًا خالصًا.
تثار العديد من التساؤلات حول كيفية حصول هؤلاء النساء على الأموال التي يوزعنها، خاصة وأن بعضهن لا يملكن مصادر دخل واضحة. هناك شبهات تدور حول احتمال تلقي تمويل من جهات مجهولة لأغراض غير واضحة، أو استغلال هذه الأنشطة كواجهة لغسيل الأموال أو الدعاية لأشخاص وجهات معينة.
في بعض الحالات، تظهر مؤشرات على أن جزءًا من هذه المساعدات قد يكون ممولًا من قبل شخصيات متنفذة أو رجال أعمال يسعون إلى تحسين صورتهم الاجتماعية، أو حتى جهات ذات أجندات خفية تحاول كسب نفوذ في الأوساط الفقيرة من خلال هذه الحملات.
من أبرز الانتقادات التي تواجه هذه الظاهرة هي الطريقة التي يتم بها استغلال الفقراء والمحتاجين كأداة لزيادة شهرة الفانشيستات. يتم تصوير العوائل الفقيرة أثناء تلقي المساعدات، وغالبًا بطريقة تنتهك خصوصيتهم وكرامتهم، حيث يُجبر البعض على الظهور أمام الكاميرا وشكر المتبرعات علنًا.
هذا الأسلوب يُنظر إليه باعتباره نوعًا من “الاستعراض الخيري”، الذي يعتمد على إذلال المحتاجين بدلًا من مساعدتهم بكرامة. كما أن بعض الحالات كشفت عن استغلال الأطفال والنساء تحديدًا في هذه الفيديوهات، مما يزيد من الجدل حول أخلاقية هذا النوع من النشاطات.
بعيدًا عن الجانب الإنساني، يعتقد البعض أن هناك أجندات خفية وراء هذه الحملات، حيث يُستغل العمل الخيري كغطاء لأغراض أخرى، مثل بناء قاعدة جماهيرية استعدادًا لنشاط سياسي مستقبلي، أو استخدامه كوسيلة لجمع التبرعات التي لا يُعرف أين تذهب في النهاية.
كما أن بعض التقارير أشارت إلى أن بعض الفانشيستات يتعاونَّ مع شبكات مشبوهة، وقد يكنَّ واجهات لمجموعات تعمل في مجالات غير قانونية، مما يزيد من تعقيد المشهد.
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب على الجهات المختصة التدخل لضبط عمليات توزيع المساعدات الخيرية، من خلال:
تنظيم العمل الخيري: يجب أن تكون هناك ضوابط قانونية تلزم أي شخص أو جهة تريد توزيع المساعدات بالحصول على موافقات رسمية، والتأكد من مصادر التمويل وشفافية الإنفاق.
حماية كرامة المحتاجين: منع تصوير العوائل المستفيدة من المساعدات إلا بإذنهم، وإصدار تشريعات تمنع استغلال الفقراء لأغراض دعائية أو شخصية.
مكافحة غسيل الأموال: يجب التحقيق في مصادر الأموال التي تُستخدم في هذه الحملات، والتأكد من أنها لا تأتي من جهات غير قانونية.
التوعية المجتمعية: على المجتمع أن يكون أكثر وعيًا بمخاطر هذه الظاهرة، وعدم التفاعل العاطفي معها دون التحقق من مصداقيتها.
ختاما رغم أن العمل الخيري أمرٌ محمودٌ وضروري، فإن استغلاله لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، أو كواجهة لأنشطة غير مشروعة، يمثل خطرًا على المجتمع. ظاهرة “الفانشيستات” والمشبوهات في توزيع المساعدات تحتاج إلى وقفة جادة، ليس فقط من الجهات الرسمية، بل أيضًا من المجتمع نفسه، لحماية الفقراء من الاستغلال، وضمان أن يكون العمل الإنساني قائمًا على النزاهة والشفافية، وليس مجرد وسيلة للشهرة أو لأغراض أخرى في الخفاء.