تسعى أوكرانيا إلى تعديل مسودة اتفاق اقتصادي واسع النطاق مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال المطالبة بضمانات لاستثمارات أميركية إضافية، في ظل مخاوف متزايدة من فقدان السيطرة على الاستثمارات المستقبلية في البنية التحتية والموارد المعدنية، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ نيوز الأميركية.

وبحسب مسودة الاتفاق، التي اطلعت عليها بلومبيرغ نيوز في 29 مارس/آذار 2025، فإن واشنطن تسعى إلى فرض سيطرة كاملة على الاستثمارات المستقبلية في أوكرانيا، بما يشمل قطاعات التعدين والنفط والغاز والمعادن النادرة، إضافة إلى الموانئ والطرق والسكك الحديد، من دون تحديد أي إطار زمني لانتهاء هذه السيطرة.

قلق أوكراني من تحويل الدعم إلى "ديون"

ووفقًا لما نقله مصدر مطّلع لـبلومبيرغ، عقد المسؤولون الأوكرانيون مكالمة بالفيديو يوم الجمعة مع نظرائهم الأميركيين، بمن فيهم خبراء قانونيون، سعيًا لتوضيح بعض النقاط في مسودة الاتفاق التي تمتد لنحو 60 صفحة. وأكد المصدر أن الأميركيين لم يعارضوا بشكل مباشر التحفظات الأوكرانية، وذلك يشير إلى احتمال قبول تعديلات من جانب واشنطن.

الاتفاق الأصلي انهار في فبراير/شباط الماضي بعد مشادة علنية بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض (الفرنسية)

ومن النقاط الأكثر إثارة للجدل، اعتبار الولايات المتحدة أن الدعم المالي والعسكري المقدم لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية في فبراير/شباط 2022 بمنزلة "مساهمة" في صندوق إعادة الإعمار، الذي سيكون خاضعًا للإدارة الأميركية، وذلك يعني ضمنًا مطالبة أوكرانيا بسداد هذا الدعم.

إعلان

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبّر صراحة عن رفضه لهذا الطرح، وقال خلال مؤتمر صحفي في كييف يوم الجمعة "نحن ممتنون للدعم، لكن هذه ليست قروضًا، ولن نسمح بذلك". وأكد أن أوكرانيا تسلّمت نسخة جديدة من "اتفاق الموارد المعدنية" الذي كان قد تعثر سابقًا، واصفًا هذه النسخة بأنها "مختلفة تمامًا عن الإطار السابق، وتتضمن بنودًا سبق أن رفضناها".

خلافات سياسية ومخاوف أوروبية

وكان الاتفاق الأصلي قد انهار في فبراير/شباط الماضي، بعد مشادة علنية بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. ووفقًا لتقارير نشرتها نيويورك تايمز وفايننشال تايمز إلى جانب بلومبيرغ، فإن إدارة ترامب زادت من مطالبها المالية من كييف، واشترطت ربط المساعدات العسكرية الأميركية بمنح واشنطن حق الوصول إلى المعادن النادرة الأوكرانية.

كما تنص المسودة الجديدة، بحسب بلومبيرغ، على أحقية الولايات المتحدة بالحصول على الأرباح الناتجة عن الاستثمارات الموجهة لصندوق إعادة الإعمار.

ويثير هذا البند، إلى جانب غياب أي ضمانات أمنية لأوكرانيا في الاتفاق، قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية الأوكرانية، خاصة بين نواب المعارضة.

عدد من المسؤولين الأوكرانيين قلقون من أن بعض بنود الاتفاق قد تعيق مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (الفرنسية)

من جانبها، دعت النائبة الأولى لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو إلى إنهاء "النقاشات العلنية" حول الاتفاق، محذرة من أن ذلك قد يضر بسير المفاوضات. وكتبت على صفحتها في فيسبوك "أوكرانيا تريد الحفاظ على حوار بنّاء مع شركائنا الأميركيين".

الجدير بالذكر أن هذا الجدل يأتي في وقت حساس للغاية، بعد أن شهدت المحادثات السابقة بين زيلينسكي وترامب ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس خلافات حادة داخل المكتب البيضاوي أدت إلى انهيار الاتفاق السابق الذي كان أكثر غموضًا من الحالي.

إعلان

في سياق متصل، عبّر عدد من المسؤولين الأوكرانيين عن قلقهم من أن بعض بنود الاتفاق قد تعيق مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف ينص عليه الدستور الأوكراني. وأكد الرئيس زيلينسكي مجددًا أن كييف لن تقبل بأي اتفاق من شأنه أن "يُقوّض مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي".

في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تقدم أوكرانيا قريبًا مقترحاتها النهائية لتعديل الاتفاق، ساعية إلى إيجاد توازن بين الحفاظ على سيادتها الوطنية وضمان تدفق الاستثمارات الأميركية الحيوية لإعادة إعمار اقتصادها المنهك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

قتيلان و54 جريحا بقصف روسي على كييف وترامب يهاجم زيلينسكي

تعرّضت العاصمة الأوكرانية كييف ومدينة خاركيف فجر الخميس لـ"صواريخ معادية" أسفرت في كييف عن سقوط قتيلين و54 جريحا على الأقلّ، فيما هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقال إنه وجد صعوبة أكبر من المتوقع في العمل معه.

وكتبت السلطات العسكرية في العاصمة الأوكرانية على قناتها في تطبيق تلغرام أنّ كييف تتعرض لهجوم بصواريخ روسية، وأفادت بوقوع أضرار مادية في اثنين على الأقلّ من أحياء المدينة، وحضّت السكّان على الاحتماء في الملاجئ.

وفي خاركيف، أعلن رئيس بلدية المدينة إيغور تيريخوف أنّ "ضربات صاروخية متكرّرة" طالت المدينة، من دون تسجيل سقوط إصابات في الحال.

وفي بيان على تطبيق تلغرام، ندّد أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، بواقع أنّ "روسيا هاجمت كييف وخاركيف ومدنا أخرى بالصواريخ والطائرات المسيّرة". وأضاف أنّ بوتين "لا يملك سوى الرغبة في القتل"، مطالبا بوقف إطلاق النار و"وقف الهجمات على المدنيين".

ترامب يتحدث (رويترز) تصريحات ترامب

وفي واشنطن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة "قريبة جدًا" من التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك في تصريحات تناول فيها موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من مسألة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم .

إعلان

وأضاف ترامب للصحفيين في البيت الأبيض أمس الأربعاء إنه يعتقد أن لديه اتفاقا مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني لتسوية الحرب في أوكرانيا.

وقال ترامب في أثناء حديثه في البيت الأبيض إنه وجد صعوبة أكبر من المتوقع في العمل مع الرئيس الأوكراني، مضيفا أنه  "يعتقد أن روسيا مستعدة ويرى الكثير أنها كانت تأخذ كل شيء دون أي تنازل. وأعتقد أننا توصلنا إلى اتفاق معها، وعلينا الآن التوصل إلى اتفاق مع زيلينسكي".

وأضاف "كنت أظن أن التعامل مع زيلينسكي سيكون أسهل، لكنه حتى الآن أكثر صعوبة… ومع ذلك أعتقد أننا توصلنا لاتفاق مع كلا الطرفين. آمل أن يلتزما به لأنني أحاول الحد من الإنفاق، وكما
تعلمون أنفقنا مبالغ طائلة، لكن المسألة تتعلق بالجانب الإنساني".

وعند سؤاله عن مقترح أميركي قُدم لأوكرانيا يقضي بالاعتراف بشبه جزيرة القرم أرضا روسية من الناحية القانونية، لم يُجب ترامب بشكل مباشر واكتفى بالقول إنه "لا ينحاز لأي طرف" بين أوكرانيا وروسيا وإن هدفه الأساسي هو إنهاء الحرب.

ورغم تكرار الأسئلة حول إمكانية لقائه بزيلينسكي خلال جنازة البابا فرنسيس المرتقبة يوم السبت، قال ترامب إنه "لا يعرف بعد".

وبعد أن تحدث عن اتفاق قريب، قال ترامب -عبر شبكته الخاصة تروث سوشيال- إن "على الرجل الذي لا يملك أوراق مساومة أن يعمل الآن على تحقيق ذلك"، في إشارة للرئيس الأوكراني.

وأضاف أن تصريح زيلينسكي بأن بلاده لن تعترف قانونيا باحتلال شبه جزيرة القرم -التي ضمتها روسيا عام 2014- يضر بشدة بمفاوضات السلام مع روسيا.

ولاحقا قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الرئيس ترامب محبط وصبره بدأ ينفد، معتبرة أن الرئيس الأوكراني "يسير في الاتجاه الخاطئ".

ونفت المتحدثة أن يكون ترامب وجه إنذارا نهائيا لزيلينسكي لقبول عرض سلام دائم بنهاية اليوم.

إعلان

وكان جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي قد صرح بأن اقتراحًا "صريحًا" قُدّم لروسيا وأوكرانيا، مضيفًا: "حان الوقت ليقولوا نعم أو ننسحب من هذه العملية".

تصريحات زيلينسكي

وفي المقابل ذكر الرئيس الأوكراني الولايات المتحدة بإعلانها الصادر عام 2018 والذي يرفض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، مؤكدا مجددا أن كييف لن تتخلى عن هذه المنطقة
المطلة على البحر الأسود.

وقال زيلينسكي في بيان نشر أمس الأربعاء على منصتي تيليغرام وإكس إن "أوكرانيا ستظل دائما تتصرف وفقا لدستورها، ونحن على يقين تام بأن شركاءنا، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، سيتصرفون انسجاما مع قراراتهم الحاسمة".

وأرفق زيلينسكي البيان الأميركي الصادر عام 2018 بشأن القرم، والذي يدعو روسيا إلى الانسحاب من شبه الجزيرة، التي تعتبر جزءا من أوكرانيا بموجب القانون الدولي.

كما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن 3 مصادر مطلعة قولها إن زيلينسكي رفض مقترحا طرحه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بأن تعترف واشنطن رسميا بضم شبه جزيرة القرم كأرض روسية مقابل وقف موسكو للقتال.

وفي تصريحات أخرى لدى وصوله إلى جنوب إفريقيا، قال زيلنسكي إنه من المهم تحقيق سلام لائق قريبا. وأضاف أنه يعمل على ضمان مشاركة دول مجموعة العشرين في الجهود الدبلوماسية لذلك.

وكان ترامب انتقد بشدة في وقت سابق زيلينسكي بسبب رفضه الاعتراف بسيطرة روسيا على القرم، متهما إياه بإطالة أمد الحرب.

ولا تزال روسيا تطالب بأن تتنازل أوكرانيا عن القرم وأربع مناطق أخرى تحتلها كشرط لأي اتفاق لإنهاء الحرب. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لمجلة "لو بوان" الفرنسية إن على القوات الأوكرانية الانسحاب من جميع الأراضي التي ضمتها روسيا إذا كانت كييف تسعى إلى السلام.

يذكر أن روسيا استولت على شبه جزيرة القرم عام 2014 عقب الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش، ما أثار إدانات دولية واسعة.

وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا قرروا أمس الأربعاء إلغاء اجتماع لندن (الفرنسية) تراجع في مستوى المحادثات بلندن

وكان وزراء خارجية المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا قرروا أمس الأربعاء إلغاء اجتماع رفيع المستوى في لندن لبحث سبل إنهاء الحرب.

إعلان

وقد حضر الوفد الأوكراني، الذي ضم كبير موظفي زيلينسكي أندري يرماك ووزير الدفاع روستم أوميروف ووزير الخارجية أندري سيبيها، محادثات مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ووزير الدفاع جون هيلي.

لكن الوفد الأميركي شهد تغييرات جذرية بعد انسحاب كبيري مفاوضي ترامب، ستيف ويتكوف وماركو روبيو، ليحل محلهما المبعوث الأوكراني السابق كيث كيلوغ، الذي لعب دورًا هامشيًا.

كما انسحب وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا، وأرسلا مستشارين لتمثيلهما بدلًا من الحضور شخصيًا.

جاء اجتماع لندن في سياق التقارير حول خطة سلام من سبع نقاط أعدها ترامب، تتضمن أبرز بنودها اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.

وتعليقا على هذه التطورات قال مراسل قناة سكاي نيوز الأميركية جيمس ماثيوز، إن إدارة  ترامب تمارس "أقصى درجات الضغط" فيما يتعلق باتفاق سلام، لكن الرئيس الأميركي يمنح نفسه في الوقت ذاته استراتيجية خروج.

وخلال حديثه في أحد البرامج الإخبارية، وأشار ماثيوز إلى أن ترامب سبق وقال إنه قادر على حل الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة. وأضاف: "كل شيء يوحي بالفشل في الوقت الحالي".

وتابع: "الفكرة القائلة بأن أميركا يمكن أن تضع خطة من سبع نقاط وتضع شبه جزيرة القرم في صلبها – وهي الخط الأحمر النهائي، لم يكن من الممكن أن تُقبل أبداً في كييف". وأشار ماثيوز إلى أن أمل ترامب بأن يرضخ الأوكرانيون يقودنا بوضوح نحو "طريق مسدود آخر".

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: أوكرانيا تسعى للحصول على منظومات باتريوت الدفاعية
  • روسيا: زيلينسكي يتبع نهجًا يُظهر عجز كييف التام عن التفاوض
  • زيلينسكي يتهم روسيا باستخدام صاروخ "كوري شمالي" في ضربة كييف
  • زيلينسكي: كييف غير قادرة على تنفيذ بعض المقترحات الأمريكية لتعارضها مع قيمنا
  • مدير مركز فيجن للدراسات: ترامب يواصل الضغط على أوكرانيا رغم الانتقادات
  • زيلينسكي يختصر زيارته لجنوب أفريقيا بعد هجوم روسي على كييف
  • قتيلان و54 جريحا بقصف روسي على كييف وترامب يهاجم زيلينسكي
  • خبير عسكري: روسيا تسعى إلى تجميد خط المواجهة مع أوكرانيا
  • «ويليجنس» الأميركية تنضم إلى مبادرة «الجيل التالي للاستثمارات الأجنبية المباشرة»
  • تأجيل محادثات لندن بشأن السلام في أوكرانيا بعد رفض كييف الخطة الأميركية