عربي21:
2025-04-24@07:52:56 GMT

الكَمَلة والأنصاف

تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT

يعلم كل من يتابع ما يحدث في الشرق الآن، وفي القلب منه (غزة) أن هناك تاريخا جديدا، يخط خطه بقوة في طريق واضح ومستقيم، تاريخ معاكس لما كان من قبل، وبالأخص تاريخ صراع الشرق مع الغرب وإسرائيل. وأهم ما يحمله من جديد، أنه وضع كل شيء في موضعه الصحيح، بدءا من تعريف الأشياء وتسميتها، وانتهاء بالأهداف والغايات، مرورا بحملة تعرية واسعة وكشف تام، لما أُريد له من زمن طويل أن يكون خلف جدران خفية، سقطت الجدران المعلنة والخفية، وظهر كل شيء كما هو، من رأسه حتى أطراف أظافره.



ذلك أن المنطقة العربية كلها عاشت طويلا على طريقة ممنهجة ولئيمة، في سياسة إخفاء "الحقائق" وتزييفها والتلاعب بها وحولها، على أن تظل هكذا دائما، لا تظهر كما هي، ولا تُرى كما هي.

كان الصالحون يقولون في دعائهم "اللهم أرنا الأشياء كما هي" وهم في ذلك لم يكونوا مهملين أو خاملين عن الوعي والإدراك، بل كانوا فوق وعيهم وإدراكهم، يطلبون المزيد من النور من عند ربهم.

ذلك أن المنطقة العربية كلها عاشت طويلا على طريقة ممنهجة ولئيمة، في سياسة إخفاء "الحقائق" وتزييفها والتلاعب بها وحولها، على أن تظل هكذا دائما، لا تظهر كما هي، ولا تُرى كما هي
أن يكون للإنسان "فرقان" من ربه، ويستطيع أن يميز به بين الخطأ والصواب كلما عرض له شيء من ذلك، فهو ليس مما يدل على صلاحه فقط، بل يزيده تأكيدا على صلاحه، واستقامته على نهج هذا الصلاح.

* * *

وقد تلقيت ما قيل عن المقاومة في غزة الأيام القليلة الماضية على الميديا من "أصحاب النجومية والاستعلاء"، بإدراك لهذه الزاوية الضيقة في توصيف بعض البشر، وحتى من تراجع منهم، وجدت فيه ما يشير إلى أنه يتوجب عليه مراجعة شأنه كله، من جذور الجذور، لا في ارتداد موقفه فقط من المقاومة، ثم "ارتجاعه" عن هذا الارتداد.

سيكون هو الحال نفسه مع أحد المذيعين والذي اختار "أحرج توقيت" ليقدم نصائحه التي غابت عن الجميع وأدركها عقله العبقري!! طاعنا من الخلف من يُطعن من الأمام!!

* * *

اختيار مذهل، لا يدل على سوءات نفسيه فقط، بل يدل على سوءات عقليه فادحة، أو "عطب في أعلى الرأس" كما كان يقول أمير الشعراء رحمه الله، فأبسط ما يمكن أن يكون في هذا التوقيت من أي "كريم النفس" التبست عليه رؤية الأشياء، هو "الصمت".

لم تمتلك من الفهم، ولا من القدرة، على أن تنفذ برؤيتك إلى "ما بعد الحدث" هكذا أنت، فاعرف نفسك.. كثير من البشر تنقصهم مزايا وخصائص كانوا يتمنونها، فيصعب عليهم النظر في نقصهم، ويقرّوا به، حتى بينهم وبين أنفسهم، ومما يزيد النقصان نقصانا، أن يروا نقصهم كمالا عند غيرهم، ممن أكرمه الله بنعمة الرؤية البعيدة والتبصر. هؤلاء تراهم فورا يشرعون في استخدام ثقافة "الألسنة الحداد" ثأرا لنقائصهم، وهو توصيف من النص القرآني في مواقف مشابهة.

في الثقافة الإسلامية هناك تصنيفات بديعة ومميزة لـ"الجموع الحاشدة" من الناس الصالحين، فأحيانا يكون فيهم وبينهم ومنهم من "يريد الدنيا"، وأحيانا أيضا، يكون فيهم ومنهم وبينهم من ينصت إلى أقوال الهزيمة والتثبيط والهدم: "سمّاعون لهم".

* * *

هذا الجانب من جوانب الصراع مع "العدو" أهميته كبيرة للغاية، وتزداد تلك الأهمية في توقيت عن توقيت آخر. وفي حالتنا الآن في "غزة" يمثل التوقيت خطورة بالغة، لأنه يتصل اتصالا مباشرا بأهم أهداف "العدو" وهو اختراق جدار الصبر الحصين.

فلا يخفى على أي متابع أن جدار الصبر الحصين كان له استراتيجية فائقة القوة، من اليوم التالي لـ"7 أكتوبر"، وأتصور أن الإعداد العسكري، بكل ما كان فيه من استطاعة وقدرة ونجاح بعدها، فوق الأرض وتحت الأرض، كان يوازيه على الخط نفسه، إعدادا نفسيا ومعنويا، يستمد قوته من "القوة الكبرى" التي صاغت الموضوع كله تقديرا وإعدادا وتنفيذا: "قوة الإيمان".. الإيمان بالله القوى العزيز، الذي ينصر من ينصره، وهذا ليس دربا من دروب "الدروشة"، بل هو "مربط فؤاد" الموضوع كله..

* * *

الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونج (ت: 1976م) أخذ قرار "الزحف الطويل" سنة 1934 م إلى مقاطعة شانشي ومعه 100 ألف رجل وامرأة وطفل، وساروا مسافة ستة آلاف كم، عبروا خلالها 12 نهرا، وهم مطاردون، لمدة سنة كاملة..!!

من أين أتتهم هذه الإرادة وهذه القدرة؟

كانوا يرون هدفهم بوضوح، كالشمس في منتصف السماء، وكانوا يرون الطريق إليه طويلا وصعبا، لكنه واضح، ومهيأ فقط لأصحاب الأقدام الثابتة والقلوب الصامدة.. فكانوا وكانت مسيرتهم الشهيرة، التي حفظها لهم، ولكل الأحرار، تاريخ الصبر في الأوقات العصيبة.

* * *

أنصاف المثقفين وأنصاف المناضلين، يريدون منا في "التاريخ الجديد" للمشرق العربي والذي استهله "طوفان الأقصى".. يريدون أن يوقفوا التاريخ على "ساعة الفشل" التي جمّدوا تاريخهم وتاريخنا لحسابها وحسابهم..!

الأنصاف عادة في كل مجال ومستوى، هم أكثر الناس إزعاجا، وصدق من قال إن "نصف العلم أخطر من الجهل"، وهي متلازمة مَرضية مشهورة، تعرف بمتلازمة "دانينج كروجر"
الأنصاف عادة في كل مجال ومستوى، هم أكثر الناس إزعاجا، وصدق من قال إن "نصف العلم أخطر من الجهل"، وهي متلازمة مَرضية مشهورة، تعرف بمتلازمة "دانينج كروجر" نسبة إلى عالمي النفس المعروفين؛ ديفيد دانينج (65 سنة) وجوستن كروجر (52 سنة).

ذلك أن نصف العلم يخدع صاحبه معتقدا أنه يحوز علما كاملا، بل والأسوأ من ذلك، أنه يتحول من متعلم إلى مُعلم! ويبدأ بنشر نصف علمه! وهنا الخطر الرهيب، لأنه سيبدأ بنشر الأخطاء على أنها صواب، بل علم ومعرفة!

* * *

العدو" أقر بأنه تلقى أقسى ضربة منذ تأسيسه..

في 4 آذار/ مارس الحالي ذكرت القناة 14 الإسرائيلية، أن التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي وعرض بعضها مساء 3 آذار/ مارس، ليست سوى غيض من فيض الفشل الهائل، وقالت القناة إن 10 في المئة فقط من قائمة الإخفاقات، تم الكشف عنها للجمهور، في حين أن هناك قائمة أخرى أكثر صعوبة في الاستيعاب.

* * *

من العبارات التي قالها القائد العسكري الكبير محمد الضيف وهو يوجه كلامه إلى القيادات في غرفة الإعداد لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "ممكن نتقدم  ويكون في نوع من المبادرة، بحيث تستطيع أن نغير في مجرى التاريخ كله، ليكون لنا السبق في هذه الفترة الزمنية، ونحقق يوماً من أيام الله..".

في الأثر يقولون إن "نية المؤمن خير من عمله" في توصيف دقيق لـ"حال" من التكثيف الإيماني بالغ الطهر والصفاء لمعنى "الإخلاص"..

وهو لدى "الكَمَلة" من رجال التاريخ الجديد، الذين سعوا إلى تحقيق "يوم من أيام الله" قد بلغ مداه.. في النية بلغ مداه.. وفي العمل بلغ مداه، ولسان حالهم يقول لكل متكبر موتور، ولكل ميؤوس مخذول:

أنذرتنا رقا يدوم، وذلة     تبقى وِحالا، لا ترى تحويلا؟
أحسبت أن الله دونك قدرة    لا يملك التغيير والتبديلا؟

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء صراع المقاومة ثقافة مقاومة ثقافة صراع حقيقة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یکون فی کما هی على أن

إقرأ أيضاً:

سمير عمر: الإعلام المصري يجب أن يكون المنصة المرجعية الأولى للشأن المحلي

كتب- أحمد الجندي:

قال الكاتب الصحفي سمير عمر، رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إن الإعلام المصري يجب أن يكون المنصة المرجعية الأولى لكل ما يتعلق بالشأن المحلي، مشيرًا إلى أهمية تطوير الخطاب الإعلامي ليكون أكثر دقة وسرعة وفاعلية في نقل الحدث وتحليله.

وأوضح عمر، خلال استضافته ببرنامج "كلمة أخيرة" تقديم الإعلامية لميس الحديدي، عبر قناة "ON"، أن بناء صورة ذهنية قوية للدولة ليس أمرًا مستحدثًا، وإنما هو ضرورة استراتيجية تعتمد على تاريخ مصر العريق ومكانتها الإقليمية الرفيعة.

وأشار رئيس قطاع الأخبار إلى أن مصر ليست في حاجة إلى تحسين سمعتها، ولا تحتاج إلى بناء علامة تجارية، مشيرًا إلى أن مصر تمثل قاعدة إقليمية مهمة، وهذا يفرض مسؤولية إعلامية كبرى في تقديم محتوى يعكس هذه الحقيقة.

وأوضح عمر أن التحدي الحقيقي لا يكمن في نقص الموارد أو الإمكانات، بل في كيفية إدارتها بالشكل الأمثل، مؤكدًا أن الإعلام القوي لا يرتكز فقط على الأدوات، وإنما على الإرادة والخبرة، وبيئة العمل الداعمة.

اقرأ أيضًا:

أعلى من العالمي.. "التموين": سعر مغرٍ لتوريد القمح المحلي

ذروة الموجة الحارة.. تحذير من "الأرصاد" بشأن طقس اليوم الثلاثاء

لماذا يشكل الفسيخ "مجهول المصدر" خطراً على صحتك؟.. أستاذة كيمياء الكائنات الدقيقة تحذر

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الكاتب الصحفي سمير عمر الإعلام المصري الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة علا الشافعي: دخول ماسبيرو في الإنتاج دفعة كبيرة للنهوض بالدراما المصرية أخبار بعد توجيهات الرئيس.. أول اجتماع رسمي بشأن مستقبل العمل الثقافي والإعلامي أخبار بعد رئاسة ماجدة موريس لها.. علا الشافعي تكشف: اعتذرت عن رئاسة لجنة الدراما أخبار قناة TeN توقع عقدًا مع يوسف الحسيني لتقديم برنامج يعتمد على الذكاء الاصطناعي أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

سمير عمر: الإعلام المصري يجب أن يكون المنصة المرجعية الأولى للشأن المحلي

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

رسميا.. البنك الأهلي يوقف العمل بالشهادة مرتفعة العائد 23.5% و27% من الأحد المقبل هبوط مفاجئ في سعر الذهب اليوم بمصر ببداية تعاملات الأربعاء 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • لاغارد: الرسوم الجمركية قد يكون لها تأثير انكماشي على أوروبا
  • سمير عمر: الإعلام المصري يجب أن يكون المنصة المرجعية الأولى للشأن المحلي
  • ترامب يعتزم ان يكون "لطيفا" مع الصين: سنخفض الرسوم بشكل كبير
  • كاردينال من جيل الألفية.. هل يكون البابا القادم؟
  • مواطن يستعرض إمكانيات سيارته التي لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف ريال .. فيديو
  • أفضل الأعمال التي تقدمها لشخص عزيز توفى.. دينا أبو الخير تكشف عنها
  • السيسي: تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين
  • وليد الفراج: الاتحاد كاد يعذب جماهيره والحسم قد يكون أمام الفيحاء أو الشباب.. فيديو
  • احمد موسي لـ الحكومة: مينفعش نرفع علم مصر يكون قديم أو مقطوع
  • ترامب: يجب خفض أسعار الفائدة أكثر.. والتضخم يكاد يكون منعدما