عربي21:
2025-04-01@10:02:32 GMT

الكَمَلة والأنصاف

تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT

يعلم كل من يتابع ما يحدث في الشرق الآن، وفي القلب منه (غزة) أن هناك تاريخا جديدا، يخط خطه بقوة في طريق واضح ومستقيم، تاريخ معاكس لما كان من قبل، وبالأخص تاريخ صراع الشرق مع الغرب وإسرائيل. وأهم ما يحمله من جديد، أنه وضع كل شيء في موضعه الصحيح، بدءا من تعريف الأشياء وتسميتها، وانتهاء بالأهداف والغايات، مرورا بحملة تعرية واسعة وكشف تام، لما أُريد له من زمن طويل أن يكون خلف جدران خفية، سقطت الجدران المعلنة والخفية، وظهر كل شيء كما هو، من رأسه حتى أطراف أظافره.



ذلك أن المنطقة العربية كلها عاشت طويلا على طريقة ممنهجة ولئيمة، في سياسة إخفاء "الحقائق" وتزييفها والتلاعب بها وحولها، على أن تظل هكذا دائما، لا تظهر كما هي، ولا تُرى كما هي.

كان الصالحون يقولون في دعائهم "اللهم أرنا الأشياء كما هي" وهم في ذلك لم يكونوا مهملين أو خاملين عن الوعي والإدراك، بل كانوا فوق وعيهم وإدراكهم، يطلبون المزيد من النور من عند ربهم.

ذلك أن المنطقة العربية كلها عاشت طويلا على طريقة ممنهجة ولئيمة، في سياسة إخفاء "الحقائق" وتزييفها والتلاعب بها وحولها، على أن تظل هكذا دائما، لا تظهر كما هي، ولا تُرى كما هي
أن يكون للإنسان "فرقان" من ربه، ويستطيع أن يميز به بين الخطأ والصواب كلما عرض له شيء من ذلك، فهو ليس مما يدل على صلاحه فقط، بل يزيده تأكيدا على صلاحه، واستقامته على نهج هذا الصلاح.

* * *

وقد تلقيت ما قيل عن المقاومة في غزة الأيام القليلة الماضية على الميديا من "أصحاب النجومية والاستعلاء"، بإدراك لهذه الزاوية الضيقة في توصيف بعض البشر، وحتى من تراجع منهم، وجدت فيه ما يشير إلى أنه يتوجب عليه مراجعة شأنه كله، من جذور الجذور، لا في ارتداد موقفه فقط من المقاومة، ثم "ارتجاعه" عن هذا الارتداد.

سيكون هو الحال نفسه مع أحد المذيعين والذي اختار "أحرج توقيت" ليقدم نصائحه التي غابت عن الجميع وأدركها عقله العبقري!! طاعنا من الخلف من يُطعن من الأمام!!

* * *

اختيار مذهل، لا يدل على سوءات نفسيه فقط، بل يدل على سوءات عقليه فادحة، أو "عطب في أعلى الرأس" كما كان يقول أمير الشعراء رحمه الله، فأبسط ما يمكن أن يكون في هذا التوقيت من أي "كريم النفس" التبست عليه رؤية الأشياء، هو "الصمت".

لم تمتلك من الفهم، ولا من القدرة، على أن تنفذ برؤيتك إلى "ما بعد الحدث" هكذا أنت، فاعرف نفسك.. كثير من البشر تنقصهم مزايا وخصائص كانوا يتمنونها، فيصعب عليهم النظر في نقصهم، ويقرّوا به، حتى بينهم وبين أنفسهم، ومما يزيد النقصان نقصانا، أن يروا نقصهم كمالا عند غيرهم، ممن أكرمه الله بنعمة الرؤية البعيدة والتبصر. هؤلاء تراهم فورا يشرعون في استخدام ثقافة "الألسنة الحداد" ثأرا لنقائصهم، وهو توصيف من النص القرآني في مواقف مشابهة.

في الثقافة الإسلامية هناك تصنيفات بديعة ومميزة لـ"الجموع الحاشدة" من الناس الصالحين، فأحيانا يكون فيهم وبينهم ومنهم من "يريد الدنيا"، وأحيانا أيضا، يكون فيهم ومنهم وبينهم من ينصت إلى أقوال الهزيمة والتثبيط والهدم: "سمّاعون لهم".

* * *

هذا الجانب من جوانب الصراع مع "العدو" أهميته كبيرة للغاية، وتزداد تلك الأهمية في توقيت عن توقيت آخر. وفي حالتنا الآن في "غزة" يمثل التوقيت خطورة بالغة، لأنه يتصل اتصالا مباشرا بأهم أهداف "العدو" وهو اختراق جدار الصبر الحصين.

فلا يخفى على أي متابع أن جدار الصبر الحصين كان له استراتيجية فائقة القوة، من اليوم التالي لـ"7 أكتوبر"، وأتصور أن الإعداد العسكري، بكل ما كان فيه من استطاعة وقدرة ونجاح بعدها، فوق الأرض وتحت الأرض، كان يوازيه على الخط نفسه، إعدادا نفسيا ومعنويا، يستمد قوته من "القوة الكبرى" التي صاغت الموضوع كله تقديرا وإعدادا وتنفيذا: "قوة الإيمان".. الإيمان بالله القوى العزيز، الذي ينصر من ينصره، وهذا ليس دربا من دروب "الدروشة"، بل هو "مربط فؤاد" الموضوع كله..

* * *

الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونج (ت: 1976م) أخذ قرار "الزحف الطويل" سنة 1934 م إلى مقاطعة شانشي ومعه 100 ألف رجل وامرأة وطفل، وساروا مسافة ستة آلاف كم، عبروا خلالها 12 نهرا، وهم مطاردون، لمدة سنة كاملة..!!

من أين أتتهم هذه الإرادة وهذه القدرة؟

كانوا يرون هدفهم بوضوح، كالشمس في منتصف السماء، وكانوا يرون الطريق إليه طويلا وصعبا، لكنه واضح، ومهيأ فقط لأصحاب الأقدام الثابتة والقلوب الصامدة.. فكانوا وكانت مسيرتهم الشهيرة، التي حفظها لهم، ولكل الأحرار، تاريخ الصبر في الأوقات العصيبة.

* * *

أنصاف المثقفين وأنصاف المناضلين، يريدون منا في "التاريخ الجديد" للمشرق العربي والذي استهله "طوفان الأقصى".. يريدون أن يوقفوا التاريخ على "ساعة الفشل" التي جمّدوا تاريخهم وتاريخنا لحسابها وحسابهم..!

الأنصاف عادة في كل مجال ومستوى، هم أكثر الناس إزعاجا، وصدق من قال إن "نصف العلم أخطر من الجهل"، وهي متلازمة مَرضية مشهورة، تعرف بمتلازمة "دانينج كروجر"
الأنصاف عادة في كل مجال ومستوى، هم أكثر الناس إزعاجا، وصدق من قال إن "نصف العلم أخطر من الجهل"، وهي متلازمة مَرضية مشهورة، تعرف بمتلازمة "دانينج كروجر" نسبة إلى عالمي النفس المعروفين؛ ديفيد دانينج (65 سنة) وجوستن كروجر (52 سنة).

ذلك أن نصف العلم يخدع صاحبه معتقدا أنه يحوز علما كاملا، بل والأسوأ من ذلك، أنه يتحول من متعلم إلى مُعلم! ويبدأ بنشر نصف علمه! وهنا الخطر الرهيب، لأنه سيبدأ بنشر الأخطاء على أنها صواب، بل علم ومعرفة!

* * *

العدو" أقر بأنه تلقى أقسى ضربة منذ تأسيسه..

في 4 آذار/ مارس الحالي ذكرت القناة 14 الإسرائيلية، أن التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي وعرض بعضها مساء 3 آذار/ مارس، ليست سوى غيض من فيض الفشل الهائل، وقالت القناة إن 10 في المئة فقط من قائمة الإخفاقات، تم الكشف عنها للجمهور، في حين أن هناك قائمة أخرى أكثر صعوبة في الاستيعاب.

* * *

من العبارات التي قالها القائد العسكري الكبير محمد الضيف وهو يوجه كلامه إلى القيادات في غرفة الإعداد لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "ممكن نتقدم  ويكون في نوع من المبادرة، بحيث تستطيع أن نغير في مجرى التاريخ كله، ليكون لنا السبق في هذه الفترة الزمنية، ونحقق يوماً من أيام الله..".

في الأثر يقولون إن "نية المؤمن خير من عمله" في توصيف دقيق لـ"حال" من التكثيف الإيماني بالغ الطهر والصفاء لمعنى "الإخلاص"..

وهو لدى "الكَمَلة" من رجال التاريخ الجديد، الذين سعوا إلى تحقيق "يوم من أيام الله" قد بلغ مداه.. في النية بلغ مداه.. وفي العمل بلغ مداه، ولسان حالهم يقول لكل متكبر موتور، ولكل ميؤوس مخذول:

أنذرتنا رقا يدوم، وذلة     تبقى وِحالا، لا ترى تحويلا؟
أحسبت أن الله دونك قدرة    لا يملك التغيير والتبديلا؟

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء صراع المقاومة ثقافة مقاومة ثقافة صراع حقيقة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یکون فی کما هی على أن

إقرأ أيضاً:

السجن قد يكون بانتظارك.. احذر استخدام هذه الرموز!

حذرت السلطات البريطانية، الآباء من “ضرورة مراقبة الحسابات الاجتماعية لأطفالهم والانتباه إلى استخدام بعض الرموز التعبيرية التي قد تحمل معاني غير بريئة”.

وأكدت شرطة مقاطعة ساري البريطانية، أن “بعض هذه الرموز قد قد تشير إلى أنشطة إجرامية وتكون وسيلة لتبادل رسائل مشفرة بين الجناة”.

وأوضحت الشرطة حسب صحيفة “ديلي ميل”، أن “أبرز هذه الرموز هو “رمز كرة الثمانية” السوداء، الذي قد يظن البعض أنه مجرد إشارة إلى لعبة البلياردو، لكن في الواقع، يشير إلى جزء من أونصة (3.5 غرام) من المخدرات، وهو ما يعرف في عالم المخدرات بـ”كرة الثمانية”.

وأكدت أن “تجار المخدرات يستخدمون هذا الرمز كطريقة للتواصل حول المخدرات، وخاصة الكوكايين، رغم إمكانية استخدامه للإشارة إلى أنواع أخرى من المواد غير المشروعة مثل القنب الهندي أو الهيروين”.

واشارت الشرطة، إلى أن “العصابات الإجرامية تستخدم الرموز التعبيرية بشكل متزايد كـ”رمز سري” للحديث عن المخدرات والعنف والنشاطات غير القانونية”.

وأوضحت أنه “يستخدم رمز “كرة الثمانية” للإشارة إلى شراء أو بيع المخدرات. كما أن الرموز الأخرى مثل “القنبلة”، “النار”، و”الصاروخ” قد تستخدم للإشارة إلى جودة المخدرات”.

ولفتت الشرطة “إلى أن بعض الرموز التعبيرية قد تستخدم أيضا في سياقات متعلقة بالتحرش الجنسي أو الاعتداءات، مما قد يعرضك لعقوبة السجن”.

مقالات مشابهة

  • مستشار ايراني: لن يكون خيار سوى النووي إذا تعرضت ايران لهجوم
  • السجن قد يكون بانتظارك.. احذر استخدام هذه الرموز!
  • رئيس هيئة الأركان: المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى والأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر
  • صنعاء لـ ترامب: المتاحُ اليوم لن يكونَ متاحًا غدًا.. وأنتَ افهمها وكن مستعدًّا للركوع
  • صادي: “أتمنى أن يكون هذا العيد فرصة لتعزيز التضامن والوحدة بين الجزائريين”
  • حين يكون العيد مُرّاً…!
  • في محاضرته الرمضانية السادسة والعشرين قائد الثورة: طموح الإنسان المؤمن يجب أن يكون في مرتبة الصالحين
  • عودة: مؤسف أن الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح
  • نيجيرفان بارزاني في تهنئة عيد الفطر: آمل أن يكون الجميع في العراق وكوردستان صفا واحدا